سعر الدولار مقابل الجنيه السوداني في بنك الخرطوم ليوم الأحد    سعر الريال السعودي مقابل الجنيه السوداني من بنك الخرطوم ليوم الأحد    سعر الدرهم الإماراتي مقابل الجنيه السوداني ليوم الأحد    "الآلاف يفرون من السودان يومياً".. الأمم المتحدة تؤكد    انتفاضة الجامعات الأمريكية .. انتصار للإنسان أم معاداة للسامية؟    بوتين يحضر قداس عيد القيامة بموسكو    أول اعتراف إسرائيلي بشن "هجوم أصفهان"    وفاة بايدن وحرب نووية.. ما صحة تنبؤات منسوبة لمسلسل سيمبسون؟    برشلونة ينهار أمام جيرونا.. ويهدي الليجا لريال مدريد    وداعاً «مهندس الكلمة»    النائب الأول لرئيس الاتحاد ورئيس لجنة المنتخبات يدلي بالمثيرأسامة عطا المنان: سنكون على قدر التحديات التي تنتظر جميع المنتخبات    السعودية أكثر الدول حرصا على استقرار السودان    الفاشر.. هل تعبد الطريق الى جدة؟!!    الخارجيةترد على انكار وزير خارجية تشاد دعم بلاده للمليشيا الارهابية    ريال مدريد يسحق قادش.. وينتظر تعثر برشلونة    الأمعاء ب2.5 مليون جنيه والرئة ب3″.. تفاصيل اعترافات المتهم بقتل طفل شبرا بمصر    شاهد بالفيديو.. محامي مصري يقدم نصيحة وطريقة سهلة للسودانيين في مصر للحصول على إقامة متعددة (خروج وعودة) بمبلغ بسيط ومسترد دون الحوجة لشهادة مدرسية وشراء عقار    شاهد.. حسناء السوشيال ميديا أمنية شهلي تنشر صورة لها مع زوجها وهما يتسامران في لحظة صفاء وساخرون: (دي محادثات جدة ولا شنو)    شاهد بالصور والفيديو.. رحلة سيدة سودانية من خبيرة تجميل في الخرطوم إلى صاحبة مقهى بلدي بالقاهرة والجمهور المصري يتعاطف معها    غوارديولا يكشف عن "مرشحه" للفوز ببطولة أوروبا 2024    كباشي والحلو يتفقان على إيصال المساعدات لمستحقيها بشكل فوري وتوقيع وثيقة    ريال مدريد ثالثا في تصنيف يويفا.. وبرشلونة خارج ال10 الأوائل    تمندل المليشيا بطلبة العلم    الإتحاد السوداني لكرة القدم يشاطر رئيس مجلس السيادة القائد العام للقوات المسلحة الأحزان برحيل نجله محمد    ((كل تأخيرة فيها خير))    الربيع الامريكى .. الشعب العربى وين؟    وصف ب"الخطير"..معارضة في السودان للقرار المثير    دراسة تكشف ما كان يأكله المغاربة قبل 15 ألف عام    مستشار سلفاكير يكشف تفاصيل بشأن زيارة" كباشي"    نانسي فكرت في المكسب المادي وإختارت تحقق أرباحها ولا يهمها الشعب السوداني    قائد السلام    بعد عام من تهجير السكان.. كيف تبدو الخرطوم؟!    شاهد.. حسناء السوشيال ميديا أمنية شهلي تنشر صورة حديثة تعلن بها تفويضها للجيش في إدارة شؤون البلاد: (سوف أسخر كل طاقتي وإمكانياتي وكل ما أملك في خدمة القوات المسلحة)    الأمن يُداهم أوكار تجار المخدرات في العصافرة بالإسكندرية    العقاد والمسيح والحب    شاهد بالفيديو.. حسناء السوشيال ميديا السودانية "لوشي" تغني أغنية الفنان محمد حماقي و "اللوايشة" يتغزلون فيها ويشبهونها بالممثلة المصرية ياسمين عبد العزيز    مؤسس باينانس.. الملياردير «سي زي» يدخل التاريخ من بوابة السجن الأمريكي    الموارد المعدنية وحكومة سنار تبحثان استخراج المعادن بالولاية    بعد فضيحة وفيات لقاح أسترازينيكا الصادمة..