شاهد بالفيديو.. الفنانة توتة عذاب تشعل حفل غنائي بوصلة رقص مثيرة والجمهور: (بتحاولي تقلدي هدى عربي بس ما قادرة)    شاهد بالفيديو.. فنانة سودانية تدخل في وصلة رقص فاضحة بمؤخرتها على طريقة "الترترة" وسط عدد من الشباب والجمهور يعبر عن غضبه: (قلة أدب وعدم احترام)    شاهد بالصورة والفيديو.. فتاة سودانية تثير ضجة غير مسبوقة بتصريحات جريئة: (مفهومي للرجل الصقر هو الراجل البعمل لي مساج وبسعدني في السرير)    شاهد بالفيديو.. الفنانة توتة عذاب تشعل حفل غنائي بوصلة رقص مثيرة والجمهور: (بتحاولي تقلدي هدى عربي بس ما قادرة)    شاهد بالفيديو.. فنانة سودانية تدخل في وصلة رقص فاضحة بمؤخرتها على طريقة "الترترة" وسط عدد من الشباب والجمهور يعبر عن غضبه: (قلة أدب وعدم احترام)    شاهد بالصورة والفيديو.. فتاة سودانية تثير ضجة غير مسبوقة بتصريحات جريئة: (مفهومي للرجل الصقر هو الراجل البعمل لي مساج وبسعدني في السرير)    انشقاق بشارة إنكا عن حركة العدل والمساواة (جناح صندل ) وانضمامه لحركة جيش تحرير السودان    على الهلال المحاولة العام القادم..!!    شاهد بالفيديو.. نجم السوشيال ميديا ود القضارف يسخر من الشاب السوداني الذي زعم أنه المهدي المنتظر: (اسمك يدل على أنك بتاع مرور والمهدي ما نازح في مصر وما عامل "آي لاينر" زيك)    مناوي يلتقي العمامرة مبعوث الأمين العام للأمم المتحدة للسودان    الجزيرة: ضبط أدوية مهربة وغير مسجلة بالمناقل    ماذا لو اندفع الغزيون نحو سيناء؟.. مصر تكشف سيناريوهات التعامل    أول تعليق من ترامب على اجتياح غزة.. وتحذير ثان لحماس    فبريكة التعليم وإنتاج الجهالة..!    تأملات جيل سوداني أكمل الستين    السودان يدعو المجتمع الدولي لدعم إعادة الإعمار    مقتل كبار قادة حركة العدل والمساواة بالفاشر    ريال مدريد يواجه مرسيليا في بداية مشواره بدوري أبطال أوروبا    بيراميدز يسحق أوكلاند ويضرب موعدا مع الأهلي السعودي    أونانا يحقق بداية رائعة في تركيا    ما ترتيب محمد صلاح في قائمة هدافي دوري أبطال أوروبا عبر التاريخ؟    "خطوط حمراء" رسمها السيسي لإسرائيل أمام قمة الدوحة    دراسة تكشف تأثير "تيك توك" وتطبيقات الفيديو على سلوك الأطفال    ماذا تريد حكومة الأمل من السعودية؟    لقد غيّر الهجوم على قطر قواعد اللعبة الدبلوماسية    الشرطة تضع حداً لعصابة النشل والخطف بصينية جسر الحلفايا    شاهد بالصور.. زواج فتاة "سودانية" من شاب "بنغالي" يشعل مواقع التواصل وإحدى المتابعات تكشف تفاصيل هامة عن العريس: (اخصائي مهن طبية ويملك جنسية إحدى الدول الأوروبية والعروس سليلة أعرق الأسر)    شاب سوداني يستشير: (والدي يريد الزواج من والدة زوجتي صاحبة ال 40 عام وأنا ما عاوز لخبطة في النسب يعني إبنه يكون أخوي وأخ زوجتي ماذا أفعل؟)    هالاند مهاجم سيتي يتخطى دروغبا وروني بعد التهام مانشستر يونايتد    الهلال السوداني يتطلّع لتحقيق كأس سيكافا أمام سينغيدا    إنت ليه بتشرب سجاير؟! والله يا عمو بدخن مجاملة لأصحابي ديل!    