المراقب لسلوك الاسلامويين منذ تغولهم على السلطة وسلبهم لمقاليد الحكم في ذاك العام المشئوم ، يلاحظ أن الشياطين في الاساس يعتمدون على شيئين في استبقاء سلطتهم هما : المال ، والاعلام ، المال لشراء السلاح والعتاد والنفوس ، والإعلام لغسل ادمغة البسطاء وتشويه صورة المعارضين. فإعلام السلطة يعتبر أهم أركانها على الاطلاق ،وتصرف عليه السلطة مليارات الجنيهات من المال العام سواء في قنواتها الفضائية الكثيرة، أو في شراء اصحاب الذمم الفاسدة من الصحفيين المعروضين في سوق نخاسة الاعلام بأثمان زهيدة في متناول أهل السلطة ، مرورا بالكوادر الرخيصة التي تنشر الاخبار والشائعات التي ترسخ لمفهوم قوة الحكومة وتفاهة المعارضين في وسط المجتمع ، وانتهاءا بالأغاني الهابطة التي تتغنى بها الساقطات والساقطين من نوع (أنا بحب البواليس ,انا بموت في ضابط الجيش) و (انا بريدهم ناس النظام طبنجة ورا والقاش قدام ، الامن الوطني كلو وخايفة العين تضرو) و (سمحة الريدة خدم وعبيد لو فكرت أني أريد بجيب نوباوي راقي شديد!) ، وما من أغنية يرددها الساقطون الا وفيها تمجيد لقبائل الجلابة فلا تتعجبوا أن يصبح الفنانون المنحرفون جريئون لدرجة أن يقيموا مراسم لزواج المثليين فهم نفسهم من الكوادر (الوطنية!) الخطيرة التي لا تخشى من فعل شيء طالما هي موالية وتسبح بحمد النظام. اعلام الحكومة هو سبب بقائها ، فالناس في بلدي بسطاء بسبب محدودية تعليمهم وضعف وعيهم ، فما يكتب على الصحف وما يردده التلفاز أو الاذاعة يؤثر فيهم بشدة ، ولا زال الناس يظنون أن كلام الصحف هو الحقيقة لا يأتيه الباطل من بين يديه، فهم ليس لديهم ذخيرة فكريه جيدة للتميز بين ما هو حق وما هو باطل فبينهما أمور مشتبهات، لذا فإنه من يملك السلطة والاعلام يملكهم ويسيرهم كما يريد ووفق ما يصبو ، بصرف النظر عن طبيعة مالك الاعلام سواء كان شريرا عميلا يبتغي تمزيق البلاد وتفكيها وتدمير شعبها ، أو كان وطنيا غيورا يسعى لإصلاحها. لولا الاعلام لما ظل أمثال هؤلاء الحثالة يحكمون السودان لمدة ثلاثة وعشرون عاما ، فسوئهم وفساد أخلاقهم بائن كما الشمس ، لكنهم يضخمون من حجمهم عبر الاعلام ، ويبالغون في اظهار قوتهم عبره للدرجة التي تجعل معظم البسطاء يظنون أن الموالين لهم بعدد الحصى فيصيبهم اليأس مما يجعلهم يستسلمون وربما يسبحون مع التيار طالما السابحين معه كثر!، بالإعلام استطاعت الحكومة أن تستقطب السذج والبسطاء اليها وما أكثرهم ، واستطاعت أن تغري كثير من المعارضين بالحصول على الاضواء والشهرة ، فضعاف النفوس دوما يبحثون عن الاضواء ويرغبون في الاشتهار ووسائل اعلام الحكومة تؤدي ذلك بكفاءة لا تحسد عليها . إن سألت أغلب المواطنين من حواليك عن المتمردين يسارعون اليك بنقدهم واظهار عيوبهم ، واقوالهم تطابق تماما ما تردده وسائل اعلام الحكومة بلا زيادة او نقصان !