تراسيم.. حكايتنا مع الانتربول!! عبد الباقي الظافر في نوفبمبر من العام 2004، وصلت مطار الخرطوم طائرة تحمل في جوفها العميد عبدالعزيز خالد مكبلاً في الأصفاد.. اهتم السودانيون بخبر القبض على العميد خالد والذي أسهمت فيه الشرطة الدولية (الانتربول) بسهم وافر.. المدعي العام أكد أن العميد يستحق عقوبة الإعدام.. لم تمرّ سوى أيام قلائل واتضح أن الهدف الذي احرزته الحكومة السودانية كان مجرد تسلل.. وفي رواية أخرى مجرد مسرحية متفق عليها مع سلطات دولة الإمارات العربية التي وضعت القيد على معصم قائد جيش التحالف الوطني. حينما بدات طائرة وفد مقدمة العدالة والتحرير تتأهب للانطلاق للخرطوم بقيادة أحمد عبدالشافع.. بدأت السلطات السودانية تفكر في إصدار عفو يشمل الضيوف الكرام.. عبدالشافع وبعض كبار محاربيه، قبل أن يسالموا الخرطوم كانوا مطلوبين للعدالة بتهم إدانة القتل العمد.. وما أن هبطوا الخرطوم حتى وجدوا حكومتنا تسامحهم في الحق العام والخاص. حملت صحف الأمس خبراً أن حكومتنا ستبدأ مطاردة والي النيل الأزرق المقال مالك عقار ونحو مئتين من كبار معاونيه.. اللجنة التي كونها وزير العدل لمتابعة الجرائم التي صاحبت موسم الحرب اكدت انها ستلاحق المتهمين عبر الانتربول او تحاكمهم غيابيا امام المحكمة الخاصة التي كونت لهذا الغرض بالدمازين. وقبل أن نخوض مع الخائضين نلفت نظر قرائنا الكرام بأن الرجل الذي انتدبته الحكومة لتسيير الأمور في النيل الأزرق كان أيضاً خارجاً على العدالة.. اللواء الهادي بشرى خرج من الخرطوم بعد نجاح انقلاب الإنقاذ.. كون مع زمرة من قادة الجيش الذين أحيلوا للتقاعد تنظيماً يسمى القيادة الشرعية.. في ليلة وبلا سابق مقدمات ترك بشرى القيادة الشرعية من وراء ظهره وعاد للخرطوم.. لم يسجن الضابط العظيم بل تم توزيره في مجلس الوزراء. الآن الحكومة تكرر ذات الخطأ.. تلجأ إلى ذات الانتربول الذي لن يستجيب لطلبها.. الانتربول لا يحشر أنفه في أي قضايا مصبوغة بلون السياسة.. وكل دول العالم لن تلعب دورا في تيسير القبض على مثل هؤلاءالمطلوبين.. تشاد عندما صالحت الخرطوم لم تسلمها خليل إبراهيم بل طلبت منه البحث عن دولة أخرى.. مصر عندما شعرت بالحرج من حركة العدل والمساواة عقب غزو أمدرمان اكتفت بطرد ممثليها من القاهرة. الزميلة الوطن نقلت بالأمس أن مالك عقار يقيم بأحد فنادق أديس أبابا.. المعلوم أن رئيس الوزراء ملس زيناوي يقوم بدور الوسيط في ملف النيل الأزرق.. في مثل هذه الظروف هل مطلوب منه أن يزورالكرمك.. أم يكتفي بدبلوماسية الهاتف لفك طلاسم أزمة بالغة التعقيد.. الآن حسب عدالتنا فخامة الرئيس زيناوي مشترك في جريمة كاملة الأركان. بصراحة أسوأ ممارسة تقوم بها الإنقاذ تجريد القانون من معانيه.. الآن يمكنك أن تفعل (السبعة وذمتها).. تقتل من تشاء وتغتصب من تريد.. ثم تصالح الحكومة فتغفر لك ما تقدم من ذنبك وما تأخر. المطلوب الآن تجريد القانون من ظلال السياسة. التيار نشر بتاريخ 26-09-2011