شح ورق الطباعة.. الصحافة تحتضر!! تقرير: قسم ودالحاج هذا البريد الإلكتروني محمي من المتطفلين و برامج التطفل، تحتاج إلى تفعيل جافا سكريبت لتتمكن من مشاهدته خمس صحف احتجبت مرة واحدة عن الصدور مطلع الأسبوع الحالي بفعل شح ورق الطباعة... تلك الأزمة لم تكن مفاجئة إذ سبقها غياب متكرر في وقت سابق، بل أن الأزمة بلغت حداً دفع بعض الصحف لتقليص عدد صفحاتها. شح العملات وبما أن صناعة الصحافة أصبحت سيادية من حيث السياسات والتسهيلات يظهر ذلك جلياً بدخول البلاد في مشكلة جراء المشكلات العالمية، ونتج عنها شُحّ في العُملات الحُرة مما اضطر الدولة أن تعطي أولويات لاستيراد السلع الضرورية أكثر من الورق، إذ إن مجمل القطاع الصناعي تأثر بها لما يواجهه من صعوبة في فتح اعتماد في بنك السودان ليمكِّن المستوردين من إدخال المُنتجات الصناعية مثل ورق الصُحف والأنواع الأخرى من المنتج، فورق الصحف استيراده محصور لدى بعض المستوردين وأصحاب المطابع الذين لديهم مقدرة على الاستيراد، الأمر الذي خلق شُحًا في الورق كما أن عدم تعدد جهات الاستيراد يمثل عقبة كبيرة، وفتح الاعتماد إلى وصوله يحتاج إلى فترات طويلة "3 4" شهور في الحالات العادية، مما يمثل معضلة أخرى على القطاعات التي تعتمد عليه. وأكد رئيس تحرير صحيفة "الإنتباهة" الصادق الرزيقي أن شح الورق ناتج من قلة النقد الأجنبي وعجز البنوك عن توفير النقد الأجنبي لتمويل شراء الورق من الخارج وعدم إيفاء مصانع الورق بالخارج لموردي الورق بالداخل مشيراً في حديثه ل (السوداني) إلى أن شح ورق الطباعة له تأثير مباشر على الصحف. وأصبحت مشكلة أثرت على كل الصحف باعتبار أن الموجود تم استهلاكه ولذلك حدثت مشكلة ذات بعدين الأول في ارتفاع تكلفة الطباعة بحيث لا تستطيع الصحف أن تطبع وتوزع خاصة الصحف قليلة التوزيع التي توقف معظمها. أما البعد الثاني يتمثل في قلة الورق لمقابلة الاحتياجات في الطباعة، مؤكداً أن هذا التذبذب والواقع المرير سيؤدي لانهيار الصحافة السودانية وتوقف العديد منها بسبب هذه المشكلة المستفحلة التي لايبدو أن هناك حلاً عاجلاً لها. ويشير الرزيقي إلى أن الصحف ستفقد أسواقها وعدد من القراء ففي اليومين الماضيين توقفت "الإنتباهة" بسبب شح ورق الطباعة.. تلقينا العديد من الاستفسارات من القراء مشفقين على الصحيفة مشيراً إلى أن الناشرين وملاك الصحف ورؤساء التحرير في اجتماعات مستمرة للبحث عن كيفية حل لهذه المشكلة، وقال إن الحل يكمن في توفير سيولة من النقد الأجنبي لاستيراد ورق الطباعة وتقليل التكلفة، منادياً الدولة أن تتدخل بسياسات نقدية تجعل من إنتاج الورق أولوية مثلها مثل الأولويات الأخرى وتوفير سيولة لمقابلة هذا الاستيراد وتخفيف الأعباء الضريبية على الصحف والمطابع. فيما أوضح رئيس مجلس الصحافة والمطبوعات البروفيسور علي شمو أنهم فى المجلس وبالتنسيق مع الناشرين الصحفيين تحدثوا مع وزير المالية في وقت سابق عن أزمة الورق في ظل إجراءات احترازية تحسباً لما حدث الآن، ويشدد شمو في حديثه