الدعم السريع: الخروج من الفاشر متاح    لماذا اختار الأميركيون هيروشيما بالذات بعد قرار قصف اليابان؟    12 يومًا تحسم أزمة ريال مدريد    تشكيل لجنة تسيير لهيئة البراعم والناشئين بالدامر    البرهان يتفقد مقر متحف السودان القومي    التفاصيل الكاملة لإيقاف الرحلات الجوية بين الإمارات وبورتسودان    بيان من سلطة الطيران المدني بالسودان حول تعليق الرحلات الجوية بين السودان والإمارات    الطوف المشترك لمحلية أمدرمان يقوم بحملة إزالة واسعة للمخالفات    "واتساب" تحظر 7 ملايين حساب مُصممة للاحتيال    السودان يتصدر العالم في البطالة: 62% من شعبنا بلا عمل!    نجوم الدوري الإنجليزي في "سباق عاطفي" للفوز بقلب نجمة هوليوود    كلية الارباع لمهارات كرة القدم تنظم مهرجانا تودع فيه لاعب تقي الاسبق عثمان امبده    بيان من لجنة الانتخابات بنادي المريخ    رواندا تتوصل إلى اتفاق مع الولايات المتحدة لاستقبال ما يصل إلى 250 مهاجرًا    يامال يثير الجدل مجدداً مع مغنية أرجنتينية    شاهد بالفيديو.. السيدة المصرية التي عانقت جارتها السودانية لحظة وداعها تنهار بالبكاء بعد فراقها وتصرح: (السودانيين ناس بتوع دين وعوضتني فقد أمي وسوف أسافر الخرطوم وألحق بها قريباً)    شاهد بالفيديو.. فنان سوداني يعتدي على أحد الحاضرين بعد أن قام بوضع أموال "النقطة" على رأسه أثناء تقديمه وصلة غنائية بأحد المسارح    شاهد بالصورة.. بعد أن أعلنت في وقت سابق رفضها فكرة الزواج والإرتباط بأي رجل.. الناشطة السودانية وئام شوقي تفاجئ الجميع وتحتفل بخطبتها    تقارير تكشف خسائر مشغلّي خدمات الاتصالات في السودان    توجيه الاتهام إلى 16 من قادة المليشيا المتمردة في قضية مقتل والي غرب دارفور السابق خميس ابكر    تجدّد إصابة إندريك "أحبط" إعارته لريال سوسيداد    السودان..وزير يرحب بمبادرة لحزب شهير    الهلال السوداني يلاحق مقلدي شعاره قانونيًا في مصر: تحذير رسمي للمصانع ونقاط البيع    ريال مدريد الجديد.. من الغالاكتيكوس إلى أصغر قائمة في القرن ال 21    "ناسا" تخطط لبناء مفاعل نووي على سطح القمر    السودان.."الشبكة المتخصّصة" في قبضة السلطات    مسؤول سوداني يردّ على"شائعة" بشأن اتّفاقية سعودية    غنوا للصحافة… وانصتوا لندائها    توضيح من نادي المريخ    حرام شرعًا.. حملة ضد جبّادات الكهرباء في كسلا    شاهد بالفيديو.. بأزياء مثيرة وعلى أنغام "ولا يا ولا".. الفنانة عشة الجبل تظهر حافية القدمين في "كليب" جديد من شاطئ البحر وساخرون: (جواهر برو ماكس)    امرأة على رأس قيادة بنك الخرطوم..!!    وحدة الانقاذ البري بالدفاع المدني تنجح في إنتشال طفل حديث الولادة من داخل مرحاض في بالإسكان الثورة 75 بولاية الخرطوم    المصرف المركزي في الإمارات يلغي ترخيص "النهدي للصرافة"    "الحبيبة الافتراضية".. دراسة تكشف مخاطر اعتماد المراهقين على الذكاء الاصطناعي    الخرطوم تحت رحمة السلاح.. فوضى أمنية تهدد حياة المدنيين    أنقذ المئات.. تفاصيل "الوفاة البطولية" لضحية حفل محمد رمضان    انتظام النوم أهم من عدد ساعاته.. دراسة تكشف المخاطر    خبر صادم في أمدرمان    اقتسام السلطة واحتساب الشعب    شاهد بالصورة والفيديو.. ماذا قالت السلطانة هدى عربي عن "الدولة"؟    