القاهرة /12/5/2012/سونا/دفع العشق والإعجاب الذي يكنه الشاب مسعود عبد العاطي لمحمية وادي الحيتان الطبيعية، والدته العجوز إلى زيارتها بل وقضاء عدة أيام بها. ويقول مسعود وهو شاب مصري في بداية العقد الثالث من عمره إن كثرة حديثه عن ما تتميز به المحمية من جمال طبيعي وهدوء وروعة في الجو والبيئة جعل عائلته وأبنائه يشتاقون لزيارتها والتعرف عليها بل إن والدته - في نهاية العقد السادس من عمرها- والتي لا تجيد القراءة والكتابة زارتها وأعجبت بها، وكثيرا ما تتمنى العودة إليها . رمضان على أحمد موظف حكومي في العشرينات من عمره يعمل بالمحمية ويقول: تم تعييني حديثا للعمل بهذه المحمية ووفقا لشروط عملي فإنني أتمتع بعشرة أيام عمل بها وعشرة أخرى إجازة ولكنني أفضل البقاء بها دائما إذ لا يمكنني أن أتمتع بهذا النقاء والهدوء في البيئة والجو، سواء في قريتي القريبة من موقع المحمية أو في مدينة القاهرة. و محمية وادي الحيتان الطبيعية تقع في صحراء مصر الغربية إلى الجنوب من مدينة القاهرة بحوالي 150 كيلومترا وبمساحة تبلغ400 كيلو مترا، وتعد المحمية أحد أميز مواقع التراث الطبيعي العالمي . حيث تم تصنيفها في العام 2005م كمنطقة تراث عالمي واختارتها اليونسكو كأفضل مناطق التراث العالمي للهياكل العظمية للحيتان. حيتان على اليابسة يشتهر وادى الحيتان بوجود حفريات حيتان كاملة كانت تعج بها المنطقة قبل 40 مليون سنة عندما كان الوادي يقع تحت محيط مائي ضخم (بحر تيث) بالإضافة إلى حفريات بحرية عديدة يمكن رؤيتها في المتحف المفتوح الذي يتيح للزائرين إمكانية رؤية الحيتان. وعلى الرغم من أنها مفتوحة للزيارة للجميع وفي جميع الأوقات إلا أن الأشخاص الذين يزورونها يتشكلون في الغالب من العلماء وطلاب الجامعات ثم السياح المهتمين أساسا بجمال البيئة وطبيعتها ونقائها . وتم اكتشاف حفريات وادى الحيتان في عام 1903 بواسطة العالم بيد تل من خلال المسح البيولوجي بمصر وقد عثر على حفريات للحوت المعروف باسم الباسيلوسورس إيزيس والذي يصل طوله إلى 18 متراً وحوت الدوريودون اثروكس وهو أقل حجما وقد عرفت كأنواع جديدة للحيتان في متحف التاريخ الطبيعي بلندن عام 1902م. الخبير الأحيائي أحمد عوض مدير المحمية، يقول : ما يجعل المحمية ذات أهمية عظيمة من الناحية العلمية هو إمكانية توفيرها لإجابات عدة حول تطور الحياة الطبيعية والجيولوجية لكوكب الأرض وليس فقط لحياة الثدييات ومنها الحيتان . إذ أن تكوين المحمية مرتبط بالتغيرات التي حدثت قبل وأثناء وبعد تكون الصخور هنا. فمنذ 40 مليون سنة حدثت عمليتان جيولوجيتان غيرتا وجه الأرض. العملية الأولى أرست الشكل القديم للأرض والثانية أوضحت التغيرات التي طرأت بصورة مستمرة. الطبيعة تغطي وتكشف الطبيعة تغطي وتكشف، كما يضيف مستطردا فقد أزالت الطبيعة مئات الأمتار من الصخور لكشف الحفريات الموجودة بالوادي عندما أنحسر البحر تاركا خلفه طبقات من الرواسب مكشوفة لملايين السنين وساعدت شقوق الصخور على تمهيد مسارات المياه التي تعمل بدورها على إذابة