مصر تسجل مستوى دخل قياسيا في الدولار    وزير الداخلية يترأس إجتماع لجنة ضبط الأمن وفرض هيبة الدولة ولاية الخرطوم    عودة السياحة النيلية بالخرطوم    في أزمنة الحرب.. "زولو" فنان يلتزم بالغناء للسلام والمحبة    إيد على إيد تجدع من النيل    وزارة الزراعة والثروة الحيوانية والري بالخرطوم تبحث إعادة إعمار وتطوير قطاع الألبان    شاهد بالصورة والفيديو.. عروس سودانية ترفض "رش" عريسها بالحليب رغم إقدامه على الخطوة وتعاتبه والجمهور يعلق: (يرشونا بالنووي نحنا)    حسين خوجلي يكتب: الأمة العربية بين وزن الفارس ووزن الفأر..!    ضياء الدين بلال يكتب: (معليش.. اكتشاف متأخر)!    في الجزيرة نزرع أسفنا    من هم قادة حماس الذين استهدفتهم إسرائيل في الدوحة؟    مباحث شرطة القضارف تسترد مصوغات ذهبية مسروقة تقدر قيمتها ب (69) مليون جنيه    في عملية نوعية.. مقتل قائد الأمن العسكري و 6 ضباط آخرين وعشرات الجنود    الخرطوم: سعر جنوني لجالون الوقود    السجن المؤبّد لمتهم تعاون مع الميليشيا في تجاريًا    وصية النبي عند خسوف القمر.. اتبع سنة سيدنا المصطفى    عثمان ميرغني يكتب: "اللعب مع الكبار"..    جنازة الخوف    حكاية من جامع الحارة    حسين خوجلي يكتب: حكاية من جامع الحارة    تخصيص مستشفى الأطفال أمدرمان كمركز عزل لعلاج حمى الضنك    مشكلة التساهل مع عمليات النهب المسلح في الخرطوم "نهب وليس 9 طويلة"    وسط حراسة مشددة.. التحقيق مع الإعلامية سارة خليفة بتهمة غسيل الأموال    نفسية وعصبية.. تعرف على أبرز أسباب صرير الأسنان عند النوم    حادث مأسوي بالإسكندرية.. غرق 6 فتيات وانقاذ 24 أخريات في شاطئ أبو تلات    بعد خطوة مثيرة لمركز طبي.."زلفو" يصدر بيانًا تحذيريًا لمرضى الكلى    الصحة: وفاة 3 أطفال بمستشفى البان جديد بعد تلقيهم جرعة تطعيم    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



محمد قطب.. خزانة الإسلاميين الفكرية
نشر في السودان الإسلامي يوم 29 - 10 - 2009

لم يحظ محمد قطب بشهرة شقيقه الأكبر صاحب "المعالم" و"الظلال" المفكر والأديب الإسلامي سيد قطب، وإن لم يكن أقل منه تأثيرا في الحركة الإسلامية بالعالمين العربي والإسلامي، إذ يعد قطب -من خلال كتبه وأدبياته ومحاضراته وتوجيهاته عبر إشرافه على عدد كبير من الرسائل الجامعية- مدرسة فكرية متكاملة كانت ومازالت لها أثر بعيد وملحوظ في شرائح من الأجيال المتتابعة من الإسلاميين في المشرق والمغرب.
المولد والنشأة
ولد محمد قطب في 26 أبريل عام 1919 ببلدة (موشا) التابعة لمحافظة أسيوط بصعيد مصر، والده (قطب إبراهيم الشاذلي) كان من مزارعي البلدة، لم يتجاوز تعليمه المرحلة الابتدائية، إلا أنه كان واحدا من مثقفي القرية المهتمين بالأمور العامة.
والدته هي السيدة (فاطمة عثمان)، تنتمي لأسرة متدينة ومحبة للعلم، تلقى إخوتها دراستهم بالأزهر، وبرز منهم أحمد حسين الموشي، الذي امتاز بمواهبه الأدبية والقلمية، إذ كان شاعرا أديبا، اشتغل بالصحافة والسياسة، وكان أحد ثلاثة أشخاص عدهم محمد قطب ساهموا في بناء فكره إلى جانب شقيقه سيد قطب والأديب عباس محمود العقاد.
