المباحث الجنائية المركزية ولاية الجزيرة تنفذ حملة أمنية كبري بالسوق العمومي وتضبط معتادي إجرام    بيان هام من السفارة السودانية في تركيا للسودانيين    "بناء الدولة وفق الأسس العلمية".. كامل إدريس يدعو أساتذة الجامعات للاسهام في نهضة البلاد وتنميتها    مونديال الأندية.. فرصة مبابي الأخيرة في سباق الكرة الذهبية    نبيل عبد الله: قواتنا بالفرقة 14 مشاة صدّت هجومًا من متمردي الحركة الشعبية بمحطة الدشول    مباحث شرطة الولاية الشمالية تتمكن من إماطة اللثام عن جريمة قتل غامضة وتوقف المتورطين    بلاغ بوجود قنبلة..طائرة سعودية تغيّر مسارها..ما التفاصيل؟    أكثر من 8 الاف طالب وطالبة يجلسون لامتحانات الشهادة الابتدائية بسنار    كيف تغلغلت إسرائيل في الداخل الإيراني ؟!    المملكة تستعرض إستراتيجية الأمن الغذائي لدول مجلس التعاون الخليجي    أردوغان: الهجوم الإسرائيلي على إيران له أهداف خبيثة    "خطوة برقو" تفجّر الأوضاع في دارفور    الصادق الرزيقي يكتب: الدعم السريع وشهية الحروب التي فُتحت في الإقليم    أنباء عن اغتيال ناظر في السودان    خسائر ضخمة ل"غانا"..تقرير خطير يكشف المثير    الترجي يسقط أمام فلامنغو في مونديال الأندية    فيكم من يحفظ (السر)؟    افتتاح المرحلة النهائية للدوري التأهيلي للممتاز عصر اليوم باستاد الدامر.    في السودان :كيف تتم حماية بلادنا من اختراق المخابرات الإسرائيلية للوسط الصحفي    من الجزيرة إلى كرب التوم..هل دخل الجنجويد مدينة أو قرية واستمرت فيها الحياة طبيعية؟    هيمنة العليقي على ملفات الهلال    الحرب الايرانية – الاسرائيلية: بعيدا عن التكتيات العسكرية    نشاط مكثف لرئيس الوزراء قبل تشكيل الحكومة المرتقبة    نقل أسلحة إسرائيلية ومسيرات أوكرانية الى افريقيا بمساعدة دولة عربية    والي الخرطوم يصدر عدداً من الموجهات التنظيمية والادارية لمحاربة السكن العشوائي    أدوية يجب تجنب تناولها مع القهوة    شاهد بالصور والفيديو.. الفنان حسين الصادق ينزع "الطاقية" من رأس زميله "ود راوة" ويرتديها أثناء تقديم الأخير وصلة غنائية في حفل حاشد بالسعودية وساخرون: (إنصاف مدني النسخة الرجالية)    إدارة مكافحة المخدرات بولاية البحر الأحمر تفكك شبكة إجرامية تهرب مخدر القات    (يمكن نتلاقى ويمكن لا)    عناوين الصحف الرياضية السودانية الصادرة اليوم الأثنين 16 يونيو 2025    سمير العركي يكتب: رسالة خبيثة من إسرائيل إلى تركيا    شاهد بالفيديو.. كشف عن معاناته وطلب المساعدة.. شاب سوداني بالقاهرة يعيش في الشارع بعد أن قامت زوجته بطرده من المنزل وحظر رقم هاتفه بسبب عدم مقدرته على دفع إيجار الشقة    رباعية نظيفة .. باريس يهين أتلتيكو مدريد في مونديال الأندية    بالصورة.."أتمنى لها حياة سعيدة".. الفنان مأمون سوار الدهب يفاجئ الجميع ويعلن إنفصاله رسمياً عن زوجته الحسناء ويكشف الحقائق كاملة: (زي ما كل الناس عارفه الطلاق ما بقع على"الحامل")    المدير العام للشركة السودانية للموارد المعدنية يؤكد أهمية مضاعفة الإنتاج    المباحث الجنائية المركزية بولايةنهر النيل تنجح في فك طلاسم بلاغ قتيل حي الطراوة    من حق إيران وأي دولة أخري أن تحصل علي قنبلة نووية    أول دولة عربية تقرر إجلاء رعاياها من إيران    السودان..