عاد النظام برغم سياسات " الخصخصة والسوق الحر " إلى سياسات بدايات الإنقلاب في عام 1989، وذلك بإعلان البنك المركزي حظر التجارة غير الرسمية في العملة بعد انخفاض سعر الجنيه إلى مستوى قياسي مقابل الدولار في السوق السوداء الثلاثاء وألقى البنك المركزي باللوم على تجار قال إنهم يربطون سعر الجنيه بأسعار الذهب ولا يجري تداول يذكر للجنيه السوداني في السوق الرسمية لكن سعره في السوق السوداء أو الموازية يشير إلى مزاج مجتمع الأعمال وعامة الناس الذين سئموا سنوات من الأزمات الاقتصادية والصراع العرقي وبلغ سعر الدولار يوم الثلاثاء 7.1 جنيه متجاوزا للمرة الأولى حاجز السبعة جنيهات المهم نفسيا. وفي الأسبوع الماضي بلغ السعر في السوق السوداء الذي أصبح السعر القياسي نحو 6.9 جنيه. وكان سعر الدولار وقت انفصال الجنوب 3.3 جنيه ، وعلق خبير اقتصادي على الأوضاع ووصفها بأنها على " حافة الانهيار " وقال " النظام يلقي اللوم على المضاربة في العملة الصعبة، لكنه ينسى أن السبب هو شح الدولار أصلاً بسبب فقدان نسبة 75% من النفط بعد انفصال الجنوب، وللسياسات الاقتصادية العرجاء التي كانت تعتمد على النفط ودمرت الزراعة والصناعة" وأشار إلى أن البلاد فقدت تقريبا 6 مليار دولار سنوياً بدون وجود بدائل للصادرات ، وأوضح أن مصادر العملات الأجنبية هي ( الصادرات، القروض الأجنبية، وتحويلات المغتربين" وجميعها وصل أدنى معدلاته في العام الجاري “. واستبعد الخبير امكانية الإصلاح الاقتصادي في الظروف الحالية لا سيما وأن البلاد تمر باحتقان سياسي وحروبات في الجنوب الجديد)، يذكر أن عمر البشير كان قد تنبأ في حوار تلفزيوني بداية العام الجاري بأن سعر الدولار سيتوقف عند 3 جنيهات سودانية ، وهو ما يثبت عدم إلمام البشير بالأمور السياسية والاقتصادية. وتراقب الشركات الأجنبية هذا السعر إذ أنها تبيع منتجاتها بالجنيه لكنها تواجه صعوبة في تحويل الأرباح إلى دولارات ويبلغ السعر الرسمي للدولار نحو 4.4 جنيه لكن تجارا يقولون إنه لا قيمة له لأن البنك المركزي والبنوك التجارية لا تستطيع توفير ما يكفي من الدولارات من خلال القنوات الرسمية للشركات المستوردة ولم يشهد السودان احتجاجات كانتفاضات الربيع العربي التي شهدتها مصر وليبيا المجاورتان لكن الحكومة تواجه احتجاجات على ارتفاع الأسعار بسبب فقدان ثلاثة أرباع إنتاج البلاد من النفط حين انفصل جنوب السودان في يوليو تموز 2011. وقال تاجر في السوق السوداء “من شبه المستحيل أن تجد دولارات في الخرطوم والأمر يزداد سوءا... المزاج سيء جدا." ونقل المركز السوداني للخدمات الصحفية المرتبط بالدولة على موقعه الالكتروني عن بدر الدين محمود نائب محافظ البنك المركزي قوله إن البنك حظر التجارة غير الرسمية في العملة وسيبلغ السلطات عن أي شخص ينتهك الحظر وقال تاجران بالسوق السوداء لرويترز إن السلطات بدأت حملة صارمة واعتقلت عدة تجار. لكن تجارا شككوا في قدرة البنك المركزي على فرض الحظر. وكانت (الأنقاذ ) في بداياتها قد أعدمت اثنين من السودانيين هما مجدي وجرجس بسبب (الدولار ) في أسوأ أنواع محاكم التفتيش ، إلا أنها تراجعت وتحولت إلى 180 درجةً باعلان تحرير الإقتصاد وحرية امتلاك النقد خارج النظام المصرفي والسفر بدون تصريح للنقد الأجنبي وما بحوزة المسافرين ، وتوقع الخبير العودة مرة أخرى إلى التضييق على المسافرين وتفتيشهم ومطالبتهم بإبراز تصريح النقد الأجنبي ..