بعد وفاة الوالد قررت الأم أن تبعث بولديها "سيد" و"محمد" إلى القاهرة ليتلقيا تعليمهما هناك، فانتقل "محمد" مع أشقائه "سيد" و"أمينة" و"حميدة".. وفي القاهرة بدأ دراسته، فأتم المرحلتين الابتدائية والثانوية، ثم التحق بالجامعة حيث درس الإنجليزية وآدابها في جامعة القاهرة التي تخرج فيها عام 1940، ثم تابع دراسته بمعهد المعلمين فحصل على دبلومة التربية وعلم النفس.
عمل محمد قطب بالتدريس لمدة أربع سنوات، وبإدارة الترجمة بوزارة المعارف لمدة خمس سنوات، ثم بالتدريس مرة أخرى لعامين، ثم مشرفا على مشروع الألف كتاب بوزارة التعليم.
محنة الأخوان قطب
بدأت محنة آل قطب أولا مع النظام الملكي في مصر مباشرة بعد عودة الشقيق الأكبر من أمريكا التي قضى فيها عامي (1949 - 1950).. فبمجرد عودته سل سيد قطب قلمه في معارك صحفية وسياسية كانت دوما تعرضه للاعتقال، وما أن انطلقت ثورة يوليو 1952 حتى اصطدم القائمون عليها بأصحاب الاتجاه الإسلامي من "الإخوان" وعلى رأسهم مفكر الجماعة سيد قطب الذي تأكدت صلته بالحركة بعد عودته من أمريكا.
ظلت الأحداث تتسارع إلى أن دُعي قطب أوائل 1953 ليشارك في تشكيل الهيئة التأسيسية للإخوان، ولم تمض أشهر حتى وقعت حادثة المنشية الشهيرة أكتوبر 1954م (حيث اتهم عبد الناصر الجماعة بمحاولة اغتياله) فاعتقل على خلفية هذه الحادثة سيد قطب ومن معه من قادة وعناصر الحركة، وكان من بينهم شقيقه محمد، وقد ألحق كل من الأخوين بمكان في السجن الحربي بعيد عن الآخر، وحيل بينهما حتى لا يعرف أحدهما عن الآخر شيئا، وهو ما عبر عنه محمد بالقول: "كانت فتنة السجن الحربي بالغة الأثر في نفسي، إذ كانت أول تجربة من نوعها، وكانت من العنف والضراوة بحيث يمكن لي القول إنها غيرت نفسي تغييرا كاملا".
أفرج عن محمد قطب بعد فترة غير طويلة، في حين حكم على سيد بالسجن 15 سنة، وهي الفترة التي تمكن خلالها من كتابة "في ظلال القرآن". يعلق محمد قطب على خروجه من السجن، بالقول: "خرجت يوم أفرج عني لأحمل عبء الأسرة التي كانت من مسئوليات أخي وحده كما عودنا، ومضيت أخوض تجارب الحياة العملية خلال أكداس من العسر على مدى عشر سنوات"، فقد أفرج عن سيد قطب بعفو صحي في مايو 1964.
لكن على عكس المعتاد علق محمد على الإفراج قائلا: "تلقيت ذلك الإفراج بكثير من القلق، إذ كنت أحس في قرارة نفسي أنهم لم يخلوا سبيله إلا وهم يدبرون له أمرا أشد سوءا من السجن، وقد كان ما توقعت"، فما أن انقضى على مغادرة سيد للسجن الحربي عام واحد حتى اضطربت الأمور مرة أخرى، وشرع عبد الناصر في الاعتقالات 1965، فأعيد سيد قطب إلى السجن مرة أخرى وأعيد أيضا شقيقه محمد، وعلى عكس المرة الأولى طال المقام بمحمد حتى قضى في السجن ست سنوات، من 30 يوليو 1965 إلى 17 أكتوبر 1971، بينما أعدم سيد قطب و6 آخرون من قادة الإخوان وتم تنفيذ الحكم سريعا في فجر الإثنين 29 أغسطس 1966.
