موكب الرئيس الأميركي الجديد سيمر من أمام مبنى 'نيوزيوم' المخصص لوسائل الإعلام، ثم بمقر الأرشيف الوطني الأميركي إلى أن يصل إلى البيت الأبيض الجامع بين القوة والفخامة. العرب [نُشر في 2017/01/18] ترامب قصة صعود مثيرة للجدل واشنطن - يمكن القول إن قصة صعود إمبراطور العقارات دونالد ترامب إلى قمة السلم السياسي في الولاياتالمتحدة كانت عبارة عن سلسلة من الخطوات. فخطوات الصعود بدأت في نيويورك عندما أخذ ترامب يتحدث في يونيو 2015 بصوت مسموع عن ترشحه لانتخابات الرئاسة الأميركية. وهناك خطوات في مبنى "الكابيتول" حيث مقر الكونغرس الأميركي في العاصمة واشنطن ليكتمل غلق الدائرة الجمعة المقبل. وسنقفز فوق هذه الخطوات لنصل إلى اللحظة الأهم عندما يقف الرئيس الأميركي المنتخب في مشهد أداء اليمين الدستورية كرئيس للولايات المتحدة ويرفع يده ويتعهد أمام الشعب الأميركي بحماية مصالحه. ستكون المرشحة الخاسرة هيلاري كلينتون موجودة، في حين يعتزم العديد من أعضاء الكونغرس الغياب عن حفل التنصيب. وخلف ترامب سيكون هناك مبنى الكابيتول الأبيض. وأمامه تمتد المدينة التي تم نقش تعهدات احترام الديمقراطية وحماية الحرية على أحجار جبالها. وعلى مسافة من المشهد يوجد مبنى وزارة الدفاع الأميركية "بنتاغون" وهو العصب المركزي للآلة العسكرية الأميركية العملاقة والتي سيصبح ترامب قائدها الأعلى. وقد تم إعداد مسرح تنصيب ترامب منذ مدة طويلة، كما تم صف المقاعد البلاستيكية للضيوف إلى جانب عشرات الحمامات المتنقلة. شهر يناير، غريب في واشنطن، أحيانا تتساقط الثلوج، وأحيانا يبدو الطقس ربيعيا. وقد هطلت الأمطار في صباح أحد الأيام وذلك قبيل حفل التنصيب. وبدت السماء غائمة فوق مبنى الكابيتول، والأعلام الأميركية دون حركة . وفي المكان توجد حافلة ذات طابقين تنقل السياح من مكان إلى آخر، في حين كانت منصة المراقبة خالية. ويربط شارع بنسلفانيا بين مبنى الكابيتول والبيت الأبيض. وهذا الشارع المليء بالانحرافات هو الذي يسلكه موكب ترامب بعد تنصيبه للوصول إلى البيت الأبيض حيث يبدأ رئاسة الولاياتالمتحدة لمدة 4 سنوات مقبلة. سيمر ترامب من أمام مبنى "نيوزيوم" وهو مبنى زجاجي ضخم مخصص لوسائل الإعلام. هذا المبنى الذي تزين جدرانه كلمات التعديل الأول للدستور الأميركي الذي حظر على الكونغرس تمرير أي قوانين لتقييد حرية التعبير والصحافة. وكان ترامب قد قال إن الصحفيين هم النموذج الأدنى للبشر، كما أنه يترك أسئلتهم بلا إجابات في الوقت الذي يسبهم ويعنفهم. بعد ذلك يمر الموكب الرئاسي بمقر الأرشيف الوطني الأميركي والذي يحتوى على "إعلان الاستقلال" الأميركي، والدستور وقانون الحقوق المدنية، داخل صناديق عرض زجاجية مضادة للرصاص وهي كلها وثائق ربما لم يقرأها ترامب من قبل. كما يحتوي الأرشيف الوطني على مراسلات الرؤساء السابقين إلى السياسيين الأوروبيين، مثل خطاب من الرئيس الأميركي جون كيندي إلى عمدة برلين في ذلك الوقت فيلي برانت عام 1962 وذلك قبل أن يصبح برانت نفسه مستشار ألمانيا الغربية. وهذه المراسلات هي آثار لزمن مضى. لكن يبدو أن ترامب سيدير السياسة الخارجية