اتحاد الكتاب السودانيين : بيان حول حظر الحكومة بناء كنائس جديدة رغم استحالة تبرير التصريح المقتضب، على ما ينطوي عليه من خطورة فائقة، والذي كشف به السيد وزير الإرشاد والأوقاف، في منتصف أبريل الجاري، عن قرار الحكومة بعدم السماح للمسيحيين ببناء كنائس جديدة، لعدم الحاجة، على حد تعبيره، لمثل هذه الكنائس بعد انفصال الجنوب، فقد ظللنا، مع ذلك، نترقب توضيحاً أكثر إبانة لحيثيات ذلك القرار، دون جدوى، حيث استعصمت الحكومة بالصمت، ولم يضف السيد الوزير حرفاً لما قال! مهما يكن من أمر، فإن واقعة انفصال الجنوب العزيز لا تصلح تكأة للتنكر لطابع التعدد والتنوع الأصيلين حتى في ما تبقى من بلادنا، بما في ذلك التعدد والتنوع الدينيين، بل، على العكس تماماً، فإن من شأن الاستمرار في اعتماد هذا التنكر كسياسة رسمية أن يعيد إنتاج نفس الظروف والعوامل التي أفضت إلى واقعة الانفصال المأساوية تلك. إن استمرار الحكومة في الاعتداء، كما حدث ويحدث في أكثر من مناسبة، على حرية الاعتقاد، ضغثاً على إبالة الاعتداء على حرية الصحافة، وحقوق التعبير، والتنظيم، وغيرها من الحريات والحقوق التي كفلتها المواثيق الدولية، وكفلها الدستور الانتقالي لسنة 2005م، لمما لا يحتاج إلى ما يضيئه أو يثبته، بل إنه ليثير قلقنا، ضمن سائر الحادبين على مستقبل المساكنة الثقافية الهادئة، والتعايش الديني السلمي، بين مختلف القوامات الإثنية التي لا يمكن مجرد الحلم ببناء وحدة وطنية، في أي مستوى، بدون مراعاتها، واحترامها، والمساواة بينها. ملمح آخر من خطورة مثل هذه التصريحات الرسمية هو أنها تشعل فتيلة التطرف في الشارع، وتطلق الهوس الديني البغيض من عقاله، وسط القوى الاجتماعية الداعمة لسياساته ونظمه، إذ توعز لها بأنها مأذونة في شن حرب “مقدسة" على أصحاب الديانات الأخرى، فتنطلق تهدم وتحرق دور وممتلكات ما عداها من الطوائف، المسيحية بالأخص، وتنتهك حقها في ممارسة شعائرها، كما حدث العام الماضي في الخرطوم وفي نيالا، مما كنا شجبناه في حينه، وكما “يبشِّر" وزير الإرشاد والأوقاف اليوم! إننا نطالب الحكومة بسحب هذه التصريحات الخطرة، وبالكف عن اتخاذ مثل هذه الإجراءات، وإلا فإننا ندق ناقوس الخطر، للمرة الألف، محذرين الجميع من أن هذه السياسات العرجاء ستورد وطننا موارد التهلكة، وأن بلادنا مقدمة، بموجبها، على جولة جديدة من التمزق، والشتات، وإهدار مقومات ما تبقى من وحدتها وتماسكها. الأمانة العامة 20 أبريل 2013م