وخلال هذه الأحداث تعرض آل قطب لحملة ضارية من التنكيل، فقتل "في هذه المجزرة" -حسبما أطلق عليها محمد قطب- واحد من أبناء أخته "أثناء التعذيب دون إعلان"، واعتقلت شقيقاته الثلاث، و"منهن الكبرى أم ذلك الشهيد، وعذبت الشقيقة الصغرى ثم حكم عليها بالسجن عشر سنوات".‎
لكن رغم قساوة ما لقيه قطب وأسرته على أيدي النظام الناصري في مصر ظل يؤكد في كتاباته فيما بعد على خطر الصدام مع الأنظمة السياسية الحاكمة في العالم العربي قبل القدرة عليه، وقبل أن يفهم الناس المحكومون بهذه الأنظمة معنى كلمة التوحيد وضرورة الحكم بما أنزل الله، مستدلا بقوله تعالى: "وَكَذَلِكَ نُفَصِّلُ الآَيَاتِ وَلِتَسْتَبِينَ سَبِيلُ الْمُجْرِمِينَ".
الهجرة إلى السعودية
شهدت مرحلة خروج الإخوان من سجون عبد الناصر ما يشبه الهجرة الجماعية من مصر، ولم يكن محمد قطب الذي أفرج عنه في أكتوبر 1971 استثناء من هذه القاعدة، وقد أصابه ما أصابه، فسافر في أوائل السبعينيات إلى المملكة العربية السعودية، حيث بقي هناك إلى الآن.
عمل مدرسا في كلية الشريعة بجامعة أم القرى في مكة المكرمة، ثم في جامعة الملك عبد العزيز في جدة، ويرجع الفضل لمحمد قطب -حسبما ذهب مراقبون- في تأسيس مدرسة إسلامية ذات طابع حركي داخل الجامعات السعودية، عبر إشرافه على العديد من الرسائل الجامعية التي رسخت العلاقة بين مدرسة الشيخ محمد بن عبد الوهاب وبين المشاكل الفكرية والحركية المعاصرة، وقدر لهذه الرسائل الجامعية أن تتجاوز في تأثيرها المملكة العربية السعودية لبقية العالم الإسلامي بعد طبعها في كتب، ومن أبرز هذه الرسائل "العلمانية نشأتها وتطورها وآثارها في الحياة الإسلامية المعاصرة" للدكتور سفر الحوالي، و"الولاء والبراء" للشيخ محمد بن سعيد القحطاني.. وقد حاز قطب على جائزة الملك فيصل العالمية للدراسات الإسلامية في عام 1408ه - 1988م.
ويعيش المفكر الإسلامي المصري منذ سنين في مكة المكرمة، وكان قد أصيب بجلطة دماغية بسيطة، نُقِل على إثرها (الثلاثاء 1/9/2009) لتلقي العلاج في مستشفى المركز الطبي الدولي بجدة في المملكة السعودية.
تأثره بسيد قطب
كان سيد قطب -مفكر الإخوان المسلمين الذي أعدمه جمال عبد الناصر في ستينيات القرن الماضي- يكبر شقيقه محمد ب 12 عاما، فكان له بمثابة رب الأسرة وبمكانة الأب والصديق بعد وفاة والدهما.. تحدث محمد قطب عن أكثر الرجال تأثيرا في بنائه الفكري والعقلي، مؤكدا أنه شقيقه الأكبر، فهو الذي أشرف على تعليمه وتوجيهه وتثقيفه، يقول: كانت صلة سيد بي من حيث التربية يتمثل فيها العطف والحسم في آن.. فلا هو اللين المفسد، ولا الشدة المنفرة، كما أنه كان يشجعني على القراءة في مختلف المجالات، وكان هو نفسه نهما إلى القراءة، فساعدني هذا التوجيه على حب المطالعة منذ عهد الطفولة.