خطوة جديدة بشأن السفر    3 آلاف و820 شخصا"..حريق في مبنى بدبي والسلطات توضّح    بالصور.. زوجة الميرغني تقضي إجازتها الصيفية مع ابنتها وسط الحيوانات    معلومات جديدة عن الناجي الوحيد من طائرة الهند المنكوبة.. مكان مقعده ينقذه من الموت    بعد حالات تسمّم مخيفة..إغلاق مطعم مصري شهير وتوقيف مالكه    إنهاء معاناة حي شهير في أمدرمان    وزارة الصحة وبالتعاون مع صحة الخرطوم تعلن تنفيذ حملة الاستجابة لوباء الكوليرا    فجرًا.. السلطات في السودان تلقيّ القبض على34 متّهمًا بينهم نظاميين    اكتشاف مثير في صحراء بالسودان    رؤيا الحكيم غير ملزمة للجيش والشعب السوداني    محمد دفع الله.. (صُورة) تَتَحَدّث كُلّ اللُّغات    في سابقة تعد الأولى من نوعها.. دولة عربية تلغي شعيرة ذبح الأضاحي هذا العام لهذا السبب (….) وتحذيرات للسودانيين المقيمين فيها    شاهد بالفيديو.. داعية سوداني شهير يثير ضجة إسفيرية غير مسبوقة: (رأيت الرسول صلى الله عليه وسلم في المنام وأوصاني بدعوة الجيش والدعم السريع للتفاوض)    تراجع وفيات الكوليرا في الخرطوم    أثار محمد هاشم الحكيم عاصفة لم يكن بحاجة إلي آثارها الإرتدادية علي مصداقيته الكلامية والوجدانية    وزير المالية السوداني: المسيرات التي تضرب الكهرباء ومستودعات الوقود "إماراتية"    "الحرابة ولا حلو" لهاني عابدين.. نداء السلام والأمل في وجه التحديات    "عشبة الخلود".. ما سرّ النبتة القادمة من جبال وغابات آسيا؟    ما هي محظورات الحج للنساء؟    قُلْ: ليتني شمعةٌ في الظلامْ؟!    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



مفهوم الملكية في الفكر الاقتصادي المقارن
نشر في سودانيات يوم 29 - 07 - 2011

د.صبري محمد خليل/ أستاذ الفلسفة بجامعه الخرطوم
sabri.Khalil @hotmail.com
اولا: فى الفكر الاقتصادى الغربى:
الليبرالية(الراسماليه)(الملكية الخاصة): تستند الليبرالية كمنهج إلي فكره القانون الطبيعي، ومضمونها( أن مصلحه المجتمع ككل، تتحقق حتما من خلال عمل كل فرد فيه على تحقيق مصلحته الخاصة).وتطبيقا لهذا المنهج فان الفلسفة الاقتصادية الليبرالية تستند إلى مفهوم الملكية الخاصة ، اى حق التصرف المطلق في المال ، كما ان الراسماليه بما هي النظام الليبرالي في الاقتصاد قائمه - استنادا إلى ذات المنهج -على ان مصلحه المجتمع ككل ستتحقق حتما من خلال محاوله كل فرد تحقيق مصالحه الخاصة،اى دون تدخل الدولة كممثل للمجتمع ،وهو ما اثبت واقع المجتمعات الاوربيه ذاته خطاه ،إذ قبل أن ينتهي القرن التاسع عشر حتى كانت ضرورة تدخل الدولة مسلمه في كل المجتمعات الاوربيه، وان اختلفت في مدى هذا التدخل،غير انه بعد انهيار الكتلة الشرقية تجددت الدعوات التي تشكك في ضرورة تدخل الدولة،وكانت هذه الدعوات هي الأساس الفكري للازمه الاقتصادية العالمية ، وبعدها تجددت تارة أخرى الدعوات إلى ضرورة تدخل الدولة. كما ان المنافسة الحرة في النظام الاقتصادي الراسمالى في المجتمعات الغربية قضت على حرية المنافسة لتنتهي إلى الاحتكار ،اى ان التجربة أثبتت ان ترك كل فرد يفعل ما يشاء سينتهي إلى ان لا يستطيع الاغلبيه فعل ما يريدون، لذا فان الديموقراطيه الليبرالية في المجتمعات الغربية إذ تحرر الشعب من استبداد الحاكمين ، لا تضمن عدم استبداد الرأسماليين فيه.
