يعد الإنسان الثروة الحقيقية لأي مجتمع إذا ما أُحسن تأهيله ورفع قدراته التي تمكنه من استغلال الموارد المادية والطبيعية المتاحة من حوله الاستغلال الأمثل ، ولا يتأتى له ذلك إلاَّ من خلال التعليم والتدريب ،فالمورد البشرى يمثل رأس الرمح لعناصر الإنتاج المتمثلة في المورد المادي والمورد الطبيعي وبالتالي هو المتحكم في عملية الإنتاج . وقد تناولت ورقة تنمية الموارد البشرية في القطاع المهني والحرفي والقطاع غير الرسمي التي طرحت في المؤتمر القومي الأول لتنمية الموارد البشرية الذي بدأ أمس دور هذه القطاعات الثلاثة وإسهاماتها في تنمية الموارد البشرية في السودان ، إلى جانب تأهيل الأطر البشرية وإكسابهم المهارات والمعارف اللازمة كلٍ حسب تخصصه . و تمثلت أهداف القطاع المهني والحرفي وفقاً لما تضمنته الورقة في تنمية الموارد البشرية في القطاع الخدمي ، و تنمية المعارف والمهارات اللازمة للنهوض بالقطاع الخدمي اقتصاديا ، إلى جانب زيادة قدرة مؤسسات القطاع الخدمي على المنافسة وزيادة الإنتاجية وإعادة تدريب وتأهيل منتسبى القطاع الخدمي والحد من العطالة المقنعة . وأشارت البيانات خلال المؤتمر أن قاعدة التدريب المهني اتسعت من خلال علاقات السودان الخارجية ، حيث ساعدت بعض الدول الصديقة ( ألمانيا ، اليابان ، الصين ، كوريا الجنوبية ، السعودية ) والمنظمات العالمية والعربية عن طريق المنح والقروض ، في إنشاء العديد من مراكز التدريب المهني في السودان ، حتى بلغت 14 مركزاً موزعة على ولايات السودان المختلفة . إضافةً إلى بعض مراكز التدريب المهني التي تعمل بنفس النظام ، ولكنها تخدم وتنتمي إلى جهات بعينها. وتناولت الورقة البرامج التدريبية المتبعة بالمراكز والقطاعات التي تستهدفها والتي شملت برنامج التلمذة الصناعية ، و الدورات القصيرة (دورات الاستخدام الذاتي للشباب) ودورات رفع المستوى للعمال و الاختبارات المهنية وبرامج تنمية المرأة إلى جانب برامج تنمية وتطوير الصناعات الصغيرة وغيرها من برامج . ومن خلال القطاع الحرفي فقد اهتمت الدول بتنمية وترقية وتطوير المورد البشرى بما يتوافق مع إمكانياته البدنية والعقلية والنفسية ليوظفها التوظيف الأمثل حتى يستطيع أن يستغل الموارد المتاحة من حوله في المجتمع الذي يعيش فيه وبالتالي يصبح فرداً منتجاً مساهماً بدوره في ترقية وتطوير مجتمعه الذي يعيش فيه . وتتمثل أهداف التدريب الحرفي في تزويد الطالب بمهارات يدوية تمكنه من اقتحام مجال العمل والعيش الكريم لتحقيق التنمية المتوازنة والمستدامة في أنحاء البلاد في المجالات الصناعية المختلفة ،والحد من العطالة والفقر بين الشباب والأسر ، وإتاحة مهن متنوعة تلبى رغبات طلاب الفاقد التربوي (الرصيد التربوي) كل حسب ميوله الفنية . و أكدت الورقة اهتمام الدولة بهذه القطاعات ، وذلك من خلال إفراد ميزانيات مقدَّرة للتسيير ، وقيام مجالس عليا خاصة بكل من القطاع المهني والحرفي على اعتبار أنهما يمثلان ركيزة لتوفير الأيدي العاملة الماهرة . أما القطاع غير المنظم أو الاقتصاد غير الرسمي والذي جاء نتاج لازدياد معدلات العطالة في العالم كواحد من الحلول السريعة لمعالجة مشكلة العطالة ، وقد عرَّفته منظمة العمل الدولية بأنه اسفنجة لامتصاص العطالة ، إذ أنه يوفر حوالي 61% من فرص العمل في البلدان العربية ، أما في السودان فإنه يوفر حوالي 25% من فرص العمل ، وقد تطور المفهوم من القطاع الهامشي ثم القطاع غير المنتظم ، إذ أن القطاع أصبح يؤثر في الناتج القومي لكثير من دول العالم ، كما أصبح يضم المنشآت متناهية الصغر والأسر المنتجة . ومن مزايا القطاع غير الرسمي انه يوفر فرص العمل والكسب للمجموعات المحرومة والمهمشة ، فضلاً عن إنتاج السلع التي تحتاجها هذه الفئات . وهكذا فإن القطاع يستطيع المساهمة في تخفيف الفقر ودمج الفقراء في النشاط الإقتصادى وسوق العمل ، كما يسهم في الحد من العطالة ولو بصورة جزئية فهو بذلك يمثل آلية من آليات توزيع الدخل ومكافحة الفقر . وقد أوصى المؤتمرون في ختام جلسات المؤتمر بضرورة تطوير وترقية مؤسسات التعليم التقني والحرفي والتدريب المهني ليستطيع مواكبة التطور التقني وتلبية حاجات السوق وتشجيع الخريجين للانخراط في أنشطة الصناعات الصغيرة ، الاهتمام بالقطاع غير الرسمي على اعتبار أنه قطاع مؤثر في عملية الاستخدام ويوفر فرص عمل كثيفة قد تسهم في حل مشكلة العطالة إقليمياً وعالمياً ، و خلق سياسات جادة وفاعلة لتطوير مخرجات التدريب المهني والحرفي . إلى جانب الاهتمام بقطاع التعليم الفني والتقني والتدريب المهني بحسبان أن هذا النوع من التعليم والتدريب يُخرِّج أطر ذاتية التخديم ، والاعتراف الرسمي بالدور الهام للقطاع غير الرسمي وإسهامه المقدَّر في الاقتصاد القومي وتطويره بحيث يسهم في زيادة خلق فرص العمل وبالتالي الإسهام في زيادة معدلات الاقتصاد والأنشطة الاقتصادية ، كما أوصوا بضرورة تكامل الجهود المحلية والإقليمية والعالمية في توحيد التشريعات والقوانين واللوائح المنظمة للقطاع غير الرسمي . ام/ام