شاهد بالصورة والفيديو.. الفنان والممثل أحمد الجقر "يعوس" القراصة ويجهز "الملوحة" ببورتسودان وساخرون: (موهبة جديدة تضاف لقائمة مواهبك الغير موجودة)    شاهد بالفيديو.. منها صور زواجه وأخرى مع رئيس أركان الجيش.. العثور على إلبوم صور تذكارية لقائد الدعم السريع "حميدتي" داخل منزله بالخرطوم    إلى بُرمة المهدية ودقلو التيجانية وابراهيم الختمية    رحيل "رجل الظلّ" في الدراما المصرية... لطفي لبيب يودّع مسرح الحياة    وفاة 18 مهاجرًا وفقدان 50 بعد غرق قارب شرق ليبيا    احتجاجات لمرضى الكٌلى ببورتسودان    السيسي لترامب: ضع كل جهدك لإنهاء حرب غزة    تقرير يسلّط الضوء على تفاصيل جديدة بشأن حظر واتساب في السودان    مقتل شاب ب 4 رصاصات على يد فرد من الجيش بالدويم    دقة ضوابط استخراج أو تجديد رخصة القيادة مفخرة لكل سوداني    أفريقيا ومحلها في خارطة الأمن السيبراني العالمي    السودان.. مجمّع الفقه الإسلامي ينعي"العلامة"    ترامب: "كوكاكولا" وافقت .. منذ اليوم سيصنعون مشروبهم حسب "وصفتي" !    بتوجيه من وزير الدفاع.. فريق طبي سعودي يجري عملية دقيقة لطفلة سودانية    نمط حياة يقلل من خطر الوفاة المبكرة بنسبة 40%    عَودة شريف    لماذا نستغفر 3 مرات بعد التسليم من الصلاة .. احرص عليه باستمرار    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



انا و صديقى " دويشان " والبحث عن الفقراء فى ربوع بلادى


بسم الله الرحمن الرحيم
انا و صديقى " دويشان " والبحث عن الفقراء فى ربوع بلادى
محمد بشير عبدالله
[email protected]
شرف المشير عمر البشير رئيس الجمهورية المؤتمر العام الخامس عشر للاتحاد القومى لنقابات عمال السودان حيث دعا العمال لمد الدولة الوليدة بجنوب السودان بخبراتهم المتراكمة – وهذه دعوة كريمة تشكر لفخامته - ، مع الاخذ فى الاعتبار ان هذا الجهاز الهام لعمال السودان يرأسه استاذ جامعى بدرجة البروفيسور وهو الدكتور ابراهيم غندور، وهى علاقة غير متجانسة بالطبع بين البروفيسور والعمال ، ولكن لا ادرى ايهما احوج للآخر للدرجة التى يتم فيها كسر القاعدة المتعارف عليها بين قيادة النقابات وقواعدها والتى يتم فيها فى العادة تصعيد القادة من القاعدة . ولكن موضوع مقالنا ليس الحدث فى حد ذاته بقدر ما هو ما صرح به رئيس البلاد فى هذه المناسبة ، حيث دعا فخامته جهات حكومية بعينها وكلفها بالبحث عن الفقراء لتقوم الدولة على رعايتهم وكفالتهم ، وهذه الجهات هى تحديدا وزارة الرعاية الاجتماعية وديوان الزكاة . واستميح القراء عذرا بانى اسلك – ولاول مرة فى كتاباتى - نهجا هزليا ساخرا للتعبير عن طلب الرئيس والذى للاسف يستحق السخرية والتهكم فى زمن يعيش الشعب السودانى كله فى حالة اسوأ من (عام الرمادة) وهو يطالب مؤسساته الحكومية بالبحث عن الفقراء فى ارجاء البلاد وهى دعوة كانت احق ان تطرح بشكل معكوس ، اى البحث عن غير الفقراء فى السودان .
ولان دعوة ولى الامر واجبة فقد اخذنا انا وصديقى (دويشان ) على عاتقنا المساهمة فى عملية البحث عن الفقراء لحساب وزارة الرعاية الاجتماعية وديوان الزكاة بشكل طوعى .
