دولة إفريقية تصدر "أحدث عملة في العالم"    والي الخرطوم يدشن استئناف البنك الزراعي    الناطق الرسمي بإسم القوات المسلحة السودانية: نحن في الشدة بأس يتجلى!    السودان: بريطانيا شريكةٌ في المسؤولية عن الفظائع التي ترتكبها المليشيا الإرهابية وراعيتها    أول حكم على ترامب في قضية "الممثلة الإباحية"    البطولة المختلطة للفئات السنية إعادة الحياة للملاعب الخضراء..الاتحاد أقدم على خطوة جريئة لإعادة النشاط للمواهب الواعدة    شاهد بالفيديو.. "معتوه" سوداني يتسبب في انقلاب ركشة (توك توك) في الشارع العام بطريقة غريبة    شاهد بالصورة والفيديو.. حسناء سودانية تقدم فواصل من الرقص المثير مع الفنان عثمان بشة خلال حفل بالقاهرة    شاهد بالفيديو.. وسط رقصات الحاضرين وسخرية وغضب المتابعين.. نجم السوشيال ميديا رشدي الجلابي يغني داخل "كافيه" بالقاهرة وفتيات سودانيات يشعلن السجائر أثناء الحفل    شاهد بالصورة.. الفنانة مروة الدولية تعود لخطف الأضواء على السوشيال ميديا بلقطة رومانسية جديدة مع عريسها الضابط الشاب    بعد اتهام أطباء بوفاته.. تقرير طبي يفجر مفاجأة عن مارادونا    موظفة في "أمازون" تعثر على قطة في أحد الطرود    "غريم حميدتي".. هل يؤثر انحياز زعيم المحاميد للجيش على مسار حرب السودان؟    الحراك الطلابي الأمريكي    تعويضاً لرجل سبّته امرأة.. 2000 درهم    سعر الدرهم الإماراتي مقابل الجنيه السوداني ليوم الثلاثاء    معمل (استاك) يبدأ عمله بولاية الخرطوم بمستشفيات ام درمان    سعر الدرهم الإماراتي مقابل الجنيه السوداني ليوم الثلاثاء    انتدابات الهلال لون رمادي    المريخ يواصل تدريباته وتجدد إصابة كردمان    أنشيلوتي: لا للانتقام.. وهذا رأيي في توخيل    بعد فضيحة وفيات لقاح أسترازينيكا الصادمة..الصحة المصرية تدخل على الخط بتصريحات رسمية    راشد عبد الرحيم: يا عابد الحرمين    بعد أزمة كلوب.. صلاح يصدم الأندية السعودية    الإمارات وأوكرانيا تنجزان مفاوضات اتفاقية الشراكة الاقتصادية الشاملة    القلق سيد الموقف..قطر تكشف موقفها تجاه السودان    السودان..مساعد البرهان في غرف العمليات    تعلية خزان الرصيرص 2013م وإسقاط الإنقاذ 2019م وإخلاء وتهجير شعب الجزيرة 2024م    إيران تحظر بث مسلسل "الحشاشين" المصري    شاهد بالفيديو.. الفنانة ندى القلعة تواصل دعمها للجيش وتحمس الجنود بأغنية جديدة (أمن يا جن) وجمهورها يشيد ويتغزل: (سيدة الغناء ومطربة الوطن الأولى بدون منازع)    يس علي يس يكتب: روابط الهلال.. بيضو وإنتو ساكتين..!!    سرقة أمتعة عضو في «الكونجرس»    تدمير دبابة "ميركافا" الإسرائيلية بتدريب لجيش مصر.. رسالة أم تهديد؟    حسين خوجلي يكتب: البرهان والعودة إلى الخرطوم    شاهد بالصورة.. بعد أن احتلت أغنية "وليد من الشكرية" المركز 35 ضمن أفضل 50 أغنية عربية.. بوادر خلاف بين الفنانة إيمان الشريف والشاعر أحمد كوستي بسبب تعمد الأخير تجاهل المطربة    قوة المرور السريع بقطاع دورديب بالتعاون مع أهالي المنطقة ترقع الحفرة بالطريق الرئيسي والتي تعتبر مهدداً للسلامة المرورية    السينما السودانية تسعى إلى لفت الأنظار للحرب المنسية    بيان جديد لشركة كهرباء السودان    أمس حبيت راسك!    