الخرطوم (رويترز) - قال شهود عيان ان الشرطة السودانية استخدمت الغاز المسيل للدموع لتفريق مصلين اثناء خروجهم من مسجد بعد صلاة الجمعة في إطار محاولات الحكومة لقمع حركة احتجاجية غاضبة من اجراءات التقشف وتطالب بحريات أكبر. وشهدت الاسابيع الثلاثة الماضية احتجاجات محدودة في انحاء السودان طالبت باقالة حكومة الرئيس عمر حسن البشير الذي يحكم البلاد منذ 23 عاما. ولم تنجح المظاهرات بعد في جذب أعداد كبيرة مثل تلك التي شهدتها احتجاجات مصر وليبيا واليمن لكنها تمثل تحديا اضافيا امام الحكومة التي تحاول جهدها للتعامل مع حالات تمرد عدة وأزمة اقتصادية. ويستخدم ناشطون يستلهم بعضهم انتفاضات الربيع العربي وسائل التواصل الاجتماعي الالكترونية للدعوة لمظاهرات أكبر. لكن الشرطة السودانية وقوات الامن تسارع دوما بالقضاء على اي بادرة للاحتجاج. ويقول ناشطون سودانيون ان المئات اعتقلوا واحتجزوا كما تم ترحيل صحفية. وغادر مئات المحتجين مسجد الامام عبد الرحمن في ام درمانبالخرطوم يوم الجمعة إلا أنهم سرعان ما عادوا الى الداخل بعد ان واجهوا القنابل المسيلة للدموع. وقال الشاهد "لم يتمكنوا من ترديد الهتافات سوى دقيقة. ومن لحظة مغادرتهم المسجد أطلقت الشرطة القنابل المسيلة للدموع. فروا الان الى الداخل والشرطة تطوق ساحة المسجد." وقالت ناشطة لرويترز إنها كانت بالمسجد وإن الشرطة كانت تطلق الغاز المسيل للدموع كلما هتف المحتجون مطالبين بالحرية والسلام والعدالة. وأضافت الناشطة التي طلبت عدم ذكر اسمها لأسباب أمنية عبر الهاتف "ساد الذعر. أصيب بعض الناس بالاختناق." وتابعت تقول "ساحة المسجد مليئة بأكوام من الحجارة والعصي ليدافع المحتجون بها عن أنفسهم. يحرس الشبان الأبواب الرئيسية للمسجد في حين سدت الشرطة بعض المداخل." وقال المتحدث باسم الشرطة السودانية السر أحمد عمر انه وقع احتجاج محدود وان الشرطة احتوته دون وقوع اي خسائر. ومسجد الامام عبد الرحمن من اكبر المساجد في السودان واشهرها وهو بؤرة للاحتجاجات المتكررة. وللمسجد صلة بحزب الامة المعارض والذي أيد الى جانب احزاب معارضة اخرى مظاهرات في وقت سابق من الاسبوع لكنه يحجم حتى الان عن الدفع باعداد كبيرة من اتباعه. وقال نشط آخر لرويترز عبر الهاتف ان نحو 100 شخص ما زالوا في المسجد مع حلول الليل. وأضاف "أفراد الشرطة يقفون على بعد مربعين أو ثلاثة مربعات سكنية من المسجد. الناس خائفون من التعرض للاعتقال حال مغادرتهم المسجد." وتفجرت الاحتجاجات في الجامعات لكنها سرعان ما امتدت الى مناطق اخرى من العاصمة واماكن اخرى لكنها نادرا ما تجتذب أكثر من بضع مئات. وقال جيه هوجندورن مدير مشروع القرن الافريقي بالمجموعة الدولية لمعالجة الأزمات لرويترز "يبدو أن الاحتجاجات في بداياتها لكنها لن تصبح تحديا جديا للنظام ما لم تصبح المعارضة أكثر تنظيما وانضباطا." وفي مسجد السيد علي في ضاحية بحري بالخرطوم أجبر المحتجون ايضا على التراجع بعد ان استخدمت الشرطة القنابل المسيلة للدموع فور خروج المحتجين من المسجد للتظاهر. وأعلن السودان عن اجراءات تقشف للحيلولة دون انهيار اقتصاد البلاد بعد ان فقد عائداته النفطية بعد استقلال جنوب السودان. ووصفت الحكومة السودانية المحتجين بأنهم مجموعة من مثيري الاضطرابات الذين يتصرفون بموجب مؤامرة صهيونية أمريكية. وتمتنع قوات الأمن حتى الآن عن استخدام قوة مفرطة لقمع الاحتجاجات. وقال هوجندورن "أعتقد ان السلطات تعرف ان استخدام القوة المفرطة قد يأتي بنتائج عكسية ويثير مزيدا من الاحتجاجات وربما يؤدي الى نزاع عنيف أوسع. سيبذلون قصارى جهدهم لتفادي اغضاب الناس ومنع الاحتجاجات من التزايد." وشهد السودان انتفاضتين شعبيتين في عامي 1964 و 1985 أسقطتا حاكمين عسكريين. (إعداد محمد محمدين للنشرة العربية - تحرير أحمد حسن)