مليشيا التمرد تواجه نقصاً حاداً في الوقود في مواقعها حول مدينة الفاشر    ضربة موجعة لمليشيا التمرد داخل معسكر كشلنقو جنوب مدينة نيالا    مدير مستشفي الشرطة دنقلا يلتقي وزير الصحة المكلف بالولاية الشمالية    شاهد بالفيديو.. شاعرة سودانية ترد على فتيات الدعم السريع وتقود "تاتشر" للجيش: (سودانا جاري في الوريد وجيشنا صامد جيش حديد دبل ليهو في يوم العيد قول ليهو نقطة سطر جديد)        ضياء الدين بلال يكتب: نحن نزرع الشوك    بالصور.. اجتماع الفريق أول ياسر العطا مساعد القائد العام للقوات المسلحة و عضو مجلس السيادة بقيادات القوة المشتركة    أقرع: مزايدات و"مطاعنات" ذكورية من نساء    وزير خارجية السودان الأسبق: علي ماذا يتفاوض الجيش والدعم السريع    محلية حلفا توكد على زيادة الايرادات لتقديم خدمات جيدة    شاهد بالفيديو.. خلال حفل حاشد بجوبا.. الفنانة عشة الجبل تغني لقادة الجيش (البرهان والعطا وكباشي) وتحذر الجمهور الكبير الحاضر: (مافي زول يقول لي أرفعي بلاغ دعم سريع)    شاهد بالفيديو.. سودانيون في فرنسا يحاصرون مريم الصادق المهدي ويهتفون في وجهها بعد خروجها من مؤتمر باريس والقيادية بحزب الأمة ترد عليهم: (والله ما بعتكم)    غوتيريش: الشرق الأوسط على شفير الانزلاق إلى نزاع إقليمي شامل    أنشيلوتي: ريال مدريد لا يموت أبدا.. وهذا ما قاله لي جوارديولا    سوداني أضرم النار بمسلمين في بريطانيا يحتجز لأجل غير مسمى بمستشفى    محاصرة مليوني هاتف في السوق السوداء وخلق 5 آلاف منصب عمل    غوارديولا يعلّق بعد الإقصاء أمام ريال مدريد    امين حكومة غرب كردفان يتفقد سير العمل بديوان الزكاة    نوير يبصم على إنجاز أوروبي غير مسبوق    تسلا تطالب المساهمين بالموافقة على صرف 56 مليار دولار لرئيسها التنفيذي    محافظ بنك إنجلترا : المملكة المتحدة تواجه خطر تضخم أقل من الولايات المتحدة    منتخبنا يواصل تدريباته بنجاح..أسامة والشاعر الى الإمارات ..الأولمبي يبدأ تحضيراته بقوة..باشري يتجاوز الأحزان ويعود للتدريبات    بايرن ميونخ يطيح بآرسنال من الأبطال    بالصور.. مباحث عطبرة تداهم منزل أحد أخطر معتادي الإجرام وتلقي عليه القبض بعد مقاومة وتضبط بحوزته مسروقات وكمية كبيرة من مخدر الآيس    العين يهزم الهلال في قمة ركلات الجزاء بدوري أبطال آسيا    مباحث المستهلك تضبط 110 الف كرتونة شاي مخالفة للمواصفات    قرار عاجل من النيابة بشأن حريق مول تجاري بأسوان    العليقي وماادراك ماالعليقي!!؟؟    الرئيس الإيراني: القوات المسلحة جاهزة ومستعدة لأي خطوة للدفاع عن حماية أمن البلاد    بعد سحق برشلونة..