الخارجية: الفاشر قضت (501) يوماً من الحصار المتواصل بواسطة مليشيا الدعم السريع الإرهابية    المركز القومي لمكافحة الألغام: تفجير 22 ألف دانة من مخلفات الحرب    رونالدو يوجه سؤالًا لجماهير النصر قبل افتتاح الدوري    صحيفة إسبانية تصف قرعة ريال مدريد في دوري الأبطال ب"مجموعة الموت"    الجنيه السوداني ورحلة الهبوط القياسي    على نفسها جنت براقش الكيزان..!    حكومة الوهم.. لا أمل فيها    أطنان القمامة تهدد سكان الخرطوم الشرقي    صمود الفاشر.. دماء الشهداء تكتب بقاء المدينة ورفض الانكسار    اختيار نادي الاتحاد ودمدني ممثلاً رسمياً للمدينة في الدوري التأهيلي للممتاز    شاهد بالفيديو.. عروس سودانية ترفض "رش" الحليب على وجه عريسها رغم تحريض الفتيات الحاضرات والجمهور: (العروس الحنينة رزق)    رفع درجة الاستعداد القصوى في الشمالية ونهر النيل    رئيس الوزراء يلتقي أعضاء لجنة أمن ولاية الخرطوم ويشيد بالتنسيق المشترك بين الأجهزة الأمنية    شاهد بالصورة والفيديو.. طفل سوداني يحمس أفراد الشرطة بشعارات قوية ويخطف الأضواء على مواقع التواصل    شاهد بالفيديو.. لاعب سوداني يطلق تسديدة تتسبب في كسر عارضة المرمى وسقوطها على الأرض    "وجيدة".. حين يتحول الغناء إلى لوحة تشكيلية    فعاليات «مسرح البنات» في كمبالا حنين إلى الوطن ودعوة إلى السلام    قرار جديد من الولايات المتحدة بشأن تأشيرات الطلاب والصحفيين    شاهد بالفيديو.. بعد اقتراب زواجهما.. أسطورة كرة القدم كرستيانو رونالدو يرقص مع الحسناء "جورجينا" على أنغام أغنية الفنانة السودانية هدى عربي (يا بارد الحشا الليلة العريس مرق للسيرة)    قال لي هل تحكي قليلا من العربية؟    كَرشوم الوطَني الوَحِيد في تَشكِيلَة الهِلال    الغرب يستخدم "سلاح القمح" الأوكراني ضد الحكومة السودانية    المريخ يستانف تدريباته اليوم وينهي أزمة المحترفين    قائد الهجانة يتفقد الخطوط الأمامية والارتكازات للقوات المسلحة بالمنطقة    اجتماع مهم بين بنك السودان المركزي والشركة السودانية للموارد المعدنية حول عائدات الذهب ودعم الاقتصاد الوطني    شاهد بالفيديو.. "بقى مسكين وهزيل".. ماما كوكي تسخر من الفنان شريف الفحيل بعد تعرضه لهجوم شرس وإساءات بالغة من صديقته التيكتوكر "جوجو"    شاهد.. ناشط مصري يعقد مقارنة بين عملاقي الكرة السودانية "الهلال" و "المريخ" عبر التاريخ ويمنح الأفضلية المطلقة للأحمر: (الموضوع اتحسم بالنسبة لي الصراحة)    (كل من فشل في حياته صار شرطياً)    ترامب يشعل جدلاً قانونياً وسياسياً    (المحللاتية والشرطة السودانية)    روايات خاصة: حين تنساب الدموع    عثمان ميرغني يكتب: شركة كبرى.. سرية..    الشرطة تلقي القبض على أحد المتهمين بحادثة نهب أستاذة في أم درمان    ما حكم شراء حلوى مولد النبى فى ذكرى المولد الشريف؟    