وحتى تسهل عملية البحث فقد قمنا انا وصديقى بتقسيم البلاد الى محطات عامة لبدء عملية البحث عن الفقراء ، وبدأنا بمحطة دار فور فاقترحت عليه ان يتم تقسيم دار فور الى قرى وبوادى ومدن لتسهيل عملية البحث ، فرد على دويشان
غاضبا : و هل تركت طائرات الانطونوف وجحافل الجنجويد قرى وبوادى فى دار فور فى حالها ؟ الم يتم حرقها جميعها ونزح الاحياء من سكانها الى اطراف المدن ؟
وسألت حائرا : ولكن كيف لنا ان نقسم الاقليم الى محطات ليتم البحث عن الفقراء بشكل عملى ؟
دويشان : الناس هنا فى دار فور تعيش فى مدن كبيرة ومخيمات نزوح تزين اطراف هذه المدن فى حلقات زاهية الوانها بمختلف الوان المشمعات البلاستيكية التى تصنع منها هذه المخيمات واطمئنك مقدما لا فقير هناك حيث لا حوجة لاى خدمة حكومية (علاج ، تعليم ، دعم اجتماعى ، امن ...الخ ) سواء" كانت مجانية او بأجر لان الكل هنا معتمد على الحى الذى لا يموت ثم على منظمات الاغاثة الاجنبية الموجودة فى هذه المخيمات .
انا : ثم ماذا عن فقراء المدن يا دويشان ؟
اجاب دويشان : لا توجد فقراء هنا ايضا تجد المستشفيات مهجورة والمدارس الحكومية وقد هجرها المدرسون والمصالح الحكومية تعمل بنصف الدوام وذلك للسماح للموظفين للعمل فى باقى الدوام كبايعين متجولين فى الاحياء وفى اسواق الخضر وذلك للمزيد من التكسب ، ومن يعشم فى تعليم ابنائه تعليما - ابجديا وليس نوعيا - فعليه بالمدارس الخاصة وهى منتشرة على طول المدينة وعرضها ولا حاجة للكهرباء فى المدينة ، واذا احتجت للكهرباء عرضا فتأتيك بالتقسيط المريح مرة كل اسبوع ، وقد شبع اهالى مدينة الفاشر من انتعاش سوق المواسير وفاضوا فى الشبع الامر الذى جعل والى المدينة (السلطان كبر) الى التدخل لمنع التخمة وسحب فائض السيولة وايداعها فى فرع البنك المركزى بالمدينة ، بعد ان قبًض وزير العدل السابق حصته من فائض السيولة نقدا وبالدولار جعله يودع الفاشر وسوق المواسير فرحا الى الخرطوم ومن ثم غادر الوزارة نفسها فى النهاية .
سؤال يا دويشان : دعك من دار فور موقتا ، نحن نلحظ هنا فى العاصمة ان زمنا مقدرا نهدره من وقتنا لحدث اصبح ظاهرة ، وهى ان ارجلنا قد حفيت من المشى الى مقابر المرخيات بام درمان لاناس اتوا بهم بالطائرة من دار فور للعلاج بالعاصمة ونسمع عن وفاتهم صباح اليوم التالى لوصولهم ، الم يكن هذا مؤشر لاوضاع اقتصادية طيبة لاهل دار فور ، لانك لا تستطيع ركوب الطائرة والقدوم الى الخرطوم للعلاج وانت فقير ؟
دويشان : لا العكس تماما . هذه هى الفئة الوحيدة الفقيرة فى دار فور ولكننا للاسف لا نستطيع تضمينها فى احصائيات الفقراء لوزارة الرعاية الاجتماعية وديوان الزكاة لانهم ميتون !
