لليوم الثاني على التوالي خرجت جماهير بري اللاماب في تظاهرة حاشدة احتجاجاً على الغلاء أمس 27 سبتمبر . ورغم القمع الذي ووجهت به تظاهرة أول أمس كان حضور مساء أمس أكبر وأقوى . وتجمع المتظاهرون وغالبيتهم من الشباب في الشارع الرئيسي لمنطقة بري حوالي السابعة والنصف مساء وأغلقوا الشارع وأشعلوا اطارات السيارات . وهتف المحتجون ( لن تحكمنا حكومة الجوع) ( الشعب يريد اسقاط النظام) ( الأسعار صارت نار) . وتحدث مراسل (فرانس برس) عن ( انتشار كثيف للشرطة التي استعانت بناقلات جنود وعربة اطفاء لاخماد النيران المتصاعدة للاطارات) . وواجهت الأجهزة الأمنية كعادتها التظاهرة بقمع شديد ، فأطلقت بصورة عشوائية كميات ضخمة من الغاز المسيل للدموع ، مما أدى لحالات اختناق للأطفال داخل بيوتهم ، وذكر شاهد عيان ان الغاز المسيل للدموع طارد النساء حتى ( حيشان بيوتهن) ، وتمت محاصرة المنازل ومنع الأهالي من التجمهر أمامها ، وسمع متظاهرون أصوات مدوية لم يتمكنوا من تحديد اذا كانت ذخيرة حية أم قنابل صوتية . وتعالت الهتافات في منطقة السوق وشارع المعرض وأمام منزل علي كرتي وزير خارجية السلطة الذي شددت الحراسات حوله . والدلالة الرئيسية لتظاهرتي أهالي بري تأكيد أن مكافحة الغلاء تتم بالعمل الجماهيري وليس عبر (حملات المقاطعة) التي تعفي السلطة من مسؤولياتها . فالغلاء نتيجة لمجمل سياسات الانقاذ - لأولوياتها في الصرف على الأمن والدعاية خصماً على الانتاج والخدمات ، ولتبديدها الموارد في الفساد والصرف السياسي والبذخي ، وتخريبها المؤسسات والمشاريع الكبرى ، وباثر فقدان عائدات النفط بسبب الانفصال الذي دفعت له الانقاذ وصورته كمأثرة بطولية ، ولعزلها البلاد عن العالم ، مما أدى الى هروب رؤوس الأموال والاستثمارات وتناقص الاعانات والقروض . ولا يمكن حل الأزمة الاقتصادية والاجتماعية القائمة ضمن معادلات نظام الانقاذ . وتشير خبرة السودان والخبرات العالمية الى ان الانتفاضة الشعبية تبدأ بالتحركات الجزئية والمحدودة الى أن تتوج بخروج واسع وشامل ضد النظام .
