ضياء الدين بلال يكتب: نحن نزرع الشوك        أقرع: مزايدات و"مطاعنات" ذكورية من نساء    بالصور.. اجتماع الفريق أول ياسر العطا مساعد القائد العام للقوات المسلحة و عضو مجلس السيادة بقيادات القوة المشتركة    وزير خارجية السودان الأسبق: علي ماذا يتفاوض الجيش والدعم السريع    محلية حلفا توكد على زيادة الايرادات لتقديم خدمات جيدة    شاهد بالفيديو.. خلال حفل حاشد بجوبا.. الفنانة عشة الجبل تغني لقادة الجيش (البرهان والعطا وكباشي) وتحذر الجمهور الكبير الحاضر: (مافي زول يقول لي أرفعي بلاغ دعم سريع)    شاهد بالفيديو.. سودانيون في فرنسا يحاصرون مريم الصادق المهدي ويهتفون في وجهها بعد خروجها من مؤتمر باريس والقيادية بحزب الأمة ترد عليهم: (والله ما بعتكم)    شاهد بالفيديو.. لاعبون سودانيون بقطر يغنون للفنانة هدى عربي داخل الملعب ونجم نجوم بحري يستعرض مهاراته الكروية على أنغام أغنيتها الشهيرة (الحب هدأ)    غوتيريش: الشرق الأوسط على شفير الانزلاق إلى نزاع إقليمي شامل    الدردري: السودان بلدٌ مهمٌ جداً في المنطقة العربية وجزءٌ أساسيٌّ من الأمن الغذائي وسنبقى إلى جانبه    أنشيلوتي: ريال مدريد لا يموت أبدا.. وهذا ما قاله لي جوارديولا    سوداني أضرم النار بمسلمين في بريطانيا يحتجز لأجل غير مسمى بمستشفى    محاصرة مليوني هاتف في السوق السوداء وخلق 5 آلاف منصب عمل    غوارديولا يعلّق بعد الإقصاء أمام ريال مدريد    امين حكومة غرب كردفان يتفقد سير العمل بديوان الزكاة    مدير المستشفيات بسنار يقف على ترتيبات فتح مركز غسيل الكلى بالدندر    نوير يبصم على إنجاز أوروبي غير مسبوق    تسلا تطالب المساهمين بالموافقة على صرف 56 مليار دولار لرئيسها التنفيذي    مناوي ووالي البحر الأحمر .. تقديم الخدمات لأهل دارفور الموجودين بالولاية    محافظ بنك إنجلترا : المملكة المتحدة تواجه خطر تضخم أقل من الولايات المتحدة    منتخبنا يواصل تدريباته بنجاح..أسامة والشاعر الى الإمارات ..الأولمبي يبدأ تحضيراته بقوة..باشري يتجاوز الأحزان ويعود للتدريبات    بايرن ميونخ يطيح بآرسنال من الأبطال    بالصور.. مباحث عطبرة تداهم منزل أحد أخطر معتادي الإجرام وتلقي عليه القبض بعد مقاومة وتضبط بحوزته مسروقات وكمية كبيرة من مخدر الآيس    العين يهزم الهلال في قمة ركلات الجزاء بدوري أبطال آسيا    مباحث المستهلك تضبط 110 الف كرتونة شاي مخالفة للمواصفات    قرار عاجل من النيابة بشأن حريق مول تجاري بأسوان    العليقي وماادراك ماالعليقي!!؟؟    الرئيس الإيراني: القوات المسلحة جاهزة ومستعدة لأي خطوة للدفاع عن حماية أمن البلاد    بعد سحق برشلونة..مبابي يغرق في السعادة    جبريل إبراهيم: لا توجد مجاعة في السودان    خلال ساعات.. الشرطة المغربية توقع بسارقي مجوهرات    مبارك الفاضل يعلق على تعيين" عدوي" سفيرا في القاهرة    وزير الخارجية السعودي: المنطقة لا تحتمل مزيداً من الصراعات    لمستخدمي فأرة الكمبيوتر لساعات طويلة.. انتبهوا لمتلازمة النفق الرسغي    عام الحرب في السودان: تهدمت المباني وتعززت الهوية الوطنية    مضي عام ياوطن الا يوجد صوت عقل!!!    