ود مدني: يس الباقر (رضينا بقسمة الله وتعايشنا مع مرض الفشل الكلوي اللعين الذي جعل أغلى أمنياتنا تناول كوز موية سادة.. لكن يبدو أن المسئولين عن صحتنا أرادوا لنا المزيد من المعاناة لأنهم فشلوا في توفير محاليل غسيل لا تستمر حياتنا إلا بها)، بهذه العبارات المُبكية حدَّثنا الشاب إبراهيم، أحد أبناء الجزيرة الذين إبتلاهم المولى بداء الفشل وبالطبع هناك الآلاف مثله، بهذه الولاية (المنكوبة) التي حباها الله بأعظم مشروع زراعي لكن مع ذلك يعيش إنسانها ظروفا إقتصادية غاية في السوء، قادت إلى فقر مدقع تسبب بدوره في أمراض (إستوطنت) في أجساد لا حول لها ولاقوة. في هذا التحقيق نتناول معاناة مرضى الفشل الكلوي بولاية الجزيرة، والذين بلغت بهم المعاناة مبلغاً جعلهم رغم قِلَّة حيلتهم يتظاهرون بشوارع عاصمة الولاية – ود مدني – في ظاهرة تُعد الأولى في تاريخ الولاية التليد. حِصة تاريخ يعود تاريخ عمليات غسيل الكلى بودمدني لمنتصف التسعينات من القرن الماضي حيث بدأ العمل في غسيل الكلى للمرضى بقسم الكلى والذي كان يتبع آنذاك لمستشفى ودمدني التعليمي وقد وجد هذا القسم وقتها الدعم من عدد من الجهات ذات الصلة بالحقل الطبي والخيرين فكانت مبادرة جمعية أبناء ودمدني الخيرية بالخارج وكذلك الدعم الذي وجده القسم من رجل البر والاحسان عثمان الطيب الريح وقد أثمر التعاون القائم بين جامعة الجزيرة ومستشفي مدني التعليمي عن تأسيس أكبر معمل لاجراء الاستقصاءات بالتعاون مع ادارة المعمل الطبي بجامعة الجزيرة وقتها ولم تقف الادارات وقتها مكتوفة الايدي فقد سعت ادارة المستشفي في عملية تطوير العمل في تشخيص وعلاج أمراض الكلي وتطويره من قسم إلى مركز مستفيدة من الدعم الذي خصصته الحكومة الاتحادية لقيام بعض المراكز والمستشفيات المتخصصة وذلك بجهود كان يقودها ابن ودمدني الشيخ مدثر البوشي مع وزارة المالية الاتحادية إلى أن تحقق ذلك المطلب بقيام مستشفى الجزيرة لأمراض وجراحة الكلي والذي تم افتتاحه في العام 2003م بجهود ومتابعة مع المدير الأسبق د. محمد السابق ميرغني ليصبح هذا المستشفي قبلة للمرضى من كل الولايات وقام بجانب عمليات غسيل الكلي باجراء العديد من عمليات زراعة نقل الكلي أجريت أغلبها بواسطة أختصاصي جراحة الكلي د. كمال أبوسن إلى أن تم توطين زراعة الكلى وأصبحت للمركز علاقات مع بعض المراكز العالمية في مصر وغيرها وقد شهد هذا المستشفي خلال الشهور الماضية العديد من الأحداث التي مرت عليه أما بسبب تأثير المحاليل على المرضى، أو باضراب المهندسين، أو انعدام المحاليل مما أدى بدوره لخروج المرضى للشارع عدة مرات تعبيرا عن رفضهم لما يحدث لهم نتيجة ذلك. خروج إلى الشارع! يواجه مرضى الكلى بولاية الجزيرة مصيرا مظلما فرضته عليهم سياسات من يقفون على أمر علاجهم باعتبار أن ماحدث مؤخرا لم يكن الأول ونتمنى أن يكون الأخير لمعاناة هؤلاء المرضي الذين يحتاجون لكل رعاية وعناية وهذا بالطبع يتطلب تدخل الجهات العليا في الدولة وفي مقدمتهم أعني رئيس الجمهورية ونائبه الأول بوضع قضية هؤلاء الفئة من المرضى في مسارها الصحيح بعد أن فشل القائمون عليها سواء في وزارة الصحة الاتحادية في ايجاد الحلول الناجعة والحاسمة، ومابين امداداتها الطبية التي فشلت هي الأخرى في توفير محاليل غسيل الكلى لمرضى الفشل الكلوي الذين أصبحت حياتهم في