، سألت احدهم يوما عن رأيه في الشهيد خليل ابراهيم ، وفي عبد الواحد النور ، فقال لي ديل عملاء بتعاملوا مع اسرائيل وامريكا ، وهم عنصريين حاقدين وما عارفين حاجة الواحد فيهم ما بعرف يتكلم ) ، وأظن أن هذه هي فكرة الكثيرين من ضحايا الاعلام الحكومي عن قادة التمرد. فقلت لمحدثي : ( وماذا تعرف عن خليل وعبد الواحد؟؟؟ ) فوجدته لا يعرف عنهما شيئا ولم يسمع يوما لاحدهما كلاما خلاف ما قاله خليل في راديو البي بي سي حينما دخل أم درمان . حينما علم أن خليل هو في الاصل طبيب تخرج من جامعة الخرطوم ، وكان مديرا لمستشفى ام درمان وهو من حفظة القران الكريم ودرس في الخارج وكان أميرا للمجاهدين في الجنوب ثم بعد ذلك تكشفت له نوايا الجلابة وسوئهم فاتخذ قرار تمرده وهو بجنوب السودان ، أما عبد الواحد فهو في الاصل محامي ، تخرج من جامعة الخرطوم وعمل في مجال القانون الى أن أبصر المظالم تحيط برقاب أهله الفور فتمرد . حينما علم محدثي الذي كان يهاجمهم وجم واصابته الدهشة. هذا الشخص هو عينة صادقة للمواطن السوداني البسيط الذي يتشكل فكره من قبل من يملك الاعلام ، وأذكر أيضا ملاحظة بخصوص صورة قرنق في أذهان الناس قبل وبعد اتفاقية السلام الشامل عام 2005م ، فقبل الاتفاقية كان قرنق هو العميل الخائن مصاص الدماء الذي يقتل العرب والمسلمين ، وبعد توقيع الاتفاقية تبدلت صورته تماما في الاذهان بسبب الاعلام الحكومي ، فتحول قرنق الى بطل وأصبح أهل الشمال يمتدحونه ويضفون عليه صفة الوطنية والانسانية والوحدوية!!!! وما من معارض تخشاه الحكومة سواء كان علما معروفا أو كان شخصا مؤثرا في محيطه الاجتماعي ، الا وتعرضت صورته للتشويه وبثت حوله الشائعات ، تشكيكا في وطنيته ، أو سلوكه الخاص ، يصورون للناس أن المعارضين خونة وعملاء لإسرائيل وامريكا وهم ضد الدين! ، وأن لم يجدوا سبيلا لذلك شككوا في اخلاقياتهم عبر الشائعات كأن يصورونهم معربدين علمانيين يعارضون الدين ،يعاقرون الخمر ويزنون بالنساء ، أو يذهب الامر الى مدى ابعد كان يصوروا شيخا حافظا للقرآن يرهبونه لذكائه ودهائه ،يصورونه بأنه شاذ جنسيا لأنه أتى من خارج فئة الجلابة وينتمي لغرب السودان . ولم يسترح بالهم الا حينما ألقوا به خارج السلطة . فرغم مآخذي عليه لكن لا أجد تبريرا لما حدث غير كره الجلابة لأهل الغرب واستغلالهم لهم لتحقيق مآربهم واجندتهم. بالإعلام تستطيع الحكومة الفاسدة التلاعب بعقول الناس كما تشاء ، والاعلام العربي العميل للغرب مثل قناتي الجزيرة والعربية يقف الى صفها فهي تخدم مصالحهم على حساب اهل السودان. فالحكومة تؤيد القضية الفلسطينية ويذكر زبانيتها ذلك بمناسبة وبدون مناسبة لاستمالة الوجدان العربي وكسب تأييده ، وتستولي على اراضي اهل البلد وثرواتهم وتمنحها للعرب كما حدث في الشمالية وفي الجزيرة واخيرا في ام دوم ، وتتنازل عن حلايب وشلاتين للمصريين. فهل هناك حكومة أفضل من هذه