جامعة الخرطوم أم الجامعات السودانية وأعرقها...تجاوز عمرها المائة بكثير...ولاتزال ترفد الساحة العلمية والثقافية والسياسية بكل قوة وعنفوان الشباب...خرجت ولاتزال تخرج العلماء والادباء والمثقفين المتميزين....كل الجامعات والمؤسسات العلمية التي نشأت من بعد ذلك ماهي إلا ثمارها الممتدة. والحميدة والمجيدة...لم يعرف عن هذه الجامعة العظيمة إلا حبها الكبير لوطنها ولكل الإنسانية...شعارها ..الله ..الوطن..الحقيقة..الإنسانية..وقد جسدت هذه المعاني في أبهي صورها في كل مراحلها...منذ نشأتها الأولي وإلي اليوم وغدا بإذن الله...وقفت بشرف في وجه الظلم والعدوان بكل أشكاله وألوانه الحربائية وقدمت في ذلك الكثير من التضحيات التي خلدها التاريخ وتتغني بها الأجيال عبر الأزمان والأزمات..فتجد فيها السلوي والزاد والمداد الحق...ظلت الجامعة لما لها من ثقل وكاريزما في الحياة السودانية ...سياسيا وثقافيا وفكريا ..ظلت هدفا عصيا..للأنظمة الديكتاتورية..علي مختلف سحناتها ولهجاتها...وهذا هو قدر منارات العلم علي مر التاريخ ..أن تتقدم صفوف مجتمعاتها من أجل العمل المسلح بالعلم والمعرفة... بلغ هذا الاستهداف ذروته يوم الجمعة حينما تسللت بليل وخلسة مليشيات المؤتمر الوطني الي داخليات الطلاب ثم عاثت فيها الفساد حرقا وقصفا وهدما..وتنكيلا بالابرياء العزل والحرائر...ونهبا للمتلكات..وتشريدا..في جنح الليل.. هي سياسة الأرض المحروقة التي ينتهجها النظام منذ أمد بعيد وينكرها ويغلظ في الإنكار...مورست في كل الأنحاء والأرجاء..في الشرق ..في الغرب..في الجنوب والشمال...ظل النظام ينكر ويدعي البراءة ...في الأصقاع البعيدة..أما هذه المرة...فمسرح الجريمة قلب العاصمة..وعلي مسمع ومرأي الجميع وعين الكاميرا وثقت الجرم الرهيب...فلا مجال للإنكار...حيث نقلت العدسات صور الدمار الهائل الذي لا يمكن أن يصدر إلا من عدو لدود بيت النية ورسم وخطط وأعد لجريمته بعناية وخبث شديد...صور الدمار والوحشية. تذكرنا بالمشاهد القاسية التي تمارسها الان بعض الانظمة ضد شعوبها ...ولا ننسي ممارسات اسرائيل...لكن الفرق أن إسرائيل تمارس ذلك للمحافظة والدفاع عن شعبها وليس كما تفعل حكومتنا الرشيدة.... يبدو أن الضعف والهوان الذي يبديه شعبنا وحالة الخنوع قد اغرت جلاديه بالاستزادة....قبل فترة قصيرة حدثت مأساة جامعة الجزيرة التي قتل فيها اربعة طلاب...احتجاجات خجولة ومحدودة لا ترقي الي مستوي الجرم المرتكب الأمر الذي شجع المجرمين لمواصلة حملتهم المسعورة بلا حياء ولاضمير ولا وازع..من يهن يسهل الهوان عليه... فجرت جامعة الخرطوم ثورة اكتوبر المجيدة وكانت شرارة الثورة مقتل طالب واحد...ما بال الخرطوم تنام ملء شواردها والقتل والدمار والخراب ونعيق الغربان يملأ المكان.... [email protected]