واليوم غرة رمضان الكريم المُبارك.. اليوم وقد انبلج صبح أقدس شهور الله قاطبة... اليوم أرفع كفي بالدعاء في خشوع ابن الفارض وخضوع العدوية.. بأن يُعيد الله شهره الكريم هذا على الوطن الجميل البديع.. وهو يرفل ويزهو.. ويزهى.. ويزدهي بالأمن والسلام والاطمئنان والسعادة سعيداً محبوراً.. وأن يعود العام القادم ونجد أن الله قد أجرى إحدى معجزاته وهو القادر والوطن تظلله رايات الديمقراطية الحقة الرحيبة.. وأن تصفق بيارقه مع دفقات الريح.. وهي تحمل النبوءات الجريئة.. حيث تتمدد العدالة وتنحسر أمواج وموجات الفساد وأن تذهب والى الأبد بل أن «تفل» وإلى الأبد كل يد تمتد إلى المال العام الحرام.. ومرة أخرى أبارك وأهنيء الأمة السودانية قاطبة.. شعباً وحكومة بأضواء وإشراقه أنوار رمضان القدسية.. أكرر إن أمنياتي تذهب إلى الضفة الأخرى حيث الأحبة حكّامنا من الإنقاذيين راجياً من الله أن يكون رمضان ونفحاته وفضائله.. غربالاً لبعض رموز الإنقاذ يصفي نفوسهم ويفتح لهم باباً واسعاً في السماء يسمى باب التوبة والرجوع إلى الحق.. وإشاعة العدل.. ومراجعة كل أمر لم يذهب في خط مستقيم.. ولهذا كان عنوان مقالنا اليوم.. وهو إجازة ليوم واحد.. احتفاء واحتفالاً وتكريماً لرمضان الكريم.. حيث نتوقف اليوم عن قصفنا للإنقاذ الذي ما كنا ومازلنا وسنظل نهدف فيه إلى الإصلاح ما أمكننا ذلك ولعل قصفنا كان ينطلق من تلك المنصة الهائلة.. الداعية إلى الهدى والهدى.. وإن كانت ذات نيران كثيفة وهائلة ومنصتنا كانت وستظل مكتوباً على باب هنقر مدفعيتها ذاك الحديث النبوي الشريف والصادق «انصر أخاك ظالماً ومظلوماً».. لذلك كنّا نمطر الإنقاذ بتلك النيران الحمراء لتكف عن الظلم.. وتتجه في كل أعمالها.. مستوحية رقابة أنفسها وقبل ذلك مستوحية رقابة الخالق.. اليوم - أحبتي - إجازة بل تطبيع بالأحرف الأولى.. وإيقاف إطلاق النار وهدنة قطعاً ستنتهي عندما تتسلل أول خيوط الفجر من اليوم الثاني لرمضان. والآن أيها القادة في مختلف مواقعهم نقول.. مبروك عليكم حلول شهر رمضان ونقول قال يحيى بن ابي كثير «اللهم سلمني إلى رمضان وسلم لي رمضان وتسلمه منى متقبلاً» وهاهو رمضان قد أتى.. ها هو الله قد سلمكم إلى رمضان أحياء موفوري الصحة وها أنتم قد تسلمتم رمضان.. وحتى يتسلمه الله منكم متقبلاً.. عليكم أولاً أن تتعلموا من رمضان.. الإحساس بالجوع.. ليس جوعكم أنتم. بل الإحساس بجوع الفقراء من عباد الله السودانيين.. اعلموا يا أحبة أن الساعات التي تحرمون فيها أنفسكم من الطعام والشراب.. والممتدة من لحظة الإمساك وحتى لحظة الإفطار هي حالة دائمة وعادية يجابهها قدر مقدر من رعاياكم.. وعند الإفطار وفي تلك اللحظات التي تسبق انطلاق مدفع الإفطار.. تذكروا وأنتم تتأهبون للإفطار.. وموائدكم ممتدة حافلة بأفخر وأطيب وأدسم أنواع الطعام من أسماك ولحوم وشواء و«شروبات» وكل ما تفتق عليه عقل «الطهاة» من فنون وبدائع الطعام.. تذكروا أن إخوة لكم من «الحرافيش» والبؤساء ينتظرون أيضاً انطلاق مدفع الإفطار وأمامهم فقط «كورية» من «شربات» الليمون و«بليلة» عدسي أو لوبيا وفي أكثر الأحايين ترفاً «قالب» عصيدة بملاح «شرموط». ثم تذكروا أن قدسية رمضان وتلك الأجواء المفعمة بالروحانيات وذكرى أيام «يثرب» البهية القدسية.. وذاك الجو البديع الذي تعبق فيه روائح الإيمان وأصوات ترتيل القرآن.. هو أكثر الأوقات التي ينشط فيها الإنسان.. خاصة إذا كان حاكماً أو مسؤولاً من شأن مواطنين.. هو أكثر الأوقات ملاءمة لمراجعة النفس ومحاسبة النفس.. وحوار صاخب ينطلق.. أو يجب أن ينطلق صامتاً بين جوانحكم لتجردوا حساب «السنة» والتوقف في كل محطة ظلمتم فيها أحداً أو انتهكتم فيها إنسانية فرد.. أو استغليتم فيها وضعاً أو نفوذاً لإبعاد صاحب حق أو قربتم فيها أحداً بغير وجه حق.. هنا عليكم وحتى يقبل الله صيامكم يجب أن تأتي التوبة حاضرة مع شروطها الواجبة التحقيق.. وهي أن تكون توبة إلى الله مع التأكيد على عدم الرجوع إلى مقارفة ذاك الذنب.. ورد الحقوق كاملة غير منقوصة.. ختاماً.. تحدثت إليكم عن الجوع والطعام ولم أحدثكم عن الظمأ والماء.. بالله عليكم وبحق حرمة هذا الشهر العظيم.. وعندما «تكرعون» عصائر الفاكهة المثلجة المخلوطة.. وأكواب عصير «القمردين».. اعلموا أن جمعاً مقدراً من مواطنيكم يشربون الماء الفاتر والذي قطعوا له رحلات عذاب وبالأميال.. وكثيراً ما يكون كدراً وطيناً.. لكم التهاني بحلول رمضان وكل عام وأنتم بخير.