الموديل السوري أم الإستمرار في المظاهرات السلمية ؟ ثروت قاسم 1 - مقدمة ! اليوم السبت 21 يوليو 2012 ، يدخل مشوار الإطاحة بنظام البشير يومه ال 36، وأسبوعه السادس ، وشهره الثاني ! عبر المظاهرات والوقفات الإحتجاجية والإعتصامات على مدار عشرات الأيام ، وخمس جمع : الكتاحة ، ولحس الكوع ، وشذاذ الآفاق ، والكنداكة ، ودارفور بلدنا ! وسوف تتوالى الجمع وأيام التظاهرات الأخرى حتى سقوط النظام بإذن الله ! 2 - معركة عض الأصابع ؟ تم أستئناف المفاوضات بين وفدي دولتي السودان ( منتجع بحر دار – الخميس 19 يوليو 2012 ) ، في كل الملفات العالقة في حزمة واحدة ، وليس حصريأ في ملف الأمن ، كما كان يصر ، بالأقسام المغلظة ، الرئيس البشير ! الموقف محلك سر ! لم يحدث تفاهم ، دعك من أختراق ، في أي من الملفات العالقة ! معركة عض للأصابع بحق وحقيق ! كل طرف يستمر في العض ، بدون تقديم أي تنازلات ، مؤملأ في سقوط نظام الخصم المقابل ، قبل الوصول الي أتفاق معه ! يقول الأبالسة : ( البشير لا يستطيع ان يعقد اتفاقا مع نظام يحتضر ) ! ويقول الجنوبيون : ( سلفاكير لا يستطيع ان يعقد اتفاقا مع نظام يحتضر ) ! حوار طرشان ؟ أدارة اوباما تسعي لكي يصل الطرفان الي أتفاق حول ملف البترول ، حتي يتمكن الرئيس سلفاكير من أستئناف ضخ البترول ، فينقذ نظامه من السقوط ، وحتي يتمكن نظام البشير من الصمود أمام الضائقة المعيشية الطاحنة والمظاهرات ! البشير وسلفاكير من اولاد اوباما ، ولا يرضي جر الشوك في جلديهما ! قال السفير ليمان بالواضح الفاضح : يجب علي الطرفين الوصول الي أتفاق فوري حول ملف البترول ، حتي لو أستدعي الأمر تجميد بقية الملفات ، وشيئأ من نفاق قليل ؟ نعم ... شيئأ من نفاق قليل ، هكذا ؟ لم يتبق غير 12 يومأ علي يوم الخميس 2 أغسطس 2012 ، وبعدها ربما رفع مجلس الأمن العصا لمن عصي ! أنتظروا ... أنا معكم منتظرون ! 3- البرنامج الديمقراطي البديل ! في يوم الأربعاء 4 يوليو 2012 ، اعتمد تحالف قوى الإجماع الوطني البرنامج الديمقراطي البديل ... بديل لنظام البشير ! ووافق عليه تحالف كاودا الثوري ، مع بعض الإقتراحات المكملة ! رفض الرئيس البشير ومثله معه من سادة المؤتمر الوطني ، والحزب الإتحادي الديمقراطي ( الأصل ) ، وأحزاب البترول الدقدق الموالية للإنقاذ ، البرنامج الديمقراطي البديل ، وهم يتغامزون ويضحكون حتى كادوا أن يستلقوا على ظهورهم ! هؤلاء وأولئك إن رأوا سبيل الغي يتخذوه سبيلا ، وأن رأوا سبيل الرشد لا يتخذوه سبيلا، ذلك بأنهم طغوا واستكبروا ، وكانوا قوما مسرفين ! هؤلاء وأولئك اعتبروا البرنامج الديمقراطي البديل نكتة الموسم ، لعدة أسباب نعدد منها ستة أدناه : أولا : تساءل الرئيس البشير ومعه صحبه الكرام ، كيف يقبلون البرنامج الديمقراطي البديل ، الذي يدعو الى تفكيك نظام الإنقاذ ، بينما خريطة طريق مجلس الأمن ( المقترحة في اطار القرار 2046 ) ، تؤمن على استمرار نظام الإنقاذ في السلطة ، ولا تطالبه : بتحول ديمقراطي ، ولا بحكومة قومية ، ولا بانتخابات جديدة نزيهة ، ولا بدستور جديد متفق عليه من الجميع ! وفوق ذلك ، وأهم منه ، لاتعترف خريطة مجلس الأمن بالأحزاب المعارضة وحركات دارفور