كتب- سعيد الطيب تبقت ايام قلائل لايفاء الحكومة بالتزامها للشعب بتقديم (الوثيقة الوطنية) المرتقبة، والتي تمثل حصيلة توصيات الحوار الوطني بشقيه السياسي والمجتمعي(الذى قدم توصياته اليوم) فضلاً عن مخرجات إصلاح أجهزة الدولة, وستصبح الوثيقةُ الوطنية الركيزة الأساسية التي سيبنى عليها مستقبل البلاد بإقامة الدستور الدائم وتحقيق الاستقرار السياسي والنهضة الشاملة. نعم اختتمت أعمال لجانِ الحوار المجتمعي ضمن مشروع (الوثبة) الذي أنطلق في يناير 2014م حيث يمثل الحوار المجتمعي أحدَ مساراته والهدف إصلاح الحياةِ العامة من خلال تكامل الجهودِ المجتمعية والسياسيةِ المشتركة . يشتمل مشروعُ الوثبة على ثلاثةِ مساراتٍ للعمل الوطني الجماعي بدأت بالإصلاحُ السياسي والذي شاركتْ فيه الأحزاب والحركات والتنظيمات السياسية لإصلاح البيئة السياسية للحياة الحزبية حتى يتهيأ المناخ لممارسة مسؤولياتها للنهوض بالبلاد وذلك من خلال تواثقها على توافق سياسي يُعلي من الولاءِ الوطني المستنير على المصالحِ الحزبية الضيقة. وتعزيز وتنفيذا لهذا المسار الاول عقد مؤتمر الحوار الوطني في العاشر من اكتوبر العام الماضى بمشاركةٍ حزبيةٍ لم يشهد التاريخُ السياسي للبلاد مثيلاً لها مُنذُ الاستقلال. المسارُ الثاني لمشروع الوثبة، حشد له أهلَ الخبرة والاختصاص والدرايةِ والمعرفة من أجل تحقيق إصلاحٍ شاملٍ لأجهزةِ الدولة، من خلال تقويم علمي منهجي يؤهل أجهزةَ الدولةِ للإستجابة لضروراتِ ومطلوباتِ استكمالِ بناء القوةِ الذاتيةِ للبلادِ في كافة المجالات. المسار الثالثِ تنفيذ مشروع الوثبة. حيث صدر فى أبريل 2014م القرارَ الجمهوري رقم (368) لسنة 2014م، والذي رسم مقاصدَ الحوار المجتمعي لتُشكلَ مرجعيةً للحوار. فقد قضى هذا القرارُ بتشكيلِ ست لجانٍ قوميةٍ للحوار المجتمعي، إنصبت أعمالُها على الدراسةِ والتداولِ والتفاكرِ بمشاركةِ مختلف مكونات المجتمع، وفئاتِه للخروج بتوصياتٍ راشدة تعالج قضايا المجتمع والدولة. وشملت هذه القضايا: السلامَ، والوفاقَ الوطني، الإدارةَ والحكمَ الرشيد، الانتاجَ ومعاشَ الناس ، الهويةَ والمواطنة، والحرياتِ السياسية والاجتماعية، فضلاً عن قضايا الثقافةِ والفنونِ والتعليمِ والرياضةِ، والعلاقات الخارجية. قال الرئيس عمر البشير وهو يخاطب الجمعية العمومية للحوار المجتمعى ان الهدف من إدارة الحوار المجتمعي بمشاركة القوى الفاعلة في المجتمع، التعرفَ على وجهاتِ نظرِ مكونات البنية الإجتماعية، وذلك لتعزيزِ القدرةِ على قبول الحلول الوسطية للمواقف المتباينة تجاه مشكلاتنا المتنوعة، والمسكوتِ عن بعضها أمداً طويلاً. فالأمل معقود أن تصل المشاركة المجتمعية الحقيقية إلى رؤية قومية مشتركة، وتوافقٍ جامع حول