مبابي يغرق في السعادة    جبريل إبراهيم: لا توجد مجاعة في السودان    خلال ساعات.. الشرطة المغربية توقع بسارقي مجوهرات    مبارك الفاضل يعلق على تعيين" عدوي" سفيرا في القاهرة    وزير الخارجية السعودي: المنطقة لا تحتمل مزيداً من الصراعات    لمستخدمي فأرة الكمبيوتر لساعات طويلة.. انتبهوا لمتلازمة النفق الرسغي    عام الحرب في السودان: تهدمت المباني وتعززت الهوية الوطنية    مضي عام ياوطن الا يوجد صوت عقل!!!    مصدر بالصحة يكشف سبب وفاة شيرين سيف النصر: امتنعت عن الأكل في آخر أيامها    واشنطن: اطلعنا على تقارير دعم إيران للجيش السوداني    ماذا تعلمت من السنين التي مضت؟    إنهيارالقطاع المصرفي خسائر تقدر ب (150) مليار دولار    أحمد داش: ««محمد رمضان تلقائي وكلامه في المشاهد واقعي»    إصابة 6 في إنقلاب ملاكي على طريق أسوان الصحراوي الغربي    تقرير: روسيا بدأت تصدير وقود الديزل للسودان    تسابيح!    مفاجآت ترامب لا تنتهي، رحب به نزلاء مطعم فكافأهم بهذه الطريقة – فيديو    راشد عبد الرحيم: دين الأشاوس    مدير شرطة ولاية شمال كردفان يقدم المعايدة لمنسوبي القسم الشمالي بالابيض ويقف علي الانجاز الجنائي الكبير    وصفة آمنة لمرحلة ما بعد الصيام    إيلون ماسك: نتوقع تفوق الذكاء الاصطناعي على أذكى إنسان العام المقبل    الطيب عبد الماجد يكتب: عيد سعيد ..    ما بين أهلا ووداعا رمضان    تداعيات كارثية.. حرب السودان تعيق صادرات نفط دولة الجنوب    بعد نجاحه.. هل يصبح مسلسل "الحشاشين" فيلمًا سينمائيًّا؟    السلطات في السودان تعلن القبض على متهم الكويت    «أطباء بلا حدود» تعلن نفاد اللقاحات من جنوب دارفور    دراسة: القهوة تقلل من عودة سرطان الأمعاء    الجيش السوداني يعلن ضبط شبكة خطيرة    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



ياسر عرمان : فى ذكرى معركة النهر الثانية
نشر في سودانيات يوم 23 - 10 - 2013

علاقة الشمال والجنوب لاتقبل إلا أن تكون إستراتجية
والسودان لايقبل إلا ان يكون مشروعاً عظيماً
ولنعبر نحو السلام الدائم والتعايش السلمى
تظل حركة 1924 اولى وكبرى المنظمات الحديثة التى نشأت خارج التركيبة الطائفية فى وقت مبكر وقدمت قيادة من مختلف قوميات وقبائل السودان وطرحت رؤية هى الاقرب إلى السودانوية وقد إنهال غبار كثيف على دفاتر يومياتها عمداً وسهواً لخطورة الافكار والاسئلة التى طرحتها حول ماضى و مستقبل السودان وقد دعى نائب الامين العام أسر قادة حركة 1924 لإحتفال أقيم بالتضامن مع صحيفة اجراس الحرية ومجموعات من الناشطين فى الخرطوم للإحتفاء فى27/نوفمبر/2010 بذكرى معركة النهر التى قادها القائد الشهيد عبد الفضيل الماظ فى يومى الخميس والجمعة 27-28 نوفمبر 1924 وقد إرتجل هذه الكلمة التى تم تلخيصها لاحقاً . ولان أسئلة الامس هى نفسها موضوعات وتحديات اليوم نعيد نشر هذه الكلمة مرة اخرى ونحن على مشارف شهر نوفمبر شهر معركة النهر الثانية .