مصدر بالصحة يكشف سبب وفاة شيرين سيف النصر: امتنعت عن الأكل في آخر أيامها    واشنطن: اطلعنا على تقارير دعم إيران للجيش السوداني    ماذا تعلمت من السنين التي مضت؟    إنهيارالقطاع المصرفي خسائر تقدر ب (150) مليار دولار    أحمد داش: ««محمد رمضان تلقائي وكلامه في المشاهد واقعي»    إصابة 6 في إنقلاب ملاكي على طريق أسوان الصحراوي الغربي    تقرير: روسيا بدأت تصدير وقود الديزل للسودان    تسابيح!    مفاجآت ترامب لا تنتهي، رحب به نزلاء مطعم فكافأهم بهذه الطريقة – فيديو    راشد عبد الرحيم: دين الأشاوس    مدير شرطة ولاية شمال كردفان يقدم المعايدة لمنسوبي القسم الشمالي بالابيض ويقف علي الانجاز الجنائي الكبير    وصفة آمنة لمرحلة ما بعد الصيام    إيلون ماسك: نتوقع تفوق الذكاء الاصطناعي على أذكى إنسان العام المقبل    الطيب عبد الماجد يكتب: عيد سعيد ..    ما بين أهلا ووداعا رمضان    تداعيات كارثية.. حرب السودان تعيق صادرات نفط دولة الجنوب    بعد نجاحه.. هل يصبح مسلسل "الحشاشين" فيلمًا سينمائيًّا؟    السلطات في السودان تعلن القبض على متهم الكويت    «أطباء بلا حدود» تعلن نفاد اللقاحات من جنوب دارفور    دراسة: القهوة تقلل من عودة سرطان الأمعاء    الجيش السوداني يعلن ضبط شبكة خطيرة    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



الكاتب علي ياسين..والإسقاط الأدبي السياسي على الواقع!!
نشر في سودانيات يوم 23 - 08 - 2011


2-2
النقطة المحورية للعمل الأدبي الكبير: حوار مع المناضل "إبليس" في سجنه"، لعلي ياسين هي أن الكاتب رغب أن يقول أن الإنسان قد يتفوق في الشر على إبليس أو على ذرية إبليس!!
فهذا التفرس الأدبي الاستقرائي لواقع الحال الإنساني أو هذه النقطة المحورية من المؤلف ليست غريبة، يؤيدها القرآن نفسه، خاصة إذا فهمنا أن كلمة "الشيطان" لا تعني كائنا أو مخلوقا معينا كما عرفها الشيخ صالح الكرباسي في المقالة الأولى – كلمة الشيطان حالة قد تعني الإنس أو الجن أو الدواب إذا توفرت شروطها وهي البعد عن الخير والاستدامة في عمل الشر، وبدءا من سورة الناس يقول الله تعالى: (قل أعوذ برب الناس* ملك الناس* إله الناس* من شر الوسواس الخناس*الذي يوسوس في صدور الناس* من الجنة والناس) أي الاستعاذة من شياطين الجن والأنس معا، ومرورا بالآيات التي تجمع الجن والأنس (فقاتلوا أولياء الشيطان)، (ويوم يحشرهم جميعا يا معشر الجن لقد أستكثرتم من الأنس) أي في الشيطنة، (ولقد ذرأنا لجهنم كثيرا من الجن والأنس)، (وتمت كلمة ربك لاملأن جهنم من الجنة والناس أجمعين)، (يا معشر الجن والأنس ألم يأتكم رسل منكم يقصون عليكم آياتي)، (وإنه كان رجال من الإنس يعوذون برجال من الجن فزادوهم رهقا)، (وما خلقت الجن والأنس إلا ليعبدون) الخ.
