تلقيت دعوة كريمة من المجلس الوطني - لجنة الثقاف ة والإعلام والشباب والرياضة، التي يمسك بزمامها الأستاذ فتحى شيلا، وذلك لحضور اللقاء التفاكري حول مشروع دعم المكتبة الوطنية بمليون كتاب، تعزيزاً للاستقلال الثقافي.. وجاء هذا اللقاء التفاكري الذي انعقد صبيحة الخميس 29 سبتمبر 2011م بالقاعة الخضراء بالمجلس الوطني بالتعاون مع رابطة الإعلاميين السودانيين.. هذه الرابطة المتماسكة التي درجت على المبادأة والتفاعل مع القضايا القومية المرتبطة بالإعلام، الى جانب تحملها لمسئولياتها الجسام تجاه قضايا وهموم الزملاء الإعلاميين. الإنحناءة . والتحية لهذه الرابطة وأمينها العام وأركان حربه، وفي مقدمتهم الصديق الأستاذ الهادي ميرغني الذي سأتحدث عنه لاحقاً. انعقد اللقاء في تمام الساعة الحادية عشرة بالضبط (شوكة وشنكار)، وهذه دلالة على دقة منظمي هذا اللقاء.. وكان من المفترض أن يشارك السيد الوزير الأستاذ السموأل خلف الله القريش في مخاطبة هذا اللقاء، إلا أنه يبدو أن تزامن موعد اللقاء مع انعقاد مجلس الوزراء حال دون ذلك، غير أن سعادة السفير الدكتور نور الدين ساتي أمين عام المكتبة الوطنية قد ملأ الفراغ النسبي الذي سببه غياب الأستاذ السموأل خلف الله وزير الثقافة.. تفضل الدكتور نور الدين ساتي باتحافنا بحديث طيب، ومعلومات وبيانات ثرة عن الكتاب وأهميته للإنسان كما تحدث عن الوعاء الذي يحوي الكتاب وهو المكتبة الوطنية، وعن المبنى الجديد للمكتبة وهو قيد التنفيذ، وكيف أن المبنى يجئ حسب المعايير العالمية التي حددتها منظمة اليونسكو، ويكلف مبلغ (35) مليون دولار، وسيقام على مساحة قدرها (30) الف متر مربع، وتحدث الدكتور نور الدين ساتي عن أهمية وجود آلية لانجاح مشروع دعم المكتبة الوطنية بمليون كتاب.. ودعا سيادته الى تكوين لجان فرعية بالولايات برئاسة ورعاية الوالي في كل ولاية، ويسبق ذلك الدعوة الى إعداد برنامج تعريفي للولايات للتعريف بمرامي ومقاصد تلك الآليات واللجان الفرعية بالولايات، أما الأستاذ فتحي شيلا رئيس لجنة الثقافة والإعلام والشباب والرياضة بالمجلس الوطني، فقد تحدث عن أهمية الكتاب في حياة الناس، وذكر أن هذا المشروع القومي لدعم المكتبة الوطنية، إنما هو دلالة واضحة لرقي الإنسان السوداني الذي يقبل على القراءة اقبالاً عظيماً، حتى سرت بين الركبان المقولة الشهيرة (القاهرة تكتب وبيروت تطبع والخرطوم تقرأ). وبعد ذلك تحدث البروفيسور حسين أبو صالح وزير الخارجية الأسبق، والناشط في مجال الحياة العامة والعمل الحزبي، وقال البروفيسور ابو صالح فيما معناه: إن الكتاب بالنسبة للإنسان كالماء والهواء، وبما أن الإنسان لا يستغن عن الماء والهواء ليتواصل نبض الحياة، فهو أيضاً لا يستغن عن الكتاب (خلو بالكم .. ده كلام دكاترة ياأخونا) وذكر البروفيسور أبو صالح أنه وبعد أن نال السودان استقلاله السياسي كان لابد من أن ينال استقلاله الثقافي، حتى لا تسقط الأمة تحت حذاء الاستلاب الثقافي الأجنبي، الذي يقوده الشمال العالمي لطمس ثقافة وهوية الجنوب العالمي، وخاصة بعد أن هيمنت الشبكة العنكبوتية على جهات الدنيا الأربع، وحولت العالم الى غرفة صغيرة في قرية صغيرة.. أيضاً .. أيضاً بعد أن أصبح الوحش التقني يحدد هدفاً في حجم التفاحة، ويدمره من علو شاهق، ويستطيع أيضاً تحديد لون وخطوط بجامات نومنا (يعني كده عديل) يستطيع أن يقلق نومنا. إن النداء