وعن الأبوة الفكرية بين الشقيقين يقول محمد قطب: لقد عايشت أفكار سيد بكل اتجاهاته منذ تفتح ذهني للوعي، ولما بلغت المرحلة الثانوية جعل يشركني في مجالات تفكيره، ويتيح لي فرصة المناقشة لمختلف الموضوعات، ولذلك امتزجت أفكارنا وأرواحنا امتزاجا كبيرا، بالإضافة إلى علاقة الأخوة والنشأة في الأسرة الواحدة، وما يهيئه ذلك من تقارب وتجاوب.
منهجه الفكري
عرف المفكر الإسلامي الشهير بنقده اللاذع للغرب وحضارته ونظرياته الفكرية، فحينما كانت أفكار كالليبرالية والشيوعية والاشتراكية تجوب البلاد الإسلامية وتسيطر على العديد من المحافل الإعلامية والثقافية، وكانت نظرياتها تدرس في الجامعات والمعاهد العلمية في الخمسينيات والستينيات، قدم محمد قطب "مجموعة من الكتابات الرائدة آنذاك في نقد هذه الأطروحات وبيان تهافتها معرفيا وعدم صلاحيتها للتطبيق في العالم العربي والإسلامي" -حسبما يرى محمد سليمان في مقال له- إذ إنها جاءت متفاعلة ومرتبطة بخبرة الحضارة الغربية بما لا يتفق بحال من الأحوال مع الخبرة الإسلامية.
وفي إطار نقده للمنتوج الفكري والثقافي الغربي حمل قطب مشعل الدعوة إلى أسلمة العلوم والتعامل معها من خلال القيم والأخلاق الإسلامية، لذلك تراه يذهب إلى أن العلوم الإنسانية جميعا، والتي تشمل علوم التربية وعلم النفس وعلم الاجتماع، إنما سميت في أوروبا كذلك: "لا بمعنى أنها تعالج أمورا إنسانية كما يتوهم بعضنا حين يستخدم هذا الوصف، بل بمعنى أن المرجع فيها هو الإنسان، وليس الله"، ثم يفسر ما ذهب إليه بالقول: إن "هذه العلوم نبتت في أوروبا ضمن جو معاد للدين، بسبب الظروف المحلية القائمة هناك منذ عصر النهضة، ونحن نقلناها كما هي، ودرسناها في مدارسنا وجامعاتنا بنفس الروح المجافية للدين والمعادية له، سواء شعرنا بذلك أم لم نشعر"، ثم يقدم المخرج من هذه الإشكالية بالقول: "وقد آن لنا أن نتخلص من وطأة الغزو الفكري على عقولنا وأرواحنا، فنتناول هذه العلوم من منطلقنا الإسلامي الذي لم يعرف العداوة بين الدين والعلم، ولا بين الدين والحياة"، وهي الفكرة التي أوقف الرجل حياتها عليها.
كتبه ومؤلفاته
أمضى محمد قطب معظم حياته محاضرا ومشرفا وكاتبا، وقد عُرف عنه غزارة الإنتاج، فله زهاء 30 كتابا من مؤلفاته الفكرية والتربوية والأدبية، يتداولها الإسلاميون من كل الاتجاهات، وفي جميع أنحاء العالم، وقد اجتهد الشيخ (90 عاما) في كتاباته من أجل تفسير الواقع من منظور إسلامي ومنطلق معرفي "مخالف لنظرية المعرفة الغربية".
له سلسلة طويلة من الكتب والمؤلفات من أبرزها: "جاهلية القرن العشرين"، و "واقعنا المعاصر"، و "كيف نكتب التاريخ الإسلامي"، و "لا إله إلا الله عقيدة وشريعة ومنهج حياة"، و "العلمانيون والإسلام"، و "شبهات حول الإسلام"، و "حول التأصيل الإسلامي للعلوم الاجتماعية".
ومن أشهر الكتب التي أصبحت دليلا على الرجل وهو دليلا عليها كتابه "جاهلية القرن العشرين"، الذي يقدم فيه قراءة متكاملة للحداثة الغربية وامتدادها في المجال الإسلامي، ناعتا إياها بأنها جاهلية ثانية، تماثل من حيث الانحراف والفساد الجاهلية العربية قبل البعثة النبوية، وفي كتابه "مذاهب فكرية معاصرة" قدم محمد قطب رؤية معرفية نقدية لهذه المذاهب تعتمد على قراءة عميقة وتفكيكية لمقولاتها النظرية ولتجربتها الواقعية، وقد أصبح الكتاب مرجعا أساسيا، حتى اعتمدته العديد من كليات الشريعة في العالم العربي والإسلامي.