الحكومة للمصالح العربية!! لذا لا تتوقعوا أن تذكر الجزيرة او القنوات العربية التي تشابهها هذه الحكومة بسوء ،فهي برغم ما ترتكبه من جرائم تعتبر محمودة في نظرهم بل ويمدونها بالأموال لكي تستمر فتبيد لهم ما تبقى من الشعب وتمنحهم الارض الزراعية التي يفتقدونها في صحاريهم القاحلة. بعد كل هذه (النقة) عن الاعلام تتضح أهمية دوره في السياسة ، فالإعلام أهم من القوات يا أهل الجبهة الثورية ، انتم تحتاجون للإعلام لكي تصححوا فكرة البسطاء عنكم اولا وتدحضوا البهتان العظيم ضدكم ، وتحتاجونه لكي تبثوا الفكر الصحيح للجبهة الثورية وللفجر الجديد فتكسبوا قلوب المواطنين وهو الامر الأهم ، فإنكم ان كسبتكم قلوبهم وقمتم بتوعيتهم وتنويرهم سيتحركون بنفسهم لاقتلاع هذه الشياطين من جذورها في الخرطوم ،وبذلك تكونوا قد ادخرتم الكثير من الجهد والمال والسلاح . وهنا أود الاشادة ببعض وسائل الاعلام الحرة مثل راديو دبنقا (www.radiodabanga.org) وراديو عافية دارفور ، والصحف الالكترونية مثل الراكوبة وسودانيز اونلاين وسودارس وحريات وغيرها ، فهي تجاهد ببسالة في ميادين الاعلام لكن برغم ذلك تأثيرها محدود لأن غالبية الشعب السوداني أمي تقنيا لايعرف الانترنت ولا حتى التعامل مع الحاسوب! الوسائل الانسب للقيام بالمهمة هي الاذاعة مثل دبنقا بأسلوبها العبقري ولغتها البسيطة ، فنحن بحاجة الى (دبنقات) تنتشر في ربوع البلاد ، وتكون بتردد قوي يتيح الاستماع لها دون عناء ، والوسيلة الاهم على الاطلاق هي الفضائية المعارضة ، فالتلفزيون اشد تأثيرا من أي وسيلة اعلام اخرى ، ولو تسنى قيام الفضائية فلن يستمر هذا النظام بعدها لمدة عام. استطاعت حكومة المؤتمر الوطني أن تصور للناس بعد آخر هجوم في أم روابه انكم تقتلون المواطنين وتنهبونهم وتروعونهم – وهو كلام مجافي تماما للحقيقة والشهود هم أهل ام روابة أنفسهم – مما جعلكم في موقع الدفاع بعد أن كنتم مهاجمين ،ومئات المواقف الشبيهة تعكس اهمية الاعلام في الحرب والنضال. والحكومة تعلم خطورة الاعلام لذا فهي تحارب مواقع الصحف التي اشرت اليها في حديثي ، ويكرسون جهودهم لنسف مواقعها وتهكيرها ويصرفون اموال طائلة على مرتزقة متخصصين اتوا بهم من شرق آسيا ومن الدول الغربية، كما انهم يراقبون النشطاء المعارضين في موقعي الفيس بوك وتويتر ، وكونوا لذلك ما اسموه بالكتيبة الالكترونية التي يطلق عليها المعارضون تهكما اسم (الجراد الالكتروني). ما تنفقونه في شراء السلاح ياقادة الجبهة الثورية اولى به الفضائية ، فعبر الفضائية تستطيعون جمع التبرعات وكسب المقاتلين من الداخل والخارج ولن تخسروا شيئا . فلا تستبدلوا الذي ادنى بالذي هو خير. الفضائية ثم الفضائية ثم الفضائية ..لا سبيل لإسقاط هذا النظام الا عبر الاعلام .. فالإعلام يبعثه من قبره على الدوام كلما قتلناه ، ونحن بالإعلام نستطيع ارقاده فيه الى الابد.