لم أكن أعلم أن للقطة السيامية التي اشتكى لي صاحبها، وسرد قصتها من حيث تساقط شعرها، أنها سوف تجد كل هذا الإهتمام والإلتفاف، وكنت أظن أنه بحصول «زكي» صاحبها علي تشخيص حالتها، وحصوله على الدواء سوف تنتهي هذه القصة العارضة. فقد ازدحم بريدي الالكتروني بقصص وصور للقطط السيامية، وموضوعات وتعليقات عن استخدام الدواء البيطري، واسترجعت معلومات الماضي فقد علَّمنا المختصون في علم الصيدلة- ونحن نتدارس مادة الصيدلة- أن معنى علم الصيدلانيات (pharmaceutics) أنه علم يٌعني بتحويل مادة كيميائية إلى دواء آمن وفعَّال، وتحديد جرعاته، وكيفية تنقيته وتصنيفه لأشكال صيدلانية، كالأقراص، والمراهم، والكبسولات، والحقن، والكريمات، واللبوسات، وكقطرة للعين والأنف والاذن.. ومستنشقات عبر الجهاز التنفسي. وعلمونا أيضاً علم العقاقيرالطبية، أنه علم يدرس العقاقير من أصل نباتي أو حيواني، وطرق زراعتها، وجمعها، وحفظها، وموادها الفعالة، وطرق فصلها ومعايرتها. وفي حوار عبر الفيس بوك كتب لي أحدهم، إن طلاب كلية العلوم البيطرية يدرسون علم تشريح جسم الحيوان، دراسة تفصيلية لمختلف أعضاء الجسم، أطوال وأبعاد ومواقع العضلات والعظام، ودرس البياطرة مايعرف بالتشريح المقارن، ويشمل سبع أنواع من الحيوانات تظهر قدرة الخالق وأسرار هذه المخلوقات، ويبدأ الإعجاز فى تشكيل وعدد أسنان الحيوانات الموجودة في البوابة الرئيسية للجهاز الهضمي.. دراسة التشريح ضرورية لمعرفة مصير الأدوية البيطرية عندما يتناولها الحيوان، ومعرفة تفاعلها ومستقرها داخل جسمه..لا يعرف الصيادلة التركيب التشريحي لصقر الجديان رمز السودان، ولا القطة السامية لصديقك الرياضي زكي الذي دوخوه الصيادلة الاسبوع الماضي، ولا «استيف» الكلب المفقود الذي أرهب الدكتورة فدوى في «سياجها» ونفق وقد سالت من مآقيه دمعة وداع حزينة، تعاقب عليها جمعية الرفق بالحيوان. واستمر الحوار مع صديق آخر، الذي أقسم أنه ليس ببيطري، ولكنه صديق لكثير من البياطرة، ويعرف أن في تاريخهم علماء أجلاء مختصين في علم الفسيولوجي، وهو علم يبحث في ظاهرة ونشاط الحيوانات جميعها البرية والمستأنسة، وهو علم فيزياء وكيمياء الكائنات الحية، نال فيها الأساتذة الأطباء البيطريين الجوائز العالمية في المحافل الدولية، وكانوا مصدر فخر وإعزاز للسودان وللسودانيين، في زمن يحارب فيه السودان لتقليل مقدراته، فيقف العلماء في المواقع المختلفة باسم السودان ليثبتوا للعالم أجمع بأننا لغير الله لن نركع... علماء صنعوا التاريخ ولم يصنعهم التاريخ، حفروا على الصخر صبروا وصابروا في كل فروع العلوم.. علماء بياطرة كرمتهم المنظمات العالمية وهم أموات.. الدكتور أحمد محمد دهب، وعلماء عطاؤهم فرض على العالم تكريمهم أ.د بابكر الحاج.. إن دراسة علم الفسيولوجى ضرورية لإرتباطه في التفاعلات الدوائية داخل أعضاء الجسم ومفرداته . وافقني صديقي أن الصيدليات البشرية لايمكنها ان تبيع الدواء البيطري لأن دراسة علم التشريح وعلم الفسيلوجي الخاص بالحيوان هو علم يدرس للأطباء البيطريين، استنكر صديق آخر أن يكون هناك قانون باسم الصيدلة، وفي رأيه إنها علم وليست مهنة، لنضع لها قانوناً، حتى الآن لم نسمع بقانون لعلم التشريح ولم نسمع بقانون عن علم التشريح الوصفي، فإن كان ذلك كذلك فعلى علماء الجغرافيا أن يضعوا قانون للجغرافيا، يهتم باطالس الجغرافيا، كأن يحرم وضع علامة نجمة داؤد للدلالة على موقع المدن.. وعلي الراغبين في إنشاء أو الإتجار في كتب الجغرافيا، أن يكونوا مؤهلين بحصولهم على زمالة الجغرافيين من إحدى الدول المعترف بحدودها الإقليمية.. أما الإخوة المؤرخون فعليهم وضع مسودة لقانون علم التاريخ، تمنع منعاً باتاً استخدام التاريخ قبل الميلادي، وعليهم التقيد بالتاريخ الهجري، وعدم ذكر الشهور القبطية إلا في المناسبات غير الإسلامية، محذراً من استخدام شهور المسميات الليبية لشهور السنة، بعد سقوط نظام القذافي.. واختتم صديقي رسالته أن الصيدلة فرع من فروع الطب، فإذا لم يكن للأصل قانون كيف يكون للفرع قانون؟ لم أسمع كما إني لم أر، وقد أكون مصاباً بالتهابات في الاذن الوسطي، أو بخلل في الشبكية، مما تسبب في إضعاف حاستي السمع و البصر، فلم تطرق طبلة أذني في كل دول العالم قانون باسم «قانون الصيدلة» ولكني سمعت بدساتير للأدوية منها، وأولها -إن لم تخن الذاكرة- دستور الأدوية البريطاني في العام 1618م، وبعد واحد وعشرين عاماً، كان دستور الأدوية الفرنسي عام 1639م، أما الأمريكان فقد كان دستور الأدوية الأمريكي في العام 1820م، هذه الدساتير كان يضعها الصيادلة والأطباء بتكليف من السلطات الصحية، وهي دساتير تضم الأدوية والعقاقير التي كانت متداولة في كل البلد، وفيها تصنيف الدواء واستعماله، وحتي طرق معرفة غشه ومواصفاته، وتحديد جرعاته.. هذه الدساتير لا عتقد أن لها علاقة بالدواء البيطري. حتى الصين الدولة الصديقة والقريبة من وجداننا- والتي تهتم كثيراً بالقطط والكلاب- ألف عالمها الصيني «شن تونج» في القرن الثاني والعشرين قبل الميلاد كتاباً باسم «بن تساو» والذي يعتبر أول دستور للأدوية ويقال إنه يحتوي على 365 نوعاً من الدواء نباتياً بعدد أيام السنة. ماهي الحكمة أن نكتب على معظم لافتات صيدليات السودان عبارة أدوية بيطرية، ولاعلاقة لصاحب الصيدلية بالدواء البيطري، فلا يعرف عن «الايفومك» ولم يسمع بدواء «الفينوفس» وبالتالي يحتاج إلى شرح عبارة «دواء» جامع الأمراض، ولا نريد أن نبحر في دواء «الحبة الحمراء» وتركيبة «الامبريكيشن» ناهيك عن «حجر اللحوس» ومكعبات المولاس. سألني أحدهم سؤالاً في بريدي الألكتروني، أرجو أن أجد إجابة من الإخوة الصيادلة ماذايحدث للقط السيماوي إذا حقن بعقارالكلورمفينكول؟