ل(السوداني) على أن الصحافة ليست كالسلع العادية لأنها وسيلة ضرورية لتزويد الناس بالمعرفة، وزاد أن وزير المالية تفهم الأمر وأحاله لبنك السودان. ويشير شمو إلى أنهم وفقاً للدراسة فإن الصحافة السودانية تستهلك ما يقدر ب 16-18 مليون دولار سنويا في استيراد الورق، ووفقاً للدراسة فإنه سيتم فتح اعتماد مشترك للصحف لاستيراد الورق مع ضمان عدم تسربه للسوق. ولفت شمو إلى أنهم لم يتفاجأوا بالأزمة الحالية فقد توقعوها، وعملوا للتحسب لها وقال: "نحن ما زلنا في انتظار رد بنك السودان ولكن هناك بطء في الإجراءات". وأشار شمو إلى أن على الدولة أن تنظر لمسألة الورق باعتباره سلعة استراتيجية، وفيما يتعلق بفكرة توطين صناعة الورق يرى شمو أنها فكرة قديمة لها قرابة ال50 سنة تتعلق بالاستفادة من المولاص ولكنها ستأخذ وقتاً ليس بالقصير. في السياق نفسه يرى نائب رئيس تحرير (الرأي العام) محمد عبدالقادر في حديثه أن أزمة الورق تعتبر تطوراً خطيراً جداً ينذر بموت الصحافة، ونتيجة لذلك احتجب عدد من الصحف جراء الأزمة الطاحنة في الورق، ويضيف في حديثه ل(السوداني) الأمر الذي يعد مؤشراً خطيراً لما يمكن أن يكون عليه مستقبل الصحافة المهدد البائس جراء عوامل كثيرة من بينها اقتصاديات الصحافة، مشيراً إلى أن الأمر المؤسف الثاني هو عدم شعور الدولة ب"الحرج" نتيجة هذا الأمر وهي تتفرج على الصحف وهي في "غرفة الإنعاش" وتستعد لمفارقة الحياة، كل المطالبات للدولة بالتدخل ومنح الصحف ميزة استيراد ورق بالسعر الرسمي باءت بالفشل، كما أن هناك 19 رسماً تضعها وزارة المالية على مدخلات صناعة الصحافة الأمر الذي يشير لعدم جدية الدولة في التعامل مع هذا الواقع الخطير. قيود تعجيزية وقال الناشر السابق والكاتب الصحفي محجوب عروة ل(السوداني) إن الشح في الورق يرجع لأزمة عالمية فالكميات المعروضة الآن في السوق العالمية ضعيفة؛ وذلك لتوقف بعض مصانع الورق عن الصناعة لأسباب اقتصادية، كما أن ارتفاع أسعار البترول أدى لارتفاع أسعار الورق لارتباط صناعته بالطاقة، وهو ما أدى لأن يرتفع سعر الطن محلياً. ويرى عروة أن سياسات بنك السودان المركزي الخاصة بالاستيراد فرضت قيوداً تعجيزية على الموردين الذين يعانون من ضعف أو محدودية إمكانياتهم المالية التي لا تمكنهم من فتح اعتمادات مالية معززة بمبالغ كبيرة لاستيراد كميات كبيرة من الورق. والمح عروة إلى ان في حال استمرار الوضع كما هو عليه فان العديد من الصحف ستغلق ابوابها. واستبعد عروة ان تدعم الدولة الصحف في ظل سياستها التقشفية الحالية. وفي ذات الاتجاه أعلن رئيس الاتحاد العام للصحفيين محيي الدين تيتاوي عن تضامنه مع الصحف في مشكلة شح ورق الطباعة مشيراً في حديثه ل(السوداني) إلى أن ناشري الصحف غير مجتمعين في هذه المشكلة كل يناقش على حدة وعليهم أن يعملوا على إنشاء شركة. وأضاف تيتاوي أن هذه المشكلة ليست من اختصاص مجلسه الذي يعنى بالصحفيين، موضحاً أن ورق الطباعة من عمل الناشرين الذين لديهم شركات خاصة ومدخلات الطباعة من مهمة مجلس الصحافة.