ألقت ثلاث برقيات نشرها موقع التسريبات الشهير "ويكيليكس" المزيد من الضوء على تفاصيل جديدة متعلقة باجتماعات المسؤولين السودانيين مع نظرائهم الأمريكان خلال فترة السنوات القليلة الماضية إذ تكشف إحدى البرقيات المنشورة تفاصيل حوار بين وزير الدفاع عبد الرحيم محمد حسين و ألقائم بالأعمال الأمريكي السابق ألبيرتو فيرنانديز أشار بعدها الأخير في مجمل تحليله أن تعليقات عبد الرحيم لا تخلو من العنصرية. كما تكشف أيضاً برقية أخرى عن حوار بين فيرنانديز و مصطفى عثمان حول إجراءات الفيزا و الهجرة الأمريكية ابتدرها فيرنانديز بإبلاغ عثمان عن رفض سلطات الهجرة الأمريكية لطلب فيزا تقدم به أحد إخوة رئيس الجمهورية و افصاح مصطفى عثمان لتفاصيل غريبة متعلقة بتعثره بدوائر الهجرة بالمطارات الأمريكية لساعات طوال أثناء زياراته الرسمية. لكن أكثر البرقيات إثارة للجدل كانت لإجتماع بنيويورك بين مستشار ساركوزي لشئون أفريقيا برونو جوبيرت مع سوزان رايس في ابريل 2009 أشار فيه الأخير عن كشف صلاح قوش في اجتماعات سابقة لبعض المسؤولين إستعداده للإنقلاب على رفقائه إذا خير بين إنقاذ النظام أو نفسه!! تسجل البرقية الاولى (08KHARTOUM480) تفاصيل إجتماع لوزير الخارجية عبد الرحيم محمد حسين مع ثلاثة من مسؤولي السفارة الأمريكية بالسودان بالأول من ابريل 2008 بمباني وزارة الدفاع بالخرطوم. تناول الاجتماع عدة قضايا على رأسها دارفور إذ "أقر بحذر عن أخطاء ارتكبت بدارفور" و شبهها بأخطاء قتل الجيش الأمريكي للمواطنين بالخطأ بالعراق كما "دعا إلى المزيد من التعاون الأمريكي مع قوات السودان المسلحة و وعد بأن يحكي جانب السودان من الحكاية في عدة قضايا كدارفور و ابيي و الحركة الشعبية" و أشار إلى إحتمال دراسة تعيين ملحق عسكري بالسفارة السودانية بواشنطن و دعوة قوات الأفريكوم الأمريكية لزيارة السودان. تظهر البرقية أن وزير الدفاع في محضر حديثه عن مشكلة القوات المسلحة مع الحركة الشعبية و جيشها قام بإطلاق التصريحات التالية:"انهم عصابات مسلحة لا دراية لهم بكيفية التصرف بهذه المليارات"، "قاموا بشراء دبابات بضعف أو ثلاثة أضعاف سعرها الحقيقي" كما اعرب عن مخاوفه أن يحكم الدينكا جنوب متصدع تنتشر مشاكله خارج حدوده "انهم (أي الجنوبيون) في أي مكان في الشمال" و أشار إلى أن سكان وادي حلفا أقصى شمال السودان "25٪ منهم جنوبيون". أشار ألبيرتو فيرنانديز في تحليله أن "أن الحوار كان مذهلاً بقدر ما كان كاشفاً (للعديد من الامور): أظهر الحوار نظام يتقرب بشدة للولايات المتحدة و يحاول أن يبرر أفعاله. كما أن الحوار أظهر أولويات المؤتمر الوطني الحالية، لم تكن دارفور لكنها كانت علاقة النظام المتأزمة و القابلة للإنفجار مع شريكها الحكومي، الحركة الشعبية و جناحها العسكري. كما كشف الحوار أيضاً بعضاً من العنصرية الاستعلائية من السوداني الشمالي (مع شيء من الخوف) تجاه الجنوبيين الذين باتوا الآن أكثر حزماً". لكن اجتماعات الجانبين لم تكن دائماً تتسم بمثل هذه السلبية. في برقية أخرى (08KHARTOUM637) تناولت إجتماعاً لنفس القائم بالأعمال مع مصطفى عثمان بنفس الشهر تعامل السيد فيرنانديز بلطف بالغ مع مستشار الرئيس بإبلاغه مقدماً برفض تأشيرة دخول د.عبد الله حسن البشير (شقيق رئيس الجمهورية) للولايات المتحدة و أنه سيبلغ د.عبد الله بذلك الرفض شخصياً في اليوم التالي. شكره مصطفى على ذلك و أكد أن ذلك سيجنبهم من إحراج بالغ لكنه ما لبث أن إشتكى لفيرنانديز وأشار أنه كلما سافر إلى الولاياتالمتحدة كعضو في وفد حكومي (بما في ذلك زيارته الأخيرة من قبل إسبوعين) فإنه يتعرض دائماً للذهاب عبر إجراءات التدقيق الثانوي بدوائر الهجرة بالمطار و قد يمكث هناك لعدة ساعات! لم تكن هناك أي وعود من فيرنانديز بالنظر إلى تلك المشكلة! من جانب آخر اظهرت برقية أخرى صادرة من مكتب سفير الولاياتالمتحدة لدى الاممالمتحدة بنيويورك (09USUNNEWYORK425) تفاصيل حوار تلفوني صريح بين السفيرة الأمريكية سوزان رايس مع مستشار الرئيس الفرنسي لشؤون أفريقيا برونو جوبيرت بابريل 2009. تناول الحوار عدة شئون أفريقية كالصومال، النزاع الحدودي الأريتري الجيبوتي، دارفور و الغابون. دار جزء من الحوار عن حكومة السودان و رد فعلها تجاه الجنوب و سير محادثات سلام دارفور بالدوحة. عقبها ذكرت رايس أن الخرطوم ما زالت تتصرف بصورة غير منطقية عقب قرار المحكمة الجنائية الدولية (في إشارة إلى مذكرة القبض على عمر البشير التي صدرت قبل المكالمة بشهر) عندها قام جوبرت بالافصاح عن معلومات لا تخلو من الإثارة:"قال جوبيرت أن رئيس المخابرات السوداني صلاح قوش - اللاعب المحوري الذي أنقذ الخرطوم غداة هجوم امدرمان - سيزور باريس قريباً و أشار أنه (أي جوبيرت) يود أن يتحدث إليه. قال جوبيرت أن خلال حوارات سابقة أفصح صلاح قوش أنه يمكن أن ينقلب على رفاقه في المؤتمر الوطني إذا خير بين النظام و نفسه"!!! تصريح جوبيرت يطرح أكثر من سؤال عن "الحوارات السابقة" التي جمعته (أو جمعت زملائه) بقوش و عن طبيعة المعلومات التي "أفصح" قوش عنها. و يبدو من نسق الحوار أن للموضوع علاقة بدارفور و المحكمة الجنائية الدولية. لم يتسن أيضاً معرفة إن كان قوش قد سافر بالفعل عقب تلك المكالمة التلفونية إلى باريس أو أي دولة أخرى يتسنى لجوبيرت اللحوح أن يتصل به. لم تختم رايس برقيتها بأي تحليل شخصي كما جرت العادة مع البرقيات الاخرى (كتلك الصادرة من سفارة الولاياتالمتحدة في السودان).