الماركسية (إلغاء الملكية الخاصة): تناولت الماركسية مفهوم الملكية طبقا للمنهج المادي الجدلي والمادية التاريخية التي هي محصله تطبيقه على التاريخ،والتي مضمونها أن البنية الفوقية (الفن والفلسفة والأخلاق والنظم السياسية ) مجرد عاكس للتطور الجدلي الحادث في البنية التحتية (أسلوب الإنتاج الذي يضم النقيضين أدوات الإنتاج وعلاقات الإنتاج ) . وهو ما يعبر عن نفسه في صورة صراع طبقي بين الطبقة التي تمثل أدوات الإنتاج والتي تمثل علاقات الإنتاج. وهذا التطور يتم عبر أطوار هي الشيوعية البدائية فالعبودية فالإقطاع فالراسماليه فالشيوعية العلمية وأولى مراحلها الاشتراكية ، وفيها يجب الالغاء الشامل للملكيه الخاصه لكل ادوات الانتاج .لكن الماركسيه انتهت عمليا الى الغاء الملكيه الخاصه لادوات الانتاج الاساسيه(الرئيسيه) فقط ، حتى قبل انهيار الاتحاد السوفيتى والكتله الشرقيه .
تقويم عام: الخلط بين الملكية الخاصة والملكية الفردية: إذا الفكر الاقتصادي الغربي كان ابتداء يدور حول تأكيد الملكية الخاصة(الليبرالية) او إلغائها (الماركسية) دون ان ينتبه إلى الفارق بين الملكية الفردية و الملكية الخاصة، فمصطلح ملكيه الفردية منصرف إلى تحديد الشكل القانوني للملكية (فرديه،تعاونيه ،مشتركه ،عامه...)، أما مصطلح الملكية الخاصة فهوتحديد لوظيفه الملكيه، اى لصاحب الحق فى القرار الاقتصادى بالنسبه للشىء المملوك،وهو يشير إلى حق المالك في اتخاذ القرار الاقتصادي بالنسيه إليها دون المجتمع. وهذا الخلط بين المصطلحين هو الذى أدى إلى تراجع مفكري الليبرالية عن ضرورة عدم تدخل الدولة، وكذا تراجع الماركسيين عن إلغاء الملكية الخاصة لكل لأدوات الإنتاج كما سبق بيانه..
