(كلام عابر) أعلنت الإدارة العامة لشرطة المرور عن فتح عدد من الحراسات "النموذجية" لحبس أو استضافة متهمي الحوادث المرورية وبشر المتحدث باسم إدارة المرور بتعميم التجربة على كافة الأقسام والولايات وقال إن غرف الانتظار أو الحبس المخصصة لمتهمي الحوادث المرورية التي سينتظرون أو يبقون محبوسين فيها إلى حين اكتمال إجراءاتهم مزودة بكافة "المعطيات العامة" على حد تعبيره وسبل "الراحة" التي يحتاج لها المحبوس أو المنتظر والتي لا أتصورها شيئا آخر غير دورات مياه بمواصفات صحية معقولة. لم يحدد المتحدث وهو في نشوة هذا "الانجاز" العظيم إن كانت هه الخدمة ،أي خدمة الحبس أو الإنتظار في الحراسة "النموذجية ستكون مجانية أم ستبتدع إدارة المرور رسوما تتصاعد مع تصاعد أسعار صرف العملات الأجنبية وهبوط قدر الجنيه في الاسواق، وتكون مصدرا استثماريا للشرطة. انجاز لا يقل عظمة عن الحراسات النموذجية أعلن عنه قبل أشهر السيد والي ولاية جنوب دارفور عبدالحميد كاشا حينما زف البشرى لمواطنيه "بشرى" إقامة مشنقة جديدة في سجن نيالا بمواصفات عالمية وستغني من تحويل المحكوم عليهم بالإعدام من السفر إلى سجن كوبر لتنفيذ الحكم . ولا أدري لمن كانت "بشرى" السيد الوالي .. لمن ينتظر الموت أم لاسرته أم لمجتمع الولاية أم لحكومة الولاية؟ هناك دائما تصريحات وإفادات من المسئولين ينقصها الذكاء ومن حسن الحظ أن مثل هذه التصريحات لا تثير اهتمام وكالات الأنباء العالمية ولا تتتناقلها فضائيات العالم وإلا لأصبحنا مادة لسخرية الشعوب حول العالم. في مدينة الدمام في شرق المملكة العربية السعودية أبصرت قبل سنوات بإعلان على باب أحد المساجد تتصدره عبارة"بشرى سارة" وكانت البشرى السارة هي افتتاح مغسلة جديدة للموتى ملحقة بمسجد حديث البناء لتصبح المغسلة الثالثة في المدينة ، وجميعها تقدم خدماتها مجانا مثل كل الخدمات الإنسانية في تلك البلاد. لم استسغ فكرة الإعلان عن مغسلة موتى اصلا ايا كان شكل ومكان الإعلان، فهناك أكثر من طريقة ليعرف الناس طريقهم لمغسلة الموتى الجديدة. على كل هي أفضل من بشارة كاشا وبشارة شرطة المرور. في زمن الشاه محمد رضا بهلوي كان يحكم على بعض كثير من المعارضين بالقتل رميا بالرصاص في سجنهم تماما مثل مهربي وتجار المخدرات ، وإذا حضر أهل القتيل لاستلام الجثمان ودفنه بمعرفتهم، كان عليهم دفع رسوم معلن عنها بلا حياء وهي تعادل تكلفة طلقات الرصاص التي استخدت في عملية القتل أو تنفيذ حكم الإعدام (ميتة وخراب ديار). الرسوم والإعلان عنها يعكسان مدى ما كان في إيران من تسلط، ولكن تغير السلطان وبقي التسلط. وليت الخطاب الرسمي يكتسب شيئا من الذكاء المعقول الذي يحترم عقل وذوق المتلقي. قبل الختام: الحرية لا تعطي على جرعات ، فالمرء إما أن يكون حرا أو لا يكون حرا (نلسون مانديلا) (عبدالله علقم)