على خلفية تمزيق اتفاقية أديس أبابا الإطارية.. هل عاد البشير إلى الجيش على حساب المؤتمر الوطني ؟ الحلقة السابعة ثروت قاسم [email protected] الخميس المفتاحي ؟ في محاولة لمعرفة السر وراء غضبة الرئيس البشير على القائد عبد العزيز الحلو ، وما وراءها ، يمكننا استعراض أحداث عشرة أيام مفصلية من يوم الثلاثاء الموافق 28 يونيو 2011 ، إلى يوم الخميس 7 يوليو 2011 ! ونبدأ باستعراض ما حدث من أحداث فارقة يوم الخميس المفتاحي الموافق 30 يونيو 2011 - العيد الثاني والعشرين لثورة الإنقاذ الوطني - في كل من الخرطوم ، والحمرة في ولاية جنوب كردفان ، و أديس أبابا ، وأخيرا في الطائرة الرئاسية التي أقلت الرئيس البشير من بكين إلى الخرطوم ، بعد سندة في أخر محطة في غرب الصين للتموين بالكيروسين ! + يوم الخميس 30 يونيو 2011 ، مر ذلك اليوم في الخرطوم كأي يوم عادي من أيام الأسبوع ! لم يتذكر احد الذكرى 22 لثورة الإنقاذ ، وكأنها لم تكن ! أو ربما خجل الانقاذيون من الاحتفال "بثورتهم" ، وبلاد السودان تتفتت علي أياديهم من أطرافها ! لم يحافظ الانقاذيون علي بلاد السودان ، التي اغتصبوها ، وهي مليون ميل مربع ، وتمر 9 أيام بعد عيدهم الثاني والعشرين وهي حوالي 700 ألف ميل مربع ! بعد أن كانت الأولى مساحة عربيا وإفريقيا ، صارت الثانية افر يقيا ، والثالثة عربيا ! أفقد الانقاذيون بلاد السودان ، 20% من مواطنيها ، و80% من ثرواتها البترولية والطبيعية الأخرى ، و80% من أراضيها الصالحة للزراعة ، و95% من غاباتها ، وكل أنهارها الداخلية الدائمة الجريان وبحيراتها الداخلية ! كان من المفروض أن ينصب الشعب السوداني خيام العزاء يوم الخميس 30 يونيو 2011 ! الفقد كبير ! فقد الشعب السوداني كل جنوبه ، وكسب حربا متوقعة بين دولتيه ! وفي أياديه حروب في دارفور وجنوب كردفان ! وعدم استقرار في النيل الأزرق والشرق ، وباقي ولايات السودان ! نظام الإنقاذ ؟ نظام السجم والرماد ، كما وسمته شمائل النور ! أسود يوم خميس يمر علي بلاد السودان منذ أن نزل آدم من الجنة ! + في يوم الخميس 30 يونيو 2011 ، وفي الحمرة في جبال النوبة ، استولت قوات القائد عبد العزيز الحلو علي حامية الحمرة العسكرية ، بعد هزيمة منكرة لقوات جيش الإنقاذ ! غنمت قوات القائد عبد العزيز الحلو من الجيش الشمالي دبابات ، ومدافع ثقيلة ، ومجنزرات ، وذخائر كانت في حامية الحمرة ! ولم يفتح الله علي وسائل الإعلام السودانية في الخرطوم حتى ببغم حلوم ! تعتيم كامل علي هذه الهزيمة النكراء ؟ قطع قادة الجيش السوداني في الخرطوم الهزيمة في مصارينهم ، متوعدين بالقصاص والانتقام من قوات القائد عبد العزيز الحلو ، لشرفهم العسكري المهدور ... اليوم وليس غدا ! + في يوم الثلاثاء 28 يونيو 2011 ، وفي أديس أبابا ، وقع الدكتور نافع علي نافع ، مساعد رئيس الجمهورية، نيابة عن دولة السودان ، علي اتفاقية إطارية ، مع قطاع الشمال في الحركة الشعبية ، بضمانة الاتحاد الإفريقي ، ودولة أثيوبيا ، ومباركة الجامعة العربية ، ومنظمة الإيقاد ، وإدارة اوباما ، والاتحاد الأوروبي ! نصت الاتفاقية علي تكوين لجنة للترتيبات الأمنية ، من ضمن مهامها النظر في وقف العدائيات ، في ولاية جنوب كردفان ! لاحظوا معي كيف ان هذه العبارة مطاطة كلبان بازوكة " النظر في وقف العدائيات " وليس وقفها. بل أنها لم تشمل هدنة و لم تنص على العفو عن القائد عبد العزيز الحلو ! تناول الجميع الأنخاب ! ورجع الدكتور نافع للخرطوم ( يوم الخميس 30 يونيو 2011 ) ، منتصرا ، يحسب نفسه قد فات الكبار والقدرو وأتى بلبن الطير ! في مطار الخرطوم ( يوم الخميس 30 يونيو 2011 ) ، صرح السيد مطرف صديق بان من أهم مخرجات الاتفاقية الإطارية ، أنهم (من حيث المبدأ ) توصلوا إلى هدنة ، مع قطاع الشمال في الحركة الشعبية بولاية جنوب كردفان ! تناقلت وكالات الأنباء تصريح السيد مطرف صديق ، وسمعه بغضب مضري قادة القوات المسلحة السودانية في الخرطوم ! لم يقرأ قادة القوات المسلحة السودانية في الخرطوم ، نص الاتفاقية الإطارية ! لأنها لم تكن متوفرة لديهم ! ولكن تصريح السيد مطرف صديق بخصوص هدنة مع قطاع الشمال في الحركة الشعبية في ولاية جنوب كردفان ، أطلق النار في أحشائهم وصب الملح على الجرح النازف ، خصوصا بعد هزيمة الجيش السوداني في موقعة الحمرة ، صباح نفس يوم الخميس ! + في نفس يوم الخميس 30 يونيو 2011 ، وفي الخرطوم ، وبعد سويعات من إطلاق د. مطرف صديق تصريحه الناري، بدأت التلفونات في الرنين . كانت نتيجة ذلك أن أجتمع ، في منزل الفريق محمد عبد القادر في الخرطوم ، نفر من الإسلاميين من الرتب الرفيعة والوسيطة ، في القوات المسلحة السودانية ، منهم الفريق محمد عبد القادر ، والفريق يس عربي ، واللواء عبد القادر شايبو ، واللواء مبارك الإمام ، ودقشة عمداء و عقداء ومقدمين ( الخرطوم – الخميس 30 يونيو 2011 ) ! اتفق الجميع علي أن توقيع الاتفاقية الإطارية ، ( ووقف العدائيات كما صرح السيد مطرف صديق ؟ ) ، قبل أن يسترد الجيش حامياته المغتصبة ، وينتقم لكرامته المهدرة في الحمرة ، أمر لا يمكن قبوله ، علي الإطلاق ! لم يقرأ أي من القادة العسكريين الاتفاقية الإطارية ! وإنما بنوا تقييمهم علي سماع تصريح الدكتور مطرف صديق ، في مطار الخرطوم ، ( الخميس 30 يونيو 2011 ) ! بأن الاتفاقية نصت ( من حيث المبدأ ) علي وقف العدائيات ، وعلي هدنة بين الجانبين ؟ + في نفس يوم الخميس 30 يونيو 2011 ، ومن الخرطوم ، أتصل أحد القادة العسكريين المشاركين في اللقاء المذكور أعلاه ، نيابة عن زملائه ، بالرئيس البشير ، وهو داخل الطائرة الرئاسية في طريقه من بكين إلى الخرطوم ! ونقل إليه مشاعر زملائه في لغة دبلوماسية مخملية ! ورفضهم لاتفاقية أديس أبابا الإطارية ، التي يعتبرونها إهانة لشرفهم العسكري ! قال القائد العسكري للرئيس البشير ، علي التلفون ، وزملاؤه يستمعون ، بأنه لا يمكن لكرامة الجيش السوداني ، وشرفه العسكري ، القبول والامتثال لاتفاقية أديس أبابا التخذيلية والانبراشية ، التي تمنعهم من الرد علي هزيمة الحمرة النكراء ! أكد القائد العسكري للرئيس البشير بأن شرف وكرامة الجيش السوداني لن يقبلا اتفاقية أديس أبابا الإطارية ، قبل الرد ، وكيل الصاع صاعين وأكثر ، للمتمرد عبد العزيز الحلو ! استمع الرئيس البشير إلى القائد العسكري ، وهو ينظر أمامه ولا يرى ! تصلب الرئيس البشير ! وتذكر ساعتها قرفنا وأخواتها ! وتذكر مصير الرئيس مبارك ، ومصير الرئيس بن علي ! وتذكر اوكامبو ! ولاهاي ؟ وبدأت حبات العرق البارد تتجمع علي جبينه ! وجم مرافقو الرئيس البشير الملتفين حوله ، وكأن علي رؤوسهم الطير ! بل ران عليهم صمت القبور ! قطع الرئيس البشير صمتهم ، بأن طلب من القائد العسكري ان يؤكد لزملائه ، بأن الاتفاقية الإطارية ملغية ، وان الجهاد سوف يستمر في ولاية جنوب كردفان ، حتى القبض علي المتمرد عبد العزيز الحلو ! ولم يكن الرئيس البشير ، وقتها ، قد قرأ الاتفاقية الإطارية ! قال بغضب ، وهو يخاطب مرافقيه : يتخذنا نافع هزوءً ؟ نافع يفسحني كما يفسح صديق أحمد إسماعيل ؟ نافع يعتبرني أحد عوام حزب الأمة ؟ نافع يبيعني ترماجاته ، كما يبيعها للعوام ؟ والله آخرتا ؟ ثم بدأ الرئيس البشير في لعن الدكتور نافع ، واليوم اللي جاب الدكتور نافع ! نفخ كلام القائد العسكري الهاتفي ، رغم كونه مخمليا ، الرئيس البشير ووقفه قِرْبة ! وفار تنور الجعلي الأحمق في داخل الرئيس البشير ! فتذكر الربيع العربي ، ومآلات الرؤساء بن علي ومبارك ! وصمود القذافي وصالح والأسد بفضل جيوشهما الوطنية ! شم الرئيس البشير الدم ... دم عبد العزيز الحلو ، وقال حَرَّم ! اختزل الرئيس البشير كل هذه الزيطة والزمبريطة ، وبالأخص مستقبله الشخصي ، والسياسي والحياتي ، في القضاء علي المتمرد عبد العزيز الحلو ! أما البشير أما الحلو ؟ ليس هناك منطقة وسطى بين الجنة والنار ! + وصل الرئيس البشير الخرطوم صباح الجمعة ( أول يوليو 2011 ) ، لفروق الوقت ، والسفر غربا ! ولم يكن الرئيس البشير ، حتى ذلك الوقت ، قد قرأ الاتفاقية الإطارية ! ومع ذلك كان مشحون واقف زُمْبار ؟ + قرأ الرئيس البشير مطالبة رئيس تحرير جريدة القوات المسلحة (المحرش ؟) برجم المؤتمر الوطني بالحجارة ، لعقده اتفاقية أديس أبابا الإطارية ! وأيقن أن المفاضلة الآن بينه ، وبين الاتفاقية الإطارية ! وأضمر في نفسه شرا ! + توجه الرئيس البشير إلى صلاة الجمعة ( أول يوليو 2011 ) في جامع والده في كافوري ! وهو مشحون ، وأعمى كباسة ! خاطب الرئيس البشير المصلين ، بعد صلاة الجمعة ، وهو يرجف من الغضب ؟ وأكد لهم ما سبق أن قاله للقائد العسكري علي التلفون ! وفي الجامع ، قال قولته ، التي سارت بها الركبان ! أما البشير أما الحلو ! أتخذ الرئيس البشير بيت الله ، حيث تحف الملائكة ، يسبحون بحمد ربهم ، مكانا لإعلان حربه علي شعوب النوبة ! معلنا من هناك إرهاصات عودته شبه الرسمية إلى الكاب العسكري ، والاحتماء بمؤسسته ! + في يوم السبت 2 يوليو 2011 ، سافر الرئيس البشير شرقا إلى أديس أبابا للمشاركة في قمة الإيقاد ، والدكتور نافع غربا إلى لندن ، في محاولة لإخفاء رأسه في مدينة الضباب ! + في يوم الاحد 3 يوليو 2011 ، في أديس أبابا ، طلب الرئيس البشير من الوسيط أمبيكي ومن الاتحاد الإفريقي ، اعتبار الاتفاقية الإطارية ، التي وقعها الدكتور نافع ، ( أديس أبابا - يوم الخميس 30 يونيو 2011 ) ، وكأنها لم تكن ! قبض الريح ؟ يحدث كل ذلك رغم أن الرئيس البشير لم يقرأ الاتفاقية الإطارية ، واعتمد علي التقييم الهاتفي للقائد العسكري ، الذي لم يقرأها بدوره ! والذي أعتمد ، وزملاؤه العسكريون ، علي سماع تصريح السيد مطرف صديق في مطار الخرطوم ؟ + في يوم الاثنين 4 يوليو 2011 ، أرسل الرئيس البشير إلى كادوقلي ، وفدا عالي المستوي ، من القوات المسلحة السودانية ، بقيادة رئيس الأركان نفسه ، الفريق عصمت عبد الرحمن ، ورئيس هيئة العمليات المشتركة الفريق محمد جرهام ، لتكثيف العمليات العسكرية ، والقبض علي المتمرد عبد العزيز الحلو ، حيا أو ميتا ، وبأسرع فرصة ممكنة ! + في يوم الخميس الموافق 7 يوليو 2011 ، وفي الدويم ، صرح الرئيس البشير بأنه لن يتفاوض مع القائد الحلو ، بل سيتعامل معه وفق القانون ، ملمحا إلى أن القائد الحلو مجرم هارب .. غَدَر ، وخان ، وقتل ! ويجب توقيفه ، ومحاكمته ، حسب القانون السوداني ، وليس الجلوس معه في أديس أبابا للتفاوض ! وأكد الرئيس البشير أن منبر الدوحة هو أخر منبر للتفاوض خارج السودان ! ونفي الرئيس البشير أي شراكة سياسية مع القائد الحلو ، أو أي تفاوض معه مستقبلا في أديس أبابا ! مزق الرئيس البشير الاتفاقية الإطارية ! وشمر عن ساعديه لاستمرار الحرابة في ولاية جنوب كردفان ! حتى القبض علي المتمرد الحلو ومحاكمته ! كما أكد الرئيس البشير علي عدم الاعتراف بقطاع الشمال في الحركة الشعبية ، كحزب سياسي معترف به قانونيا ، في السودان ! + ولا تزال ( الاثنين 11 يوليو 2011 ) ، العمليات العسكرية علي قدم وساق في جبال النوبة ، بالطائرات ، والدبابات ، والمدافع الثقيلة ، قتلا ، وسحلا ، وتدميرا ، وحرقا ، بحثا عن القائد عبد العزيز الحلو ! صار القائد عبد العزيز الحلو للرئيس البشير مسألة حياة أو موت ! أما عبد العزيز الحلو ، حيا أو ميتا ، وأما لاهاي ؟ أما عبد العزيز الحلو ، حيا أو ميتا ، وأما الطوفان والجراد والقمل والضفادع والدم ؟ نواصل في الحلقة القادمة ... ميلاد الجمهورية الثالثة ( دولة وسط السودان ) ؟