ثانيا:الفكر الاقتصادي الاسلامى:
مذهب الملكية الخاصة: هناك مذهب في الفكر الاقتصادي الاسلامى يرى ان الإسلام يقر الملكية الخاصة ،فهو يخلط بين الملكية الخاصة والملكية الفردية على الوجه السابق بيانه ، ويستدل هذا المذهب بعده أدله أهمها:
أولا: وضع الإسلام حد السرقة وجعل عقوبتها قطع اليد .والاستدلال هنا غير صحيح ، إذ أن الحدود هي "محظورات شرعية زجر الله عنها بعقوبة مقدرة تجب حقا لله تعالى"، وما كان حق الله يعني ان وضعه كان لحماية مصلحة الجماعة ، لا مصلحة الفرد يقول الكاساني (والمقصود بحق لله كل فعل أو امتناع ترجع علة إيجابه أو النهي عنه إلى الجماعة".(الكاسانى بدائع الصنائع، ج7، ص 33،56)،وهذا دليل على أن حد السرقة إنما وضعه الشارع تعالى لحماية مصلحة الجماعة ،التي لها حق الانتفاع أصلا وأن كان الانتفاع بيد الفرد، إذ لو كان المراد إقرار الملكية الخاصة لكانت عقوبة السرقة قصاص لا حد إ،ذ المقصود بالقصاص" ما وجب إتيانه أو الامتناع عنه لحق الفرد"( المرجع السابق، ص 320).إي أن القصاص وضع لحماية حق الفرد ولذا يجوز العفو في القصاص ولا يجوز في الحد
ثانيا: أنه لا يجوز للدولة أن تأخذ من مال الفرد سوى الزكاة، وهو رأي خاطئ، وأدلة ذلك:
قال تعالى (لَّيْسَ الْبِرَّ أَن تُوَلُّواْ وُجُوهَكُمْ قِبَلَ الْمَشْرِقِ وَالْمَغْرِبِ وَلَكِنَّ الْبِرَّ مَنْ آمَنَ بِاللّهِ وَالْيَوْمِ الآخِرِ والملائكة وَالْكِتَابِ وَالنَّبِيِّينَ وَآتَى الْمَالَ عَلَى حُبِّهِ ذَوِي الْقُرْبَى وَالْيَتَامَى وَالْمَسَاكِينَ وَابْنَ السَّبِيلِ والسائلين وَفِي الرِّقَابِ وَأَقَامَ الصَّلاةَ وَآتَى الزَّكَاةَ وَالْمُوفُونَ بِعَهْدِهِمْ إِذَا عَاهَدُواْ وَالصَّابِرِينَ فِي الْبَأْسَاء والضَّرَّاء وَحِينَ الْبَأْسِ أُولَئِكَ الَّذِينَ صَدَقُوا وَأُولَئِكَ هُمُ الْمُتَّقُونَ﴾ (البقرة: 177) وفي تفسير القرطبي "استدل بها من ذهب إلى إن في المال حق سوى الزكاة ،وقيل الزكاة المفروضة، و الأول أصبح لما أخرجه الدار عن فاطمة بنت قيس قالت قال رسول اله (ص) إن في المال حقا سوى الزكاة ثم تلي الآية.
* يذكر ابن حزم "انه صح عن الشعبي ومجاهد وطاووس وغيره قول الرسول (صلى الله عليه وسلم) في المال حق سوى الزكاة "قال فهذا إجماع مقطوع به من الصحابة لا مخالف لهم منهم".
* قال عمر لو استقبلت من أمري ما استدبرت لأخذت فضول أموال الأغنياء فقسمتها على الفقراء المهاجرين".
* وقال علي رضي الله عنه "إن الله فرض على الأغنياء في أموالهم بقدر ما يكفي فقراءهم".
ثالثا: انه لا يجوز للدولة أن تأخذ مال الفرد جبراً بل على الفرد أن يعطي باختياره، وهو رأي خاطئ والأدلة:
* وعندما احي عمر رضي الله عنه أرضا بالربدة وكانت لقوم فجاءؤا وقالوا: يا أمير المؤمنين إنها بلادنا قاتلنا عليها في الجاهلية وأسلمنا عليها في إلا سلام علام تحميها،فاطرق عمر ثم قال: المال مال الله والعباد عباد الله والله لو لا ما احمل عليه في سبيل الله ما حميت من الأرض شبر في شبر".
* ويقول الإمام ابن حزم "وفرض على الأغنياء من أهل كل بلد أن يقوموا بفقرائهم، يجبرهم السلطان على ذلك أن لم تقم الزكوات، ولا في سائر أموال المسلمين فيقم لهم بما يأكلون من القوت الذي لابد منه ،ومن اللباس للشتاء والصيف بمثل ذلك ،وبمسكن يقيهم من المطر والصيف والشمس وعيون المارة".
* وعلي بن أبي طالب عندما صادر أموال بني أميه قال "والله لو وجدته قد تزوج به النساء وملك به إلا ماء لرددته"
مذهب الملكية الفردية ذات الوظيفة الاجتماعية:
ان الملكية الخاصة،والتي تسمى (ملكية الرقبة)،والتي تخول للفرد التصرف المطلق في المال لا تمثل التصور الإسلامي للمال.