الحاملة للسلاح ! بل تعطي نظام الإنقاذ شرعية دولية ، كما اعطت اتفاقية نيفاشا شرعية لنظام البشير في يناير 2005 ! ولذلك يمكن اعتبار خريطة طريق مجلس الأمن وقراره 2046 ... نيفاشا 2 ! يقول الرئيس البشير وصحبه الكرام أنه من السذاجة بمكان أن يتصور أي عنقالي أنهم سوف يقبلون بالإنتحار السياسي الطوعي بقبولهم البرنامج الديمقراطي البديل ، الذي سينزع عنهم الشرعية ! في الوقت الذي تعطيهم خريطة طريق مجلس الأمن شرعية دولية هم في أمس الحاجة إليها ! يختم الرئيس البشير وصحبه تعليقهم بأن خريطة طريق البرنامج الديمقراطي البديل خريطة طريق لسوقهم إلى جهنم مقرنين في الأصفاد ، بينما خريطة طريق مجلس الأمن خريطة طريق لسوقهم إلى الجنة زمرا ! كيف تطالب قوى الإجماع الوطني وتحالف كاودا الثوري بالمعجزات ونحن لا نعيش في زمن النبي موسى عليه السلام ؟ ثانيا : يقول سادة المؤتمر الوطني ، بالمغتغت ، أن حزب المؤتمر الوطني حزب دولة ، ويعتمد في تمويله على الدولة ، وحصريا على الدولة ! حزب فوقي ، وليس حزبا جماهيريا ، ولا تتبرع جماهيره لدعمه ماليا ! تماما كما كان الإتحاد الإشتراكي ، على أيام سيء الذكر نميري! فك الإرتباط بين الدولة وحزب المؤتمر الوطني ، كما تدعو خريطة طريق البرنامج الديمقراطي البديل ، هو منع الدعم المالي الحكومي ( الأوكسجين) عنه ! مما يعني نهاية حزب المؤتمر الوطني ، وتفطيسه ؛ بل تفكيك نظام الإنقاذ وتدميره من جذوره ! لهذا السبب المفتاحي ، يعارض سادة الإنقاذ عملية التحول الديمقراطي ، وحتى الحوار ( الجاد ) بخصوصها مع الأحزاب السودانية ! ولكن لا يمانع سادة المؤتمر الوطني من طق الحنك والكلام الساكت ( حجوة أم ضبيبينة ) مع قادة حزب الأمة القومي حول خريطة طريق البرنامج الديمقراطي البديل والكوديسا وأخواتها للعقدين القادمين ، تماما كما تفعل اسرائيل مع قادة الفلسطينين منذ عام 1948! وحتى يزهج قادة حزب الأمة من كترة النضمي واللت والعجن ! ثالثا : وقع سادة الإنقاذ 65 إتفاقية مع خصومهم السياسيين خلال العقدين المنصرمين ، ولم يلتزموا بتنفيذ أيا من هذه الإتفاقيات ، التي راحت كلها في خبر كان ! والأمر كذلك ، ما الذي يدفع قادة تحالف قوى الإجماع الوطني ، وبالأخص قادة حزب الأمة القومي لتخيل أن سادة الإنقاذ سوف يصدقون القول هذه المرة ، ويلتزمون بتنفيذ ما يتم الإتفاق عليه في اطار الكوديسا ، وهم يعرفون أن فيه هلاكهم ، رغم توقيعهم على الإتفاقيات لذر الرماد في العيون ، وكسبا للوقت ؟ رابعا : تساءل الرئيس البشير وجماعته ، عن هل يرى قادة تحالف قوى الإجماع الوطني ، وبالأخص قادة حزب الأمة القومي ، قنابير على رؤسهم ، أم ريالات سائلة على صدورهم ؟ إذ كيف يضمن سادة الأنقاذ أن لا تؤدي خريطة طريق البرنامج الديمقراطي البديل ، الى تحول ديمقراطي حقيقي وإلى حكومة وطنية ترعى مصالح الوطن ، وتعقد مصالحة مع المجتمع الدولي وتقوم بتسليم الرئيس البشير والفريق عبدالرحيم والوالي هارون ، وبقية المطلوبين في قائمة مجلس الأمن الخمسينية ، إلى محكمة الجنايات الدولية ، خصوصا وقانون الكنغرس الأمريكي ( محاسبة السودان – 2012 ) سيتم تفعيله خلال هذه السنة 2012 ! وكيف يضمنوا ، وعلى أفضل الأحوال ، عدم محاكمتهم داخليا! يقول قادة المؤتمر الوطني : التحول الديمقراطي ؟ تلقاه عند الغافل ! خريطة طريق البرنامج الديمقراطي البديل ؟ موصها وأشرب مويتها ! خامسا : قدم السائحون من الدفاع الشعبي ، وبعض مثقفي وكوادر وشباب الحركة الإسلامية مذكرات لقادة المؤتمر الوطني ، يبغون فيها الإصلاح ، مع ضمان استمرار هياكل النظام والبشيرعلى قمتها ! كان ردة فعل الرئيس البشير وقادة المؤتمر الوطني المقربين منه ، أن هددوا بمحاسبة هذه الكوادر على تجرؤهم ومطالبتهم بالإصلاح ! كانت المحاسبة ( للمعاقبة ) هي ردة فعل الرئيس البشير على من يطالبون بالحوار من أهل البيت ، والذين يدعمون نظامه ، ولا يمانعون في استمراره رئيسا للبلاد ، حتى يأخذ صاحب الوديعة وديعته ... بعد خرف ! واعتقل الرئيس البشير بعض أمراء السائحين ، منهم الناجي عبدالله ( امير المجاهدين في المؤتمر الشعبي ) وآخرين ( الخميس 19 يوليو 2012 ) ! كيف تكون ردة فعل الرئيس البشير على من يطالبون بالحوار السلمي من خارج البيت ، وممن يريدون تفكيك نظامه وابداله ببرنامج ديمقراطي جديد ، وتسليمه لفاتو بنسوده ؟ سوف يحندكهم ويقردنهم حتى يصدقوا أنهم قد اصطادوا أسدا لا كديسة ، وفيلا لا فارا ، وأنهم توصلوا إلى إتفاق حول 85% من الأجندة المطروحة للحوار وال 15% المتبقية في متناول اليد ، ولكنها في الحقيقة سراب بقيعة ! سادسا : يشير الرئيس البشير الى مقالة حركة العدل والمساواة بعنوان ( اقتلوه ) التي تم نشرها يوم الخميس 19 يوليو 2012 ! والمقصود بها ادخال ثقافة الإغتيالات ، لأول مرة ، في الحراك السياسي السوداني ، ويضرب أخماسه في أسداسه مستغربا كيف يمكنه الحوار حول البرنامج الديمقراطي البديل مع من يريد قتله ، ويجهر بذلك ويحرض عليه ، في فضاءات الإنترنت ؟ ناسيا أنه قد أباد جماعيا أكثر من 300 الف من الدارفوريين ، وشرد في معسكرات النزوح واللجوء أكثر من 3 مليون دارفوري ، وأغتال بدم بارد زعيم حركة العدل والمساواة ! من الذي أدخل ثقافة الأغتيالات أذن ؟ 4 - خاتمة ! يتسم سادة الإنقاذ بكثير من الإنتهازية السياسية والقدرة على ركوب الموجات ! هم خليط من الشياطين والذئاب البشرية ! يسفكون الدماء في إبادات جماعية تقطر فيها أياديهم من دماء الأبرياء والشهداء ، جرائم يندي لها الجبين ! لا عهد لهم ، يكذبون كما يتنفسون ، ملونين كذبهم بألوان قوس قزح ، ويفجرون في الخصومة ! قلوبهم غلف ، وفيها مرض فزادهم الله مرضا ! نفوسهم منتنة وقد امتلأت بشهوات السلطة والمال ! إذا قيل لهم لاتفسدوا في الأرض قالوا إنما نحن مصلحون ؛ ألا إنهم المفسدون ولكن لايشعرون ! يبدو أن معركة تحالف قوى الإجماع الوطني مع أبالسة الإنقاذ سوف تطول ، لتأسيس النظام الديمقراطي البديل والجديد ( دولة الوطن في محل دولة الحزب ) ، الذى يتوافر فيه للناس حقهم فى الحرية والكرامة! وفي الختام ربما كان من المفيد تذكر مقولة الرئيس المنصف المرزوقي ، رئيس جمهورية تونس ... إن للثورة ، أي ثورة ، 5 قوانين ؛ أولها : دفع ثمن الثورة كاملا! المقولة التي تقودنا للسؤال الأهم : الموديل السوري أم الإستمرار في المظاهرات السلمية ؟ الإجابة في مقالة قادمة [email protected]