اجتمع السيد رئيس اتحاد الهجن السوداني، والسيد الأمين العام لاتحاد المزارعين السودانيين، والسيد رئيس اتحاد عام رعاة السودان، وتحكروا بمنصة المركز السوداني للخدمات الصحفية نهاية الاسبوع الماضي، بعد أن سددوا الرسوم الضروية لتهيئة القاعة، ودعوة أصحاب الشأن من المهتمين بأمر القضية المطروحة، ووضعوا أنفسهم فى مواجهة عدد من الصحفيين والصحفيات، حاملي القيد الصحفي، والباحثين عن الحقيقة ولو بين فكى ناقة أو بعير، ليحملوا صيداً ثميناً يقولون به أمام رئيس التحرير.. وقد زينت القاعة وامتلأت بعدد من أعضاء ومحبي ومريدي وسالكي الطريق الدولاري السريع عبر بيع«الأناتي» ماذا قدمت هذه الاتحادات لإناث الحيوانات أو ذكورها من خدمة جليلة تمكنهم من الدفاع عن قضاياها؟ وهل اشتكت إناث الحيوانات من ضيق الحياة بالسودان، وشردتها الحروب من مرعاها الطبيعي فلجأت الى هذه الاتحادات، التى تفهم وتتفهم المشاكل الأسرية التى تعيشها هذه القطعان؟ وأعتقد أن هذه الاتحادات ذات الشأن والباع الطويل في حل قضايا الثروة الحيوانية، قد فكرت وقررت ونادت بالحريات الأربع، وأهمها حرية التنقل ولو خارج السودان، وأظنها طالبت الجمعيات الحقوقية، وجمعيات الرفق بالحيوان ببريطانيا وكندا، للنظر في أمر طلب اللجوء السياسي لإناث حيوانات السودان، الى الدول الصديقة والشقيقة.. فقد ضاقت الحياة بالحيوانات السودانية، وقد تكون هذه الاتحادات شجبت القرارات التى تُحد من الهجرة الى الخارج، عبر منع إناث الحيوانات تصاريح سفر، وأوراق ثبوتية، تسهل مهمتهم بالسفر الى دول الخليج الدولارية. أتوقع أن يكون قد سبقت هذا المؤتمر الصحفي اجتماعات تنسيقية لتوحيد الكلمة، وتجميع الصف، للوقوف سداً منيعاً ضد قرارات وزارة التجارة الداعية الى التخريب الاقتصادي - كما زعموا وادعوا- أمام عيون الكاميرات وتحت صلصلة أسنة الأقلام الاقتصادية.. بدون شك أصحاب القضية الأساسية والمعنية بالقرار- وأقصد إناث الحيوانات- لم يكن مندوبهم موجوداً في هذا الاجتماع، ولم يتم استدعاء من ينوب عنهم في الاجتماعات التحضيرية، وياريت لو كان هذا المؤتمر الدولاري أخذ الطابع العالمي، وتم تقديم الدعوة لأسرة النعجة «دولي» لكان لهذا المؤتمر طعم خاص تختلط فيه مشاعر الإناث من كل الدول والأنواع والسلالات، ولتجنبنا كثيراً من اللغط العلمي حول أهمية السلالات السودانية لتقارب الفهم بين السلالات المحلية والأجنبية.. ولكان هذا المؤتمر مناسبة تاريخية لتوقيع اتفاقية تفاهم لتبادل الجينات الوراثية، عبر برتوكول رسمي معتمد من الجهات ذات الاختصاص . شيء مهم آخر في رأي الكثيرين... إن هذه الاتحادات الوفية تعمدت أن تبحث فيه، وهو الدفاع عن حق الهجرة للإناث، للقيام بدورهم الإيجابي في زيادة دخل الأسرة وحمايتها من الفقر، فقد سمعنا قصة الرجل الذي باع كليته ليقدم ثمنها هدية الى والدته في عيد الأم، تقديراً وعرفاناً منه لأمه، ولكن هذه الإناث لم تقدم