إسناد ملكية المال لله تعالى وحده: اذ ان مضمون مصطلح الملكيه الخاصه كما فى الفلسفه الاقتصاديه الليبراليه يقابل مصطلح الملكية القرانى ،والملكيه طبقا له هى صفة من صفات ربوبية الله تعالى﴿ وَلِلّهِ مُلْكُ السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضِ وَمَا بَيْنَهُمَا يَخْلُقُ مَا يَشَاء وَاللّهُ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ ﴾ (المائدة: 17). ﴿ وَآتُوهُم مِّن مَّالِ اللَّهِ الَّذِي آتَاكُمْ ﴾ (النور: 33). وعن علي أبن أبي طالب "فانتم عباد الله والمال مال الله يقسم بينكم بالسوية لا فضل فيه لأحد على احد". وعلى هذا فان الفلسفة الاقتصادية الإسلامية قائمة على إسناد ملكية كل شئ لله تعالى وحده. وإسناد الملكية ( اى ما يقابل الملكيه الخاصه)إلى غيره سواء كان فرد أو فئه او حتى الشعب كله هو شرك في الربوبية يقول تعالى﴿ وَقُلِ الْحَمْدُ لِلّهِ الَّذِي لَمْ يَتَّخِذْ وَلَدًا وَلَم يَكُن لَّهُ شَرِيكٌ فِي الْمُلْكِ وَلَمْ يَكُن لَّهُ وَلِيٌّ مِّنَ الذُّلَّ وَكَبِّرْهُ تَكْبِيرًا ﴾ (إلا سراء: 111)، وهو شكل من أشكال الاستكبار ،إذ الاستكبارة هو اسناد صفة من صفات ربوبيته تعالى إلى غيره. وقد عرض القرآن النماذج له:.ففرعون اسند ملكية مصادر الثروة في مصر إلى نفسه ﴿اوليس لي ملك مصر وهذه الأنهار تجري من تحتي﴾ وقارون بدلا من إسناد ملكية المال "الذي أتاه الله إلى مالكه الأصلي (الله تعالى) أسنده إلى نفسه وعلمه فكان جزاءه الخسف( قَالَ إِنَّمَا أُوتِيتُهُ عَلَى عِلْمٍ عِندِي أَوَلَمْ يَعْلَمْ أَنَّ اللَّهَ قَدْ أَهْلَكَ مِن قَبْلِهِ مِنَ القُرُونِ مَنْ هُوَ أَشَدُّ مِنْهُ قُوَّةً وَأَكْثَرُ جَمْعًا وَلَا يُسْأَلُ عَن ذُنُوبِهِمُ الْمُجْرِمُونَ)
* إن كلمة ملكية في القرآن تسند إلى الله تعالى ،إذ الملكية من صفات الربوبية على الوجه الذي أوضحنا. وأسندها القرآن مرة إلى سواه، وهو الجماعة لا الفرد، في معرض الحديث عن الأنعام... فهم لها مالكون" بمعنى منتفعون.
* إن القرآن أضاف كلمة المال إلى ضمير الفرد سبع مرات فقط (26)غلب عليها صفة الذم منها:
﴿ويل لكل همزة لمزه * الذي جمع مالا وعدده * أيحسب أن ماله أخلده * كلا لينبذن في الحطمة﴾ (الهمزة: 1-4).﴿تبت يدا أبي لهب وتب * ما أغنى عنه ماله وما كسب * سيصلى ناراً ذات لهب﴾ (المسد: 1-3).
﴿ وإما من أوتي كتابه بشماله فيقول يا ليتني لم أوت كتابيه * ولم ادر ما حسابية * يا ليتها كانت القاضية * ما اغني عني مالية * هلك عني سلطانية﴾ (الحاقة : 25-29).
وفي السنة قوله (ص) "يقول ابن آدم مالي هل لك من مالك إلا ما تصدقت فأبقيت أو لبست فأبليت أو أكلت فأفنيت" (رواه مسلم وأبن حنبل والترمذي).