الصحة المصرية تدخل على الخط بتصريحات رسمية    راشد عبد الرحيم: يا عابد الحرمين    تعلية خزان الرصيرص 2013م وإسقاط الإنقاذ 2019م وإخلاء وتهجير شعب الجزيرة 2024م    بيان جديد لشركة كهرباء السودان    أمس حبيت راسك!    دخول أول مركز لغسيل الكلي للخدمة بمحلية دلقو    شركة توزيع الكهرباء في السودان تصدر بيانا    تصريحات جديدة لمسؤول سوداني بشأن النفط    دخول الجنّة: بالعمل أم برحمة الله؟    الملك سلمان يغادر المستشفى    جريمة مروّعة تهزّ السودانيين والمصريين    عملية عسكرية ومقتل 30 عنصرًا من"الشباب" في"غلمدغ"    بالصور.. مباحث عطبرة تداهم منزل أحد أخطر معتادي الإجرام وتلقي عليه القبض بعد مقاومة وتضبط بحوزته مسروقات وكمية كبيرة من مخدر الآيس    مضي عام ياوطن الا يوجد صوت عقل!!!    إصابة 6 في إنقلاب ملاكي على طريق أسوان الصحراوي الغربي    الطيب عبد الماجد يكتب: عيد سعيد ..    بعد نجاحه.. هل يصبح مسلسل "الحشاشين" فيلمًا سينمائيًّا؟    السلطات في السودان تعلن القبض على متهم الكويت    «أطباء بلا حدود» تعلن نفاد اللقاحات من جنوب دارفور    دراسة: القهوة تقلل من عودة سرطان الأمعاء    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



الله يلعنكم يا أحباش
نشر في سودانيات يوم 06 - 11 - 2012


- قطر
[email protected]
(الله يلعنكم يا أحباش)! هكذا ترد هذه العبارة في سياق رواية (سمراويت)، حينما كنت أطالع رواية سمراويت للكاتب الإريتري حجي ناصر كنت أبحث عن بعض الإشارات لأي مما يتعلق بالسودان أو لما هو سوداني.فكان أن عثرت على مشاعر ذكريات بئيسة لأحد الشباب الذي حاول الهروب من وطنه على ظهر الجمال. و حفظت ذاكرته استقبال قاسي و متعجرف على الحدود السودانية:
(الله يلعنكم يا أحباش! بهذه العبارة استقبلنا حرس الحدود السوداني، بينما كان أحد الضباط يستمتع بصفع من يمر إلى جواره، و قبل أن نتكدس في شاحنة كبيرة لنقلنا إلى معسكر (الشجراب) كانت كل أمتعتنا قد سُلبت بحجة التفتيش).
هذا بعض مما ورد من كلمات قابل بها حرس الحدود السودانيون المهاجرين القادمين من الشرق، و من ضمنهم الشاب (محجوب) الذي ضاقت به بلاده ففضل الهجرة و الاغتراب. كما ورد في رواية سمراويت للكاتب الإريتري حجي ناصر المقيم في السعودية ، و هي الرواية الحائزة على جائزة الإبداع الشبابي في الشارقة و التي قرأها الكثيرون في الدول العربية و على الأخص في دول الخليج العربي.
و ما يهمني هنا أن هذه الرواية قد وثقت ضمن ما وثّقت سلوكاً شائناً لأجهزة سودانية رسمية فارقها السلوك المهني القويم و انحازت لهوى نفسها الفاسد و لضلالتها الشخصية و الفردية المقيتة ، فجاء الرد مدوياً ، ومن وراء الحدود كاشفاً ليس الظلم وحده بل الجهل ، و السلوك اللإنساني الذي كثيرا ما تناسيناه عن عمد أو تغاضينا عنه رغم استمراره منذ عقود.
