– الدوحة [email protected] من حرب لحرب ومن كارثة لأخرى يسير بنا مركب الانقاذ المتهالك مسرعا لا يلوي على شيئ .. فبينما نار دارفور لا تزال مشتعلة منذ العام 2003 وحتى اليوم فاذا بهذا النظام الانقلابي الاسلاموي الذي شوه كافة اوجه حياة السودانيين يشعل نارا في جنوب كردفان وبينما ألسنة لهبها تغطي سماء المنطقة فاذا به يشعلها حربا شعواء ضد ابناء النيل الارزق مستخدما طائرات الانتينوف والدبابات ضد هؤلاء الابرياء بحجة ان هناك مؤامرة تقودها الحركة الشعبية بالتعاون مع اسرائيل !!! اسرائيل التي كشفت وثائق ( ويكيليكس ) ان حكومة الخرطوم سعت طائعة مختارة وعن طريق طفلها المعجزة ودبلوماسي الحيرة ( مصطفى عثمان اسماعيل ) لعلاقات معها !! واليوم يخرج علينا هذا النظام الانقلابي مطالبا – وعبر أحد أئمته المعتوهين – باعدام الصديق المناضل الجسور ( ياسر عرمان ) لأنه زار اسرائيل .. الخبر الذي فبركته الالة الاعلامية الانقاذية مسنودة بكم من الاكاذيب من رموز ها السياسية وصدقتها واشتغلت عليها حتى كاد بعضنا ان يصدق ذلك الخبر الاكذوبة . عموما استبشر البعض من (المخنوقين) مما يسببه النظام خيرا بخبر صحوة المعارضة التي قالت ا نها ستخرج يوم الجمعة الماضي في مسيرة ضد الحرب في ولاية النيل الازرق .. ولكن للاسف لم يتم هذا الامر بسبب مضحك ( عدم حصولها على تصديق – تصريح لهذه المسيرة !!!) عجيب معارضة تقول انها تتمتع بشعبية كبيرة وانها تمثل المسحوقين والمهمشين والمنسيين في قلب واطراف السودان تنتظر الاستئذان من عصابة انقلابية ظللت تبحث لها عن شرعية مفقودة لاكثر من عشرين عاما دون ان تحصل عليها ,, وهل زعيم بقامة الصادق المهدي ( يسمى زورا زعيم المعارضة السودانية !!) كان بحاجة للحصول على تصريح للخروج للشارع لأي سبب كان ؟؟.. عجبي !! منذ متى كانت الانقاذ تمنح معارضيها تصديقا – تصريحا للخروج في مسيرات حتى لو كانت للاحتفال بمولد الرسول صلى عليه وسلم وفي ظروف عادية ناهيك عن مسيرة في ظل ربيع عربي – تسونامي يجتاح الوطن العربي من اقصاه لاقصاه وهي تعلم ان تلك ا لمسيرة لن تلكون الا غطاءا لما تود هذه المعارضة الهزيلة قوله بعد عن أعيتها حيل الخروج للشارع فأسلمت امرها لله وانتظرت المعجزة في زمان ولت فيه المعجزات واصبحت الشعوب هي التي تغير واقعها المؤلم بيدها وعنوة دون ان يتكرم عليها النظام بمنحة – تصريح – تصديق .. علما بان عصابة الانقاذ لا تزال تقود السودان بعقلية اتحاد الطلبة !!!. عموما ان الظروف اليوم ناضجة تماما وكافة مقومات الثورة متوفرة ولا تحتاج مني لشرح ولكنها تفصح عن نفسها في كافة مناحي حياة اهلنا في السودان وعلى جميع الاصعدة بلا استثناء . وعليه فان الخروج للشارع اليوم وقبل الغد ومن كافة قطاعات شعبنا الصابر أضحى حقا مشروعا لا بل وضرورة تمليها عليه اخلاقيات الوجود والعيش الكريم ومن اجل وطن معافى من امراض مزمنة هدت كيانه وهددت وجوده بأكمله بعد ان فقد ثلث مساحته وربع سكانه وتوابعهما .. اسقاط نظام الانقاذ واجب وطني وديني واخلاقي .. هذا ما يجب القيام به هنا في الدنيا اما الاخرة فلهذا الوجود خالق يعلم وحده مافعلته الانقاذ بالوطن والمواطن باسم الدين وتحت رايةالاسلام زورا وبهتانا وافكا وكذبا وفسادا ..........الخ . ليس ذلك تحريضا ولا دفعا على درب السوءات ولا ... ولا .... وانما ابراءا لذمة متابع واحقاقا لحق ظل مغيبا لعقود واشفاقا على وطن يترنح أمام أهله ويكاد ينمحي من على خارطة العالم . انها شهادتي لله .. ولله وحده لا سواه .. ( ليس كشهادة الهندي عزالدين !!) . حيث لا يزال (الاسلامويون) يواصلون فنونهم في تفتيت أي كيان سياسي أو نقابي أو جماعي أو طائفي أو حتى عائلي يمكن أن يعرقل مسيرتهم في الانفراد بحكم السودان أو يمكن أن يمثل شوكة في حلوقهم .. وهو فن أبدعوا فيه وأجادوه أيما اجادة مرتكزين في ذلك على محاور ثلاثة : - سياسة فرق تسد - تشرذم المعارضة الفعلية وضعفها - العزف على وتر الوطنية استغلالا للاسلام في أمور