بينما أضيفت كلمة المال إلى ضمير الجمع في القرآن 47 مره منها: ﴿ خُذْ مِنْ أَمْوَالِهِمْ صَدَقَةً تُطَهِّرُهُمْ وَتُزَكِّيهِم بِهَا.. ﴾ (التوبة : 103). ﴿ وَآتُواْ الْيَتَامَى أَمْوَالَهُمْ ﴾ ( النساء 2) .
الملكية الفردية ذات الوظيفة الاجتماعية:
أما الملكيه الفرديه كشكل القانونى للملكيه، مضمونه حق الفرد فى التصرف المقيد بالمال، فقد اقرها الاسلام ، لكن على وجه يتسق مع تصور خاص للملكيه الاجتماعيه كتحديد لوظيفه الملكيه، اى لصاحب الحق فى القرار الاقتصادى بالنسبه للشىء المملوك، ومضمونها ان القرار الاقتصادى اصلا من حق المجتمع، بالتالى فان القرار الاقتصادى للمالك يجب ان لا يتناقض مع مصلحته، وعلى وجه يتناقض مع الملكيه الخاصه كتحديد اخر لوظيفه الملكيه، اى لصاحب الحق فى القرار الاقتصادى بالنسبه للشىء المملوك ،و مضمونها حق المالك فى اتخاذ القرار الاقتصادى بالنسيه اليها دون المجتمع ،اى وان تعارض مع مصلحه المجتمع.
استخلاف الجماعة في الانتفاع بالمال:فإذا كانت الفلسفة الاقتصادية قائمه أولا على ان ملكية المال(حق التصرف المطلق فيه) لله وحده كما بينا سابقا، فإنها قائمه ثانيا على ان الجماعة هي المستخلفة عنه تعالى أصلا في الانتفاع به على الوجه الذي يحدده ملك المال تعالى المنزه عن الانتفاع به ، أما الفرد فنائب وكيل عنها فى الانتفاع به، يقول تعالى: ﴿وأنفقوا مما جعلكم مستخلفين فيه﴾ (الحديد: 7). في تفسير النسفي "يعني إن الأموال التي في أيديكم إنما هي أموال الله بخلقه وإنشائه لها، وإنما مولكم إياها للاستمتاع به وجعلكم خلفاء في التصرف فيها، فليست هي بأموالكم في الحقيقة، وما انتم فيها إلا بمنزلة الوكلاء والنواب، فأنفقوا منها في حقوق الله تعالى وليكن عليكم إلا نفاق منها كما يهون على الرجل إلا نفاق من مال غيره إذا أذن له فيه –أو جعلكم مستخلفين عمن كان قبلكم"
اما كيفية ذلك:
أولا: إذا كان المالك سبحانه قد استخلف الجماعة في الانتفاع بالمال، فان للجماعة حق الانتفاع بمصادر الثروة الرئيسية دون الفرد، وأدلة ذلك قال (صلى الله عليه وسلم)( الناس شركاء في ثلاثة الماء و الكلاء والنار (روه احمد وأبو داود) ،وفي حديث أخر الملح وفي رواية "المسلمون شركاء في ثلاث الماء والكلاء والنار ومنعه حرام" (روه أبن ماجة وأبن حنبل).كما إن الشرع جاء بالحمى وهو (الأرض المحمية من الانتفاع الفردي لتكون لانتفاع المسلمين جميعا)ومن المتفق عليه أن الرسول (ص) حمى أرض بالمدينة يقال لها النقيع لترعى فيها خيل المسلمين (رواه احمد)( أبو عبيدة، الاموال، ص 298، الماوردي ، إلاحكام السلطانية ، ص 164، أبو يعلي ، الأحكام ، 206)وحمى عمر أيضا أرضا بالربدة وجعلها مرعى لجميع المسلمين"( أبو عبيدة، الأموال، ص299 ).وقال لهني عاملة عليها "يا هني اضمم جناحك عن الناس، واتق دعوة المظلوم فإنها مجابة، وادخل بالضريمة الغنيمة، ودعني من نعم ابن عفان ونعم أبن عوف ،فإنهما إذا هلكت ماشيتهما رجعا إلى نخل وزرع، وان هذا المسكين إن هلكت ماشيته جاءني يصرخ "يا أمير المؤمنين افتاركهم أنا لا أبا لك" (رواه البخاري).