بالتحديد تلك عبارات وردت في رواية (سمراويت) على لسان أحد الشباب الذين هربوا من ظروف سيئة في أوطانهم بحثاً عن ظروف أفضل في السودان أو اتخاذ السودان كمعبر إلى دول غربية ، حيث رمى هؤلاء الشباب حظهم العاثر في أيدي حرس الحدود السودانيين بعد معاناة في الهروب عبر الحدود السودانية ألإريترية وهي قصة هروب يبدو أنها تتكرر كل يوم و منذ زمن حيث يدفع هؤلاء البؤساء فيها ثمناً باهظاً من أموالهم و من أرواحهم.كما يدفعون ثمناً باهظاً من كرامتهم الإنسانية في تلك الحدود البعيدة.و بالرغم مما يلاقونه في تلك الرحلة التي كما جاء في أقوال الشاب المهاجر تستغرق سبع ليالي على ظهر الجمل كي يهربوا من جحيم هناك ، و بدلا من أن يهربوا من ذلك الجحيم حيث يتفاجاوا بجحيم جديد هنا. و ذاكرة المهاجرين لا تنسى، و ذكريات المعاناة تحفر في الوجدان جراحاً غائرةً. و الإنسان و هو في غمرة العذاب و التعذيب يدرك وبوعي مضاعف من يمد له يد المساعدة و من يمد له يده كي يصفعه.
و كنت فيما سبق قد وجدت كتابات أريترية عديدة تشييد برموز سودانية عديدة منها ما هو سياسي و من هم من هم غير ذلك. و تكشف لي خلال بحثي وجود اسهامات عديدة قدمها السودانيون لإخوتهم الإريتريين في في سبيل تحرير بلادهم.ووجدتهم يذكرون بالامتنان و التقدير أدوار قام بها الزعيم اسماعيل الأزهري و محمد عبد الجواد و محمود محمد طه و الصحفي عبد الله عبيد و محمد أبو القاسم حاج حمد....إلخ.
و يدلل ذلك على وعي سياسي كبير كان لدى سياسيينا السابقين و صدق و استقامة (كما ذكر بعض القادة الاريتريين في شهاداتهم )حيث جاءت المساعدات المالية بشكل يدل على الشفافية و نصاعة الضمير و لم تمتد أياديهم لأموال عامة لكي يقدموها باسمهم . كما جاء في تلك الكتابات الإريترية ما يدل على الوفاء بالوعود و التجرد و النزاهة مالية و طهارة اليد تجلت عند تقديمهم للمساعدة (كما ذكروا بالتفصيل في تصرف للوزير السابق محمد عبد الجواد).
ما أردت قوله أن الطليعة الإريترية المناضلة التي ساهمت في استقلال بلدها و كذلك أفراد الشعب الإريتري يقّدرون بشكل كبير دور السودان و دور رموزه و شعبه أثناء محنتهم أيام طغيان حاكم اثيوبيا السابق (منغستو هايلا ماريام ) و تثمن ذلك عالياً و تحفظ ما قدمه السودان في الستينات و السبعينات و ما تلى ذلك.
إلا أنه في المقابل تحفظ الذاكرة الإريترية الحديثة والناشئة الكثير من الصور المقيتة و الذكريات المرة ممن رماهم حظهم العاثر في الحدود السودانية كمهاجرين و لاجئين في هذه الفترة الكالحة التي ساد فيها السلوك الهمجي و التصرفات البربرية في التعامل مع المهاجرين من جانب حرس الحدود و غيرهم من أجهزة رسمية مما يعكس جهلاً بأبسط أساليب التعامل الإنساني، و بما يكشفه من ابتزاز و استغلال لظروف ضاغطة و طاردة دفعت بهؤلاء المهاجرين للهجرة.
حيث أن مثل هذه التصرفات تعمل من ناحية على مسح كل ما قدمه الرعيل الأول من السودانيين و ما قدموه في السابق مما تحفظه الذاكرة الشعبية والأجنبية و من ناحية أخرى تعمل على تثبيت صور أخرى سالبة في ذاكرة أجيال حديثة لم يسعفهم حظهم في ان يوجدوا بالسودان عندما كان السلوك الراقي و احترام كرامة الانسان هي السمات السلوكية السائدة . و هي لعمري صور تتناقض مع الصور التي نحملها لأنفسنا و ما ندعيه عن أنفسنا في غرور و عرفنا به في السابق و ما نتشدق به دائما من كرم و و حسن وفادة و احترام للغريب.
محمد عبد الله الحسين - قطر
[email protected]


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.