هنالك آيات كثيرة تضع الجن بشكل موازي مع الإنس من حيث الثقل والمسؤولية، فهم أي الجن مخلوق آخر – خلقوا كما خلقنا لعبادة الله تعالى يتناسلون ويتكاثرون، وبعد هبوط جنس الجن إلى الأرض أرسل الله إليهم منهم رسلا، كما أرسل إلينا من جنسنا رسلا ليقصوا عليهم وعلينا آيات الله..والإنابة إلى الله!! ولكن لله حكمة مستترة أن يأمر الله تعالى الملائكة والجن ليسجدوا لآدم توقيرا واحتراما له. وفي البداية اعترضت الملائكة ليس اعتراض تمرد بل اعتراض حكمة..(قالوا أتجعل فيها من يفسد فبها ويسفك الدماء ونحن نسبح بحمدك ونقدس لك* قال إني أعلم ما لا تعلمون) لكن شيخ الجن إبليس رفض السجود لآدم وصار وذريته أعداء لبني الإنسان!! ورغم هذا العداء والعداوة كما أخبرنا العليم الخبير هنالك بعض من الإنس يتولون الجن، وقد يخترقون الحجاب ما بين الجنسين ويتعاون الأنس مع الجن مباشرة، لما للجن من قدرات لا يمتلكها الإنس!!
وخلاصة الرؤية التحليلية المستفادة هي: أن الإنسان مغرور، خصيم مبين، خلق ضعيفا، إنه ليؤس، ظلوم كفار، ويدع للشر دعاه للخير، عجولا، كفورا، فإذا مس الإنسان ضر دعانا، وإذا أنعمنا على الإنسان أعرض ونأى بجانبه، يمسك خشية الإنفاق وكان الإنسان قتورا، وكان الإنسان أكثر شيء جدلا، إن الإنسان لكفور مبين، لم يكن شيئا، إن الإنسان خلق هلوعا، وحملها الإنسان إنه كان ظلوما جهولا، بل يريد الإنسان ليفجر أمامه، وتحبون المال حبا جما، وإنه لحب الخير لشديد، وإن تصبهم سيئة بما قدمت أيديهم فإن الإنسان كفور، ولقد خلقنا الإنسان في كبد، إن الإنسان لربه لكنود، إن الإنسان لفي خسر، يوم ندعو كل أناس بإمامهم، وأكثرهم للحق كارهون، ومن الناس من يتخذ من دون الله أندادا يحبونهم كحب الله الخ. هذا جزء صغير في الإنسان، رغم أن رجال الدين الجهلة يصورونه عظيما فيركب الجميع الغرور!! وقد يخلط البعض ما بين لفظة الشيطان ولفظة الجن، وقد يعتقد البعض جهلا أن الله خلق الجن أو قوم إبليس للشر الخالص – وهذه لا تجوز على رب العالمين فالله تعالى لا يصنع شرا، وقد لا يفهم البعض من الناس أن الإنسان يمكنه أن يصبح شيطانا – فالشيطنة هي حالة وليست كائنا، الكائن هو الجن - بينما أصل المسألة غير الاعتيادية يا سعد هي أن إبليس شيخ الجن وذريته قرروا أن يصبحوا أعداءً لنا بني الإنسان - لا غير!!
فكما في ذرية آدم هنالك فرق مؤمنة وتخشى الله وفرق ضالة ومضلة تتشيطن دون الحاجة إلى تدخل إبليس، كذلك في ذرية إبليس فرق مؤمنة تخشى الله وفرق ضالة ومضلة، وهؤلاء الأخيرين يعادوننا بشكل خاص فذاكرتهم متورمة لا ينسون أننا السبب في طردهم من رحمة الله!!