السلام عليكم، كل عام وانتم بخير، اولاً اتقدم بالشكر لصحيفة اجراس الحرية والقائمين على امرها والاخوان المنظمين والمقدمين لهذا البرنامج، واحي بصفة خاصة الحضور من بنات وابناء واحفاد ثوار ثورة 1924 ولهم منا تصفيق حار وارحب بجميع الحضور، انا سعيد سعادة لا توصف بهذا الاحتفال الكبير جدا،ً فهو احتفال شعبي جاء مبادراة شعبية والذين شاركوا فيه جاؤا بحماس حقيقي، ولو أقامته الحكومة لما جاء بهذا الجمال، واحي تحية خاصة ممثل السفارة المصرية وحسناً فعل بقدومه لان ثورة 1924 أبرزت الصلة بين الشعب السوداني و الشعب المصري وسوف أوضح ذلك لاحقا ،
حركة 1924 حركة عظيمة هناك اناس حالوا لسنوات طويلة وبطريقة ممنهجة ومبرمجة وفي محاولة لا تخلو من الغرض ان يثيروا الكثير من الغبار على ثورة 1924 لكن الحقائق عصية على أن تنمحي و تخرج من الذاكرة، ومن ضمن الأشياء المثيرة للدهشة أن تأتي إمرأة مثل الباحثة كوريتا من اليابان البعيدة والتي لا تربطها صلة مباشرة بالسودان لتبحث وتنقب في ثورة 1924 وتصدر عدة مقالات في كتاب باسم (علي عبد اللطيف ومصادر الثورة السودانية) ! هذا يشبه ما فعله (دينزل واشنطن) الذي أدى فيلما رائعا عن مالكوم إكس أحيا سيرته من جديد بعد أن كانت هناك محاولة مبرمجة لأن لا يظهر مالكلوم اكس كثيراً في تاريخ الولايات المتحدة، ويظهر كداعية للعنف و قد اسهم كذلك إعتناقه الإسلام و مواقفه الصارمة فى وضع أسئلة وإستفهامات حوله من قبل خصومه ! وتشويه صورته كمناضل من أجل حقوق السود والديمقراطية الاجتماعية والاثنية، فالأعمال الخيرة والعظيمة مهما حاول البعض إخفاءها و(دفنها) فلابد أن تظهر للعيان، فالخير خير وان طال الزمان به.
ثورة 1924 ثورة عظيمة تخاطب قضايا كثيرة بالنسبة للشعب السوداني، وهناك قضايا تتفجر الآن امام اعين الانظمة السودانية وهذه القضايا كانت قد اثيرت في ثورة 1924 بحدة وبقوة، فثورة 1924 هي اول خروج سياسي منظم عن الحواجز الاثنية في المجتمع السوداني من مجموعة من المثقفين والمتعلمين ،وثورة 24 اول تعبير حديث عن العلاقات المشتركة بين الجنوبيين والشماليين، الاستعمار البريطاني حينما جاء كان يعتقد ان تجنيد مجموعات السوادنية ينتمى إليها اناس مثل عبد الفضيل الماظ وعلي عبد اللطيف في داخل قوة دفاع السودان والاورطة المصرية سيجعلهم يوجهون سلاحهم لضرب الطوائف والمجموعات الاخرى في داخل المجتمع السوداني بافتراض أن هؤلاء اشخاص من قاع المجتمع السوداني وحينما يكونون ضباطاً في الجيش سوف يتصرفون مثلما تصرف بوتليزى في جنوب افريقيا وملشيا الزولوا، لكن علي عبد اللطيف وعبد الفضيل الماظ لم يأتوا من طبقات ليس لها تاريخ بل جاءوا من طبقات وفئات لها تاريخ طويل ولذلك لم يوجهوا سلاحهم إلى صدور شعبهم بل وجهوا سلاحهم الى صدور الاستعمار البريطاني وكونوا اول حزب من احزاب السودان الجديد يحمل روح ورحيق وجنينية وجينات فكرة السودان الجديد وما يزال نضال حركة 1924م ملهم للأجيال الجديدة ، وهذه قصة تحكي عظمة هؤلاء الابطال الاماجد. انهم لم يهتموا مطلقاً برتبهم، ففي عام 1924 عندما يكون الشخص (ملازم اول) في قوة دفاع السودان يكون من اكبر شخصيات البلد ولكن ثوار 1924 تخلوا عن الرتب وضحوا بكل شيء، فعبد الفضيل الماظ حينما استشهد كان عمره 28 سنة!!
