( التؤامان) بيت من القش تقصفها طائرة حربية يقودها طيار سودانى .. حصيلة الضحايا طفلان تؤامان لم يلبغا من العمر سوى ثلاث ليال و امهم الحنون .. تحول حياة التوامين إلى عدم و اصبحوا بين لحظة و اخرى فى احضان شظايا القنبلة العنقودية بدلا من حضن الام الحنونه !! و عجوز اخر تفقد إحدى ارجلها بعد ان فقدت بصرها قبل شهور بسبب الماء البيضاء و فى منظر اشبه بالفيلم الهندى يترجل شاب من عربة ذات دفع رباعى و يأمر الفتاة ذات العشر سنوات ان تنفرش ارضا امام الناظرين ... فى مشهد عرس نهارى و سرقة لشرفها تحت تهديد السلاح " الفتاة كانت من النابغات فى مدرسة القرية " و اليوم لا تقدر على الكلام من هول الصدمة .. الله الله ... تتحول نابغة يانعة إلى طرشاء بكماء .. باى حق ؟ هذه فصول ما تسميه الخرطوم و سكانها بحملة إخماد التمرد فى جنوب كردفان ... و ليتهم يعلمون !! ( حلوم) تفترش كرتونة من السموم و تغطى عورتها باطراف القمامة التى جمعتها من كوش المدينة تمد يدها لكل مار بجنبها بلا جواب من احد ... تنادى بصوت قد انهكه الجوع .. كرامة لله و فى نفسها تقول " تموت الحرة ولا تأكل من ثدييها " ... تركت اطفالها للشارع بعد ان عجزت من إطعامهم .. لم تجد ملابس ساترة للعورة التى إنكشف نصفها ... تردد فى يأس " ارحمنا يا رب “ و حتما سيرحمها الرب يوما بعد ان تموت من الجوع ... !!! هذه قصة حليمة بت العمدة .. الفتاة التى تربت على كرم الريف و رغد العيش .. بت عمدة القرية و احد ابرز الشخصيات فى حياة الشعب السودانى ... العمدة الذى كان جده احد ابطال كررى .. اليوم بنته تفترش الغبار و تستظل تحت القمامة ... و السبب ما سمته حكومة الخرطوم بحملة إجتثاث جذور التمرد فى دارفور .. (محمد) دخله السنوى لا يساوى قوت يومه بعد ان هدمت الجرافات المملوكة للشعب السودانى منزله بحجة انها عشوائية .. تقدم بطلب إلى مصلحة الاراضى عسى ان ينجح فى إقتلاع قطعة ارض سكنية للاستقرار فى موطنه ( السودان) .. و مرت سنيين عددا دون ان يحظى برد من مصلحة الاراضى ... اضطر للسكن فى طرف الشارع .. ثم تحول إلى قاع عمارة لم تكتمل بناؤها ليستخدمه سكنا بعد ان استأجره صاحب المبنى للحراسة ... طرق ابواب الجهات المسؤولة و فى يوم ما تلقى الرد الحاسم " انت غير مستحق !!" تعجب الرجل !! و لكن زاد عجبه حينما اكتشف ان إسمه ورد ضمن كشوفات المستحقين لكن موظفا صغيرا فى المصلحة (كبيرا فى الفساد) حول الاستحقاق إلى صاحب العمارة التى يسكن هو كخفير تحته . فانصرف باكيا وهو يردد " حسبنا الله و نعم الوكيل " هذه قصة رجل يسكن قلب العاصمة المثلثه منذ اكثر من اربعة عقود .. رجل دفع الضريبة انواعا .. جنديا فى خدمة الوطن لربع قرن .. ثم خفيرا لعمارة لم تكتمل بناؤها و صاحبه لازال يستحق قطعة ارض وفقا لقانون موظف الاراضى ( سامى ) يجلس عند الركن الهادى من كافتريا المدينة .. يتناول القهوة و يقرا جريدة اليوم .. يمر على عناوينه بلا تأمل .. لقد فقد الامل فى كل شئى .. تخرج منذ ما يقرب الثمان سنوات بمرتبة الشرف امتياز .. كان اول الدفعة لكن لشئى فى نفس إدارة الجامعة لم يتم تعيينه كمعيد فى كليته تقدم باوراقه لكل الجهات ... باحثا عن وظيفة يرد بها ضريبة الاسرة و الوطن .. كانت معظم الاسئلة تدور حول اصله ... و الشاب محتار من سؤال لا يدرى جوابه ... وفى لحظة مصارحة قال له احدهم " انت وينك من الاهل ؟ " ... أحتار صاحبى فى بلد اللا مستحيل !!!! و رد فى برود " أنا سودانى " و خرج دون عودة هذه قصة شاب شردته مؤسسات دولتنا إلى ديار الاخرين باحثا عن مكان تحترم إمكاناته و خبرته العلمية قبل اثنيته و جهة إنتماءه ... و سامى مهندس فى الخليج إخترع جهاز علمى لخدمة الانسانية بعد ان إحتضنته الغربة (سناء ) كتبت طلب مساعدة إلى ديوان الذكاة تشرح فيها حالتها من هول الظروف و الضغط المتواصل من إدارة الجامعة لسداد رسوم الجامعة ... ردت ديوان الذكاة " الميزانية لا تكفى " طرقت ابواب التجار و المسؤولين باحثة عن رجل ذو نخوة و حس وطنى خالص يسدد رسومها لسنة دراسية ... كانت الردود فى مجملها " تعال بكره " فى سلسلة من اللا نهاية خرجت باحثة عن العمل ..إستلفت من زميلتها قروش العدة ( الكبايات و الكانون ) و ذهبت تاكل من عمل يدها ... و فى اول يوم عمل ... قبضت عليها إدارة البلديه و صادرت كل ممتلكاتها ... ثم حولتها إلى النظام العام لتجد نفسها امام محكمة ظالمة بكل معانى الدنيا ... وبدون ان يسألها احد ... حكمت المحكمة عليها بالجلد اربعون جلدة لعدم إرتداء (الشراب) و غرامتها مئة جنيها ... و السجن شهرين عند عدم الدفع .. هكذا سناء وجدت نفسها فى ورطة اخرى ... فإضافة لرسوم الجامعة و مصروفاتها عليها دفع الغرامة لمحكمة النظام العام و قيمة السلفية لزميلتها ... او عليها قضاء شهرين فى السجن مع اربعون جلدة من شرطى النظام العام ... طفقت تفكر فى الحل و الشرطى ممسك بالسوط و اخر يهمس لها بالحل الانسب ... ما هى ؟ " ان تبيع سناء العفيفة شرفها .. ان تساهر سناء فى ليلة حمراء مع زبون من المجهول بدلا من ان تساهر لمذاكرة دروسها ... الله يا بلادى لا مستحيل .. قالتها و هى تدمع من شدة الم السوط .. اصرت على الصمود .. وطلبت منحها فترة سداد ... فقال لها القاضى 48 ساعة لا اكثر لا اقل .... و عند منتصف الليل ... و الدمع ينزل من خدها حسرة على شرفها المصون .. إستلمت مبلغ المئة جنيها الملعونة ... لتدفعها لخزينة دولة كتبت على بابها ( إسلامية ) هذه قصة فتاة كان ابيها شهيدا من شهداء بلادى ... تدافعوا ليبقى ارضها واحدا موحدا و شرف دولتى مصونا ... فانتهكت دولة الانقاذ شرف بناتهن المصونات من بعدهم و انا اقرا هذه القصص .. دعوت باللعنة على من انجب ذلك الطيار الذى قصف التؤامان ... و لعنت من انجب الرجل الذى شرد حلوم من حلته ... و ذلك الذى هدم بيت محمد بجرافته و هذا الوحش الذى إشترى شرف العفيفة سناء ... و القاضى الذى حكم عليها.. و لعنة الله على المؤسسات التى شردت محمد من بلادى من انجب هؤلاء ؟ و من اين اتى هؤلاء ؟ كلهم من بطن الشعب السودانى دعونى العن هذا الشعب السودانى .... لعنة الله عليكم يا شعب يا سودانى إن رضيتم بعد اليوم ان يستمر الحال هكذا ... الساكت عن الحق شيطان اخرس لعنتى نجم الدين جميل الله