ومواصلة مع الكاتب علي ياسين في اسقاطاته الأدبية على المتأسلمين المتشيطنين، نقول:
لا شك، كما كتب الكاتب علي ياسين، نجزم معه حقا أن إبليس وذريته هم شيوخ المناضلين، ناضلوا لكي يثبتوا لله تعالى أن ما خلقه بيده أي آدم لا يستحق أن يسجد له جدهم الكبير إبليس، ولقد نظر الله تعالى الجد وذريته لكي يثبتوا لربهم ذلك إن أستطاعوا (وَقُلْنَا اهْبِطُواْ بَعْضُكُمْ لِبَعْضٍ عَدُوٌّ وَلَكُمْ فِي الأَرْضِ مُسْتَقَرٌّ وَمَتَاعٌ إِلَى حِينٍ) البقرة، 36. نعم لقد أعطى الله إبليس طلبه بأن ينظره وحتى يوم معلوم – (قال رب فانظرني إلي يوم يبعثون، قال فانك من المنظرين، إلي يوم الوقت المعلوم، قال فبعزتك لأغوينهم أجمعين، إلا عبادك منهم المخلصين، قال فالحق والحق أقول، لأملان جهنم منك وممن تبعك منهم أجمعين). إذن فهو يناضل وذريته بالمعنى الحرفي ولا يضيع وقتا مثل الأنس في الشعارات!! فما دخل سعد احمد سعد وما هي اعتراضاته على المشيئة الإلهية في نضال إبليس؟ فهل سعد أعلم بشؤون الخلق من الله تعالى؟
وإذا الشيء بالشئ يذكر لنتأمل التالي: فحتى إبليس يتطاول ويطمع في شفاعة رسول الله (ص). فهمنا هذا التطاول والطمع عندما تهافت عمر ابن الخطاب على أرومة الرسول (ص) فذكر نبينا المعصوم أهمية نسبه الشريف وآل بيته الطاهرين المطهرين وأنه مستمر ولا ينقطع إلى يوم القيامة!!
وعن ابن عباس رضي الله عنهما، قال: توفي لصفية بنت عبد المطلب رضي الله عنها ولد، فبكت فقال لها رسول الله صلى الله عليه وآله وصحبه وسلم: تبكين يا عمة. من توفي له ولد في الإسلام كان له بيت في الجنة يسكنه. فلما خرجت لقيها عمر فقال لها: إنَّ قرابة محمد لن تغني عنك من الله شيئاً فبكت، فسمع رسول الله صلى الله عليه وآله وصحبه وسلم صوتها ففزع من ذلك، فخرج وكان صلى الله عليه وآله وصحبه وسلم مكرما لها يبرها ويحبها، فقال لها: (يا عمة تبكين وقد قلت لك ما قلت: قالت ليس ذلك أبكاني وأخبرته بما قال عمر، فغضب صلى الله عليه وآله وصحبه وسلم. وقال: يا بلال هجِّر بالصلاة ففعل ثم قام صلى الله عليه وآله وصحبه وسلم، فحمد الله وأثنى عليه وقال: ما بال أقوام يزعمون أنَّ قرابتي لا تنفع إنَّ كل سبب ونسب منقطع يوم القيامة إلا نسبي وسببي وإنَّ رحمي موصولة في الدنيا والآخرة) (مجمع الزوائد للهيثمي).
وعن جابر بن عبد الله رضي الله عنهما، قال: (كان لآل رسول الله صلى الله عليه وآله وصحبه وسلم خادمة تخدمهم، يقال لها بريرة، فلقيها عمر، فقال: يا بريرة غطي شعيفاتك فإنَّ محمدا لن يغني عنك من الله شيئاً، قال: فأخبرت النبي صلى الله عليه وآله وصحبه وسلم، فخرج يجر رداءه محمرةً وجنتاه. وكنا معشر الأنصار نعرف غضبه بجر رداءه وحمرة وجنتيه، فأخذنا السلاح ثم أتيناه، وقلنا: يا رسول الله مرنا بما شئت؟ والذي بعثك بالحق نبياً لو أمرتنا بأمهاتنا وآبائنا وأولادنا لمضينا لقولك فيهم، ثم صعد المنبر فحمد الله وأثنى عليه: ثم قال: من أنا؟ قلنا: أنت رسول الله. قال: نعم، ولكن من أنا؟ قلنا: محمد بن عبد الله بن عبد المطلب بن هاشم بن عبد مناف. فقال: أنا سيد ولد آدم ولا فخر، وأنا أول من تنشق عنه الأرض ولا فخر. وصاحب لواء الحمد ولا فخر، وفي ظل الرحمن عز وجل يوم القيامة يوم لا ظل إلا ظله ولا فخر، ما بال أقوام يزعمون أن رحمي لا تنفع، بلى حتى تبلغ حاء وحكم، إني لأشفع فأُشفع حتى من أشفع له يشفع فيُشفع، حتى إبليس ليتطاول طمعاً في الشفاعة). (أخرجه الطبراني).
