صديقي «الغالي» جداً.. مؤمن حفيد الجبلاب.. الأنصار.. قاطني العاصمة الوطنية أم درمان.. أشواقي إليك بعدد الحصى والرمل ورغم اختلافي معك فكرياً وسياسياً وأيدولوجياً ورياضياً.. وحتى في الأدب اختلف معك لأنني من محبي أشعار أبو الطيب المتنبئ وأنت من الساخطين عليه لآخر درجة.. لأنك وصفته أكثر من مرة بأنه «متسول»، وقلت فيه ما لم يقله مالك في الخمر.. وهذا كله لا يمنعني من الإعجاب بكل ما يسطره يراعك الجذاب في نافذتك اليومية «شمس المشارق» أو في أخيرة السوبر الرياضية، أو في أي الإصدارات.. وأنت كاتب برتبة «مشير» وأكثر ما يميزك على الآخرين الصدق والعفوية والتلقائية والشفافية والوضوح والبساطة.. وانحيازك للغبش والغلابة والتعابى والكادحين.. وتناولك المستمر للقضايا الحساسة التي تهم المواطن العادي وتؤرقه وتطرد النوم من أجفانه.. إنك يا صديقي تحتفظ بأصالتك ونقاء معدنك، لم تبطرك الشهرة ولم يغيرك البريق واللمعان.. أنت كما أنت.. زادتك الأيام أصالة.. وعزة نفس.. وأريحية.. وتواضع.. وعلم غزير.. أخي «الغالي» لقد استمرأت الكتابة عن النظام الحاكم متناولاً سلبياته مع قلتها دون أن تتطرق يوماً واحداً للإيجابيات وما أكثرها.. إنها تغطي قرص الشمس وتملأ المجلدات الضخمة.. لماذا يا عزيزي تنظر دائماً للنصف الفارغ منه الكوب؟ لماذا لا تتحدث عن إشراقات الإنقاذ وإنجازاتها التي أذهلت الركبان والعربان؟!! لماذا تنظر لإبداعات المؤتمر الوطني بعين السخط؟!!.. وهل لا تزال الأمنيات تراودك بتفكيك الإنقاذ «صامولة صامولة»؟؟.. أم أنك وصلت إلى قناعة راسخة باستمراريتها؟؟ إن السودان كان في عهود ما قبل الإنقاذ يسمى ب«رجل أفريقيا المريض».. والآن أصبح «رجل أفريقيا القوي» الذي يملك قوته وقراره وقواه البدنية والعقلية والفكرية.. والسودان تعافى من كل الأمراض التي فتكت بجسده ما قبل عام 1989م ولله الحمد والمنة.. لقد عايشنا في تلك الحقب العجاف التي لا تعي ولا تنطق صفوف الخبز وصفوف البنزين وصفوف الجازولين.. وصفوف الحصول على السلع الاستهلاكية والمعاناة التي كان يعيشها «محمد أحمد».. والأخطر من ذلك كله انتشار العصابات المسلحة وغير المسلحة في العاصمة وفي وضح النهار وعلى عينك يا مسؤول.. والاضطرابات الأمنية وحوادث القتل والسلب والنهب.. والترويع والتنكيل.. إنها أيام حالكة السواد.. الله لا أعادها علينا. أخي مؤمن إن الشعب السوداني يعيش آمناً مطمئناً في العاصمة.. والمدن.. والأرياف والدساكر.. الخبز على قفا من يشيل.. والمواد البترولية على قارعة الطريق طولاً وعرضاً متوفرة ليلاً ونهاراً.. والسلع الاستهلاكية «تملأ العين».. «ما شاء الله.. تبارك الله».. كل شيء في متناول اليد.. لا صفوف، لا معاناة، لا سهر، لا ازدحام ولا وساطات.. ولا أجاويد.. والإنجازات في الطرق يعجز القلم عن وصفها.. وفي الجسور والكباري يحلو الحديث عنها ويطول.. وفي التعليم العالي تذهل المراقبين والمتابعين.. أما عن الكهرباء والاتصالات الحديثة والحزم التقنية فلا نملك إلا أن نقول «عين الحسود فيها عود».. وأهل الإنقاذ لو لم ينجزوا غير سد مروي ومصانع الأسمنت وجياد والتصنيع الحربي لكفاهم يا مؤمن. والأهم من ذلك كله الصحوة الدينية التي عمت البلد من أقصاه إلى أدناه.. تشييد المساجد في المدن وأطرافها وفي القرى والأحياء الصغيرة.. وفي كل المؤسسات الحكومية والشركات العامة والخاصة.. وكل المرافق.. وإحياء فضيلة الجهاد وسنن التكافل والتعاون.. وأزيدك من الشعر بيتاً يا صديقي إن الإنقاذ لم تركع لحظة واحدة لأمريكا المتغطرسة.. وابنتها المدللة إسرائيل.. ولن تبايع غير محمد رجلاً.. ولن تعمل إلا ما يرضي الخالق ورسوله الخاتم.. ولك شكري وتقديري واحترامي الزائد أخوك: حسن السيد عبد الله - حجر العسل