ابدى معدنون سودانيون قلقا حيال قرار مجلس الوزراء بإيقاف العمل بالزئبق والسيانيد في استخلاص الذهب وقالوا إن القرار من شأنه خلق وضع "كارثي" وسط مئات المعدنين التقليديين بعد أن حصلوا على قروض رهنوا ممتلكاتهم على أساسها لشراء "طواحين" استخلاص المعدن النفيس. و في العاشر من أكتوبر الجاري، أصدر مجلس الوزراء قرارًا بإيقاف استخدام الزئبق ومادة السيانيد في عمليات التعدين بشكل فوري، ووجه في المقابل بتعديل الاتفاق مع الشركات العاملة في مجال التعدين للتمكن من توفير بدائل مناسبة. وكشف رئيس شعبة الطواحين الرطبة باتحاد التعدين التقليدي سيد اللبي ل (سودان تربيون) عن تراجع كبير في انتاج الذهب عقب القرار بلغ 60٪. وتوقع استمرار التراجع إلى مستويات أكبر حال التمسك بالقرار، وتابع "سيتوقف عمل الطواحين بالكامل". وأشار الى أن الأوجب كان تنفيذ القرار نهاية 2020 أو توفير البدائل معلنا عزمهم تسليم مذكرة لرئيس مجلس الوزراء لفك احتكار الزئبق الذي تسيطر عليه شركة تابعة لوزارة الطاقة والتعدين، وأن يتم توزيعه عبر نظام "الحصص" وإيقاف المضاربة فيه. وقفز سعر الكيلو من الزئبق إلى أكثر من 20 ألف جنيه عقب القرار بعد ان كان في حدود8الف جنيه فيما ارتفع سعر جرام الذهب من 2600 إلى أكثر من 3الف جنيه. وقال اللبي إن الطواحين أنشأت بتكلفة كبيره جدا حيث يصل سعر الواحدة منها الى 700 ألف جنيه. وأضاف القرار لم يضع أي بدائل لاستخلاص الذهب في حين كان يمكن وضع ضوابط لاستخدام الزئبق عوضا عن إيقافه والاستفادة من ماكينات تكثيف حريق الزئبق في اماكن آمنه لمنع تبخره ووضع قوانين منظمه لتلك العملية. ويعمل في قطاع التعدين التقليدي حوالي 5ملايين شخص فيما يبلغ عدد الطواحين والتي تستخدم الزئبق في استخلاص الذهب بمنطقة أبو حمد 5الف طاحونة ومثلها بمنطقة العبيدية بينما يبلغ عددها في منطقة وأدى العشار 4الف طاحونة وفي منطقة بورتسودان حوالي 3الف طاحونة ومثلها في نَوراى بولاية نهر النيل. وقال المعدن وصاحب عدد من الطواحين الطيب جمعه ل (سودان تربيون) إنهم وضعوا ترتيباتهم على تنفيذ القرار بنهاية 2020، وأن صدور القرار في الوقت الراهن كان مفاجئا وأصاب العاملين في القطاع ب "صدمة كبيرة"، وفق تعبيره. وأوضح أن الالاف من المعدنين يعملون في الخلاء ولديهم التزامات في مدخلات العمل والتمويل والخدمات المصاحبة ولن يستطيعوا الوفاء بها ما يهدد بإيداعهم السجون. وقال المعدن اسعد البدوي إن ايقاف الزئبق تسبب في وجود حاله من الهلع أدت لحدوث عمليات تخزين ومضاربه في بيعه مشيرا إلى أن إيقافه أيضا انعكس على ارتفاع اسعار الدولار وزيادة الطلب عليه خلال الأيام الماضية ما ادى لارتفاع سعره إلى أكثر من 73جنيها. وأشار إلى أن التعدين الاهلي يمثل أكثر من 90٪ من إيرادات الذهب مقابل 10٪ فقط من شركات الامتياز ومعالجة المخلفات التي توفرها الطواحين للشركات كما إن شركات المخلفات تدفع رسوم للحكومة تصل28.5٪ من الإنتاج. وأوضح البدوي في حديثه ل (سودان تربيون) أن تكلفة الطواحين العاملة في منطقة أبو حمد وحدها تصل 4الف تريليون جنيه كما أن رأس المال المتداول في أسواق الذهب من قبل الصاغة والتجار كبير جدا يعادل أسواق عدد من الولايات. وقال إن عدد آليات الحفر يصل الى نحو ألف "حصل عليها أصحابها بعد بتمويل ورهنَوا منازلهم للدخول في مجال التعدين". ووصف مدير الطواحين في منطقة أبو حمد معتصم حسن فريد القرار بغير المدروس والمتعجل، وأوقع ظلما على المعدنين مشيرا إلى استثمارات القطاع في مجال الطواحين بمنطقة أبو حمد فقط يصل 5ترليون جنيه. وأشار المعدن بمنطقة العبيدية محمد حب الدين أن عدد الطواحين في المنطقة حوالي 3400 قيمة الطاحونة الواحدة لا يقل عن 500 ألف جنيه وتابع كافة الطواحين تعتمد على الزئبق في استخلاص الذهب. ويعادل إنتاج المعدنيين التقليدين وهم أفراد أو شركات صغيرة 85% من إجمالي إنتاج الذهب في السودان ويقدر الفاقد بين المنتج من الذهب في السودان وبين المصدر إلى الخارج بقيمة تتراوح بين 3-4 مليار دولار سنويا ويمثل صادر هذا المعدن 37% من إجمالي صادرات البلاد خلال الأعوام الثلاثة الأخيرة حسب تقرير سابق لوزارة المعادن.