لكن يبدو أن اعتراضات سعد أحمد سعد على الكاتب المؤلف الحقيقية هي لأسباب أخرى وإن كان ظاهرها دينيا ويتركز الاعتراض في الإسقاطات السياسية على لسان إبليس وتشير معظمها إلى الطيب مصطفى وتفاخره بأصله، وكتب علي ياسين كثيرا من المصطلحات السياسية على لسان إبليس تنطبق على الطيب مصطفى ووضعها بين قوسين، تارة إبليس يتقمص الطيب مصطفى وتارة الطيب مصطفى يتقمص إبليس، فهما شخص واحد. فالكل "انتهازيون" و"عملاء" في نظر الشخصيتين، سيان كانوا الملائكة أم المعارضة السياسية على التوالي. فوظيفة الملائكة هي العبادة والطاعة، وبهذه الطاعة قصد علي ياسين المنافقين السياسيين الذي يحيطون برئيس الجمهورية.
وفي شأن عنصرية الطيب مصطفى وأصله أنطق على ياسين إبليس، فقال الأخير محتجا: ({نتو، أولاد آدم، اللي أصلكم الوضيع أصل واحد، الأبيض فيكم بيحتقر الأصفر، والأصفر شايف نفسه أشرف من الأحمر، والأحمر فاكر نفسو سيد الأسود، والأسود قايل نفسو سيدهم كلهم.. ديل انتو الأصلكم واحد، عايزين تزايدوا عليّ أنا، اللي ما في شيء بيلمني مع آدم؟؟).
ومن المصطلحات السياسية التي زقها المؤلف علي ياسين على لسان إبليس – وهي ما بين القوسين مع تفسيراتنا طبقا للسياق الأدبي لمقالة المؤلف:
"انتهازيون" و"عملاء" وتعني قيادات الحركة الشعبية، وعموم المعارضة، «الأقدميّة» وهي ميزة تشير إلى سمة التدرج الهرمي في النظام أو في الجيش، على حساب الكفاءة أو المنافسة الحرة. «دكتاتور» تعنى النظام أو البشير. «يُشاورك» سخرية من شورى المؤتمر الوطني. الضيقٌ «بالرأي الآخر» سمة رجال المؤتمر الوطني والنظام القائم. «سجين رأي!» الشعب السوداني. «الضعف» ضعف رجال المؤتمر الوطني نحو نهب المال العام. «إغواءً» رجال المؤتمر الوطني لا يحتاجون إلى إغواء لارتكاب المعاصي، خاصة في رمضان وإبليس سجين. «الطفيلي» الاقتصاد الطفيلي. «الحقارة» كل الموبقات تنسب إلى إبليس السجين ظلما وخاصة تلك التي تحدث في رمضان – مثل المسلسلات التلفزيونية وارتفاع أسعار السلع، والنهم على المأكولات الخ. «اعتراض موظف عام أثناء عمله» التهمة التي توجه عادة إلى المعترضين، «إجازة» عطلة إبليس في رمضان، وهو سجين الملائكة، «أسرار المهنة» شغل الغميتي.
هذه جردة لمصطلحات المقالة التي كتبها الكاتب علي ياسين، وقمنا بتفسيرها باختصار، والتفسير قائم على المرمى البعيد للأديب.