باستخدام 140 حرفا فقط وهو الحد الأقصى المسموح به للرسائل التي يمكن للمستخدم إرسالها عبر موقع التواصل الاجتماعي "تويتر". وقد اتضح هذا مؤخرا عندما أعادت السفارة الروسية في واشنطن نشر تغريدة لترامب يشيد فيها بالرئيس الروسي فلاديمير بوتين لأنه لم يطرد دبلوماسيين أميركيين ردا على قرار إدارة الرئيس الأميركي المنتهية ولايته باراك أوباما طرد دبلوماسيين روس على خلفية اتهام روسيا باختراق قواعد بيانات أميركية. كما يوجد مقر مكتب التحقيقات الاتحادي (إف.بي.آي) بالقرب من البيت الأبيض. وقد لعب جيمس كومي مدير مكتب التحقيقات الاتحادي دورا مؤثرا في الانتخابات الرئاسية الأميركية الأخيرة. ففي الصيف الماضي أمر ببدء التحقيق في وقائع استخدام المرشحة الديمقراطية هيلاري كلينتون لبريدها الإلكتروني الخاص في مراسلات رسمية أثناء توليها منصب وزارة الخارجية الأميركية قبل أكثر من 4 سنوات. وقبل أيام من التصويت في الانتخابات وجه خطابا مفاجئا إلى أعضاء مجلس الشيوخ الأميركي قال فيه إنه تم اكتشاف رسائل بريد إلكتروني جديدة خاصة بكلينتون وتستوجب التحقيق مجددا، وهو ما أضر بالموقف الانتخابي للمرشحة الديمقراطية. ومن الأشياء الغريبة التي سيمر بها موكب الرئيس الجديد، هو مبنى يحمل اسمه مكتوبا بحروف من الذهب. فالفندق المقام في مبنى البريد الأميركي القديم هو أخر مشروعات إمبراطورية ترامب العقارية المهمة. وهذا المبنى بشبه إلى حد كبير القلاع القديمة بتصميمه القديم والأبراج التي تزينه. ومن الداخل تم تأثيث الفندق بأثاث طراز لويس الرابع عشر، وبه كميات من الحلي الذهبي والرخام والمنسوجات المخملية. أما الثريات فإنها مصنوعة من الكريستال. وقد تعهد ترامب بالانسحاب تماما من إمبراطوريته الاقتصادية خلال فترة وجوده في رئاسة الولاياتالمتحدة. ولكن بدلا من وضع شركاته تحت إدارة صندوق استثمار مجهول، فإنه سيتجنب القيام بأي استثمارات في الخارج في حين سيتخلى عن إدارة إمبراطوريته الاقتصادية لصالح أبنائه، وهو ما يعتبره الخبراء أمر غير مناسب تماما للقضاء على شبهة تعارض المصالح بين منصبه كرئيس للولايات المتحدة وملياردير يمتلك إمبراطورية اقتصادية عملاقة. ويتردد الدبلوماسيون الأجانب باستمرار، هذه الأيام، على الفندق، ربما على أمل ضمان أي مكسب سياسي مع الرئيس المنتخب. وحتى قبل بدء الترويج لعروض حفل التنصيب، فإن الإقامة في الفندق لمدة 5 ليال في جناح "تاون هاوس" أثناء حفل التنصيب تكلف نصف مليون دولار. وعلى جدران المبنى الخارجي تمتد لافتة كبيرة تقول "مرحبا بالسيد الرئيس"، كما أن متاجر بيع الهدايا التذكارية تعرض مجسمات صغيرة لترامب وقمصان تحمل صورا شبيهة له. في حين تباع الأكواب التي تحمل وجه هيلاري كلينتون بخصم قدره 75بالمئة من ثمنها الأصلي. وقبل الوصول إلى الوجهة النهائية ينحرف الشارع مرة أخرى ليمر ترامب بمبنى وزارة الخزانة الذي يوجد فيها مقر إدارة الضرائب الأميركية. وحتى الآن يرفض ترامب الكشف عن بياناته الضريبية. وبعد أمتار قليلة سيصل ترامب إلى هدفه النهائي وهو البيت الأبيض الذي يشبه لوحة في المكان، حيث يجمع بين القوة والفخامة.