دنياهم قبل آخرتهم . اذ بعد أن نجحوا في أن يجعلوا أحزابنا السياسية قاطبة متفرقة أيدي سبأ عملوا فيها تجزئة لماهو مجزأ أصلا وتفتيتا لما هو مفتت من قبل وتقسيما لما هو مقسم .. حتى أن هؤلاء الاسلامويين لم يتركوا كيانا دون أن يصيبونه بجرثومتهم اللعينة تلك .. جرثومة التشرذم والتشظي والتفرقة .. ولم يتركوا جماعة الا وخلقوا فتنة بين أفرادها .. كما أنهم لم يتركوا بيتا - على امتداد المليون ميل مربع - الا وأقاموا فيه مأتما اما ل ( فطيس مسكين !!!) أو ل ( شهيد نال الفوز بالحور العين!!!!!) . هكذا ظلت الانقاذ على تلكم الحالة دون ان يردعها رادع او يقف في طريقها حائل حتى أن منتسبيها استمرأوا تلكم العادة ( فرق تسد ) مما فتح أمامهم الباب واسعا للسير على هذا الطريق وتفننوا فيه وأبدعوا .. حيث لم تكتفي الانقاذ بشرذمتها للأحزاب والنقابات والاتحادات على اختلاف أحجامها ومسمياتها وأوزانها حتى أضحت تلك الكيانات أشبه بهياكل عظمية في صحراء جرداء . واذا كان الطائفية والقبلية والجهوية ثلاثي المأساة في تاريخ السودان السياسي – لا سيما على صعيد الحكم – هي من أورثنا الفقر والجهل والمرض والكساح .. فان الانقاذ فعلت بوطننا ما لم يفعله المستعمر الأجنبي نفسه .. كما أنها استغلت الاسلام أسوأ استغلال وفعلت به – فعلا لا قولا – ما لم تفعله طالبان المقبورة بأفغانستان . وظل منتسبوا الانقاذ يقودون السودان - هذا الوطن المنكوب - بعقلية اتحاد الطلبة واستراتيجية المافيا وسياسة بني صهيون القائمة على الميكافكيلية القميئة التي لا يردعها لا وازع ديني ولا أخلاقي وانما شعارها هو ( الغاية تبرر الوسيلة ) . ولابد من التذكير أن هناك جيل بأكمله ظل مغيبا عن الفعل الوطني الحقيقي ولم يذق طعما لديمقراطية ولا يعرف حرية رأي أو تعبير ولم يعرف ( رئيسا ) سوى مشير/ انقلابي / محدود الحركة / مكسور الجناح / ضعيف الارادة .. وفوق كل هذا وذاك ملاحق من قبل العدالة الدولية / يسعى لتسويق نفسه كمنقذ للوطن في محاولة منه لاصباغ شرعية مفقودة على نظام حكمه الانقلابي الأعرج . وعليه فانه يصبح من أوجب الواجبات – ونحن على أعتاب مرحلة تاريخية حاسمة شعبيا ووطنيا – اسقاط هذا المشير – ليس وحده ولكن كل من يقتفي أثره أو يسير على دربه أو يتبنى نهجه أو يبشر به - يصبح واجبا وطنيا ودينيا وأخلاقيا .. خاصة اذا مانظرنا الى ماحاق ببلدنا وشعبنا الكريم على مدى العقود الأربعة الماضية .. ويظل السؤال الجوهري : ماذا جنى السودان وشعبه من سياسات الانقاذ طيلة سنوات حكمها ؟ .. فهل من جردة حساب يمكن أن يقنعني بها أحد منهم ؟؟. لا أعتقد ان هناك من عاقل أو وطني مخلص أو مستوعب لماجرى – على صعيد الحكم والممارسة – يمكن أن يمنح مثل هذا المشير فرصة للبقاء على كرسي الحكم ولو ليوم واحد ناهيك عن سنوات اضافية !!. لقد سقط ( مشروعها الحضاري ) و قدمت الانقاذ أتعس وأسوأ نموذج لحكم يتزرّع أهله بأنهم اسلاميون وأنهم جاؤوا لانقاذ وطن وشعب وأنهم أصحاب رسالة وأنهم مبعوثو العناية الالهية والمبشرون ( بتشديد الشين مع كسرها ) بجنات عدن تجري من تحتها الأنهار . الشاهد أننا اليوم – كسودانيين – من أكثر بني البشر قاطبة حاجة لاعادة صياغة أفكارنا وترتيب أولوياتنا الحياتية ونبذ خلافاتنا وترفعنا عن الصغائر وصحوة الضمائر والبعد عن توافه الأمور .. وعلينا أدراك أن وجوها جديدة ودماءا شابه تحتاجها شرايين الحياة السياسية السودانية لهي الأجدر بأن تكون محل اهتمامنا جميعا كسودانيين - من الجنينة الى بورتسودان ومن حلفا حتى نمولي - وعلى اختلاف اتجاهاتنا وتوجهاتنا السياسية وولاءاتنا القبلية وانتماءتنا العرقية وفاءا وحبا لوطن طالما أقعدته الانقاذ عن القيام بدوره ليس في محيطيه العربي والافريقي ولا العالمي فحسب وانما حتى تجاه نفسه وشعبه . ان مأساتنا في السودان - بسبب الانقاذ – لهي أكبر من ان تصفها الكلمات وأعمق مما يخطه يراع .. مأساة شعب يكاد أن يضيع في صحراء الوجود .. أليس كذلك ؟؟ نشر بتاريخ 12-09-2011