حملت الأسافير فيما حملت من أخبار هذا اليوم عن قيام حفل للأستاذ يوسف خيري بنادي الضباط وهو للأمانة من الفنان النوبيين الذين يتسم أدائهم بفرح يدخلك من حواسك الخمس وأنت بحضرته . غير أن القائمين علي أمر الحفل لم يجدوا في كل ما ذكر أعلاه من أمر يوسف سوي التبضع بصوته الطروب في شوارع الخرطوم ومن ثم إستغلال غربة يوسف خيري عن جمهوره في السودان ليفعلوا بيوسف وجمهوره ما لم يفعله نجار بالخشب معلنين عن تذاكر بأرقام فلكية لم تسمع بها شبابيك التذاكر في السودان ناهيك عن نادي الضباط (مقر الحفل) . لا إنتقص من قيمة يوسف خيري لكن الذي يوجع القلب أن هذا يحدث في السودان ففي الوقت الذي يعمل فيه مجايلي الأستاذ يوسف خيري من الفنانين النوبيين من لدن القامة مكي علي إدريس للعمل من أجل النوبيين ويقاطعون المهرجانات وموائد السلطان إيماناً منهم بدورهم المفصلي في هذه اللحظات التاريخية من عمر قضيتنا النوبية تأتي مثل هذه المواقف التي بكل تأكيد تصنع ما تصنع من أسافين بين الفنان وجمهوره . مائه جنيهات هي سعر التذكرة لحضور حفل الأستاذ يوسف خيري الذي يعانق سماء الخراتيم بعد غيبة مائة جنيهات وضعها القائمون علي أمر الحفل حالمين بجمهور نوعي جمهور لاعلاقة له بقضايا الفقر والفاقة والمرض والجوع وما يعانيه النوبيين الي جانب أبناء شعبهم . لم يألف النوبييين جشعاً مثل هذا بل لم يحلموا يوماً أن يربطوا وجدانهم السليم وآذانهم المحبة للغناء والطرب لهيك معادلات . لم يألف النوبيين منذ عهد خليل فرح ودهب شاري وحسين ألالا ومحمد وردي الي حادي ركب فننا مكي علي ادريس مثل هذه المعادلات القاسية التي لا علاقة لها لا بفننا لا بما صاغه الشعراء بحثاً عن سعادة أمتهم لا بحثاً عن الأموال . إنني أهيب وبكل أسف جموع النوبيين لمقاطعة هذا البؤس وليعلم أستاذنا يوسف خيري أنه بموافقته علي أداء هذا الحفل وفق هذه الشروط المعلنة أنه يبعد فراسخاً برضائه عن قلوب محبيه ويا لها من مأساة .