دخل البرلمان السوداني في مواجهة ساخنة مع وزير المالية والاقتصاد السوداني علي محمود على خلفية اتجاه الوزير إلى رفع الدعم عن المحروقات بعد إقراره بظهور اختلال واضح في مؤشرات الاقتصاد الوطني خلال الربع الأول للعام الجاري، وكشفه عن عجز في ميزان المدفوعات في الربع الأول من العام 2012، الأمر الذي دفع نواب البرلمان السوداني بشن هجوم عنيف على الوزير رافضين أي اتجاه لرفع الدعم عن المحروقات وطالبوا وزير المالية بوضع حد للمعاناة التي يعيشها المواطن جراء تدهور المعيشة وارتفاع الأسعار. وفي السياق نفسه، توقع خبراء اقتصاديون أن البرلمان السوداني سيرضخ إلى توصية وزارة المالية بشأن زيادة سعر المحروقات باعتبار أن ذلك أحد البرامج الإسعافية التي تتبناها الحكومة لمعالجة الأزمة الاقتصادية التي يمر بها السودان. وكان وزير المالية السوداني علي محمود قد كشف خلال مخاطبته البرلمان السوداني عن وجود فجوة كبيرة في موارد الموازنة تتطلب تدابير حقيقية حتى نهاية العام، حيث أقر الوزير السوداني، بظهور اختلال واضح في مؤشرات الاقتصاد الوطني خلال الربع الأول للعام الجاري، وكشف عن عجز في ميزان المدفوعات في الربع الأول من العام 2012، قدره 285.7 مليون دولار مقابل فائض بمبلغ 183.2 مليون دولار في الربع الأول من العام الماضي، وعجز في الميزان التجاري بلغ 539.6 مليون دولار بسبب الانخفاض الكبير في صادرات البترول الخام في حين بلغ العجز الكلي 2.986 مليار جنيه، إلا أن علي محمود أكد التزامهم بتوفير السلع وإن زاد سعرها. تحذير من انفجار شعبي وحذر نواب البرلمان من انفجار الشعب في وجه الحكومة جراء الضائقة الاقتصادية الخانقة والارتفاع الجنوني لأسعار السلع الضرورية. وشن أغلبية النواب هجوماً قاسياً على وزير المالية، وطالبوه بوضع حد للمعاناة التي يعيشها المواطن جراء تدهور المعيشة وارتفاع الأسعار معلنين رفضهم لرفع الدعم عن المحروقات، وطالبوا بوقف الصرف الحكومي الملياري. وفي تعليقها على هذا الجدل قالت الخبيرة الاقتصادية سمية سيد، في تصريحات ل"العربية.نت"، "على الرغم من إرضاء البرلمان للشارع السوداني بهذا الموقف إلا أنها تتوقع أن يرضخ البرلمان لتوصية وزارة المالية برفع الدعم عن المحروقات. وأشارت إلى أن البرنامج الإسعافي والذي تحول إلى برنامج إنقاذ للميزانية السودانية، به مجموعة من المحاور لسد الفجوة الإيرادية ومن ضمن هذه المحاور رفع الدعم تدريجياً عن البترول، وبالطبع هناك محاور سياسية مثل التحكم في أسعار بعض السلع مثل السكر والمحروقات التي وصفتها بالسلع السياسية وقالت الخبيرة الاقتصادية إن الخوف من الآثار السياسية لزيادة سعر هذه السلع جعل وزارة المالية ترضخ للبرلمان. ردم فجوة الموازنة وحول توقعاتها بردة فعل الشارع السوداني حال رفع الحكومة الدعم عن المحروقات قالت سمية سيد، "إنها تعتقد أن الشارع يعبر عن عدم رضاه على هذه السياسة لكن لا أتوقع أن يكون هناك خروج للشارع بالمستوى الذي تطلبه المعارضة في مثل هذه الظروف. وأوضحت الخبيرة أن التحدي الآن أمام وزارة المالية السودانية هو ردم الفجوة في الموازنة لمواصلة العام المالي دون انهزام للسياسات المقررة. ووزارة المالية فشلت في تنفيذ جميع برامج معالجة الموازنة وعلى رأس أولوياتها خفض الصرف الحكومي ولكنها فشلت في ذلك وآثرت أن تبدأ بالمواطن.