دخلت فكرة المقاهي إلى السودان خلال فترة الحكم التركي المصري، واستمرت إلى ما بعد منتصف القرن الماضي، حيث اغلقت بعد ذلك وكان أشهرها في تلك الفترة مقهى «الزيبق» بالخرطوم، ومقهى «يوسف الفكي» بأم درمان. وقد كانت تلك المقاهي ملتقى كل الأطياف السياسية والأدبية والفنية والثقافية، وأيضاً كان يلتقي فيها نجوم المجتمع كما كانت متنفساً لكثير من المواطنين. والشاهد الآن فإن هناك بعض المقاهي الحديثة الموجودة في العمارات وشارع المطار، ولكن بمفهوم جديد «كوفي»، ولكن ما يعيب هذه «الكفيهات» أنها متنفس لطبقة بعينها من المجتمع. حيث أن البقية يجلسون بجوار بائعات الشاي على قارعة الطريق، أو في نواصي المؤسسات بطريقة غير حضارية، على «بنابر» أو قطع من الطوب، أو أواني فارغة، وبالرغم من ذلك إلا أنها استطاعت أن تجذب أعداداً مقدرة من المواطنين بمختلف سحناتهم. ولكن حتى تعود الصورة جميلة ومكتملة، فإن الكثيرين يطالبون بعودة تلك المقاهي إلى سيرتها الأولى، حيث كانت المقاهي تمثل تجمعاً أدبياً راقياً. وفي هذا الصدد «آخر لحظة» سألت عدداً ممن عاصروا انتشار تلك المقاهي في الخرطوم وأم درمان في تلك الفترة، عن الأثر الذي خلفه إغلاقها فجاءت إجاباتهم مجتمعة بأن اغلاق المقاهي لعب دوراً كبيراً في الحد من إظهار المواهب، كما أنها أثرت على الترفيه لدى المواطن السوداني، فانحصر فقط في الترفيه عبر مقاهي الانترنت، كما أن الاهتمام بالمناشط الأخرى التي كانت تتم عبر المقاهي أيضاً شكلت غياباً عن الساحة.