(خير جليس في الزمان كتاب) لعل وحتى وقت قريب كان شطر هذا البيت الشعري يردده الكثيرون ولسان حالهم «بالفعل هو أن خير جليس في الزمان كتاب» ، ولكن هيهات فالكتاب بدأ يتراجع ويتنازل عن مركزه الأول بكل طيب خاطر ، ويمنحه للوسائل التعريفية التي ظهرت حديثاً ، يجدون مبتغاهم عبرها ، ولكن رغم تراجعه واحتلاله للمراتب الأخيرة ، إلاَّ أن البعض ما زال متمسكاً به ، وكذلك نجد العديد من الكتب «المستعملة» تجد حيزاً في السوق ، فبدأ أصحابها الاستغناء عنها لأسباب عديدة ، هذا ما رواه لنا العديد من القائمين على أمره من أصحاب المكتبات ، وكذلك الفراشين فمعاً نطالع افاداتهم: ü بداية ومن داخل مكتبة الجامع الكبير بالسوق العربي التقينا عبد المحمود الدسوقي عبد المحمود ، حيث ذكر أن هذه المكتبة تعمل منذ عام 1948م ، وان المقولة الشهيرة التي تقول «بيروت تطبع ، والقاهرة تكتب ، والخرطوم تقرأ» أصبحت لا محل لها من الصحة ، وأضاف أن المواطن اصبح يفضل الكتب الخفيفة والتي نطلق عليها مصطلح «ساندوتش» ، ولكن في ظل الظروف الاقتصادية اصبح المواطن يفضل «الساندوتش» الحقيقي الذي يسد رمقه بدلاً عن الكتاب ، وذكر أن القراءة والاقبال على الكتاب لم يعد كالسابق. وقال الدسوقي ان الراجع أو المستعمل من الكتب لم يكن له محل في المكتبات الكبيرة معللاً ذلك بأنه مسؤولية ، فأحياناً هذه الكتب تورث لاجيال فهي تعتبر مشكلة عندما يقوم بشرائها أصحاب المكتبات الكبيرة ، ولكن يمكن أن تكون مفروشة لدى الفراشين على الطرقات كما يحدث في العديد من الدول ، وزاد قائلاً : ان الكتب السائدة الآن في المكتبات هي الاجتماعية والمدرسية التي يكون الطالب في حاجة لها ، وكذلك نجد أن أغلب الكتب اصبحت مقسمة إلى أجزاء صغيرة حتى يسهل حملها للقاريء و يستطيع مطالعتها في أي زمان ومكان. ü ومن داخل سوق البوستة بأم درمان وجدنا أن هناك كميات كبيرة من الكتب التي توضع على الأرض ، والتقينا بأحد الباعة حيث ذكر أن هناك العديد من المواطنين يأتون لبيع بعض الكتب التي في حوزتهم ، واضاف أن أغلبهم طلاب جامعات ، فإن بعضهم يكون قد فرغ من الكتاب الذي يكون قد قام بشرائه بثمن كبير ، وبعدها يبيعه بأي ثمن حتى يستفيد منه ، وقال ان هناك أشخاصاً يبيعون كتباً ثقافية وأدبية وعلمية وبدأوا في الاستغناء عنها ، فنحن نقوم بشرائها وما يحتويه من مادة ، وأن أغلى الكتب بالنسبة لنا هي العلمية والقانونية ، وبعدها تأتي الأدبية ، وختم حديثه أن هناك العديد من المواطنين يفضلون مثل هذه الكتب ويشترونها بأي ثمن مع العلم بأنها لا تكون متوفرة في المكتبات.