ثانياً: أن انتفاع الجماعة بمصادر الثروة الرئيسية يكون بان تتولى الدولة إدارة إنتاج هذه المصادر باعتبارها وكيل للجماعة ونائب عنها.
قال تعالى ﴿يأيها الذين امنوا أطيعوا الله و أطيعوا الرسول وأولي الأمر منكم﴾
دلت الآية على وجوب طاعة أولي الأمر ونستخلص من هذا الأمر إن يكون لأولياء الأمر (إي الدولة) إدارة الإنتاج بما يحقق مصلحة الجماعة.
قال (صلى الله عليه وسلم) "من ترك مالا فلورثته ومن ترك دين أو ضياعا فليأتني فانا مولاه اقروا إن شئتم قوله تعالى (النبي أولى بالمؤمنين من أنفسهم).
* وتطبيقا لذلك ما ورد عن الحسن البصري "أربعة من إلا سلام إلى السلطان: الحكم و الفئ والجمعة والجهاد".
* وعن عمر بن الخطاب "لو أن عناقا ( عنزا ) ذهب بشاطئ العراق لأخذ بها عمر يوم القيامة".
* و أورد الماوردي "والذي يلزم سلطان الأمة من أمور سبعة أشياء: حفظ دين الأمة من عدو للدين أو باعث نفس أو مال، عمارة البلدان باعتماد مصالحها غير تحريف في أخذه وعطائه، معاملة المظالم والأحكام بالتسوية بين أهلها واعتماد الشدة في فصلها، إقامة الحدود على مستحقيها من غير تجاوز فيها ولا تقصير عنها اختيار خلفائه في الأمور على أن يكونوا من أهل الكفاءة فيه و الأمانة عليها
ثالثاً: أما ما دون مصادر الثروة الرئيسية فان للجماعة أن تتركه حقا ينتفع به الفرد (القطاع الخاص)بشرط أن لا يتعارض ذلك مع مصلحتها كما سبق بيانه.
ملكية الأرض: وامتدادا للتصور الإسلامي للملكية نجد أن الإسلام يقرر أن ملكية الأرض له تعالى وحده﴿ لِلَّهِ مُلْكُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ ﴾(الشورى 49). و أن الله تعالى استخلف الناس في الانتفاع بها ،فملكية الأرض في التصور الإسلامي إذا مقصورة على ملكية الانتفاع دون ملكية الرقبة (خلافا للرأسمالية).
ويترتب على هذا:أولا: إن ملكية الأرض يكون بمقدار العمل على الانتفاع ،بها فقد صح عن الرسول (صلى الله عليه وسلم) انه قال "من أحيا أرضا ميتة فهي له وما أكلت العافية منها فهي له صدقة" (روه احمد والنسائي وأبن حبان).و في رواية من عمر أرض ليست لأحد فهو أحق بها" (رواه البخاري واحمد)
ثانياً: إذا لم يعمل الفرد على الانتفاع بالأرض نزعت منه ملكيتها وأدلة ذلك قل (صلى الله عليه وسلم) "من أحيا أرض ميتة فهي له وليس لمحتجز حق بعد ثلاث سنين" وقال (صلى الله عليه وسلم) "من عطل أرضا ثلاثة سنين لم يعمرها فجاء غيره فعمرها فهي له".وكان الرسول (صلى الله عليه وسلم) قد أعطى بلال بن الحارث أرض العقيق، فلما كان زمان عمر قال لبلال( إن رسول الله لم يقطعك لتحتجزه عن الناس، إنما أقطعك لتعمل فخذ منها ما قدرت على عمارته ورد الباقي) .
- للاطلاع على مقالات أخرى للدكتور صبري محمد خليل يمكن زيارة العنوان http://drsabrikhalil.wordpress.com) )


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.