نجحت الانقاذ في اختراق و من ثمّ تغيير كافة الهيئات الحكومية، و التي هي أدوات السلطة، وحولتها من الحيادية التي تمكنها من خدمة الشعب في ظل جميع الحكومات إلى أجهزة خاصة بها تخدم انصارها و اتباعها، كما عملت جاهدة لتغيير تركيبة المجتمع فخلقت طبقات من الانتهازيين و المرتزقة ،الذين لا همّ لهم إلاّ مصالحهم الخاصة، ومن عصى عليها استيعابه واجهته بالتجويع والتشريد والاعتقال والتعذيب. إلاّ أن اخطر نجاحات الانقاذ هو استطاعتها تهميش الجيش و تحويله من جيش وطني قوي يعمل على حماية أرض الوطن الى مجرد هيئة إدارية، بعد أن عزلت كل الضباط الوطنيين الأكفاء واستعاضت عنه بمليشياتها الخاصة كقوات الدفاع الشعبي وقوات جهاز الامن وقوات الاحتياطي المركزي وما ماثلها من اجهزة و مليشيات. مهمة هذه الاجهزة و المليشيات هي سحق معارضيها وإخراس الشعب الاعزل بالبندقية . كما فَجرت في وصف معارضيها ووصمتهم بالعمالة، ووصفت كل عمل وطني يهدف للاطاحة بها بعدم الشرعية ،متناسين أن نظام الانقاذ نفسه حصيلة عمل غير شرعي حوّل الامر الواقع لحق سائد. هذا، فقد فرضت الانقاذ معاييراً جديدة، أهمها أن من يملك السلاح يملك السلطة، مما أجبر الحركة الوطنية المعارضة على تطوير اسلوب نضالها ليتواءم مع ما ابتدعته الانقاذ من طرق و اساليب للدفاع عن وجودها ، فكان حمل المعارضة للسلاح أمراً لا بد منه. و نحن كفصيل من فصائل الجبهة الثورية، التي تحمل السلاح و تقود المعارضة، نؤكد أن كل قوات الجبهة تستعمل سلاحها بمنتهى المهنية و بمستوى عال من ضبط النفس و أنها لم تطلق طلقة واحدة، و لن تطلقها، على مواطن أعزل، و كيف تفعل ذلك وهي تقاتل في مناطق أهلها و عشائرها يجب علينا هنا أن نكشف زيف ونفاق الانقاذ السياسي و الاعلامي، فقتل المواطنين الابرياء في ام روابه واب كرشولا تمّ بواسطة جهادية النظام ومرتزقتة من التشاديين و الماليين، الذين ملأ الخوف قلوبهم فصاروا يطلقون النار عشوائياً، فقتلوا كل أعزل وحرقوا كل أخضر و لم يرحموا الاطفال و النساء و الشيوخ . إن هؤلاء المرتزقة لا تربطهم صلة دم أو رحم بسكان المنطقه كما هو حال قوات الجبهة الثورية ، لذلك عاثوا فيها فساداً و أشبعوا أهلها قتلاً و تشريداً. وتاريخ الانقاذ البشع في قتل المواطنين العزل جماعيا و الطلاب الأبرياء و التخلص من جثثهم في الترع و اعدامهم لمعارضيهم في شهر رمضان الكريم لا يحتاج الي تذكير، وهو خير دليل، أما محاولة الانقاذ إلصاق التهمة بقوات الجبهة الثوريه فهو افتراء سخيف و كذب واضح و محاولة يائسة لكسب عطف الرأي العام و حيلة لا تنطلي على أحد. إن حمل الجبهة الثورية للسلاح ليس بدعه فعلى مرّ التاريخ البشري نجد أن الثوار حملوا السلاح و الأمثلة كثيرة منها ، الثورة المهدية بقيادة الإمام محمد أحمد المهدي والثورة الصينية بقيادة ماو و الكوبية بقيادة كاسترو الجزائرية بقيادة بن بلا و الفلسطينية بقيادة ياسر عرفات.. الخ.. و لعلنا جميعنا نعلم أن كثيراً من الأبرياء فقدوا أرواحهم نتيجة لهذه الثورات ، و هذا أمر طبيعي فحتى ثور ات الربيع العربي في ليبيا و مصر و اليمن نجدها قد قدمت الكثيرين من الضحايا الأبرياء، لكن هؤلاء الضحايا الأبرياء هم التضحيات المطلوبة لمبادئ الثورة التي يعم خيرها المجتمع بأكمله . إن ما يهم من الثورة هو نجاحها و إذا كان النجاح المطلوب لا يتم إلاّ بالسلاح فنحن قادرون على ضبطه و استعماله كوسيلة للبناء و ليس للهد م، فثورتنا لاجل البناء و التعمير، و لاقامة نظام العدل و المساواة الاجتماعية ،و لتحقيق الرخاء، و لتحرير إرادة الشعب حتي يستطيع استعادة قدراته الخلاقة في اطار واقعه التاريخي و تراثه الانساني . إننا نهدف الى بناء الانسان السوداني الجديد ، و الى التغيير الشامل الذي لا يبقي على شئ بفهم معكوس، لذلك تجدنا، خلال مسيرتنا الثورية، نعمل على تعبئة الجماهير و الوصول بها إلى درجة عالية من الوعي و النضج السياسي حتى تلتحم مع ثوارنا الذين يحملون السلاح. ففى منظورنا أن العمل السياسي و الاعلامي لا يقل في اهميته عن العمل العسكري، بل هما جانبان يكملان بعضهما البعض، و لا يمكن أن ينجح أحدهما بمعزل عن الآخر. إن نهاية عهد الانقاذ على يد الجبهة الثورية و الاحزاب و التنظيمات الوطنية باتت قريبة، بل هي غاب قوسين أو أدني. و السودان موعود بنظام ديمقراطي مثالي كما بشّر ميثاق الفجر الجديد ، و الذي نصّ على فترة انتقالية لمدة اربعة سنوات، تُزال فيها آثار الانقاذ ، و تُمكن الاحزاب و التنظيمات من بناء نفسها وتطوير الياتها و تحديث برامجها لتستوعب الواقع السياسي و الاجتماعي المتجدد ، و لتواكب متطلبات المستقبل . الأمين جميل الحزب الاتحادي الديمقراطي/ الجبهة الثورية [email protected]