أكدت دراسة قام بها فريق من باحثي المعهد الاتحادي السويسري للتقنية في مدينة (زيورخ) اليوم امكانية اقامة شبكة عالمية للحصول على الطاقة الكهربائية من المصادر الطبيعية المتجددة تضمن توزيعها بشكل عادل بين أرجاء المعمورة. وقال أستاذ أنظمة الطاقة بالمعهد غوران اندرسن في الدراسة التي نشرت حديثا "ان المصادر المتجددة والطبيعية للطاقة مثل الشمس والرياح وحرارة باطن الارض تتوفر في مناطق تكون على الارجح غير آهلة بالسكان ومتفرقة بين مساحات جغرافية مختلفة لكنها تصلح لاقامة مشروعات لانتاج كهرباء تنتقل حول العالم في شبكة متكاملة". وتحدد الدراسة تلك المناطق في شبه الجزيرة العربية ومنطقة الصحراء الكبرى في افريقيا التي تضمن أشعة شمسية ذات قدرات هائلة وسواحل غرب افريقيا ومنطقة جنوب افريقيا وآسيا الوسطى وشمال استرالياوجنوب نيوزيلاندا و(آلاسكا) وسواحل غرب الولاياتالمتحدةالامريكية. كما تشمل الدراسة سواحل شبه الجزيرة الكورية والقارة القطبية الجنوبية ومنطقة (باتاغونيا) الجبلية في جنوب قارة أمريكا اللاتينية و(غرينلاند) في أقصى شمال غرب أوروبا وهي مناطق لا تخلو منها الرياح القوية التي تصلح لادارة توربينات ذات قدرة عالية. ويرى الباحث المشارك في الدراسة سبيروس شاتزيفايلياديسان ان (غرونلاند) على سبيل المثال تصلح لاقامة وحدة مركزية عالمية للحصول على الكهرباء بانتاج ثلاثة غيغاوات في الساعة من طاقة الرياح التي تصل سرعتها في المتوسط 30 كيلومترا في الساعة اذ يمكن نقل تلك الطاقة عبر الكابلات البحرية الى ايسلندا ومنها الى سكوتلاندا لتوزيعها على كافة ارجاء بريطانيا. وتشير الدراسة الى ان هذا المثال يتواكب مع مشروع بين بريطانيا وآيسلندا لنقل الطاقة الكهربائية المستخرجة من حرارة باطن الارض للتوازن بين المساعي الاوروبية لحماية البيئة والحاجة المتواصلة للحصول على الطاقة. وذكرت الدراسة ان نقل الطاقة الكهربائية المستخرجة من محطة (غرينلاند) الى قارة أمريكا الشمالية يمكن ان يساهم في حل مشكلة الاستهلاك الشديد في الطاقة أثناء ساعات الذروة في كنداوالولاياتالمتحدةالامريكية ومن ثم يمكنه تخفيف الاعباء على شبكات الطاقة المحلية. وتتوقع الدراسة ان يروق هذا المشروع مستهلكي الطاقة في الولاياتالمتحدةالامريكية اذ سترتفع تكاليف الطاقة الكهربائية المنتجة هناك بالطرق التقليدية مع حلول عام 2020 ما سيجعل فكرة شراء الطاقة من تلك الشبكة العالمية أمرا اقتصاديا ايجابيا. وتقول الدراسة ان التقنيات الحديثة المتوفرة لنقل الطاقة تعمل على تقليل الفاقد منها الى حد أقصى ثلاثة بالمئة أثناء نقلها الى مسافات تصل الى ألف كيلومتر مع الاستفادة من تجارب كل من الصين والبرازيل في نقل الطاقة عبر مسافات بعيدة. وتشير الدراسة الى ان تكاليف تلك الشبكة العالمية قد تبدو للوهلة الاولى باهظة اذ قد يتراوح انشاء شبكة كابلات نقل الطاقة البحرية من منطقة بحر الشمال على سبيل المثال بين 70 و 90 مليار يورو الا ان الدراسة ترى انه استثمار جيد لمواجهة تحديات الحصول على الطاقة الكهربائية لعقود بل ربما لقرون أيضا. وتبين ان بيع الطاقة سيقوم بتغطية تكاليف انتاجها أسوة بمشروع نقل الطاقة الكهربائية من النرويج الى هولندا والذي غطت مبيعاته منذ عام 2008 الى الآن حوالي 50 مليون يورو أي ما يعادل نسبة ثمانية بالمئة من تكاليفه انتاجه. الا ان الدراسة تضع بعض التحديات التقنية أمام تنفيذ هذا المشروع المتكامل منها على سبيل المثال تصنيع كابل بحري يتحمل طاقة بقوة 800 كيلوفولت وصمامات للتحكم في الطاقة العالية وآليات نقلها وتحويل مساراتها. كما لا تغيب التحديات المالية عن الفكرة التي تتطلب موقفا داعما من البنك الدولي ومنظمة التعاون الاقتصادي والتنمية فضلا عن الاتحاد الاوروبي الذي ينظر حاليا في تجديد شبكات انتاج ونقل وتوزيع الطاقة الكهربائية عبر القارة بما فيها مصادر الطاقة البديلة. وذكرت الدراسة ان ميزانيات مشاريع الطاقة في العالم هائلة اذ لن تقل تكلفة تجديد وحدات الطاقة الاوروبية عن تريليون يورو واحد بما في ذلك كافة البنى التحتية ذات الصلة. كما يتكلف مشروع الجيل الرابع من شبكات الطاقة النووية في فنلندا أكثر من أربعة مليارات دولار ومشروع نقل الطاقة بين ساحل الولاياتالمتحدةالامريكية الشرقي بتكلفة قدرها خمسة مليارات دولار. في الوقت ذاته تنظر الدراسة الى التحديات السياسية التي تواجه الفكرة مثل وجود بعض المناطق المرشحة للدخول في هذا المشروع في حالة عدم استقرار سياسي أو توتر مثل منطقة الساحل الافريقي وشبه الجزيرة الكورية. س/ج / ن ف