بخليط من مشاعر الفرح والدموع حط رئيس الوزراء السوداني، عبد الله حمدوك، الخميس، برفقة عدد من المسؤولين في "كاودا" بولاية جنوب كردفان في زيارة وصفت بالتاريخية. ووصل رئيس الوزراء السوداني الى البلدة مستقلا طائرة تخص برنامج الغذاء العالمي التابع للأمم المتحدة، حيث غير مسموح للطيران السوداني الهبوط في المنطقة التي لازالت في عداد المواقع الخاضعة لسيطرة التمرد. واحتشد سكان البلدة التي تعد معقلا رئيسيا للحركة الشعبية – شمال بزعامة عبد العزيز الحلو، لاستقبال الوفد المركزي الذي يصل لأول مرة منذ اندلاع القتال بين المتمردين والحكومة المركزية في الخرطوم بالعام 2011. وقال وزير الإعلام، المتحدث الرسمي باسم الحكومة، فيصل محمد صالح، في تصريحات صحفية، إن الوفد الحكومي "انفجر في موجة بكاء حار عندما شاهد الاستقبال الجماهيري الضخم بالمدينة". وأوضح أن المبعوث الأمريكي الخاص للسودان، دونالد بوث، ومسؤولين ببرنامج الأغذية العالمي، رافقوا الوفد الحكومي إلى مدينة كاودا. وأكد صالح جدية الحكومة في تحقيق السلام بالبلاد، واعتبر زيارة حمدوك، إلى معقل الحركة الشعبية، بالمهمة وتمثل "اختراقا كبيرا في مسار السلام". وأوضح أن زيارة رئيس الوزراء برفقة وفد كبير من الوزراء إلى كاودا، للقاء القائد عبد العزيز الحلو، تهدف إلى إرسال رسالة للمواطنين هناك، مفادها أن الجميع مواطنون سودانيون تجمعهم المواطنة. ونوَّه إلى أن الحكومة تريد تأسيس دولة على أساس المواطنة المتساوية والمساواة والعدالة والسلام. وأضاف، "المهم أن حالة العداء انتهت، بدليل أن رئيس مجلس الوزراء في حماية الحركة الشعبية وليس في حماية طرف آخر". ونبَّه إلى أن الزيارة تأتي في إطار "تقديم اعتذار تاريخي" للمواطنين السودانيين في المنطقة حيال مظالم وعمليات قتل وترويع تمت باسمهم على الرغم قتالهم للنظام البائد طيلة الثلاثين عاما. وقال إن الحكومة ستوجه الدعوة للحلو للحضور إلى الخرطوم وأي منطقة للقاء المواطنين لكسر الحاجز النفسي وتهيئة الأجواء للمتفاوضين في جوبا. وأوضح أن عبد العزيز الحلو، رحب بثورة الشعب السوداني، وحيا نضالات الشباب، وجدد جدد الدعوة للحكومة الانتقالية للعمل المشترك للوصول إلى السلام. وأشار إلى أن حمدوك ألقى كلمة مليئة بصدق المشاعر للوصول إلى السلام، وحيا نضالات الحركة الشعبية، وأكد رغبتهم في الوصول الى السلام. حشود ضخمة من أهالي كاودا خرجت لاستقبال رئيس الوزراء عبد الله حمدوك ومرافقيه ..الخميس 9 يناير 2020 وأظهرت مقاطع فيديو استقبالا كبيرا للوفد الحكومي وحيا حمدوك ومرافقيه الحشد الذي بادله الهتاف لأجل السلام، كما رفع عدد كبير من المواطنين لافتات تؤكد على مطلب الحركة المطروح في التفاوض بإقرار خيار العلمانية أو منحهم حق تقرير المصير. وقال حمدوك في وقت سابق الخميس، إن الحكومة الانتقالية تسعى جاهدة لتحقيق السلام الشامل والعادل في البلاد. وكتب في منشور على "فيس بوك"، قائلا "أتوجه اليوم وكلي أمل إلى مدينة كاودا العزيزة في زيارة تاريخية مهمة، تلبية للدعوة الكريمة التي تلقيتها من القائد عبد العزيز الحلو، رئيس الحركة الشعبية-شمال". وأضاف، "هذه فرصة عظيمة لأؤكد لأهلنا في كاودا ولكافة السودانيين في كل ركن من أركان بلادنا الحبيبة أن حكومتكم الانتقالية تسعى جاهدة لتحقيق السلام الشامل والعادل، وأن تولي اهتماما متعاظما بجميع مناطق السودان، خاصة المناطق المتأثرة بالحرب والتي ظلت مهمشة لعقود طويلة". وتابع، "إذ أننا ندرك حقا حجم المعاناة والظلم الذي تعرض إليه أهلنا هناك، كما ندرك ونقدر كفاحهم ونضالهم من أجل بناء سودان يسع جميع السودانيين بتنوعهم واختلافاتهم". وزاد، "دعوني أقول بصدق وإخلاص لأهلنا في كاودا، أنه على الرغم من سياسات التهميش والتغييب التي مارسها النظام البائد في حقكم إلا أنكم لم تخرجوا عن عقولنا وقلوبنا". وعلى تويتر غرد حمدوك قائلا "خلال هذه الرحلة إلى مدينة رمزية مثل كاودا أود أن أقول للناس في كل ركن من أركان البلاد أنهم لم يُنسوا وعلى الرغم من أنهم قد يكونون بعيدين عن الأنظار ، إلا أنهم لم يخرجوا أبداً عن قلوبنا وعقولنا. وإني اتطلع لمقابلتكم جميعاً". وأضاف "أنا ممتن لأكون جزءاً من هذه اللحظة التاريخية المهمة، لحظة نعترف فيها جميعاً بدورنا الفردي والوطني من أجل تحقيق السلام والاستقرار في السودان". ونوه حمدوك إلى أنه تم تهميش الشعب السوداني في مناطق النزاع بشكل منتظم منذ عقود، وأكد أن الحكومة الانتقالية تدرك أنه لا بد من إعادة بناء البلاد الجديد بما في ذلك جميع أجزاء السودان ،خاصة المناطق الأكثر تأثراً بالحرب. وأشار رئيس الوزراء إلى أنه منذ العام 2011م ظلت المساعدات الإنسانية غائبة عن كاودا. وتابع " لأننا ندرك تمامًا أهمية مواصلة تقديم المساعدات للمحتاجين نحن في حكومة الفترة الانتقالية سمحنا لمنظمات العون الإنساني بتقديم العون لأهلنا هناك وفي كل انحاء البلاد"ز والزيارة تعتبر الأولى من نوعها لمسؤول حكومي رفيع إلى المعقل الرئيسي ل "الحركة الشعبية-شمال"، وذلك منذ اندلاع الصراع بالولاية عام 2011. وإحلال السلام في السودان، هو أحد أبرز الملفات على طاولة حكومة عبد الله حمدوك، خلال مرحلة انتقالية بدأت في 21 أغسطس الماضي، وتستمر 39 شهرا تنتهي بإجراء انتخابات، يتقاسم خلالها السلطة كل من الجيش وتحالف "قوى إعلان الحرية والتغيير"، قائد الحراك الشعبي.