المصدر: الخرطوم البيان «الصحافة تحتضر». بهذه العبارة، أجمل رئيس مجلس الصحافة والمطبوعات في السودان علي شمو الواقع الصحافي، في بلد توزّع فيه كل صباح حوالي 40 صحيفة سياسية. إلاّ أن شبح الفناء يجابه جلّها إن لم يكن كلها، فضلاً عن أن طوفان الأزمة الاقتصادية جرف بتياره العاتي صحفاً، إذ غيّبت التصفية أكبر الصحف السودانية «الأحداث» بسبب الإفلاس، و«الأخبار» بالداء ذاته، وفي الطريق بقية على ما يبدو على ضوء تخفيض عدد من الصحف عدد طاقمها. ونعى عدد من المهتمين والمحللين على المستويين الرسمي والمهني الصحافة السودانية، مشيرين إلى أنها «ماتت سريرياً»، فيما تتمسك الحكومة والاتحاد العام للصحافيين السودانيين بخيار دمج المؤسسات الصحافية، الأمر الذي اعتبره مسؤول سوداني مختص «سابق لأوانه». الاقتصاد داء ويرى شمو أن «أزمة الصحافة السودانية خلقها ارتفاع اسعار الدولار والورق ومدخلات الطباعة الأخرى»، لافتاً إلى أن « تكلفة الصحيفة في ظل هذه الأوضاع تصل إلى 1.40 جنيه، بما يعني أنه لا يمكن شراؤها بجنيهين». وقال شمو إن «الصحف في السودان تعيش محنة حقيقية وتحتاج الإنقاذ»، مُلمحاً إلى أن «خيار دمج المؤسسات الصحافية يبقى أحد الحلول لمعالجة الأزمة». حل أمثل وفي ذات المنحى، ذهب رئيس اتحاد الصحافيين السودانيين محي الدين تيتاوي، إذ أكّد في تصريحات ل«البيان»، أنّ «الدمج ورفع قيمة الإعلان يعتبر الحل الأمثل لمعالجة أزمات الصحف، وأنّ «عدم اتفاق الناشرين فيما بينهم أدى الى تفاقم الأزمة»، لافتاً إلى أنّ « مطالب الناشرين بدعم الدولة للصحافة لا يمكن أن يستجاب لها في ظل أعداد الصحف الحالية»، ورافضاً في الوقت ذاته ما أسماها «ممارسات بعض الصحف بتقليص عدد الصحافيين». الورق مؤرق ويشير رئيس تحرير صحيفة «التيار» المستقلة عثمان ميرغني في تصريحات ل«البيان» إلى أنّ «دمج الصحف ليس حلا لما تواجهه الصحافة السودانية من مشكلات، باعتبار أنه لن يغيّر في حيثيات الواقع»، لافتاً إلى أنّ «الإشكال الماثل الآن هو الورق وتكلفة الطباعة، فإذا دمجت الصحف أو لم تدمج فهذا لا يغير في الواقع شيئا». ويضيف ميرغني أن «أوضاع الصحف الآن تتعرض لتحديات كبيرة باعتبار أن صناعة الصحافة أصبحت مكلفة للغاية»، مشيراً إلى أن «الارتفاع الكبير والمستمر في أسعار الورق جعل المطابع تزيد من أسعار الطباعة، حيث أصبح سعر الطباعة أكثر من سعر الصحيفة الذي تباع به للقراء، بحيث أصبح كلما طبعت أكثر كلما خسرت أكبر».