انا : افهم انهم ميتون يا دويشان ولكنى لا افهم انهم فقراء ؟
دويشان : هؤلاء يا صديقى ، المرء فيهم يقاسى المرض الى الرمق الاخير من حياته فى دار فور ، ولانه لا توجد وسيلة آمنة للسفر الى الخرطوم الا بالطائرة ، فيعطف عليه الاهل والجيران ويتبرعون له بثمن تذكرة الطائرة ، له ولمرافقه الى الخرطوم على ان يتولى الاهل والاقارب فى العاصمة تكاليف علاجه هناك بدء" من الترحيل من المطار والى تكاليف المستشفى - خاصة كانت ام عامة - ولكن رافة منه باهله فى العاصمة والذين لا حول لهم وقوة ، فيتوكل على الحى الذى لا يموت ويتوفى عاجلا ، فتقومون انتم جزاكم الله خيرا بدفنه فى مقابر المرخيات ومن ثم تجميع التبرعات مرة اخرى لتسفير مرافقه الى دار فور بالطائرة حتى ينتظر دوره هناك هو الآخر ‘ افهمت الآن كيف ان هذه الفئة هى الوحيدة الفقيرة فى دار فور ؟
انا : نعم نعم فهمت
انا : ايعنى ذلك يا دويشان لا فقراء هنا فى دار فور غير اولئك الموتى ؟
دويشان : لا البًتة
عندها اتفقنا انا وصديقى دويشان الانتقال الى محطة العاصمة للبحث عن الفقراء ، وقلت لصديقى دويشان : اظهرت احدث الدراسات قبل ايام هنا فى الخرطوم عن احدث اسعار الدواء والحصول عليها من قبل المواطن ، وفى هذا الاطار اعطيك الرقم ودعنا نستكشف فرص البحث عن الفقراء من خلاله :
انا من واقع الدراسة : اسعار الدواء فى السودان اعلى (18) مرة من السعر الدولى المرجعى
دويشان : هذا مؤشر رفاهية ، المواطن السودانى قادر على شراء ادوية لا تستطيع شراءها حتى مواطنى البلاد المصنعة لهذه الادوية والتى اغلبها دول صناعية تنعم مواطنيها بالرفاهية المادية
انا من واقع الدراسة : الحصول على الادوية الاساسية للمواطن لا يتجاوز ال 50%
دويشان : اين المشكلة اذن ؟ اذا كان هنالك من لا يريد شراء سلعة تحكمها العرض والطلب وهى متوفرة بالسوق ، وما دخل الفقر فى ذلك ؟
انا من واقع الدراسة : 79% من الصرف على الدواء يتم من موارد المواطن نفسه دون مساهمة اى جهة اخرى على هذا الصرف
دويشان : اذا كان المواطن قادر على دفع اية حصة علاجية او غيرها من موارده الخاصة فذاك امر طيب ومطلوب حتى لا تتحمل الاعباء اى جهة اخرى غير معنية ، فاين الفقر هنا ؟
انا من واقع الدراسة : 44% من الادوية غير مقدور على شرائها لارتفاع معدلات الفقر فى الحضر والريف
دويشان متلعثما : صحيح انى اجد الكثير من العجزة والامهات وذوى الحالات الخاصة يقفون امام الصيدليات فى شوارع الدكاترة امام مستشفيات الخرطوم وام درمان وفى ايديهم وصفات الدواء يسالون الناس الحافا لتكملة قيمة الدواء للطفل او العجوز ولكن هؤلاء ليسوا هم الذين يطالبنا ولى الامر بالبحث عنهم ، هؤلاء موجودون منذ فجر الانقاذ ، وتعرفهم الوزارة وديوان الزكاة وحتى ولى الامر نفسه يعرفهم !
اتفقنا انا وصديقى دويشان التحول الى محطة شرق السودان للبحث عن الفقراء
انا : جاء فى الاخبار ان احد اعضاء المؤتمر الوطنى وعضو المجلس التشريعى لولاية البحر الاحمر قد طالب باستقالة الرئيس البشير وحكومته لانه فشل فى ادارة البلاد وتوفير الاحتياجات الضرورية للمواطنين وذلك لان عشرات الآلاف من مواطنى دائرته مهددون بالموت من المجاعة ولم تستطع الحكومة تقديم اى عون لهم حتى الآن
دويشان : وما علاقة ذلك بالبحث عن الفقراء ؟
انا : الم يكن الموت جوعا اسوأ من الفقر يا دويشان ؟
دويشان : نحن مكلفون من ولى الامر للبحث عن الفقراء وليس عن الجوعى وكفى خلطا للاشياء