الغاياتِ والأهدافِ والأولوياتِ العامة للمجتمع والدولة في جميع المجالات. وهذا من شأنه ان يعززز التعايش السلمي، وتمتين الوحدة الوطنية، وتقوية التعاون بين مكونات الأمة، في ظل سلم أهلي ووئام مجتمعي لا مجال بعده لفرقةِ أو شتاتٍ أو إحتراب . لقد ادت اللجان القومية للحوار المجتمعي مهامَها في القضايا مناط تكليفها لفترةٍ تجاوزت العامَ والنصف، وبمشاركة إتسعت لكافة فئات المجتمع بمستوياته القياديةِ والقاعديةِ، للنظر والدراسةِ والتداول في القضايا الكلية التي حال الإختلاف فيها وتباين المواقف حولها إلى تأخير تطورِ بلادنا نحو المكانة التي تتناسب وإمكانياتها إقليمياً ودولياً. وجابت وفود الحوار المجتمعي الولايات التي آزرتها بحوار مجتمعي ولائي يستكمل جهودَها في المستويات القاعدية. واستتبع ذلك جولاتٌ خارجية واسعة للالتقاء بالسودانيين في المهجر. وشُكلت لجانُ الحوار المجتمعي لتستوعبَ مختلف قطاعات السودانيين بتباين مواقفهم السياسية وانتماءاتِهم الحزبية في العديدِ من دولِ العالم. وقد أضفت هذه الجولاتُ بُعداً مكمِلاً للبعد الشعبي الذي توفر داخلياً للحوار المجتمعي. وتلك تجربةٌ فريدةٌ لم يشهدها تطورنا التاريخي في بناء الدولة وتأسيسِ مجتمع الرشد والنماء من قبل، وهي كذلك تجربةٌ سودانيةٌ خالصةٌ تستحقُ الإشادةَ والتقديرْ. حيث برز من خلالها الحرصُ الذي إتصفت به اللجانُ القومية للحوار المجتمعي، ووفودُها للولايات، وللسودانيين خارج البلاد، على إبراز الدور الرائد للمجتمع المدني بكافة شرائحه في طرح الحلول للمشكلات الاجتماعيةِ والاقتصاديةِ والسياسية، وتطوير قيم الشورى والديمقراطية داخل المجتمع. لقد نجحت كل هذه الجهود في إدماج فئاتِ المجتمع في هذا الحوار من عمالٍ وزراعٍ ورعاةٍ وشبابٍ وطلابٍ ونساءٍ وطرق صوفيةٍ ورموزٍ وطنية ومبدعين وأهل الرياضةِ والفنونِ والإعلام وأساتذة الجامعات وباحثين ومعلمين ومنظمات مجتمع مدني وتنظيمات فئوية ودعاة ورجال دين. كل ذلك التداول تم بروحٍ اتسمتْ بالصدق وبالرغبة الوثابة للتوافق على قضايا حسبها البعضُ مواطنَ خلافٍ واختلاف. لقد جاءت مخرجاتُ هذا الحوار المتمثلةُ في وثيقة الحوار المجتمعي نتاجاً لتدوالٍ حرٍ جرى بحريةٍ تامة، وشفافية غير منقوصة، وبمصداقية عالية، ورغبة أكيدة بل عارمة في ايجادِ الحلول التوافقية المطلوبة من كافة أطراف المكونات الاجتماعية، وذلك وفق التخصصيةِ والخبرةِ والدراية التي إتسمت بها قدراتُ ومؤهلاتُ وإمكانياتُ الفئاتِ الشعبية التي شاركتْ في هذا الحوار, الذى يمهد لمرحلة جديدة لنهضة السودان ويفتح الطريق لترتيب مسارات الحوار الوطني التي عكفت عليها آلية "7+7" وسيشهد العاشر من اكتوبر القادم وصول قطار الحوار الى محطاته الاخيرة .