يتوافد ملايين الحجاج المسلمين على مكةالمكرمة استعدادًا لأداء فريضة الحج التي يبدأ موسمها السنوي الأربعاء، حيث يقوم الحجاج بأداء مجموعة من الطقوس التي حددها الرسول صلى الله عليه وسلم، وتبلغ ذروتها الجمعة المقبلة وهو عيد الأضحى، فيما حذرت السلطات السعودية من أنها ستتصدى لأي احتجاجات تخريبية بشأن الصراع في سورية. وقد عجّ الحرم المكي الذي يعتبر نقطة محورية في العقيدة الاسلامية بالحجاج الفرحين فجر الإثنين، الذين كانوا يرتدون طيات بسيطة من القماش الأبيض الذي يعد الزى الرسمي للحج، وينام العديد منهم على الرخام الأبيض الممهد في الخارج. وشددت السلطات السعودية على أن "هذه مناسبة دينية، وأنهم مستعدون للتعامل مع أي أعمال شغب". وقال وزير الداخلية الأمير أحمد، بعد حضوره أحد عروض القوات وهي تستعرض مدافع المياه وقاذفات الغاز المسيل للدموع، حتى مدافع رشاشة محمولة على شاحنات "إذا حدث أي شيء سنستطيع السيطرة عليه"، في ما يبدو أن السلطات على علم تمامًا بالحلقات الماضية من العنف أثناء مناسك الحج، كما حدث في العام 1979 عندما استولي المهاجمون على الحرم المكي وبدؤوا حصار لمدة أسبوعين مما خلف مئات القتلى. وعلى الرغم من أن المملكة العربية السعودية "معظمها سنية"، تصطدم كثيرًا مع منافستها الإقليمية إيران "معظمها شيعية"، بسبب الصراع السوري و غيره من المنازعات، فإن الوزير السعودي قلل من احتمالية حدوث اضطراب لدوافع سياسية، وقال "لا أعتقد أنه سيكون هناك أي تداعيات على أمن الحجاج نتيجة الأحداث المؤسفة في سورية وغيرها، وإن طهران أكدت للرياض أن الحجاج الإيرانيين لن يتسببوا في أي عرقلات هذا العام". وتؤيد المملكة العربية السعودية التي تعد مهد الإسلام، المعارضين الذين يقاتلون الرئيس السوري بشار الأسد الذي يُعد حليفًا مهمًا لإيران، وفي الوقت نفسه، يوجد العديد من العلاقات المتوترة بين الرياضوطهران، حيث اتهم الأسد وقادة إيرانيون كلا من تركيا ودول الخليج العربي بتسليح المتمردين، في حين اتهمت الرياضطهران بإثارة الاضطرابات في البحرين والتحريض على الاحتجاجات بين المسلمين الشيعة في المملكة العربية السعودية، بينما نفت إيران تلك الاتهامات، وصرح كلا الجانبين بأنهم حريصون على تجنب المتاعب خلال الحج، مدركين حجم الخسائر التي أدت إليها الاشتباكات بين الحجاج الإيرانيين وقوات الأمن السعودية في العام 1987 والتي أسفرت عن سقوط مئات القتلى. وقد تسامحت السلطات السعودية، في السنوات التالية، مع الاحتجاجات الصغيرة التي نظمها الإيرانيين في جانبهم من المخيم الضخم، حيث يبقى معظم الحجاج، ومع ذلك فلقد دعا رجل الدين المصري يوسف القرضاوي الأسبوع الماضي المسلمين إلى نبذ إيران وروسيا خلال الحج، بسبب تأييدهم مما زاد من توتر الأجواء بالفعل، بينما أدان إمام الحرم المكي صالح بن عبد الله حميد، في خطبة الجمعة، العنف في سورية، داعيًا الله أن "يكون ضد قوى الظالمين هناك". وقال فهمي محمد النمر (52 عامًا) من مصر، "أشعر بالفخر لكوني هنا، إنه منظر يعبر عن اتحاد المسلمين، فالناس تتكلم بكل اللغات وتصلي لإله واحد، ويجب على المسلم أداء فريضة الحج مرة على الأقل في حياته، إذا كان قادر على التكاليف وتحمل مشقة الرحلة، وهو واجب ينطبق على المسلمين سواء من السنّة أو من الشيعة، في الوقت الذي يشتد فيه التوتر بين الطائفتين الرئيستين في الإسلام". من جانبه، أكد عبد الله عبد الرحمن محمد (69 عامًا) من كردستان في العراق، بعد صلاة الجمعة "أصلي وأدعو من أجل المسلمين السوريين ليحفظهم الله من ظلم يتعرضون له"، فيما قالت نفيسة رانجرز (36 عامًا) من ولاية غوجارت في الهند، التي انتظرت خمس سنوات للحصول على تأشيرة الحج، "في المرة الأولي التي رأيت الكعبة بكيت فرحًا، ودعيت لنفسي وجميع المسلمين"، في حين أوضح زياد آدم (23 عامًا ) وهو طالب علم "اللاهوت" من كينيا، "أود أن أعيش بقية حياتي هنا، ليس هناك مكان مثله في العالم بأسره، إنها بلد مباركة". وفي العام الماضي، أدى ما يقرب من 3 مليون مسلم فريضة الحج، ثلثهم تقريبًا من داخل المملكة، وقالت السلطات السعودية إنه حتى الآن هناك حوالي 1.7 مليون وافد من الخارج و 200000 من داخل المملكة العربية السعودية، في الوقت الذي يقوم تجار مكة المعرفون حول العالم العربي بتجارة مزدهرة، حيث يقومون ببيع مخزون من الهدايا التذكارية مثل الخرز وحصير الصلاة والمصاحف والتمر والذهب وماء زمزم التي يضخ من بئر مقدس. يتوجه المسلمين نحو الكعبة خمسة مرات يوميًا للصلاة، مما يجعل زيارة الحرم تجربة فريدة من نوعها، ويطوف الحجاج حول الكعبة سبع مرات عند وصولهم إلى مكةالمكرمة، ويُعد الأربعاء هو أول أيام الحج الرسمية حيث يقوم المسلمين الحجاج بأداء مجموعة من الطقوس التي حددها الرسول صلى الله عليه وسلم، وتبلغ ذروتها الجمعة المقبلة وهو عيد الأضحى الذي يعتبر عطلة في جميع أنحاء العالم الإسلامي. ويلقب ملك المملكة العربية السعودية رسميًا بخادم الحرمين الشريفين، واعتمدت الأسرة المالكة طويلاً في مطالبتها للحكم على وصايتها على مسقط رأس الإسلام، وعلى مدى العقد الماضي أنفقت السعودية مليارات الدولارات لتوسيع الحرم المكي وبناء بنية تحتية جديدة لتجنب حوادث التدافع والحرائق التي شبت في خيام الحجاج في أعوام ماضية، مما أدى إلى سقوط مئات القتلى، وكان التدافع مميتًا في العام 2006 حيث سحق 360 شخصًا حتى الموت.