انا : حسنا يا دويشان فالنترك الخلط بين الفقر والمجاعة ، فقد ورد فى الانباء قبل ثلاثة ايام ان طائرتا هيلوكبر اباتشى قد "تقندلتا" على سواحل البحر الاحمر وحطتا فى الطريق الواصل بين مطار بورتسودان والمدينة وقصفتا عربة صالون ماركة صوناتا آتية من المطار الى المدينة وقد تفحم شخصان كانا فى العربة من اثر الحريق وبعد انفاذ المهمة بنجاح قامت الطائرتان ورجعتا - وبنفس القندلة - الى قواعدهما سالمة ، واعتقادى ان قاعدتهما هى مدينة جبيت القريبة من بورتسودان ، ما الذى يجرى هنا فى هذا الجزء من السودان يا دويشان ؟
دويشان : ما كنت اخالك بهذه السذاجة ، ان هذه طائرات اجنبية تاتى من الخارج لضرب قواعد الارهاب والارهابين وقطع طرق نقل السلاح المهرب الى غزة ، وهل كنت تعتقد ان طائرة عسكرية سودانية يمكن ان تقوم بمثل هذا العمل المتهور فى اراضى سودانية وضد هدف مدنى مائة فى المائة ؟ ولكن ما علاقة ذلك بموضوع البحث عن الفقراء وهل تقصد ان وزارة الدفاع السودانية فقيرة لانها لم ترصد اختراق هذه الطائرات للمجال الجوى السودانى ؟
انا : لا ابدا ، ما كنت اعنى فقر وزارة الدفاع فهذا شئ مفهوم ومقدر ، رغم ان 77% من الموازنة العامة تذهب اليها ، ولكنى على قناعة بان طائرة حربية سودانية يمكن ان تنفذ مثل هذا العمل ، وهنالك امثلة حية فى السودان . انظر الى كل قرى دار فور التى تم حرقها ، تمت بواسطة السلاح الجو السودانى بطائرات الانطونوف والتى من كثرة تكرار طلعاتها حتى الحيوانات تتخفى عن سماع صوتها فى بوادى دار فور ، ثم ان هنالك مفارقة غريبة ، وهى ان الطيران الاجنبى عندما تقتحم المجال الجوى السودانى عادة تضرب الارهابين وخطوط امدادهم على حسب ما تتكشف لاحقا ، اما طيراننا الحربى الوطنى فانها تضرب المواطنين العزل وتحرق قراهم وتهجرهم الى مخيمات اللجوء والنزوح !
اتفقنا وصديقى دويشان على العودة الى الخرطوم مرة اخرى و كمحطة اخيرة
انا : سمعنا عن حادثة غريبة ، وهى ان سيدة سودانية هنا فى العاصمة رزقها الله بستة من البنين والبنات وعندما ضاق بها الحال قامت ببيع نصف الذرية الى بعض الموسورين وابقت عندها النصف الآخر (3 اطفال) ، واكتشفت السلطات اخيرا امرها وجارى محاكمتها الآن وقد ندمت على فعلتها تلك ولكن ارجعتها للظروف المعيشية الصعبة التى مرت بها ، اين دور الدولة يا دويشان للدرجة التى تضطر معها الام الحنونة الى بيع فلذات اكبادها ، وعلى فكرة من هؤلاء المشترون ؟
دويشان : اراك تلمح بطرف خفى ان افراد المؤتمر الوطنى هم المسئولون عن هذه البيعة ؟
انا : ابدا ، لم اقل ذلك صراحة ولكن المعروف ان ما بين البايع والشارى (يفتح الله) ولم نسمع عن مثل هذه البيعة فى السودان الا فى عهد المرحوم الزبير باشا وفى عهد الانقاذ الحالى ، وعلى فكرة الموسورون فى العهود الماضية كانوا يتبنون مثل هؤلاء الاطفال ولا يشترون ولكن يبدو ان الثروات فى عهد الانقاذ قد انتقلت الى اياد اخرى وكذلك انتقلت معها الاخلاق .
انا : سمعنا ان الحاقدين والمزايدين على المؤتمر الوطنى قد اشاعوا ان هنالك فساد وسط قيادات المؤتمر الوطنى وقد تم تكوين لجنة للتحقيق من قبل الحزب برئاسة مستشار رئيس الجمهورية للشئون الامنية الفريق صلاح قوش هل من جديد فى هذا الموضوع ؟
دويشان : ابدا الموضوع اكثر من عادى ولا يستحق كل هذه الشوشرة ، الاخ صلاح ( رئيس اللجنة ) قد جاءه تقرير من البنك المركزى ان اثنان فقط من تجار المؤتمر الوطنى هما المتحكمان على الميزان التجارى للمدفوعات للبلد كله ، وبعد التحقيق ثبت صحة هذا التقرير ، وصادف ان احدهما هو شريك شقيق البشير بالمناصفة ورأسمالهما متواضع لا يتعدى ال 600 او 700 مليون دولار امريكى وقد اثبت السيد الفريق ذلك فى التقرير وقدمه لرئيس الجمهورية . ولما كان الاخ صلاح لا يفهم كثيرا فى المسائل المالية والتسويات ، غير مجاله المعهود فى الضرب والربط والقتل وقطع الاوصال فقد حول الرئيس الملف للسيد نائب الرئيس على عثمان محمد طه للمعالجة ، وقد قام سيادته مشكورا بعمل اللازم .