ولكن هنالك بعض النصوص التي تستحق القراءة، قال إبليس "في الناس الصايمين وقايمين والقرآن ما بيفارق شفاههم":
(هه.. نفاق ساكت.. صايمين ويسووا في مسلسلات رمضان!! ما ملاحظ إنُّو أتفه المسلسلات وأكثرها «إغواءً» هي البتسووها في رمضان؟؟ صايمين وتملوا بطونكم بالطيبات؟ تأكلوا في رمضان قدر البتاكلوه في الفطر عشر مرات!! صايمين وساكِّين المسابقات والكسب «الطفيلي»!! في ذمَّتك في زول تقي بيشارك في مسابقات الفضائيات العربية اللي بيقدمنها الممثلات ديلك..عن أُغنية الفنانة فلانة الشفقانة، وفستان الراقصة فلتكانة العريانة، ومنتظرين يفوزوا بالدولارات، وتقول لي صيام وقرآن؟؟ ده كله كوم، والسوق كوم..أكثر موسم للربح الحرام في الأسواق هو رمضان..شركات تتاجر باسم رمضان، وقنوات تلفزيونية تعيش على الإعلانات وأكاذيب التجار في رمضان..رمضان موسم..سوق من أكبر أسواقي في الدنيا، تاكلوا في الفراخ وتحمدوا الله وتقوموا تصلُّوا، وإخوانكم في فلسطين ما لاقين التكتح..قال صايمين وقايمين!! روح بالله!!!).
ولقد أنتقد الشيخ حسن الترابي في حلقة تلفزيونية بالتلفزيون القومي قبل عدة سنوات خلت القوم يلعلعون بالقرآن بدون فهم – وأشار بإصبعه إلى شفتيه إشارة إلى جهلهم بالقرآن!! وكذلك امتلأ السوق العربي بتلك المكتبات السلفية (تبيع فقط خمسة كتب: منهاج السنة والعقيدة الواسطية لأبن تيمية، والعواصم من القواصم، والعقيدة الطحاوية للطحاوي المصري، و"التوحيد الذي هو حق الله على العبيد" لمحمد بن عبد الوهاب) – وهذا هو دينهم الذي قرره لهم مخابرات دول الخليج!! وكذلك تدير هذه المكتبات السلفية أشرطة الكاسيت التي تلعلع بالقرآن على مدى اليوم بمكبرات الصوت – هذه هو تصورهم الساذج للدولة الإسلامية!! بينما تملأ القذارة مركز الخرطوم والسوق العربي، ورأيت بعيني أثنين من الإنس يأكلون من صناديق القمامة بجوار المسجد الكبير، وإن أتيت بعد صلاة العشاء بقليل ستجد الجامع الكبير محوطا بالمساكين، والمجزومين، وبذي العاهات يفترشون الأرض الخ فلعلك تسخر أي إسلام هذا وأية شريعة هذه التي تصبح فيها الدولة خصما لكافة رعاياها المسلمين وكأنهم غير مسلمين!!
يرغبونها دولة سلفية ولا يعرفون أن هؤلاء السلفيين هم ضرب من أضراب الخوارج – فهل يدخل السودان التاريخ حين يصبح للخوارج التكفيريين الحروريين أول دولة في السودان!!
أشار نبينا الكريم (ص): إلى الخوارج هكذا (سيكون في أمتي اختلاف وفرقة، قوم يحسنون القيل ويسيئون الفعل ويقرؤون القرآن لا يجاوز تراقيهم، يحقر أحدكم صلاته مع صلاتهم وصيامه مع صيامهم يمرقون من الدين مروق السهم من الرمية، لا يرجع حتى يرد السهم على فوقه وهم شرار الخلق والخليقة، طوبى لمن قتلهم وقتلوه يدعون إلى كتاب الله وليسوا منه في شيء، من قاتلهم كان أولى بالله منهم. قالوا: يا رسول الله ما سيماهم؟ قال: التحليق). أى يحلقون رؤوسهم. ولقد أجمع علماء الأمة إذ لم تنطيق صفة التحليق على فرقة من الفرق الإسلامية الضالة إلا في أتباع الوهابية، لقد كان محمد عبد الوهاب يجبر أتباعه على حلق شعر رؤوسهم، وحين أنتبهوا للحديث عبر انتقاد علماء الأمة لهم أوقفوا حلق رؤوسهم!!
