رسمت جماعة الإخوان نهايتها بيدها، فقدت شعبيتها خلال عام واحد في السلطة، وأصبحت منبوذة مجتمعياً وزاد ذلك تهديد الإخوان بحرق مصر بعد أن عزلت الجماعة ورئيسها وبعد أن قرر الجيش والحكومة الحالية إنهاء الاعتصامات الإخوانية وفضها، وفعلاً بدأ الإخوان بتنفيذ خطتهم في تدمير مصر وظهرت العناصر الإخوانية التي حملت الأسلحة ضد المواطنين والجيش والشرطة لتكشف عن الوجه الحقيقي للجماعة، وحسب تقرير لوكالة فرانس برس فقد خسرت جماعة الإخوان المسلمين على مدار السنة التي تولت فيها الحكم ما عملت على إنجازه طيلة 80 سنة لتتحول بين ليلة وضحاها من القوة صاحبة الشرعية والسلطة، إلى جماعة منبوذة كما يرى المراقبون، ومنذ عزل الرئيس محمد مرسي، تشهد شوارع مصر مواجهات شبه يومية بين أنصار الإخوان ومعارضيهم ومع قوات الأمن قتل فيها منذ الأربعاء أكثر من 750 شخص، وكان فوز مرسي، في الجولة الثانية من الانتخابات الرئاسية في 2012 على أحمد شفيق، آخر رئيس وزراء في عهد مبارك، قد أثار آمالاً عريضة لدى المجتمع المدني، المحرك الأول لثورة يناير التي أطاحت بنظام حسني مبارك، في أحداث تغيير في عمق الدولة والتخلص من نظام ديكتاتوري وإحلال نظام ديموقراطي بديل تديره صناديق الاقتراع، غير أن مرسي، سعى مباشرة بعد أن اقسم اليمين في 30 حزيران/يونيو 2012 إلى فرض سلطاته من خلال منح نفسه صلاحيات مطلقة بإعلان دستوري أثار غضباً شعبياً زادته تأججاً محاولته تمكين جماعته من كل مفاصل الدولة، ويقول الناشط السياسي أحمد زهران، الذي أعطى أيضاً صوته لمرسي في الانتخابات الرئاسية أن الناس في قطاعات صغيرة ليست راضية عن استخدام القوة المفرطة مع الإخوان، لكن الغالبية مع ما يحصل بسبب حمل بعض عناصر الإخوان للسلاح، ويضيف زهران أن فوز مرسي كان مبني على تحالف تم الاتفاق عليه بعد الجولة الأولى ضم جماعة الإخوان والقوى الثورية والمساندين للثورة، لكن الإعلان الدستوري الشهير قلب المعطيات. ويرجع من جهته الكاتب والمفكر الإسلامي فهمي هويدي السبب الأساسي في تغير النظرة إلى جماعة الإخوان إلى فشل مرسي، الذي لم ينجح في الفترة التي تولى فيها الرئاسة لحوالي سنة لا في السياسة ولا في احتواء الآخرين، ويوضح هويدي في تصريح لفرانس برس أن جماعة الإخوان وجدت نفسها فجأة أمام فرصة تولي السلطة وبدا واضحاً أنها تعاني من نقص الخبرة في الحكم، ومن غياب العقل الاستراتيجي، ويتابع أن تقود جماعة، ثم فجأة تقود دولة، أمر صعب إنه أمر مختلف تماماً، فقيادة الجماعة تعني أن تقود أنصارك، لكن قيادة الدولة تعني أن تقود خصومك أيضاً، وهو ما لم يحدث، ومن محاولة احتكار صلاحيات رئيسية، مروراً بالدعوة إلى انتفاضة ضد الجيش الذي خرج من صفوفه كافة الرؤساء الأربعة السابقين لمرسي بين 1952 و2012، وصولاً إلى التسبب بأزمات مع القضاء والإعلام والمثقفين، خسرت جماعة الإخوان شيئاً فشيئاً معظم التأييد الكبير الذي كانت تتمتع به عشية الانتخابات. وقد شهد عهد مرسي أيضاً تدهوراً شديداً لاقتصاد منهك بالفعل ما تسبب في ارتفاع كبير في نسب التضخم والبطالة بالإضافة إلى نقص في المحروقات، وبعد أن شككت مجموعات كبيرة من المصريين في نوايا الجيش عقب مغادرة حسني مبارك للحكم وحتى الانتخابات الرئاسية الأخيرة، عادت لتلتف حوله وتؤيده في عزل أول رئيس مدني منتخب، بل إن تلك المجموعات باتت حتى تشجع قوات الأمن على المضي في ملاحقتها الدامية للإخوان، وتبدي تعاطفاً أقل مع الأعداد الكبيرة للضحايا، رافضة وصف التغيير الدراماتيكي الذي حول مرسي من رئيس إلى سجين في ساعات، بالانقلاب على سلطة هم انتخبوها، وتجد الجماعة نفسها اليوم أمام خيارات محدودة قد تدفعها في ظل النقمة المتصاعدة ضدها للعودة إلى العمل السري الذي اتقنته لعقود. مركز المزماة للدراسات والبحوث 19 أغسطس 2013