[email protected] اعتصر الحزن والألم واللوعة قلوب أبنائي الصغار وعجزت عقولهم الصغيرة عن أن تجد تفسيراً واحداً يقنعهم بصورة منطقية لعودة والدهم للحبس مرة ثانية، بعد أن قضى ما يزيد عن العام ونصف العام بالسجن، ولم يهنأوا بخروجه من الحبس حتى ولو لساعة واحدة ليرتوا من حضنه، ولمساته الحانية!!!!، آملوا أنفسهم كثيراً بملاقاته، وأعدوا انفسهم لمنية اللقاء!!!!!. طال انتظارهم كثيراً، وخابت آمالهم الصغيرة، وعجز صبرهم عن الصبر، واستبدت بهم الحيرة الشديدة في أسى ويأس!!!!!، كثرت أسئلتهم، واستفساراتهم، دون جدوى من العثور على إجابات شافية، لتروي غليلهم وتشفي حسرتهم!!!!!. في الآخر استسلموا في يأس وصمت مهيب، وتوقفوا عن طرح التساؤلات، إلا لربهم، على أمل أن يجمعهم بوالدهم يوماً ما!!!!!!. احترت فيما توصل إليه هؤلاء الصغار دون توجيه أو إرشاد من أحد، فلم يكن هنالك من أشار لهم بهذا، ولكنه الموقف الذي اتخذوه ورهنوا أنفسهم لرب العباد!!!!!!. كنت أراقبهم عن كثب، وللأسف لم أكن أحسن وضعاً منهم، فلم أكن أملك أي تفسير قانوني أو منطقي أو عقلاني لما يحدث!!!!. ولم أستطيع ولو حتى مجرد التبرير أو الظن أو التخمين كيف حدث ما حدث، ولماذا حدث، ومن هو المسؤؤل عما حدث؟؟؟ ولأي الأسباب؟؟؟ كما عجزت حتى عن التنبؤ والتوقع لما يمكن أو ما يحتمل أن يحدث في المستقبل القريب أو البعيد!!!!!!. حرتُ وحار دليلنا عن أن نجد تفسيراً واحداً مقنعاً لنستطيع أن نستيقن بأن هذا الأمر الذي حدث هو ممكن قانوناً وعقلاً ومنطقاً!!!!!، فما معنى أن تكمل المدة المقررة للحبس، وبقرار من المحكمة العليا يتحدد اليوم الذي سوف تخرج فيه من الحبس، وفي اليوم الموعود تتفأجأ بأن هنالك من يضع العراقيل والعقبات أمام الخروج، متعللاً بأن نفس القضية ستأخذ دورتها من جديد، وأن هنالك ما زال الكثير من القضايا التي تنتظر لتحكم مرة ثانية!!!!، وهكذا، دواليك، تدور الدوائر مرة ثانية وثالثة دون اعتبار للعقلانية وللموضوعية!!!!!، حتى المحامون احتاروا في أمرهم، لجأوا للدستور وللقوانين الوطنية وقدموا الطلبات باطلاق السراح للتعارض مع الدستور والقوانين ولم يشفع لهم ذلك، أستأنفوا طلباتهم ولم يغير من الأمر شيئاً!!!!!!!. نظرت حولي، ووجدت أن هنالك من أسر الصحفيين الذين تم سجنهم كذلك، يشاطروننا همومنا وأحزاننا ويتقاسمون معنا الهموم يوماً بعد يوم، فقد طال انتظارهم في سبيل أن يروا ذويهم الذين غيبهم الحبس!!!!، وهنالك من أصابهم الرعب والخوف ويعيشون في عدم الأمن والأمان، ليس لجرم ارتكبوه، ولكن للمجاهرة بالرأي الشجاع، يتهددونهم كل يوم بالمحاكم والنيابات والتحقيقات وتعيش أسرهم في دوامة لا تنتهي!!!!. وجدت مرارت كثيرة من حولي، وأن المصائب يجمعن المصابينا. ترسخت قناعاتي في أن هنالك ما يدور في الخفاء، مما لا يمكنني فهم كنهه ومحتواه ومعناه، وأن الأفق يحمل شيئاً غير مرئي ولكننا نستطيع أن نحسه دون أن تدركه حواسنا!!!!!!. ذهبت بتفكيري، بأن هنالك من يتربصون الدوائر ويشحذون كل الهمم والطاقات في سبيل إطالة أمد حبس أبوذر، بحيث لا يستطيع إلى الخروج سبيلاً!!!!!، وتساءلت، من يستطيع أن يفعل ذلك، إلا أن يكون شخصاً أو أشخاصاً متنفذين!!!!!!، أشخاصاً بيدهم السلطة والسلطان والعزوة والحظوة والجاه والسلطان!!!!!، يستطيعون فعل المستحيل وغير الممكن!!!!!، بإمكانهم فعل المعجزات وتسخير كل الطاقات وحشدها في سبيل ما يحلمون به ويسعون لتحقيقه أكان هدفاً مشروعاً أو غير مشروع!!!!!، فعندهم الغاية تبرر الوسيلة!!!!، يكتفون فقط بأن يشيروا بالبنان، فيجاب لهم بالسمع والطاعة في المعصية والمكره!!!!!!!. تمنيت لو أن من بيدهم السلطة والسلطان والجاه والعزوة لو سخروها في سبيل الخير والتقدم والرفعة والنماء والرفاهية، لأختلف حالنا، غير الحال، وتبدلت أحوالنا!!!!، ولكنهم سخروها في سبيل تحقيق الدناءات وإتباع الشهوات والأدواء والأهواء!!!!!، فتغيرت الأحوال وتبدلت جحيماً لا يطاق، تلظى بناره الجميع وطال الجميع!!!!!. قلت في نفسي، أن أمري وأمر أبنائي لهو مقدور عليه، وأن غياب أبوذر وإن طال، فإن الحي بلاقي، وإن ليل السجن وظلماته لهو أقصر، من سجن أهل السلطة والسلطان لأنفسهم في الشرور والدنايا وسوء الأفعال وتعمد إلحاق الأذى بالناس وتسخير كل الطاقات في سبيل إرضاء غرور أصحاب النفوس المريضة الذين ساءت ظنونهم وأفعالهم وصدقوا الوهم الذي يعشعش في مخيلتهم ودواخلهم!!!!!!. فليهنأ أبوذر بسجنه، فهو حراً طليقاً، وليخسأ أعداؤه الذين أبوا إلا أن يعيشوا في سجن اختاروه لأنفسهم ليس له نهاية، أرادوا كيده، فكادوا بأنفسهم وأحاط بهم كيد السوء من كل جانب، فرحوا بحبسه، فحبسهم الله في نار فسادهم وغلهم وطغيانهم يتلظوا فيها إلى قيام الساعة!!!!!!، ولم أملك إلا أن أردد قوله تعالى: {فَوَقَاهُ اللَّهُ سَيِّئَاتِ مَا مَكَرُوا وَحَاقَ بِآلِ فِرْعَوْنَ سُوءُ الْعَذَابِ (45) غافر. نشر بتاريخ 28-07-2011