وللبخاري ما يفيد في قضية الخوارج بزيادة في أوله: أن النبي -صلى الله عليه وآله- قال: (اللهم بارك لنا في شامنا، اللهم بارك لنا في يمننا، قالوا: وفي نجدنا، قال: اللهم بارك لنا في شامنا، اللهم بارك لنا في يمننا، قالوا: وفي نجدنا؟ قال: اللهم بارك لنا في شامنا، اللهم بارك لنا في يمننا، قالوا: يا رسول الله، وفي نجدنا؟ فأظنه قال في الثالثة: هنالك الزلازل والفتن، ومنها يطلع قرن الشيطان). ومعنى هذا الحديث أن النبي صلى الله عليه وآله لم يبارك نجد وأهل نجد قط، والسلفية الوهابية ومشتقاتها خرجت من أرض نجد ومن أهل نجد، حتى مسيلمة الكذاب خرج من أرض نجد، بل كل الأنبياء الكذبة خرجوا من أرض نجد!!
إذن لم يكذب إبليس بطل رواية الكاتب الأديب علي ياسين في هؤلاء الذين يأخذون دينهم من نعاثل نجد – يقرؤون القرآن ولا يفهمونه ويخرجون من الدين مثل خروج السهم من الرمية ولا يرجعون له – فاستباحوا المال العام!! فدولة المؤتمر الوطني ترفع من راية القرآن والشريعة الإسلامية نفاقا، ويدعوا قادتها إلى كتاب الله وليسوا هم منه في شيئ – لا يطبقونه على أنفسهم، وبلا شك قد بلغ الجهل ذروته بقيادات المؤتمر الوطني حين يرفعون راية دولة إسلامية تقوم أعمدتها على عقيدة الخوارج الحروريين!!
ويختم الأديب علي ياسين مقالته أن إبليس نفسه لا يتفوق على البشر فله مدير مكتب من الإنس يدير له أعماله الشيطانية وإبليس الكائن نفسه سجين في شهر رمضان، ويجزم إبليس أن أبناءه يتعلمون من هذا المدير الآدمي!! ومن هذه الإشارة أو من هذا الإسقاط الأدبي على واقع الحال، سنفهم أن مدير مكتب الوزير هو من يدير الصفقات المالية الشيطانية نيابة عن الوزير في حكومة المؤتمر الوطني الخ، وفي رمضان بالذات ترتفع أسعار السلع، وتكثر الملاهي، وامتلئ البطون بما لذ وطاب الخ ولنتأمل هذا الحوار الأدبي الإسقاطي:
(الصحفي المحاور: طيب .. أيه خططك، بعد انتهاء فترة السجن والخروج؟
 - دي من «أسرار المهنة».
 - من هم أهم مساعديك من أولادك؟
 - أهم مساعديَّ ليسوا من أولادي، بل من أولاد آدم.
 - ما فاهم!!
 - لمّا أكون في السجن، ما بخلي شغلي لأولادي، لأنهم مساكين وما بيعرفوا الشغل..بخلِّي المهمات الخطيرة لمدير مكتبي وهو من أبناء آدم، ومعهُ فريق كامل من إخوانه، مهمتهم إنجاز مشروعاتي، خصوصاً في فترات غيابي زي رمضان مثلاً، وتعرِف، حكمة الله، الشي البيسوُّوهو الناس ديل في رمضان لو كُنت أنا حُر ما كنت بقدر أسوِّيهو!!
 - وأولادك قاعدين يتفرَّجُوا بس؟؟
 - أبداً، بعتبرها فترة تدريب ليهُم، دايماً بوصِّيهُم يتعلموا من البني آدمين، وفعلاً قاعدين يستفيدوا ويتعلموا حاجات أنا ذاتي ما بعرفها).