كليتيها فقط، بل قدمت نفسها، وكل أعضائها من أجل حماية اقتصاد الدولة.. فالاقتصاد السوداني سوف تحميه إناث الحيوانات، وتفديه بروحها ودمها وفروتها، ورغم أن حجم الصادر منها كما يقولون لا يتجاوز 10% . إنني أدعو السادة مفكري الدولة ورجال الاقتصاد في برنامج الاستراتيجية القومية والبرنامج الإسعافي أن يمعنوا التفكير إذا كانت هذه النسبة البسيطة تحمي اقتصادنا، لماذا لا نريح هذا الشعب وهذه الأمة الصابرة ونشرع في تصدير جميع إناث الحيوانات، ونتخلص من الفقر المدقع، ومن الثروة الحيوانية ومن هذه الاتحادات البالية. لم تجد هذه الدعوة التأييد الكامل، لأن بعض مصدري الماشية الحية يعرفون خطورة الأمر، وقد وجهوا انتقادت شديدة اللهجة، واعتبروا أن قرار تصدير إناث الحيوانات بمثابة الكارثة، وأحسب أنهم يقصدون أنه كارثة على الاقتصاد السوداني، وليس على المصدرين.. وزارة التجارة تتمسك باختصاصاتها الواردة في المرسوم الجمهوري رقم 39 لسنة 2011م- كما ذكرت- أنه قد منحها الحق في تحديد سلع الصادر والاستيراد، والسادة أصحاب المؤتمر الصحفي يستندون الى قرار صادر من مجلس الوزراء المؤقر، يسمح فيه بتصدير الإناث، وعامة الناس المهتمين والعاشقين للثروة الحيوانية يقولون لا مانع من تصدير الإناث المعيبة، والتي قل إنتاجها أو أصابها عجز عن الانتاج والإدرار. إذا رددنا أمر أهمية إناث الحيوانات وبركتها لأهلها فدونكم سيرة المصطفى صلى الله عليه وسلم «القصواء» مطيته في هجرته وهي «ناقة» والتقي بأم معبد الخزاعية إمرأة لا تتعدى شهرتها خيمتها أو أهلها، و ذاع صيتها بسبب «شاه» وفي الحديث عنه عليه أفضل الصلاة والتسليم «الشاه بركة ...» والأضحية من شعائر الإسلام لا تكون من الإناث. و«بقرة» بني اسرائيل أمر معجزة لاعلاقة لها بالمألوف في الحياة، وكانت مصدر الخير لصاحبها اليتيم البار بوالدته. في زمن تكون فيه الروح رخيصة يقدمها شباب لم تزل ِخضاب ليلة زواجهم مصبوغة في أكفهم، متمسكين بدينهم وعقيدتهم ودفاعاً عن وطنهم، دافعوا ببسالة أربكت حسابات الجيش الشعبي بهجليج الى أن رفع قائد قوات الجيش السودان «تمام قوات التحرير» من داخل المدينة... نجد أن خطابات وزارة التجارة ومنشورات بنك السودان قد أربكت حسابات الكثيرين، فصاروا يطوفون حول القنوات وعقد المؤتمرات، ولابد للدولة أن تستجيب لنداءت أصحاب«الوجعة» لفتح صادر إناث الحيوانات. بالله عليكم فلنرتفع الى قضايا الوطن، إن الدولة قادرة على حماية سلالاتها من الماشية، وقادرة على تعافي اقتصادنا... إنني ادعو جموع الأطباء البيطريين أن يتصدوا لجوكية صادرات الثروة الحيوانية، وأن يتولوا أمر صادر الحيوانات بأنفسهم، فهم أهل الخبرة والدراية وهم المؤهلون أكثر من غيرهم حباً للثروة الحيوانية وغيرةً على المهنة البيطرية... تقدموا بشجاعتكم المعهودة بمبادرات الى القيادة السياسية، ولا تتركوا فراغاً، فالطبيعة لا تعرف الفراغ.. اللهم هل بلغت اللهم فاشهد..