هناك من يدعي أن ثورة 1924 مجرد امتداد للخديوية في مصر، وهذا غير صحيح، فثورة 1924 هي اول تأسيس للنضال المشترك بين الشعب السوداني والشعب المصري فى تاريخنا الحديث، وهناك شواهد كثيرة على انها لم تهتم بالملك فؤاد وغيره بل اهتمت بسعد زغلول رئيس حزب الوفد وزعيم الثورة ، واهتمت بالنضال المصري ضد الاحتلال البريطاني، والرسالة المشهورة التي كتبها علي عبد اللطيف وبموجبها دخل السجن (مطالب الامة) هي نفس إسم وعنوان الرسالة التي كتبها سعد زغلول في مصر (مطالب الامة) ، وعلى عبد اللطيف حينما اوقف في مدني أوقف لانه رفض تحية الضابط الانجليزي ونفس الدعوة انتشرت من قبل فى مصر من ثوار 1919م، ثوار 1924 كانوا ضباطا مثقفين ووطنيين، عبد الفضيل الماظ قبل عام من معركة النهر جاء من تلودي حيث كان يعمل، نقل الى حامية الخرطوم ثم قام بزيارة قصيرة لمصر عام 1923 ،كانت مصر وقتها تغلي بافكار حزب الوفد فعاد عبد الفضيل من هناك مشبعا بافكار عديدة، وتكونت لديه رؤية واضحة، و قبل خمسة سنوات زارتني امرأة، وهي الان موجودة بيننا و هي السيدة خديجة وقالت لي اريد ان اتحدث معاك لانك في مقام ابني وانا جئت لكي اشكرك لانك تذكر جدى بإستمرار، روت لي الأستاذة خديجة قصة مثيرة للإنتباه ، قالت إن (الماظ) والد عبدالفضيل كان وحيدا ليس له أخ أو أخت وقد تزوج امرأة من قبيلة المورو في القاهرة وانجب منها ا بنا وحيداً هو عبد الفضيل، ووالد عبد الفضيل الماظ كان ضمن الأورطة المصرية، وقد جاء مع جيش كتشنر الذي لم يكن يعلم بان معه من يرد الصاع صاعين!! وهو عبد الفضيل!! وعندما استشهد عبد الفضيل كان عمره 28 سنة وله ابن وحيد هو جار النبي وجار النبي انجب ابنة وحيدة هي السيدة خديجة التي امامكم فلها منا التحية.
عبد الفضيل الماظ في عام 1911 عندما توفى والده كان يدرس بمدرسة الصناعات في كلية غردون التذكارية وخاله ذهب به الى الجندية ليقتفي اثر والده وينفق على والدته، دخل الجيش كجندي لكن بحكم تعليمه صار نائب بلك أمين امتحن ثلاث امتحانات متتالية واصبح صول، وفي هذه الرتبة ذهب الى راجا وهناك شاهده احد الضباط المصريين أثناء تدريبه لكتيبة فاعجب به واوصى بان يذهب الى الكلية، الضابط الانجليزي رفض لكنه حينما راقبه ايضاً اعجب به ووصى بدخوله للكلية الحربية وتخرج منها ملازم تاني ومن 1917 الى 1923 كان يعمل في حامية تلودي بجبال النوبة كما عمل في راجا وفي واو، عندما كان هو وزملائه في طريقهم إلى مأمورية هاجمهم قطيع من الجواميس! كل الذين معه هربوا ما عدا هو فقد اخذ بندقيته ورمي على الجواميس ومن ثم واصلوا سيرهم، فقد كان عبد الفضيل معروفاً بالشجاعة والاقدام، وهو مثقف يقرأ ويتطلع باستمرار وحينما جاء الى الخرطوم في سنة 1923 في العام 1924 اغتيل بالقاهرة السير لي استاك حاكم عام السودان، فأمر البريطانيون بخروج كل القوات المصرية - وهذه المعلومة مهمة جداً - علي عبد اللطيف وعبد الفضيل الماظ كانا تابعين للقوة المصرية ولذلك عندما امرت القوات المصرية بقيادة القائم مقام احمد رفعت بان تذهب اتفقا على البقاء ومواجهة الانجليز معاً، ولكن الملك فؤاد ارسل مندوبا طلب من الجيش المصري ان ينسحب! هناك أيضا واقعة عظيمة عن (سيد فرح) الضابط الوحيد الذي خرج حياً ولم يعتقل من معركة النهر، كنت اتمني ان يذكر د. بيتر ادوك إنه قد ذهب إلى دلقو المحس مؤخراً وافتتح هناك كلية باسم سيد فرح فقد انضم سيد فرح للثورة الليبية ولم ينضم الى الملك فؤاد حتى رجوعه إلى السودان عشية الإستقلال .