انا : معليش يا دويشان وضح شوية ؟
دويشان : الاخ على عثمان طلب الاخ عبدالله حسن احمد البشير وشريكه الى مكتبه ، وبعد الونسة والقرقرة و شرب القهوة ، طالبهم وديا بالتنازل عن نصف المبلغ للدولة (350 مليون دولار ) ويحصلوا مناصفة على النصف الآخر وقد وافقا على ذلك بكل تراضى ، على غرار نصفه لك ونصفه عليك ، وليس على مبدأ المال ثلثه ولا كتلته
انا : اهو كدا الرأسمالية الوطنية ولا بلاش ، لو كان المراحيم الشيخ مصطفى الامين او البربرى او ابراهيم طلب او ادم يعقوب او النفيدى او اسامة داؤد قد تنازلوا عن طيب خاطر عن نصف ثرواتهم للبلد قبل مماتهم ، ما كان البلد وصل للمرحلة دى وما كنا احتجنا نكون لجان تحقيق لكشف الفساد
دويشان : نعم نعم صدقت
انا : جاء فى الاخبار ايضا ان منسق الدفاع الشعبى السابق وتاجر السيخ والاسمنت الاسبق ووزير خارجية السودان الحالى الاستاذ على كرتى قد قام بشراء فندق قصر الصداقة المطل على جزيرة توتى كاللؤلؤ من مدينة بحرى بمبلغ متواضع لا يتعدى ال 85 مليون دولار وقد قام سيادته بدفع مبلغ 55 مليون دولار نقدا على التربيزة ، على ان تقسط عليه ال 30 مليون دولار المتبقى على ستة اشهر القادمة ، هل لمثل هذا العمل التجارى البحت اى علاقة بالفساد وخاصة والرجل من قيادات الانقاذ ؟
دويشان ممتعضا : الرجل تاجر قديم للسيخ والاسمنت بسوق السجانة منذ الثمانينات ، والمورد الرئيسى للسيخ لطلاب المؤتمر الوطنى فى كل جامعات السودان فى دورات الانتخابات المختلفة فى هذه الجامعات طوال الثلاثين سنة الاخيرة ، رجل بهذه الخبرة فى السوق والعلاقات المتشابكة والمتواصلة مع طلاب الجبهة الاسلامية القومية سابقا و المؤتمر الوطنى حاليا ، ايه يعنى ال 85 مليون دولار ؟ ما يا هو اخو الرئيس بدأ من الحديدة بعد ما ربنا فتح على العميد عمر البشير ودخل القصر الجمهورى ، الآن انشطته التجارية لحالها تؤثر فى ميزان المدفوعات بتاع البلد ، دا غير عقارات حوش بانقا فى كافورى وغير كافورى واسهم فى العشرات من الشركات الناجحة جدا فى البلد ، يا جماعة خلوا الناس فى حالها .
صديقى دويشان هذا هو رجل يميل قليلا الى المؤتمر الوطنى ، ومأخذه الوحيد على هذا الحزب هو تجنيد الجنجويد وحرق قرى الاهالى فى دار فور ، ولكنه متقلب الاراء و عالى الحساسية (Supersensitive) ولا يحمل موقفا سياسيا مسبقا تجاه احد ، عكس حالنا نحن ، تجرفه الحجة الواضحة والبسيطة بلا تعقيد ، وبالتالى من السهل اقناعه و بل تلقينه وجهة نظرك من دون كبير عناء . لذلك ، وبعد مشاورات وتقييم للمجهود المشترك بيننا ، اتفقنا بقناعة تامة على ان البلد ملئ بالفقر كله من شرقه لغربه ومن شماله الى جنوبه واتفقنا ايضا على ان نعتذر لكل من وزارة الرعاية الاجتماعية وديوان الزكاة فى موضوع البحث عن الفقراء واقترحنا عليهما ضرورة البحث ليس عن الفقراء فى بلادى ولكن البحث عن الرئيس الذى لا يرى شعبه الفقير بجميع فئاته .
محمد بشير عبدالله
السبت 9 ابريل 2011 م


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.