خطر بسبب انعدام محاليل الغسيل وتوقف عمليات الغسيل، مما اضطرهم للخروج للشارع وقفل الشارع احتجاجا على عدم توفر محاليل الغسيل والشئ الذي فرض عليهم واقعا مريرا خصوصا وأن مريض الكلى لا يستطع أن يصبر، لان عمليات الغسيل تعمل على تعويضه بعض المواد التي يحتاجها جسمه. غضب الحليم ظروف مُعقَّدة تلك التي دفعت مرضى الفشل الكلوي بمدني في الايام الماضية للخروج الى الشارع بل قفله تماما، فقد توقفت عمليات غسيل الكلي خلال الشهر الماضي بمستشفى الجزيرة لأمراض وجراحة الكلى بود مدني عدة مرات تارة بسبب اضراب المهندسين وتارة أخرى بسبب انعدام محلول الغسيل بمراكز الغسيل بالولاية، مدير مستشفى الجزيرة لأمراض وجراحة الكلى د. مصطفي عمران قال في تصريحات صحفية أن انعدام محاليل الغسيل أصبحت مسألة متكررة في الفترة الأخيرة وأشار إلى انهم يبعثون بعربة المستشفى يوميا للخرطوم وتعود احيانا كثيرة بدون محاليل، وحمل مدير المستشفى الامدادات الطبية ما يحدث من انعدام المحاليل وتوقف عمليات الغسيل، وكشف مدير المستشفى عن أن هناك 25 ماكينة غسيل تعمل بالمستشفى يوميا خلال ال 24 ساعة وتقوم باجراء عمليات الغسيل لعدد 325 مريضا مشيرا للعدد الكبير الذي تجرى له عمليات الغسيل بالمركز في ظل تهالك الماكينات وانتهاء عمرها الافتراضي، وطالب عمران بضرورة قيام مركز ثان للغسيل بمدينة ودمدني ليعمل على تخفيف الضغط على مستشفى الجزيرة الذي ظل لقرابة الخمسة عشر عاما متواصلة يعمل على معالجة مرضى الكلى دون توقف الشئ الذي أثر على كفاءة الماكينات. ترهل وظيفي المرضى من جهتهم صبوا جام غضبهم على ادارة المستشفى حيث قال المريض حسن عثمان عبدالباقي - يسكن قرية نعيم الله بمحلية جنوب الجزيرة - أن مشكلة المحاليل والعلاج بالمستشفى لا يعزوها لجهة محددة فالامدادات الطبية وادارة المستشفى كلاهما مسئولان عن مايحصل وفشلت ادارة المستشفى التي تشهد ترهلا وظيفيا غير مسبوق، لا ندري من هو الذي يعين وهذا اتهام واضح وصريح ونحتاج اجابة فيه من المدير الاداري بالمستشفي، والأشكال الاخر هو جمعية أصدقاء مرضى الكلى التي استمرت في الوصايا تفرض نفسها على المرضى دون محاسبتها ولا معرفة الدخل لقرابة العشرين عاما، وهذا سؤال موجه لمسجل تنظيمات العمل الطوعي بوزارة الشئون الاجتماعية! كما نشير لتوجيه مدير عام وزارة الصحة بالولاية لادارة المستشفى باستلام حصتهم من الامدادات الطبية بالولاية وإلى الآن لم تظهر لا دربات ولا محاليل وريدية ولا هيبرين وأصبح المريض يشتري كل شئ مما يفاقم من معاناة المرضى الذين لا يستطيعون أغلبهم الشراء، والوجبة التي تقدم في كثير من المرات لا تصلح للمريض الذي يحتاج لوجبة معينة تحتوي على البروتين وخلافه من المواد التي يحتاجها المريض، أما المريض مولانا الفاتح حاج النور- القاضي السابق – والمحامي المعروف فيذهب إلى أن توقف المحاليل والامتناع عن تقديم الخدمة التي يحتاجها المريض تعتبر جرائم في حق الانسانية يحاسب عليها القانون قبل أن يحاسب عليها الدين والعرف والاخلاق وأشار إلى التدهور الذي ظلت تشهده هذه المستشفى في تقديم الخدمات للمرضى، فيما يري المريض حسن عثمان أن المريض يحتاج من غسلتين إلى ثلاث غسلات في الاسبوع مشيرا إلى أن عمليات الغسيل تجري مجانا إلا أن تكلفة بعض المطلوبات للغسيل تكلف المريض لما يقارب ال30 جنيها