عبد الفضيل جاء عبر شارع الجامعة وكانت معه ذخيرة حية والانجليز كانوا لا يدرون بذلك وكانت الكتيبة الانجليزية تقف وفيها مايزيد على الثمانمائة ضابط وجندى ،و بحسب رواية سيد فرح هتف ثوار 1924 ضد الانجليز فأطلق الانجليز الرصاص لتحذيرهم في الهواء من اجل التهديد، وما كان من عبد الفضيل الماظ ان امر الذين معه بان يأخذوا ساتراً في جدول المياه وامرهم باطلاق النار على الجنود البريطانيين وبحسب التقرير البريطاني فان عدد الذين نجوا من هذه المعركة حوالي 150 شخص من البريطانين وكل سكان الخرطوم في ذلك اليوم ذهبوا الى الغابة وكانت المعركة دائرة في يوم الخميس 27 نوفمبر بين قوة عبد الفضيل الماظ التي استشهد جزء منها وهناك من نفذت ذخيرته، وقد امرهم بالانسحاب وكان عددهم لايتجاوز المائه وفي يوم الجمعة 28 نوفمبر كانت القوات البريطانية كلها تقاتل شخصا واحدا هو عبد الفضيل الماظ ولديه مدفع واحد من نوع مكسيم، في ليل الخميس اقترح سيد فرح لعبد الفضيل بان يعبروا الضفة الثانية للنهر ويذهبوا الى القوات المصرية فرفض عبد الفضيل اقتراحه واصر على البقاء وفي يوم الجمعة ضرب الانجليز المستشفى بالمدفعية فاستشهد عبد الفضيل الماظ ممسكاً بسلاحه، وعندما رأها ضابط إنجليزي حياة وهو ميت اعجاباً ببسالته وشجاعته لأنه لم يترك سلاحه وقاتل حتى النهاية!!هذه التحية التي لا يجدها عبد الفضيل الماظ حتى من الحاكمين اليوم بل هناك دعوة الاستثمار فى الكراهية والفتن وطرد أحفاد عبدالفضيل الماظ والاساءة لإرث عبيد حاج الامين والماظ وعلى اللطيف فى النضال المشترك بين مختلف جماعات واقوام السودان! سيد فرح ايضاً له قصة مؤثرة أخرى هي أن جده ساعد كتشنر حينما بني السكة الحديدية فى حملته لفتح السودان ، وعندما قابل جده في دلقو المحس قال له كتشنر انا اريد ان اساعدك هل يوجد لديك ابن ادخله لك المدرسة؟ فقال له لدي حفيدي سيد فرح! وعندما تخرج سيد فرح ضابطاً قال له حسن نجيلة لوكان يعلم كتشنر ماسيحدث لما أدخلك المدرسة! عندما زارتني الاستاذة خديجة حفيدة عبد الفضيل في المكتب قلت لها اننا غداً سنحتفل بذكرى رحيل د. جون قرنق وقلت لها انت من اسرة كبيرة يجب ان يشار إليها بالبنان في الوقت الذي يوجد في هذا البلد كثيرون يشار اليهم من الذين (اكلوا وماشبعوا) قلت لها انت سوف تكونين ضيفة الشرف في استاذ المريخ، الاستاذ بالداخل كان فيه اكثر من 55 الف شخص وفي الخارج ايضاً مثله وأكثر، قالت سوف لن يسمحوا بدخولي، فقلت لها أنا سوف أرسل لك سيارتي الخاصة، وبالفعل دخلت وحضرت الاحتفال وقد نوهت في خطابي لحضورها ورحبت بها كما أشرت في خطابي و بحضور الاستاذ علي عثمان محمد طه ان عبد الفضيل الماظ لا يوجد شارع باسمه الا شارع صغير في الخرطوم 2 بينما يوجد شارع كبير باسم الزبير باشا ويجب إنصاف المهمشين فى ذكرى زعيم المهمشين د.جون قرنق وطلبت بإطلاق إسمه على مستشفى العيون الامر الذى تم لاحقاً .