دخول أول مركز لغسيل الكلي للخدمة بمحلية دلقو    شركة توزيع الكهرباء في السودان تصدر بيانا    تصريحات جديدة لمسؤول سوداني بشأن النفط    لطرد التابعة والعين.. جزائريون يُعلقون تمائم التفيفرة والحلتيت    دخول الجنّة: بالعمل أم برحمة الله؟    الملك سلمان يغادر المستشفى    عملية عسكرية ومقتل 30 عنصرًا من"الشباب" في"غلمدغ"    جريمة مروّعة تهزّ السودانيين والمصريين    تطعيم مليون رأس من الماشية بالنيل الأبيض    بالصور.. مباحث عطبرة تداهم منزل أحد أخطر معتادي الإجرام وتلقي عليه القبض بعد مقاومة وتضبط بحوزته مسروقات وكمية كبيرة من مخدر الآيس    لمستخدمي فأرة الكمبيوتر لساعات طويلة.. انتبهوا لمتلازمة النفق الرسغي    مضي عام ياوطن الا يوجد صوت عقل!!!    إصابة 6 في إنقلاب ملاكي على طريق أسوان الصحراوي الغربي    مدير شرطة ولاية شمال كردفان يقدم المعايدة لمنسوبي القسم الشمالي بالابيض ويقف علي الانجاز الجنائي الكبير    الطيب عبد الماجد يكتب: عيد سعيد ..    بعد نجاحه.. هل يصبح مسلسل "الحشاشين" فيلمًا سينمائيًّا؟    السلطات في السودان تعلن القبض على متهم الكويت    «أطباء بلا حدود» تعلن نفاد اللقاحات من جنوب دارفور    دراسة: القهوة تقلل من عودة سرطان الأمعاء    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



رئيس اللجنة الاقتصادية الأسبق بالبرلمان في حوار الراهن «3-2»

د. بابكر محمد توم رئيس اللجنة الاقتصادية الأسبق بالمجلس الوطني لأكثر من عدة دورات، خبير اقتصادي ، يمتاز بقوة الطرح في تناول المشكلات الاقتصادية ودقة التحليل، وله جرأة فائقة في الحديث بكل شفافيةٍ. جلسنا إليه خلال هذا الحوار وطرحنا عليه العديد من القضايا الاقتصادية التي تواجه السودان الآن، وبعد طرح حزم من المقترحات العلاجية للخروج من الأزمة الاقتصادية. فتحدث عن الحلول المتكاملة، وليست الجزيئية وان الرؤية الاقتصادية لا تخرج عن السياسية وضرورة الإلتزام بالبرنامج الثلاثى، وانفاذه بالتزامن مع تقليل الصرف والتوجه نحو الإنتاج والاستفادة من مورد الذهب، بحيث لا يتكرر سيناريو البترول، من حيث توجيه موارده المالية فإلى مضابط الحوار ..
إذا رجعنا الى أسئلة المواطن العادي بعيداً عن المصطلحات الاقتصادية، كيف يمكن أن يجد الإجابات الشافية للمشكل الاقتصادي المزمن، ولسان حاله الى متى نظل في هذه الدائرة المغلقة من التعثر في الحلول رغم وجود السياسات والخبراء ..؟
على حد قولي لك ومتابعتى منذ البرنامج الثلاثي- وكل السياسات والخطط الاستراتيجية التي وضعت لمعالجة الاقتصاد السوداني، نجد أن هناك عدة أسباب منها ما هو خارجي ومنها ما هو داخلي...ابتداء من الخطة العشرية الأولى (1992 _2002) والتى أثرت عليها حرب الخليج الأولى، وبعدها جاءت مسائل السلام واجراءاتها جعلت هناك فجوة فبي التخطيط من 2002م الى 2007م وفي تلك الفترة طالبت الحركة الشعبية بإرجاء الخطة حتى يتم تضمينهم فيها بحسب اتفاقية السلام، وقبل أن تتم الخطة إنهار الاتفاق بخيار الحركة الشعبية للانفصال.. ووسط كل هذا ظل السودان تحت الحصار الاقتصادي، مما جعل فرص التعاون الخارجي أقل وخاصة في الاستثمارات... وهناك أيضاً مؤثر خارجي قوي هو أن السودان مستدرج نحو الحروب، ابتداء من افتعال مشكلة دارفور وتطويل أمدها واستنزافها للموارد، وتواصل الحرب مابعد الانفصال في