القومي لدعم المكتبة الوطنية بمليون كتاب.. لا أعتقد أن تحقيق هذا النداء صعب المنال، وذلك لو توفرت الإرادة وسلمت النوايا ووضعت الآليات المناسبة لهذا النداء، ولعلي اقترح هنا أن يحدد يوم وطني للكتاب يتم فيه لفت نظر المواطنين لأهمية الكتاب، وكيفية دعم المكتبة الوطنية به، ويمكن لوسائط الإعلام أن تسهم في ذلك اسهاماً مقدراً، كما يمكن الاستفادة من طاقات الشباب في هذا المشروع القومي، وذلك بواسطة أمانة الشباب وأمانة الطلاب بالمؤتمر الوطني، ويمكن الاستفادة من أئمة المساجد في هذا الأمر أيضاً، كما يمكن الاستفادة من منظمات المجتمع المدني والاتحادات والنقابات والروابط، وفي مقدمة ذلك اتحاد عمال السودان، واتحاد أصحاب العمل واتحاد المعلمين.. أما بالتبرع بالكتب أو بالمال لشراء الكتب.. أما بالنسبة للولايات فإنه يمكن أن تسهم اسهاماً واضحاً في هذا الأمر بأن يقوم كل والي بتشكيل آلية لهذا الغرض. بعد أن تحدثنا عن الكيفيات التي يمكن عبرها توفير الكتب، كان لابد لنا من الإشارة الى الوعاء الذي سيضم هذه الكتب، وهو المكتبة الوطنية التي تم إنشاؤها بقانون صدر عام 1999م تحت رعاية السيد رئيس الجمهورية، وباشراف الوزير المختص، وحدد القانون اختصاصاتها في جمع الإنتاج الفكري الوطني، وكل مايتصل به بمختلف أوعيته، وحفظه، وتنظيمه، والتعريف به، واتاحته باستخدام التقنية الحديثة - إصدار (البيلوجرافيا) الوطنية الجارية وتنظيم الفهرس الموحد - الحصول على حصة السودان من الترقيم الدولي الموحد- تنمية مصادر المعلومات الوطنية بشقيها المدون والشفاهي في البلاد - اجراء وتشجيع الدراسات والبحوث التي تسهم في تحديث المكتبات وتطويرها - الاطلاع بمهام الإيداع القانوني وفقاً لقانون ايداع المصنفات - إعداد الفهرس الموحد لكل المكتبات في السودان، وإتاحة خدمات المعلومات وتقديمها للمستفيدين بكافة شرائحهم. أعود الى رابطة الإعلاميين السودانيين التي حملت على عاتقها وبالتعاون مع المكتبة الوطنية مسئولية تنظيم النداء القومي لدعم المكتبة الوطنية بمليون كتاب.. وفي هذا الصدد تقول الرابطة في ديباجة مشروع دعم المكتبة الوطنية.. إن السودان وطن توافرت له عبقرية الزمان والمكان، ولكن تفرق أبنائه قد فتح شهية الطامحين والطامعين فيه، وأصبح يخرج من أزمة ليدخل في أزمة أخرى، وللخروج من هذا المأزق اقترحت الديباجة بعضاً من الحلول الجزئية بمداخلة سياسية، غير أن هذه الحلول الجزئية قد افتقرت في معظمها الى المشروع الثقافي المتكامل، ورغم ذلك كانت هناك مبادرات منتطمة هنا وهناك ليس لها آصرة تربطها، ومن ثم جاء دور رابطة الإعلاميين السودانيين لايداع آصرة تجمع ذاك الشتات لتعبر به الرابطة الى مبتغياتها، وذلك بحزمة من الأهداف الرامية الى تعزيز الوعي الثقافي وتقوية الانتماء الوطني وتطوير الحس الطوعي الى جانب تأكيد الدور الرائد للاعلام وللإعلاميين في التنوير والمعرفة، وتبصير المواطن بأهمية المكتبة الوطنية في حفظ مكتسبات ومقدرات البلاد الفكرية والمعرفية، والمحافظة على التراث الى جانب حزمة أخرى من الأهداف الرائعة. بقى لي أن أشيد بهذا الجهد الوطني الكبير، الذي تقوم به رابطة الإعلاميين السودانية بقيادة أمينها العام، وأركان حربه، وفي مقدمتهم الصديق الأستاذ الهادي ميرغني الإعلامي والصحفي الشاهق الطيب الخلوق، الذي لازال يحتفظ بين جوانحه بعطر الياسمين وروعة الزمن الجميل.