وكذلك علي عبد اللطيف لديه سيرة كبيرة جداً وقد ظل بالسجن 24 سنة ويزيد ولولا التحيزات العرقية لوجدنا اسمه في كل شارع وكل محطة في هذه البلاد ، فلماذا كل هذه التحيزات.
وتحدث الاستاذ ياسر عرمان قائلاً : احب ان اوضح بعض الاشياء واوجه هنا تحية خاصة لحسن نجيلة لاهتمامه ومحبته لثوار 1924 فهو لم تنطلي عليه الخدعة الكبيرة وهي ان ثوار 1924 تابعين لجهة خارجية وليست لديهم جذور واصول وطنية، فقد روى حسن نجيلة الذى قدم ودون سجلاً مهماً حول ثورة 1924 (أنهم عندما كانوا في شندي و أرادوا ان يودعوا طبيبا لبنانيا والطبيب اللبناني فجأة تم استدعاؤه الى الخرطوم وحضر الى شندي بالإكسبريس.
( وعندما نزل من القطار كان معه اثنان من العساكر والمودعين ومعهم حسن نجيلة قالوا له والله الانجليز احترموك وجابوا ليك حرس قال هذا الحرس ليس لي ولكنه لعلي عبد اللطيف الذى كان فى طريقه الى مصر وقد فاوض مصطفى النحاس في معاهدة 1939 مطالباً باطلاق سراحه ، والانجيليز قالوا نريد المزيد من التشاور مع الزعماء السودانيين وهناك اشياء كثيرة مؤلمة ضمنها لماذا لم يطلق سراح علي عبد اللطيف ومن الذى اشار من الزعماء بعدم إطلاق سراحه !! ؟ حسن نجيلة كان شاباً وراى على عبداللطيف كان رجلاً طويلا يلبس جلابية ناصعة البياض من القطار سأل اهل شندي عن شخص ما ولكن الذين سألهم لم يعرفوه وبعض مدة اتضح ان هذا الشخص الذي سأل عنه علي عبد اللطيف جندي كان ضمن قيادته فتح دكاناً للغسيل في شندي وتوفي بعد ذلك قبل سؤال علي عبد اللطيف عنه).
والتحية الاخرى الكبيرة لحاجة العازة محمد عبدالله رائدة نضال النساء وزجة على عبداللطيف وحاجة العازة لعب دوراً عظيماً فى ثورة 1924م وشاركت فى العمل الثورى وكانت اول إمراة سوادانية تخرج فى مظاهرة وعندما ذهبت إليه في مصر لتشاوره في تزويج ابنتها قال لها على عبداللطيف إن قناة السويس ستتسبب في قيام حرب، وقد روج الانجليز أن علي عبد اللطيف بحديثه هذا قد أصيب بلوثة، وعندما جاءت حرب 1956م تذكرت حاجة العازة بان علي عبد اللطيف أكثر ذكاءً وكان ينظر إلى المستقبل أكثر من الآخرين.
إن هنالك أسئلة كثيرة لاتزال تستحق الاجابات والإهتمام حول ثورة 1924م وعلاقتها بنضال الشعب المصرى وليس بالخديوية كما حاول البعض إلإساءة إليها وكذلك إنضمام أعداد كبيرة من جماهير إليها فى الخرطوم ومدنى وبور تسودان وعطبرة والابيض وغيرها والطريقة التى تم تصفية الحسابات معها وعدم التفات حركات القوى الجديدة لأهميتها وما أجترحته من ماثرة فى تجاوز القضايا الاثنية وتكوين قيادة متنوعة ومن منابت إثنية مختلفة لا زالت تخلدها تلك الصورة الرائعة لقيادة اللواء الابيض التى تجمع أهم رمزين على عبداللطيف وعبيد حاج الامين اول نشاط ثورى حقيقى فى اوساط المثقفين والافندية فى العمل السياسي الحديث كذلك الصلة التى لاتخطئها العين لصلتها بالشمال عبيد وصالح عبدالقادر والبنا وجبريل .... الخ وبالجنوب والشمال معاً على والماظ وعبدالبخيت وبالشمال والغرب زين العابدين عبدالتام وبالجبال النوبة على وعدد كبير من الجنود المشاركين فى معركة النهرفهى ذاكرة سودانية مشتركة .