هذه هي قصة المقالة الأدبية التي أثارت حفيظة سعد أحمد سعد الذي عندما قراها فهم ما بين السطور أن الكاتب الأديب علي ياسين كان يقصد منبر السلام العادل، والمؤتمر الوطني والنظام السياسي العام الذين بمجموعهم ينادون بتطبيق الشريعة الإسلامية – وفي الحق لا ينادي بها سوى نائب رئيس الجمهورية!! فأغضب ذلك المسرور سعد أحمد سعد فكفر الكاتب علي ياسين، وطلب منه التوبة، وسخر من كونه إسلاميا يعلم إبليس الشيطنة، فهل كان على الكاتب أن يستخدم فقه السترة؟ قال:
(فها هو أحد شياطين الإنس يوحي إلى كبير شياطين الجن زخرف القول غروراً منه أنه عضو في الحركة الإسلامية وأنه كاتب جهبذ وأنه قلم من أقلام «الإنتباهة».. وأنه صائم .. وأنه .. وأنه إن هذه البائقة لا يجب أن تمر وتُصرف هكذا بلا مبالاة لا يمكن أن يتاح لكاتب مهما علا كعبه ورسخ قدمه أن يتعرض للذات الإلهية في رمضان أو في غير رمضان بهذا الإسفاف وهذه الوقاحة.. ثم يُطلب منه الاعتذار..).
ويكذب سعد أحمد سعد على الكاتب الأديب علي ياسين على أنه تعرض للذات الإلهية في رمضان، ويكذب عليه بأسلوب ابتزازي. أين وكيف تعرض المؤلف علي ياسين للذات الإلهية لن يجيب عليها الرجل الداهية. فهو يعرف جيدا من أين تؤكل الكتف، وليس بعيدا كذبه وتدليسه مقالا في علي ابن أبي طالب، حقا أن الأديب علي ياسين تعرض لهم هم أي لمنبر السلام الذي تحطم إلى قطع وتعرض أيضا لقيادات تنظيم المؤتمر الوطني الخ، وكذلك سخر الأديب علي ياسين من مشروعهم الإسلامي الذي تقوم أعمدته في تحليلنا على جمع العصافير السلفية من قطر، والرياض والكويت والبحرين الخ. ويختم سعد مقاله متضايقا من الرجل الذي يهدد أو يسفه مشروعه الإسلامي العصفوري بصفته أمينا لصندوق العصافير..قائلا:
(فإن المأساة التي يعرضها علي يس لسجين الرأي وضحية الاضطهاد والاستبداد والدكتاتورية لا تبدو في واقع الأمر إلا مأساته هو الشخصية والتي تتمثل في أنه شخص لا يقرأ..(كتب ابن تيمية وتلاميذه والعواصم من القواصم الخ) أو أنه ضحية مذهبية فاسدة (من يا ترى الشيعة أم الحنفية أم المالكية أم الشافعية أم الحنبلية؟).. بدت وأطلت من خلال كتاباته أكثر من مرة. علي يس.. لا تعتذر، لن يكفي.. تُب إلى الله وكفى.. وغيِّب عنا قلمك .. دعنا ننسى، وإن عُدتم عدنا).
هكذا أنذر وأزبد سعد وتوعد الكاتب والأديب علي ياسين – ودعاه أن يترك صحيفة الإنتباهة!!
فالمأساة التي يعرضها علي يس لسجين الرأي وضحية الاضطهاد والاستبداد والدكتاتورية في قالب أدبي مثير لا تبدو في واقع الأمر إلا مأساة الشعب السوداني – وليس مأساة الكاتب وحده!! ومن المأساة أيضا أن يتلبس بعضهم ثوب العلماء الكهنة في هيئة مزيفة ومفضوحة همها الأوحد جمع الأموال من دول الخليج، ومن المأساة أن تعبث بشعب السودان فئة ضالة مضلة تعتنق فكر الخوارج السروري وتوهم الشعب السوداني المسكين على أنه الإسلام..سعد أحمد سعد تب إلى الله وأغسل جوفك من جنابات ابن تيمية وكفرياته، أو غيب عنا قلمك الكاذب البذئ الذي لا يعرف سوى التكفير..مثل شيخك ابن تيمية!!
شوقي إبراهيم عثمان
(كاتب) و (محلل سياسي)
[email protected]


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.