جنوب كردفان والنيل الأزرق، وتحركات التمرد في مناطق دارفور وكذلك سياسة الحكومة الاقتصادية التي تمسك العصا الواحدة وتترك الباقي، فعند ظهور البترول ابتهجنا به وأمسكنا بعصاته، ورمينا الأخريات من زراعة وصناعة... ورغم الحديث عن عدم الوقوع في فخ البترول، إلا إننا بالفعل وقعنا فيه، وذهبت عائداته الى غير موضعها.. وحتى الذي وظف في موضعه سواء أكان في الزراعة، أو البنى التحتية، من شوارع وكباري ومنشآت لم يغطِ المطلوب على حسب الكثافة السكانية.. ونقطة ثانية مهمة هي أن التخطيط اتصف بالفوقية بمعنى الإنفراد بالقرار الاقتصادي الأحادي للحزب الواحد، في حين العالم اليوم يسير وفق الشراكة الذكية المتعددة، ويتم فيها ادخال القطاعات المختلفة ذات الصلة، مثل الاتحادات من مزارعين، وغرف صناعية، وحرفيين، وكل القطاع الخاص، بمعنى شراكة حقيقية وليس شراكة رمزية وصورية، لأنه- بحسب تقديري- أن كثيراً من قيادات هذه القطاعات قد كانت لا تمثل الوجه الحقيقي لهذه القطاعات، وما كانت تستطيع أن تعطي قرارها أو حتى تعترض.. لهذا جاءت القرارات الفوقية الأحادية التي لم تمنح الفرص للآخريين للمشاركة، فكانت هذه النتيجة... فلم تجد رؤية القواعد والمنتجين مكاناً لها في خارطة العمل الاقتصادي... وهذا البرنامج هو المخرج ولابد من التبشير به والتعريف به للناس..
مقاطعاً.. على ذكر الاتحادات والنقابات الآن هناك حديث عن عودة الجمعيات التعاونية الاستهلاكية للعمل كأحد الخيارات لحل مسألة ضبط الأسعار والسلع التموينية.. لكن السؤال كيف يضمن عدم تلاعبها خاصة وهي غير انتاجية !!؟
أنا أعتقد أن الجمعيات التعاونية لها دور كبير تلعبه في مسألة انسياب السلع بالأسعار المحددة للمواطنين، ولكن تدخل الإنقاذ في بدايتها والغاء عملها والاستعاضة عنها بلجان التسيير- عقب إخفاق بعض الجمعيات في آداء عملها وفسادها، وهذا لا ينطبق على الكثير منها- بطبيعة الحال- لكنه أثر على الحركة التعاونية، مما جعل الناس يعزفون عنها، وكذلك اعتقاد بعض أصحاب هذه الجمعيات بأن الإنقاذ اقتصادها تحريري، وبالتالي ليس هناك مكان للجمعيات التعاونية القائمة على النظام الاشتراكي، ولكن هذا اعتقاد خاطيء، لأن أمامنا مثال في أقوى الدول العالمية التحريرية بالتعاون فيها ماضٍ بشكل ناجح.. والتعاون عبر الجمعيات كأسلوب تجاري واقتصادي مهم في بلد فقير، ومواطنيها فقراء وليس لديها وعي بشركات المساهمة العامة وبقوانينها، بالطريقة التي تجعل منها سيدة الموقف الاقتصادي والمسيطرة عليه، حتى لا يتفلت.. ولكن عودتها الآن وخيار تمكينها هو قرار صائب بشرط التنظيم والمراقبة.. وهنا أشير الى قرار وزير التجارة بتدريب الفي شاب على العمل التعاوني بمركز التدريب التعاوني، بمعنى تجديد الدماء لهذه المنظومة، مما يتيح فيها العمل بروح جديدة وفق نظم إدارية حديثة متطورة، وحقيقة نحن لا نريدها منظومة للشيوخ، بل للشباب والمستقبل الاقتصادي، وفيها أيضاً فرص عمل كبيرة جداً للشباب، ومثالاً لذلك بعض البنوك كبنك الأسرة الذي بدأ في تسليف مالى لمجموعات تعاونية شبابية كمشروعات انتاجية.. واعتقد أن هذا بالنسبة للخريجيين الشباب أحسن من الشركات، وذلك بامتلاكهم جمعيات انتاجية تعاونية تقدم السلع بأسعار مناسبة للمواطنين، بعد أن تتاح لهم هذه المشروعات بعقود وشروط ميسرة..