للمرضى الذين ليس لديهم تأمين صحي، وصوب حسن انتقادا للباحثين بالمستشفى وقال أن هذه الوظيفة أصبحت شاغرة، مشيرا لاهمال بعض المشاكل مثل تمهيد المرض وكيفية التعامل معه الشئ الذي يخرج الباحث عن اطار عمله والذي يتطلب دراسة حالة المريض النفسية والاجتماعية. استهلاك عالٍ يقول رئيس جمعية أصدقاء مرضى الكلى بولاية الجزيرة الشيخ/ عبدالمنعم الديمياطي إن الجمعية بذلت جهدا متواضعا فقامت بايجار منزل لاستقبال المرضى من خارج مدني وتمكن من امتلاك أرض باسم الجمعية وتعمل على بنائها للمرضى بجانب توفير اسبيرات لجميع الماكينات مجانا من قبل أخ من أعضاء الجمعية بالسعودية د. نصرالدين وبجهود مع وزير المالية الصديق الطيب لنا فيه جهد الاتصال تم تشييد الطابق الثالث ووجدنا من الخارج ومن المواطنين دعما من الأب ديما ديوس رئيس الكنيسة القبطية وأمتدت الدعومات من آخرين رفضوا ذكر أسمائهم ودعم من المجلس التشريعي (500) ألف جنيه سلمت للمستشفى، والمستشفى تقوم بصرفها لصالح المرضى، وأبان الديمياطي بأن المستشفى تتلقي دعما شهريا من حكومة الولاية في قيمته (4) آلاف جنيه شهريا وتقلص دعم الزكاة من (5) آلاف جنيه في الشهر إلى (3) آلاف جنيه كل 3 أو 4 شهور ونحن مقدرون ظرفهم مشيرا إلى أن الجمعية بالتعاون مع صيدلية المستشفى تقوم بدعم العلاج الأساسي بدعم من الخيرين، وفي ختام حديثه أشاد الديمياطي بالدعم الذي ظلت تجده الجمعية من النائب الأول لرئيس الجمهورية علي عثمان محمد طه في دعمنا بأدوية المرضى الزارعيين لأدوية (الكرتيزون، والسليسبت، والسليفورين) بما يفوق (2) ألف جنيه لكل مريض ويشير الديمياطي إلى أن الماكينات العاملة ظلت تعمل لمدة 24 ساعة يوميا وهي تعمل فوق طاقتها والضغط كبير واتفقنا مع شركة ايطالية لاحضار 25 ماكينة تم احضار ماكنتين منها وأشترط مدير المركز القومي د. محمد السابق مطابقتهم للمواصفات حتى يتم تشغيلهم ويشير حسن عثمان إلى أن معاناة المرضي تزداد في فصل الخريف للمرضى القادمين من خارج الولاية بسبب ازدحام السكن وهذا يتطلب من القائمين بالأمر بزيادة الضعف من الدعم الموجه. رأي هندسي ولمعرفة الرأي الهندسي لمدى صلاحية الماكينات العاملة بالمستشفى وحديث مدير المستشفى عن انتهاء عمرها الافتراضي، يقول مهندسي المستشفى بأن اغلب هذه الماكينات تم احضارها منذ افتتاح المستشفى ماعدا 6 ماكينات تم احضارها قبل ثلاث سنوات وماكنتين حديثتين ويشير المهندسون الى أنه من المفترض أن تجري عمليات مراجعة وصيانة للماكينات كل 2500 ساعة عمل وعملية احلال لماكينة جديدة لكل 5000 ساعة العمل ويشيرون إلى ان ماكينات مركز غسيل الكلى ظل يعمل منذ انشائة ببعض الماكينات باستثناء ماكينات محدودة ادخلت وأن الماكينات القديمة يجب استبدالها وذلك لعدم وجود الاسبيرات وأصبحنا نعتمد على الصيانة بتخريد ماكينات قديمة وهي نفسها أصبحت غير موجودة وتكلفة الماكينة الواحدة تكلف أكثر من 3 ألف جنيه في السنة، وكذلك اشتكى المهندسون من العمل المتواصل والاعطال التي أصبحت تواجه وحدة معالجة المياه بجانب الأعطال التي تصيب موتورات المياه نسبة لعملها المتواصل طوال ال 24 ساعة، وأشار المهندسون أن العمل في القسم أصبح في تزايد بسبب زيادة المرضى وأن العمل بالقسم أصبح يتواصل لأكثر من 5 ورديات لان المستشفى تستقبل يوميا قادمين جدد ومن كل الولايات.