أما كتابه "حول التفسير الإسلامي للتاريخ" فهو دعوة إلى المؤرخين المسلمين لكي يعيدوا كتابة التاريخ البشري من زاوية الرصد الإسلامي المتميزة، لإزالة التناقض القائم اليوم بين عقيدة الأمة ودراستها للتاريخ.
في رده على سؤال "ما أحب مؤلفاتك إليك؟" خلال مقابلة صحفية أجاب قطب بالقول: من المعتاد أن يقول المؤلف إن كتبه كلها أبناؤه، وكلهم عزيز عليه، وأنا أيضا أقول هذا، ومع ذلك فقد يكون (الإنسان بين المادية والإسلام)، وهو باكورة كتبي، أحبها إلي، فضلا عن كونه الابن البكر، فهو يشتمل على الخطوط الرئيسية التي انبعثت منها عدة كتب تالية في مجال التربية وعلم النفس.. يضيف: كما أن كتاب (جاهلية القرن العشرين) له موضع خاص في نفسي كذلك، ولعل السبب أنه يمثل رؤيتي لحقيقة الجاهلية، وأنها ليست محدودة بفترة معينة من الزمن، وإنما هي حالة يمكن أن توجد في أي زمان ومكان، وأن البشرية تعيش اليوم أعتى جاهلية عرفتها.
صمت محير
لعل أبرز ما يمكن أن يوجه من نقد إلى محمد قطب عدم حسمه للتأويلات التي جنحت بأفكار شقيقه و ذهبت به إلى دوائر التكفير والعنف، خاصة أن محمد كان الأمين على فكر شقيقه منذ إعدامه، وهو الناشر لكتبه، والمشرف على طباعتها.
كما ينظر البعض إلى كتابات محمد وسيد قطب على أنها المعين الذي استقت منه جماعات متشددة أفكارها، بحيث تغلغلت فيهم لدرجة أنهم يستعملون أحيانا نفس الألفاظ والكلمات التي كان يقولها سيد قطب ثم من بعده محمد، لا سيما فيما يتعلق بمفاهيم الجاهلية والحاكمية.
ومن المعلوم أن زعيم تنظيم القاعدة أسامة بن لادن كان قد تعلم في مرحلته الجامعية على يد محمد قطب، وهو من الشخصيات القليلة التي أثرت فيه، حسبما ورد في السيرة التي كتبت له تحت عنوان (كيف تشكلت عقلية بن لادن؟) ما نصه: لكن في الجامعة كان هناك شخصيتان كان لهما أثر متميز في حياته، هما الأستاذ محمد قطب والشيخ عبد الله عزام، حيث كانت مادة الثقافة الإسلامية إجبارية لطلاب الجامعة.
وقد حدثت زوبعة في مصر منذ عقود على تنظيم "القطبيين" الذي قيل إن أفكار محمد قطب وسيد قطب كانت هي المحرك الفكري للمنتمين له، وقيل إن الإستراتيجية التي اعتمدها القطبيون للتغيير الإسلامي كان قد دونها بشكل متكامل محمد قطب في "واقعنا المعاصر"، وتتلخص في أنه يتحتم تربية أغلبية الشعب على العقيدة الإسلامية الصحيحة حتى إذا قامت الدولة الإسلامية الحقيقية أيدها وتحمل الصعاب التي ستترتب على قيامها من قبل القوى الغربية التي ستقاوم أي نهضة إسلامية حقيقية في مصر.
في حين يرى المدافعون أن كتابات الأخوين قطب بريئة من تلك القراءات، ولقد طبعت كتبهما عشرات الطبعات، ووزعت منها مئات الآلاف من النسخ وصارت نبراسا للكثيرين وأكثرهم من أجيال الشباب، فلم يكفروا المجتمع، ولم تصل إليهم تلك الأفكار.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.