المعادن المرتبطة بالصخور وكلما حملت المياه والرياح الجزيئات المفككة بعيدا اتسعت الشقوق ببط ء. والتكوينات الصخرية والتلال التي تملأ الوادي بمنظر بديع ومنسق تكونت ما بين 42 إلى 37 مليون سنة عندما ترسبت من مياه البحر كرمال وطين وحفظت في تلك الرواسب بقايا النباتات والحيوانات القديمة التي كانت تعيش آنذاك ومنها الحيتان. وتحولت بمرور الوقت إلى الحفريات التي تشكل الوادي اليوم. ويعزى وجود الوادي لعوامل النحت والتعرية التي أزالت أجزاء من الصخور وشكلته بتكويناته الجيولوجية المتفردة والرائعة . والرياح هي القوة الرئيسية التي تشكل الصخور فحبات الرمال التي تنحت الصخور في ثبات وبشكل مستمر أدت إلى سرعة عملية التآكل أما الصخور الأقوى تماسكا فتبقى كالأعمدة . إجابات تكشف المجهول ووفقا لما قاله ،تعد الحيتان القديمة الموجودة بوادي الحيتان دليلا هاما على تطورها ، فحوت الباسيلوسورس الذي يعيش في المياه والدوردديون بأرجلها وأقدامها تظهر إنها كانت حيوانات تعيش على اليابسة ثم تحولت للعيش في بيئة المحيطات بعيدا من الشواطئ . وقد أفادت هياكل الحيتان المتحفرة في وادي الحيتان على الإجابة على عدد من الأسئلة الهامة والتي تفيد في تطور حياة الحيتان إذ أن الحيتان التي تعيش حاليا في المحيطات هي ثدييات تتنفس الهواء والأدلة التي أمكن استنتاجها من الوادي وغيرها توضح أن أصل هذه الحيتان هو حيوان ثديي ذو أربعة أرجل كان يعيش على اليابسة ولسبب ما أنتقل إلى الماء ليعيش داخل البحر. و يضيف، في عام 1989م اكتشف فريق العمل المكون من علماء الحفريات المصريين والأمريكيين أول عينيات مائية لهيكل الحوت الباسيلوسورس والدوريودون أثروكس بأرجلها وأقدامها الصغيرة، وفي عام 1996 تم اكتشاف حوت أخر قديم يبلغ طوله 5 أمتار هو حوت اتشيرنوس سيمونس وفي عام 2006م تم اكتشاف أول حفرية من الثدييات البحرية وهي من أجداد الفيل وتعرف باسم بيراثيرم، وقد قام فريق البعثة برسم خرائط بأكثر من 400 حوت وعجل البحر في الوادي ويقول أن جميع العلماء والباحثين الذين درسوا المنطقة أكدوا أن وادي الحيتان هو موقع استثنائي لدراسة الحياة القديمة نظرا لوجود عدد كبير من الحفريات عالية الجودة تصل إلى أكثر من 400 حفرية للهياكل العظمية للحيتان، كما تم العثور على حفريات لعروس البحر وأسماك القرش وأحياء بحرية أخرى، والتي تصور نشاط هذه الكائنات التي عاشت منذ أكثر من 40 مليون سنة وأسلوب حياتها وتحويلها من حيوانات أرضية إلى حيوانات بحرية. موئل لحيوانات مهددة بالانقراض كما يعتبر وادى الحيتان من جهة أخرى، بيئة طبيعية للحيوانات المهددة بالانقراض مثل الغزال الأبيض والغزال المصري وثعلب الفنك وثعلب الرمل والذئب والطيور المهاجرة النادرة مثل صقر شاهين وصقر الغزال والصقر الحر والعقاب النسارى وأنواع أخرى من الطيور المهاجرة مثل أنوا ع البط والسمان والتفلق وأنوا ع البلشون والعنز وغيرها. ومن النباتات البرية مثل: الأتل - الرطريط الأبيض - العاقول - السمار - الغاب - البوص - الغردق - الحلفا وغيرها.