مشكلة التساهل مع عمليات النهب المسلح في الخرطوم "نهب وليس 9 طويلة"    كامل إدريس: دعم صادر الذهب أولوية للدولة ومعركة الكرامة    انتشال جثث 3 شقيقات سودانيات في البحر المتوسط خلال هجرة غير شرعية    وسط حراسة مشددة.. التحقيق مع الإعلامية سارة خليفة بتهمة غسيل الأموال    نفسية وعصبية.. تعرف على أبرز أسباب صرير الأسنان عند النوم    (للخيانة العظمى وجوه متعددة ، أين إنت يا إبراهيم جابر)    الذهب السوداني تحوّل إلى "لعنة" على الشعب إذ أصبح وقودًا لإدامة الحرب بدلًا من إنعاش الاقتصاد الوطني    اتهام طبيب بتسجيل 4500 فيديو سري لزميلاته في الحمامات    طفلة تكشف شبكة ابتزاز جنسي يقودها متهم بعد إيهام الضحايا بفرص عمل    حادث مأسوي بالإسكندرية.. غرق 6 فتيات وانقاذ 24 أخريات في شاطئ أبو تلات    وزير الزراعة بسنار يبحث مع مجموعة جياد سبل تعزيز الشراكات الذكية في العملية الزراعية    تطول المسافات لأهل الباطل عينا .. وتتلاشي لأهل ألحق يقينا    وقف تدهور "الجنيه" السوداني امام الدولار.. د.كامل يتدخل..!!    بوتين اقترح على ترامب لقاء زيلينسكي في موسكو    الموظف الأممي: قناعٌ على وجه الوطن    بعد خطوة مثيرة لمركز طبي.."زلفو" يصدر بيانًا تحذيريًا لمرضى الكلى    ترامب: "تقدم كبير بشأن روسيا.. ترقبوا"    الصحة: وفاة 3 أطفال بمستشفى البان جديد بعد تلقيهم جرعة تطعيم    أخطاء شائعة عند شرب الشاي قد تضر بصحتك    تقرير أممي: «داعش» يُدرب «مسلحين» في السودان لنشرهم بأفريقيا    بالفيديو.. شاهد بالخطوات.. الطريقة الصحيحة لعمل وصنع "الجبنة" السودانية الشهيرة    "الحبيبة الافتراضية".. دراسة تكشف مخاطر اعتماد المراهقين على الذكاء الاصطناعي    إلى بُرمة المهدية ودقلو التيجانية وابراهيم الختمية    السودان.. مجمّع الفقه الإسلامي ينعي"العلامة"    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



العلمانيَّة وخيار الوحدة في السُّودان (1)
نشر في سودان تربيون يوم 08 - 07 - 2020


[email protected]
الدستور السُّوداني.. النهوض العاثِّر
في الستينيَّات من القرن المنقضي دار جدالٌ لازب حول الدستور الذي ينبغي أن يعمل به أهل السُّودان بعد أن ترك لهم القاضي ستانلي بيكر دستور السُّودان المؤقَّت بُعيد استقلال البلاد العام 1956م. وفي ذلكم الخضم تمَّ إنشاء اللجنة القوميَّة للدستور بعد الانتخابات العامة العام 1965م للتداول حول نوع الدستور الذي يصلح للسُّودان. إذ كان هناك ثلاثة اقتراحات: الدستور الإسلامي الذي كانت تنادي به جبهة الميثاق الإسلامي، أي جماعة الدكتور حسن عبد الله الترابي، والدستور العلماني الذي كان الجنوبيُّون قادته وسكان الشمال من ذوي العقول العقلانيَّة والعلمانيَّة، ثمَّ الدستور ذي التوجُّه الإسلامي وكان من أصحابه الإتحاديُّون وحزب الأمَّة والحزب الاشتراكي الإسلامي. بيد أنَّ أصحاب هذا الأخير كان لا يختلف في شيء مع دعاة الدستور الإسلامي، الذي كان يتبنَّاه الترابي وشيعته في جبهة الميثاق الإسلامي. والأسوأ في الأمر أنَّ الترابي كان عضواً في لجنة الدستور، وهو الذي كان قد دافع عن مشروعه بكل ما ملك من حميَّة الإسلام المتطرِّفة غير أن يبلغ من ذلك طائلاً.
