الخرطوم 1 ديسمبر 2017 صادر جهاز الأمن والمخابرات السوداني، صباح الجمعة، صحف "التيار" و"الجريدة" و"الوطن" و"آخر لحظة"، لليوم الرابع على التوالي بدون إبداء أي أسباب، ما فاقم حالة من الحيرة وسط الصحفيين عن أسباب هذه العقوبات. عدد صحيفة (الجريدة) المصادر الخرطوم 23 نوفمبر 2017 ومنذ بداية الأسبوع الحالي يشن جهاز الأمن حملة مصادرات على الصحف الأربع من دون أن يكشف عن الأسباب التي تدعوه لهذا الأجراء العقابي بمصادرة نسخ هذه الصحف من المطابع بعد الطباعة. وطالت عقوبة المصادرة صحيفتي "الجريدة" و"التيار" خمس مرات خلال أسبوع. وبحسب ناشر ورئيس تحرير "التيار" عثمان ميرغني فإن استفساراتهم لضباط الأمن حول أسباب المصادرة لم تحظى بأي اجابات "واضحة وحقيقية". وقال ميرغني ل "سودان تربيون" إن اتحاد الصحفيين السودانيين أصدر بيانا أدان فيه عملية المصادرة الجماعية بشدة ووعد بالتدخل وإجراء اتصالات بأجهزة الدولة، "لكن حتى الآن لا يوجد جديد". واعتبر الأزمة التي تمر بها الصحافة أحد أعراض الأزمة الكبيرة في البلاد. وقدر خسائر صحيفته بسبب مصادرة النسخ المطبوعة لخمس مرات بحوالي نصف مليون جنيه "20 ألف دولار". وتشكو الصحافة في السودان من هجمة شرسة تنفذها السلطات الأمنية على فترات متقاربة حيث تتعرض للمصادرة تارة والإيقاف تارة أخرى، ما يلحق بها خسائر مادية ومعنوية فادحة. ويتهم جهاز الأمن بعض الصحف بتجاوز "الخطوط الحمراء" بنشر أخبار تؤثر على الأمن القومي للبلاد. وقررت هيئة تحرير "الجريدة"، الجمعة، الاحتجاب احتجاجا، وقال مدير تحرير الصحيفة ماجد القوني ل (سودان تربيون): "قررنا الاحتجاب عن الصدور يوم السبت احتجاجا على المصادرات المتوالية للصحيفة". وفي وقت سابق أكد رئيس تحرير "الجريدة" أن خسائر المصادرة التي تتكبدها الصحيفة تصل إلى 25 ألف جنيه "نحو ألف دولار"، ما يعني أنها تكبدت خسائر جراء المصادرة لخمس أيام خلال أسبوع تصل إلى 100 ألف جنيه "حوالي 4 آلاف دولار". وأبدى صحفيون استغرابهم من طريقة المصادرة التي يتبعها جهاز الأمن بحق الصحف في هذه الحملة، وقالوا ل "سودان تربيون" إنها المرة الأولى التي تصادر فيها الصحف بشكل جماعي ومتتالي بدون معرفة سبب العقوبة. وكان جهاز الأمن قد بدأ في مصادرة صحيفة "الوطن" السياسية منذ الأحد الماضي، وأجبرها في العدد الصادر يوم الثلاثاء على الاعتذار عن معالجة خبرية لمقابلة وزير الخارجية إبراهيم غندور لوكالة "سبوتنيك" الروسية. ولم يشفع اعتذار "الوطن" في عنوانها الرئيسي للصحيفة وتعرضت للمصادرة أربع مرات على التوالي. من جانبها اعتبرت شبكة الصحفيين السودانيين في بيان، يوم الجمعة، المصادرات "نكسة كبرى تشهدها حرية الصحافة". وشبهت الشبكة الحملة الأمنية بأنها "مجزرة" واعتبرتها أعنف عملية مصادرة تشهدها الصحافة السودانية منذ أكثر من عام. وقالت "حاولت بعض الصحف المصادرة انتزاع إفادة من الأمن حول أسباب هذه (المجزرة) لكن لم تتحصل على معلومات قاطعة، ما يعني أن الحملة تستهدف الصحافة من حيث هي صحافة فقد تجاوز الأمر إبداء التحفظات حول النشر في بعض القضايا، ما يُنبئ أن القادم أحلك مما نتوقع".