ادعت صحيفة (الإنتباهة) اليوم 19 نوفمبر أن الحزب الاتحادي الديمقراطي الأصل سيشارك في حكومة المؤتمر الوطني المرتقبة . وذكرت ان قيادي رفيع أبلغها أن المشاورات حول الأسماء التي تم رفعها لتولي الحقائب الوزارية تم الاتفاق عليها ، وتبقت مرحلة الإعلان فقط. وسبق وصرح القيادي بالاتحادي الديمقراطي الأستاذ علي نايل في مقابلة مع صحيفة (الصحافة) أول نوفمبر ان حزبهم لن يشارك المؤتمر الوطني حتى لو منحهم 95% من مجلس الوزراء . كما سبق وعلق الحاج وراق كمحلل سياسي ل (حريات) بأن المؤتمر الوطني يريد الحاق الحزبين التاريخيين ( الأمة والاتحادي) كلاهما أو أحدهما بالسلطة ، للادعاء بأن الوسط (المهدد) موحد ضد أهل الهامش ! وذلك لخلق اصطفاف زائف قائم على العرق والثقافة ، بدلاً من الاصطفاف الحقيقي بين الطغيان والديمقراطية ، الطغيان الذي يستهدف جميع السودانيين ، بما في ذلك أهل الوسط ، ولكن يغطي نفسه بأغطية الدين والثقافة العربية الاسلامية ، ويمارس قمعاً اضافياً على القوميات المهمشة بتراكب التهميش الاقتصادي والاجتماعي مع العنصرية والتهميش الثقافي . وأضاف المحلل السياسي ان المؤتمر الوطني اذا نجح في مسعاه بالحاق أحد الحزبين أو كلاهما فان ذلك ربما يطيل من عمر النظام ولكنه سيؤدي الى تجذر القناعة بان العنصرية ليست شأناً خاصاً بالمؤتمر الوطني وحسب ، وانما فاشية في كل قوى الوسط ، مما يؤدي الى زهد أهل الهامش في تغيير المركز ، واعتماد سيناريو التفكيك . وهو سيناريو تدفع له دوائر اقليمية ودولية ، ولكن تستدعيه بالأساس طبيعة المؤتمر الوطني كأقلية حاكمة لا تستطيع اعادة سلطتها الا في اطار التجزئة والاحتراب . وقال المحلل السياسي بأن أزمات المؤتمر الوطني الرئيسية – الأزمة الاقتصادية الاجتماعية ، والحروب في الهامش ، والعداء مع الجنوب ، لا يمكن حلها بصفقة مع الحزبيين التاريخيين ، ولكن مثل هذه الصفقة ستؤخر من نضوج العامل الذاتي للتغيير ، بتسويقها للأوهام . وتبين التجربة التاريخية أن المجتمعات حين تعجز عن التغيير تنحط الى الهمجية ، الى الاصطفافات الاثنية والقبلية والدينية ، والى حرب الكل ضد الكل ، وعمر البشير العاجز عن أية حلول وبلا أفق ، يريد المحافظة على سلطته وعلى مصيره الشخصي ، حتى لو كان الثمن أخذ البلاد في عملية انتحار جماعي معه ! وأضاف المحلل السياسي بأنه ليس للحزبين التاريخيين مصلحة في ربط مصيرهما بمصير سلطة آفلة ، ولكن هناك بعض العناصر تحت السيطرة الأمنية بالابتزاز والضغط ، والرشاوى ، والطمع في المناصب والامتيازات تدفع الى توالي أو تواطؤ الحزبين خلف المؤتمر الوطني . وهذه العناصر بلا حجج تدعم خطها الاستسلامي ، فالسلطة الآن بصورة حصرية عند عمر البشير ، وحتى لو أشرك معه مجلس وزرائه فان كل جهاز الدولة – الجيش والشرطة والأمن والقضاء والبنوك وأجهزة الاعلام – تحت سيطرة المؤتمر الوطني ، ولذا فان وجود آخرين في هذا السياق لا يعدو كونه (تمومة جرتق)! وأضاف المحلل السياسي ان الأخطر ليس توالي الحزبين التاريخيين خلف المؤتمر الوطني – لأن هذا احتمال غير راجح ، ومع أن كل شئ وارد الا ان الأرجح ان قيادة الحزبين أذكى من ان تفطر بعد كل هذا الصيام على بصلة – ولكن الأخطر (تواطؤ) الحزبين ، حيث تصرح قيادات الحزبين الآن بأنها ترفض المشاركة بسبب الأوضاع القائمة على هيمنة المؤتمر الوطني والتي لا تسمح بمشاركة حقيقية ، ولكنها في ذات الوقت تعلن (استمرار الحوار) مع المؤتمر الوطني بدلاً عن تعبئة الجماهير لمعارضته !! وبالطبع هذا خيار أفضل للمؤتمر الوطني لأنه يضمن عدم معارضة الحزبين (مجاناً) حتى بدون اقتسام للسلطة الشكلية والامتيازات!! وبالنسبة لسلطة حاكمة كالمؤتمر الوطني ، فان أقصى تدجين لأحزاب المعارضة ابقاؤها في خانة العطالة السياسية بدعوى استمرار (الحوار) ! وان (تواطؤ) كهذا لأسوأ من (التوالي) لانه يجمد الحركة الجماهيرية ويشيع فيها الانتظارية والسلبية ! وربما ترى قيادات الحزبين في استمرار الحوار (تاكتيك) لتأهيل حزبيهما للمعارضة اللاحقة ، ولكن حتى هذا خاطئ ، لأن تأهيل الأحزاب المعارضة يتم في المعارك وليس في الانتظار العاطل ، فضلاً عن أن (استمرار الحوار) في سياق نضوج الأزمة السياسية الحالي يؤدي الى تآكل مصداقية الحزبين التاريخيين وقيادتيهما ، والى تدهور الروح المعنوية ، بل والى تزايد (الفصام النكد) بين معارضة الوسط ومقاومة أهل الهامش ، مما يمكن أن يؤدي الى نتائج كارثية على البلاد .