وحول الدستور الإسلامي الكامل – كما أسمَّوه – في اللجنة القوميَّة للدستور الدائم للسُّودان دار جدال حاد في الجمعيَّة التأسيسيَّة. ففي جلسة النقاش حول مسألة الدستور إيَّاه، حفظت لنا السجلات البرلمانيَّة في ذلك الحين من الزمان ما قاله النائب البرلماني محمد أحمد محجوب. فماذا قال المهندس والمحامي المحجوب من حزب الأمَّة؟ قد قال المحجوب ما يلي: "يا سيِّدي الرئيس لست بصدد المعارضة لهذا الاقتراح أو تأييده لسبب بسيط وهو أنَّه سابق لأوانه، لأنَّ المذكرة التي قدمتها لنا لجنة الدراسات تحتوي على أبواب الدستور وماذا سيُناقش وماذا سيُقرَّر، فاذا أخذنا أوَّلاً طبيعة الدولة نجد الفقرة (أ) "هل هي دولة إسلاميَّة أم دولة علمانيَّة "، وسيُناقش آنذاك هذا المبدأ. أما أن يأتي مسبقاً أن تقرُّ هذه اللجنة مبدأ الدستور الإسلامي، والأخذ به في الاعتبار عند مناقشة بنود الدستور اعتقد أنَّ في ذلك سبقاً للحوادث. وثانياً قد يلاقي معارضة لأنَّ كثيراً من النَّاس لا يفهمون ماذا يعني النَّاس بالدستور الإسلامي حينما يتحدَّثون عنه. والذين يتحدَّثون عن الدستور الإسلامي لكل منهم رأي فيما يجب أن يكون عليه الدستور الإسلامي، فمثلاً بعض النَّاس يقولون إنَّ الدستور الإسلامي هو أن تأخذ بالإسلام نصَّاً وروحاً، وأن نضع دستورنا من نصوص القرآن الكريم والسنَّة، والبعض يقولون إنَّ الدستور الإسلامي لا يعني ذلك، ولكنه يعني أن تنصّ على أنَّ الدولة دولة إسلاميَّة، وفي ذات الوقت تنصُّ على أنَّ حريَّة العقيدة لغير المسلمين موفورة. وفئة ثالثة تقول إنَّ المصدر الأوَّل للتشريع هو الشريعة الإسلاميَّة على ألا يتنافى أي تشريع يقرُّ مع الشريعة الإسلاميَّة، وآخرون لهم آراء كثيرة. ولذلك يا سيدي الرئيس أرجو بدلاً من أن نناقش هذا الاقتراح الآن ونقطع فيه برأي أرى أن نؤجِّله إلى أن نأتي إلى مناقشة بنود الدستور، وفي كل وقت نناقش حسب الظرف وحسب المفهوم الصحيح للشريعة الإسلاميَّة وللدستور الإسلامي الذي في أذهان الكثيرين منا. وأنا يا سيِّدي الرئيس أتقدَّم برجاء لمولانا الشيخ محجوب عثمان إسحق ليوقف في الوقت الحاضر هذا الاقتراح إلى أن نأتي إلى مناقشة أبواب الدستور، وآنذاك سنناقشه مناقشة مستفيضة ومعقولة، وشكراً."
ومن الجلي أنَّ المحجوب كان قد اتَّخذ موقف أهل الأعراف لا مع أو ضد الاقتراح الذي قُدِّم أيَّاً كان من أمره باعتبار أنَّه سابق لأوانه. بيد أنَّ الواضح في الأمر أنَّ لجنة الدراسات كانت قد قدَّمت مذكِّرة تحتوي على أبواب الدستور، وذلك في الحين الذي لم توضِّح في إحدى فقراتها طبيعة الدولة هل هي إسلاميَّة أم علمانيَّة؟ ومع ذلك، حاولت اللجنة أن تقر مبدأ الدستور الإسلامي، والأخذ به في الاعتبار عند مناقشة بنود الدستور. وكان المحجوب محقاً حين أشار إلى تباين فهوم النَّاس في أمر الدستور الإسلامي، وتفاسيرهم له. ولا ريب في أنَّ قضيَّة الدستور الإسلامي تحتاج إلى قوَّة إقناعيَّة كبيرة، لأنَّها ستهز يقينيات كبيرة في أذهان بعض النَّاس. إذاً إنَّ الأمر لشيء جلل، بما يعني حيرة الفهم عندهم، وتخطي الأفهام لديهم، فما نزال نختلف بشأن تراث الإحالات والاحتمالات، كما جاءت في النصوص الصوفيَّة والفلسفة العقديَّة التي احتملتها قرون من جدل النصوص ولجاج الشخوص. لذلك لا يستطيع أحد كائناً ما كان أن يدافع عن الدولة الدِّينيَّة بعقل وتبصُّر. فحين تحل المماحكة محل السجاليَّة العلميَّة، بحيث ينعدم المنطق والأخذ والعطاء والاحترام المتبادل، يمسي الأمر وكأنَّ ما عثر عليه السلف هو النهائي، وكأنَّه أيضاً لا قيمة للزمن، مما يفضي بنا إلى أزمة حقيقيَّة لم نبحثها كما يمليه العقل والتبصُّر، والمماحكة هي ممارسة الاعتماد على النرجسيَّة التي لا تعترف بحق الآخر، والخصومة الجارحة في الاختلاف والتعبير.
وللحديث بقيَّة،،،


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.