متاعيس أفريقيا.. على خائب آسيا.. محمد عبد الله برقاوي.. [email protected] على الرغم من تناول بعض الأخوة الزملاء من الكتاب والمحللين لأثار زيارة الرئيس الايراني احمدي نجاد الى السودان الأخيرة ..كالأستاذ/ عثمان ميرغني والأستاذ/ سيف الحق حسن ،على سبيل المثال لا الحصر .. الا انني اعتقد أن تداعيات تلك الزيارة على المدي القريب تحتمل المزيد من التناول وهي زيارة تأتي في ظروف منطقتنا العربية والاسلامية حبلى بأحداث ،بعضها افرز ثورات تتعثر في خُطاها وبعضها لازال اوارها مشتعلا ..فيما تقف كثير من الشعوب في حيرة من أمرها مع توفر كافة العناصر فيها بل وتزيد عن تلك التي نفخت في رياح الشارع في أكثر من بلد. ويأتي السودان في مقدمة الدول التي تنضح بكل مسببات الانتفاض على نظامه الذي فرط في الارض ويمسك بجمر حروباته التي أشعلها في مختلف زوايا الوطن ..فغدت أقدامه تقف علي مواضع رمال متحركة..وتتقاذفه عواصف العزلة الخارجية، وتتباعد عنه في ذات الوقت ايادي الفعاليات السياسية الداخلية والتي مد لها يده في غمرة شعوره بقرب ا لطوفان متلمسا طوق نجاة ما وهو يلعق جراحات خيبات معالجاته التي لم ولن تبلغ مجرد تسكين صداع المجتمع من جراء الازمات المعيشية واستفحال الغلاء الذي فلق الرؤوس وأذل النفوس.، فاتجه النظام الى اشباهه في التعاسة والخيبة والعزلة ..فتمثل ذلك في الزيارة التي قام بها أخيرا احمدي نجاد الباحث هو الآخر عن بدائل لبعض لعيبته من الحلفاء الذين انكسروا في ملاعب خطلهم وشيعتهم بطاقات الشعوب الحمراء خارجا عنها .. أو اولئك الذين يستعدون لمغادرة اللعبة وقد شقت مسامعهم هتافات الاستهجان من شعوبهم الثائرة في شوارعها الفائرة وسط حصارات تضيق حلقاتها يوما بعد يوم مع انفضاض سامر الذين كثيرا ما راهنت عليهم بان يقفوا معها الى مالا نهاية! وكلاء ايران في أكثر من بقعة عربية باتوا في الركعة الأخيرة من صلاة المودع ..وهي تتلفت خلفها في هلع وتفكر في سد ثغراتهم في الصف حتي لا ينكشف ظهرها ، وليس هنالك من مغامر يمكن أن يضع بيض مستقبله في سلة ايران التى تزداد عزلتها .وصوتها الخطابي المكرر في المحافل الدولية بدأ يخفت اذ لم تعد الشعوب تطرب لمثل تلك النغمة التي باتت ممجوجة في مسامعها الباحثة عن التغيير في كل شيء. وحيال صرخته في الدورة الأخيرة للجمعية العامة التى تاهت في وادي سحيق ، لم يجد رئيس نظام الملالي الشيعي مسارا يقود طائرته الرئاسية الا نحو موريتانيا والسودان..وكلتاهما تضع يدها تحت حنك المحن المتكالبة عليها ..فالأولي تمور بطنها خوفا من حريق صحرائها بنار القاعدة التي تتلمظ شوقا للتمدد في شمال أفريقيا بعد سقوط ملك الملوك .