ما أود التركيز عليه هنا هو أن جنوب السودان إذا أنفصل سوف يتوحد مستقبلا وإفريقيا كلها ستتوحد، فالمستقبل للوحدة التى يجب ان تكون من أولوياتنا اليوم وغداً وان تكون على أسس جديدة وطوعية، ففي أوربا هتلر قتل 50 مليون من الأوروبيين وفي عهد هتلر احتلت ألمانيا فرنسا، والآن في عام 2010م أقوى العلاقات في أوروبا هي العلاقات الألمانية- الفرنسية، فعلاقة الفرنسيين بالألمان قوية بالرغم من كل ما فعله هتلر ، لذلك سوف يأتي اليوم الذي يتوحد فيه الشمال والجنوب وسوف تأتي أجيال لا تعرف التحيزات العرقية والدينية الموجودة الآن، وهؤلاء سوف يأتون من أناس يحملون رؤية علي عبد اللطيف وعبيد حاج الأمين وجون قرنق، وهذه هذه المسألة نحن نراها رأي العين، وبالرغم من المرارات فإن الجنوب والشمال تربطهما علاقة تمتد لآلاف السنين، فالسودان بلد قديم نشأت فيه حضارات قديمة والجنوبيون والشماليون هم من بنوا حضارات وادي النيل، فبناء الإهرامات بدأ من السودان وكانت حضارة الإنسان الأسود، هذه معلومات وحقائق أكدها الشيخ أنتا ديوب وهو عالم في الأنثروبولوجي والتاريخ واللغات لايشق له غبار ومن اهم علماء التاريخ الافريقى والمفكرين الافارقة ، وقد زامل محيي الدين صابر و احمد السيد حمد وبشير البكري وحضّر الدكتوراة عن جذور السوداء حضارات وادي النيل القديمة.
المسيحية فى بلادنا امتد تاريخها لأكثر من ثلاثة قرون في هذه البلد وأول سوداني اعتنق المسيحية سنة 38 والسودانيين رسموا في كنسية (فرص وبوهين) مريم العذراء امرأة سوداء، وزكريا بن جرجا ملك سودانى مسيحي زار بغداد في عهد الخلفاء العباسيين ورجع إلى السودان، هذه البلاد تاريخها طويل ونحن جميعنا سود، (وفي النهاية جمع ثور ثيران وسود سودان) ومهما كانت المرارات والغبن فإن فشل الدولة السودانية في إدارة التنوع وإقامة نظام عادل اجتماعياً هو الذي قاد الجنوبيين إلى أن يطالبوا بالذهاب، الحركة الشعبية قامت بمحاولة بطولية حتى لو تم الانفصال لابد للسودانيين الذين يأتون بعد سنوات طويلة أن يذكروا شخصا كبيرا مثل الدكتور جون قرنق الذي حاول وما يزال أن يوحد الشعب السوداني بفكر وببصيرة نافذة وأقامة علاقات مع كافة القوى السياسية ولا بد أن يتذكروا العمل الكبير الذي قام به ونتيجة لذلك تم منحه (دكتوراة) في الساحة الخضراء، ومن خلال العمل الكبير الذي قام به فان السودان سيتوحد بإرادة كل الناس وهذه هي مسئوليتنا نحن جميعنا ،وإذا انفصل الجنوب لابد من إقامة مشروع السودان الجديد في الجنوب وفى الشمال ، لكن قبل هذا نسأل لماذا ينفصل الجنوبيون؟ إنهم سينفصلون من أجل العدالة الاجتماعية وإدارة جيدة للتنمية ومن أجل الكرامة والصحة والتعليم لذلك هم يريدون برامج جديدة فى حالة الوحدة او الانفصال وإذا أصبح الجنوب جديداً سيكون عضداً للشمال حتى وإنفصل، الطريق الذي يسير فيه المؤتمر الوطني طريق خاطئ، المؤتمر الوطني الآن يقوم بتحريض كبير، هذا البلد يجب أن نتجنب الحرب، نحن لا نريد العودة إلى الحرب مرة أخرى ويجب أن نعبر إلى سلام دائم ويجب أن يتم الاستفتاء، ونحن في اجتماعنا وتجمعنا هذا