قضية رفع الدعم عن المحروقات الهاجس الذي بات يؤرق كل المواطنين تحسباً لمآلات ما يحدث وما بين التطبيق وعدم التطبيق للقرار... ماهي رؤيتكم ؟
حسب حديثي السابق أعتقد أن خفض الانفاق العام هو الحل، وذلك بالإصلاح الكلي لأن المشكلة الرئيسية هي عجزالموازنة، وعجز الميزان الخارجي... الدولة كانت منتظرة 6 مليارات ونصف من النفط، لم تأت.. كيف يتم تعويضها؟ لابد من تخفيض الانفاق وليس الانتظار بأنها سوف تأتي بكره أو بعد بكره وتستمر بالعجز.. وأنا لو كنت وزير المالية في يوم الانفصال لاتخذت قراراً بتخفيض الميزانية بحجم 6 مليارات ونصف فوراً لتفادي العجز، وليس المسايرة معه- كما حدث- وأوصلنا الى هذه النقطة... وللعلم أن الاقتصاد مثل الماء تحت التبن.. تظهر المشكلة فجأة.. وإن لم تعالج تستشري مثل النار في الهشيم.. لذلك أهم نقطة قبل رفع الدعم أو عدمه، لابد من خفض الانفاق الحكومي وترشيد الصرف فوراً.. وحتى الانفاق لا يذهب غالبه الى جهات تنموية، إذ لابد من إعادة هكيلته لكي يذهب للزراعة مثلاً.. وعملية زيادة الإيرادات برفع الدعم عن المحروقات عملية صعبة وطويلة ومرهقة، ولن تأتي بفلوس بكره.. وكذلك ليس خفض مصروفات الدستوريين، وكذلك لا ننسى الولايات، فهي برغم العجز الكبير في الموازنة حولت لها أكثر من 25% من الموازنة، رغم أن صرفها ليس على التنمية، بل على الدستوريين والمجالس، وصرفها أغلبه سياسي وصرفها على التنمية1% أو 2% وبعضها ليس لديها اي صرف!!!
هناك سؤال يفرض نفسه يا دكتور... كيف استعصت هذه المشكلة، ولدينا هذا الكم الهائل من الخبراء والخطط والاستراتيجيات، ولكن رغم ذلك توجد الأخطاء ونعيش في قلب الأزمة الاقتصادية؟
جيد هذا سؤال محوري... أولاً عند بعض الناس أن هذه ليست أخطاء بل هي ضروريات لتركيز الحكم الاتحادي، وتوسيع القاعدة العريضة، واشراك الآخرين في الحكم.. وتنفيذ هذه السياسات ينعكس على الاقتصاد والموازنة وصرف الأموال بطبيعة الحال، رغم وجود الخطط.. وكما قلت إن الاقتصاد ليس حالة ثابتة، فهو في تغيير مستمر، وفقاً للأحداث وتأثيرها عليه مباشر أو غير مباشر.. ومن حق السائل أن يسأل عن الخبراء ودورهم وخططهم، لكن لا ننسى الجانب السياسي المنفذ، وعدم تنفيذ الخطط لتداخل ما هو سياسي اقتصادي، ولكل الظروف الخارجية أيضاً التي ذكرتها سابقاً..
نسبة لذكر التداخلات السياسية وتأثيرها على الخطط الاقتصادية مثل تأثير دخول بعض الحركات والمعارضة الى الجهاز التنفيذي، والوظائف، والترضيات، ومع قرار التخفيض الآن ألا يحيلنا هذا الى المربع الأول والاحتراب؟
أي ثمن يدفع من أجل السلام ينبغي أن يكون حافزاً للتضحية، ولا يحسب على السلام، بل يحسب له كعامل دافع وبناء له، لذلك أن الحالة الآن تقتضي التضحية لكل الذين، يرون أن السلام أولوية للوطن واستقراره، وليس المناصب والقيادات، في ظل المهدد الاقتصادي المحيط بالبلاد، وأنا أرى أن أخواننا في الحركات أو في المعارضة سبب اتخاذهم لقرار المعارضة هو عدم وجود التنمية، ولذلك اعتقد أنهم أحرص الناس على التنمية، ولهذا سوف يقرأون الأوضاع الحالية بتلك الرؤية الكلية الشاملة، وليس بالنظرة الشخصية الضيقة للمناصب التي هم فيها، وحتى الحكومة المتمثلة في حزب المؤتمر الوطني عليه النظرة بهذا المفهوم، لأن الوطن يحتاج الى تضافر الجهود للخروج به من بحر الاقتصاد المتلاطم الى بر الأمان.. وأظن أن هذه المسألة تحتاج الى نقاش وحوار متبادل على كافة المستويات حتى القواعد، لتأكيد مبدأ المشاركة في القرارات المصيرية المهمة، ولتنفيذ أيضاً مبدأ ديمقراطية الحوار، واحترام الآخر ولو كان في المعارضة... ومابينهم يظل المواطن ينظر اليهم كحكومة ومعارضة، منتظراً أن تقدم اليه الخدمات من تعليم وصحة ومياه وكهرباء في مستوى معقول يوفر له حياة كريمة...