ولست أدري ان كان غائبا على موريتانيا وهي في رجفة اعطافها أن ايران نفسها تلعب دورا قذرا ومزدوجا مع القاعدة بدليل تغذية شرايينها عبر الحوثيين في اليمن المرشحة لفوضي أمنية تهدد ما تبقي فيها من كيان الدولة وهو دور وان كانت ايران تحاول ان تنأى بنفسها عنه ولكن تناسقه مع تهديد أمن واستقرار ضرتها السنية في الاسلام .. المملكة العربية السعودية ورصيفاتها في مجلس التعاون وما شهدته ولازالت الساحة البحرينية تتوجع منه بصورة خاصة، يعطي تأكيدا على مصلحة ايران في كل ذلك . ويضيف بعدا آخر الى دورها في تأجيج الكثير من بؤر الصراع الساخنة هنا وهناك . ولعل مسعاها الأخير لجعل السودان ونظامه الواجف المتأكل وكيلا عنها في منطقة أفريقيا والقرن الأفريقي الا دليلا ناصعا على ذلك.. وهو تحرك بالتأكيد سيضر بدفّ العلاقات السودانية الخليجية التى لم تبلغ الحد المتوسط من معافاتها عقب المصالحات الهشة التى سعى نظام الانقاذ من خلالها لجسر الهوة التي أحدثها موقفه المريب من أزمة احتلال نظام صدام حسين للكويت! وقد يكون في عدم نزول الرئيس الموريتناني في مطار دبي وهو في طريقه الى الصين حينما أحس بان مستوى مستقبيله المتندني في الامارات يمثل اهانة له وتقليلا من مكانته ..خير درس لرئيسنا ، اذ يشكل رسالة واضحة ومفهومة السطور والمتون تعبر عن عدم رضاء اهل الخليج عن الأنظمة التي عضت يدها بتوجهها الى ايران فيما هي لا تألو جهدا في سعيها نحو زيادة مشاريعها الاستثمارية فيها .. وهي حقيقة كان يمكن تطوير نتائج الفائدة منها . أكثر من المتوقع مردوده من الرهان على النظام الايراني الذي يسمع تلك الدول ضجيجا بلا طحين . أن الموقف المتهور ضمنا لرئيس نظام الانقاذ الذي يتخذ مواقفه عبر القنوات الذاتية العاطفية الشاردة عن التفكير الاستراتيجي البعيد النظر والسياسي المدروس بواسطة المؤسسات المخولة شعبيا والجهات الاستشارية التي توازن مابين المصلحة العامة للبلاد وتفكير النظام في حماية نفسه ومؤازرة رئيسه المطارد، لعمري أنه سيصب المزيد من الملح علي جرح الشك في نفوس الأشقاء الخليجيين تجاه التعاطي سياسيا واقتصاديا ودعم التنمية في شمال السودان طالما أن نظام الانقاذ ورئيسه البشير يتصرف حيالهم بهذا القدر من التحدي بتبني دعم المشروع النووي الأيراني بصورة لم يجاهر بها حتي أخلص حلفاء نظام الملالي الايراني سواء في سوريا أو لبنان أو حتي فنزويلا،! وقد يدفع رؤوس الأموال الخليجية لدعم دولة الجنوب الوليدة اذا ما تبنت حيالهم مواقف ايجابية وخاطبتهم بلسان معسول وهيأت لهم المناخ الأمني المستقر ، وهو بالطبع شيء لايسىء لنا كشماليين وان كان خصما على تنميتنا. ولكننا أيضا نخشي أن ينعكس رد فعل دول الخليج من موقف حكومة الانقاذ الداعم لايران سلبا علي المغتربين والعاملين السودانيين في السعودية والخليج و حتي ليبيا بعد أن تستقر فيها الأمور وتمد يدها للكفاءات من كل حدب وصوب لاعادة اعمارها . وسيؤثر ذلك الموقف بدون شك مستقبلا في علاقات السودان مع سوريا المرشحة للدخول نحو مرحلة ما بعد زوال النظام العلوي فيها ، هذا طبعا ما لم يلملم الشعب السوداني اطرافه المشتتة ويطبق على رقبة هذا النظام المتخبط في غيه ، و قبل أن يأتي في سبيل بقائه على البقية الباقية من أطراف الوطن ذاته. وكل المؤشرات تشيء بانه لن يتواني عن التحالف مع شياطين الدنيا كلها من أجل تحقيق تلك الغاية ! والله من وراء القصد.. وهو المستعان.. نشر بتاريخ 29-09-2011