وهو بلا شك تجمع كبير جداً وإحياءً للذاكرة السودانية المشتركة وإلغاء للحواجز من أجل الوصول إلى العمل المشترك، لأننا سودانيين أتينا من هنا وهناك ولا يوجد أحد فينا ليست جدته أو جده ليس من الجنوب أو جبال النوبة أو الشرق أو الغرب، وأنا أقول أي سوداني يقول أن جدته (سريه) فليجعلها (علنية)، نحن جميعنا سود وإذا ذهبنا الى أمريكا فان أكثر شخص فينا بياضا سيوجهونه بالذهاب إلى هارلم (مكان تجمع السود في أمريكا)، إذا انفصل الجنوب فإن الشمال يحتاج إلى ترتيبات دستورية لأن المؤتمر الوطني لا يستطيع أن يحكم البلاد بنفس الطريقة التى ادت الى فصل الجنوب ولابدا من سياسات جديدة فى مركز السلطة فى الخرطوم تعمل على إعادة هيكلة المركز الذى شن الحروب ضد الجنوب والشرق والغرب ولم تستشنى الرعاة والعمال والمزراعين والمثقفين وجعل من الدولة دولة للحزب لأنه لا يمكن له أن يلغي القوى السياسية ولا يمكن له أن يلغي الحركة الشعبية ولا يمكن أن يلغي الناس ومطالبهم، الشمال يجب أن يتم ترتيبه على أسس جديدة وعلى نظام حكم جديد لأن السبب الذي جعل الجنوب يذهب سوف يجعل دارفور تذهب والشرق يذهب ومزارعو الجزيرة أيضاً يذهبون، لذلك فإن الشمال يجب أن تكون فيه عدالة والسفير أحمد البدري قال في البداية ملاحظات صائبة جداً، عدم الاهتمام بثوار 1924م ظلم كبير، وإذا لم تهتم الحكومة بهم فنحن ولدنا لأجل الاهتمام بهم...وعلى المؤرخيين الوطنيين العودة مرة أخرى لزيارة حركة 1924م أولى حركات السودان الجديد والتى جمعت السودانيين شمالاً وجنوباً وهى نقطة إلتقاء قوية بين الشمال والجنوب وأخيراً أدعوا النساء والرجال من دعاه الاستنارة الاهتمام بشكل مستقل وليس تابع بالمناضلة العازة محمد عبدالله ودورها فى تاريخ الحركة النسوية السودانية المناضلة ، وأخيراً ربما لايصدق البعض ان على عبداللطيف وحسب ماوردته كوريتا عن طريق والده ينتمى الى مجموعة الميري فى جبال النوبة والتى أتى منها يوسف كوة مكى الزعيم والقائد الكبير وعن طريق اخواله ((حسين ريحان )) ينتمى الى فرع دينكا اوان فى قوقريال التى ينحدر منهاسلفا كير وقد قام الشهيد فرنسس نقور خال سلفا كير وضابط القوات المسلحة السابق والذى إستشهد فى معارك الجكوى التى خاضها ضابط القوات المسلحة الشجاع إبن النهود العقيد / عبدالرحمن بلاع فقد زار فرنسس نقور منزل حسين ريحان قبل إلتحاقه بالحركة الشعبية وإستشهاده فى معارك الجكوى !! وهذا يؤشر من جديد على مدى تعقيدات المشهد السياسي السودانى ماضياً وحاضراً ومستقبلاً.
السودان بلد ذو ذاكرة تاريخية نابغة من مياه النيل ونهر النيل والعلاقات بين الجنوب والشمال لاتقبل إلا ان تكون إستراتجية اليوم وغداً والسودان نفسه لا يمكن ان يكون إلا مشروعاً كبيراً وعظيماً والسودان مسنوداً بتاريخيه يجب ان يعبر نحو التعايش السلمى والسلام الدائم والمشروع السودان الجديد فى جوهره مشروع للتعايش السلمى والعيش المشترك وهو يصلح وضرورى ولابد منه فى حالتى الوحدة او الانفصال ويحتاجه الشمال بمثل ما يحتاجه الجنوب.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.