عنوان هذه الكلمة حكمةٌ تفجّرت من قلبِ وطنيٍ مخلص فجَرت علي لسانهِ !! ثمّ ما لبثت هذه الدعوة الحكيمة أن فقدت معناها وفترت الحماسة لها ، بعد أن عدت عليها عادية الاستهلاك السياسي وغشيتها غاشية الكسب الاعلامي ، حتي أنّك لاتكاد تجد اليوم من السودانيين المتحركين في العمل العام من يملك استعدادا للعمل الجاد في سبيل الوصول الي هذه (الحزمة) المرجوة مع أنّ المهازل قد بلغت في أيامنا هذه مبلغا لم تبلغة من قبل !! جمع الصف الوطني .. توحيد الجبهة الداخلية .. لمّ الشمل .. الوفاق الوطني .. الاجماع الوطني ، لا أحسب أن وسائل الاعلام عندنا ترددت فيها عبارات أكثر من هذه المذكورة آنفاً – هذا اذا استثنينا عبارت التآمر والاستهداف – فلو كانت هذه عبارات مجردة لكانت الإلفة وحدها كافية لتبلُّد حسنا الوطني تجاهها ، فكيف وهي مبادرات ومؤتمرات واتفاقيات ؟!! إنّ هذا العجز العاجز في التوافق الوطني يشترك فيه أهل الحكم والمعارضة جميعا ، فالفريق الأول يريد أن يجمع الناس لكن بشرط أن يسيروا من خلفه ، ويفتح الباب للمشاركة لكنّه يوصده في مهمات الملفات وأمهات القضايا ، يدعو الي الاجتماع عند نزول النوازل حتي اذا مرّت مرّ كأن لم يدع الي وحدة قط !! وأما الفريق الثاني فهو يريد من أهل الحكم أن يجتهدوا له في صنع واقع جديد يكون هو فيه كل شئ ، ولا يكونون هم جزءا منه !! يريد أن ينال حظا من سلطة وثروة لكنّه لايستعد لتحمل مسئولية ولا تبعة ، ينادي بشعارات هو أعلم الناس بانّه ليس أهلا لها . إنّ هذا الحال البائس الذي انتهى إليه العمل السياسي الوطني لن تصلحه أماني الطيبين ولا رجاءات العاجزين، فللإصلاح السياسي مطلوبات ضرورية لا يكون بغيرها ، وللتوافق الوطني استحقاقات لابد أن تؤدى ، والعمل السياسي الوطني يحتاج في كل ذلك الي أن يخرج من ضيق (التكتيكات) الي سعة الإستراتجيات وأن ينزل من أبراج الشعارات الي واقعية البرامج ، وأن يلجم نزوات العواطف بنظرات العقول. وكفى