... نواصل
إذن زيادة الإنتاج تعتمد على زيادة الإيرادات، ومن الإيرادات المهمة عائدات المغتربين التي تمثل جزءاً كبيراً من العملة الصعبة.. كيف يتم المحافظة على هذه الشريحة!!
المغتربون شريحة مهمة جداً.. وما في دولة غير مستفيدة من إيرادات مغتربيها من العملة الصعبة، لذلك توفير الدعم لهم وتسهيل الاجراءات وتحفيزهم لايداع عملاتهم وصرفها داخل السودان، ضرورة مهمة لزيادة إيرادات الدولة وفق خطط تضمن لهم حقوقهم، وتضمن للدولة الفائدة من عائداتهم المالية، والخطوة التي بدأت بها الدولة برفع سعر الصرف في الصرافات، يجب أن تكون خطوة نحو تحرير سعر العملة، حتى يتمكن المغترب من التحويل مباشرة الى البنك... وأيضاً من المفترض منح الذين يحولون مبالغ كبيرة امتيازات تشجيعية وحوافر.. كاستيراد سيارات، أو قطع أراضي، أو مشاريع استثمارية.. وهنا أقول لابد من معالجة سعر الصرف المختل غير الواقعي... وهذه معالجة لتحفيز المغتربين ومصدري الماشية والحبوب، لأن الدولار يأتي عن طريقهم، وحتى لا نفقدهم علينا بتحفيزهم.. والمغترب يحول في السنة مابين 3 الى 5 مليار تأتي عبر قنوات مختلفة، ونريدها أن تأتي عبر قنوات رسمية وبسعر حقيقي، وأعتقد أن هذه إحدى قناعات بنك السودان، وأنه في المستقبل سوف يحرك سعر الصرف حتى يكون مجزياً.. وأتمنى أيضاً أن تساهم الولايات في منح المغتربين أراضي حتى يستقروا في مدنهم، مع وجود الخدمات والاستفادة من عائداتهم وامكانية توظيفها نحو المشاريع، وهم الغائبون لفترة طويلة، بذلوا فيها خلاصة جهدهم وآن لهم أن يجدوا التقدير في وطنهم، وبالتالي ينموا الريف بالإنتاج...
زيادة الأجور، والمرتبات أحد الحلول المقترحة لفك ضائقة المواطنين، ولكنها مواجهة بغول السوق وارتفاع الأسعار وعدم ضبطه، وكذلك ليس كل المواطنين موظفين يتلقون مرتبات.. كيف ترى هذه الخطوة؟
أولاً الدولة منذ عدة سنوات لم تلجأ الى زيادة المرتبات، وهذا غير طبيعي في ظل تصاعد الأسعار، والغلاء، وحالة الاقتصاد غير المستقرة، ويجب على الدولة أن تواكب مستوى الأسعار الموجود، بوضع حدود متقاربة للمرتبات، ولكن اقتصادياً أن رفع المرتبات وحده لا يحل المشكل الاقتصادي، رغم أنه من حقهم تحسين مستويات دخلهم، حتى لا نفقد قطاع الموظفين في الخدمة المدنية، بسبب تدني المرتبات، مما ينعكس على الاداء، وكذلك ينسحب هذا الحديث على أصحاب المعاشات أيضاً، فهم شريحة قدمت خلاصة عمرها للوطن وللخدمة العامة، ويجب رفع معاشاتهم أسوة بالموظفين..
عدم القراءة المستقبلية الصحيحة لإيرادات البترول أدخلتنا في نفق التضخم والركود..الآن أمامنا معدن الذهب وموارده الضخمة... هل سيتكرر السيناريو أم أن هناك فطنة؟
الآن نحن في ذات السيناريو وفي بداية الوقوع في الفخ.. كما كانت بداية ظهور البترول، وأحذر من التوجه إليه بذات الأفكار، وعدم الاستفادة منه في تسخير موارده المالية الضخمة في الإنتاج، وأيضاً ألاَّ نرهن أنفسنا للذهب الأصفر فقط، فهناك الذهب الأبيض.. القطن وعبر الزراعة الحديثة، ويمكن أن يعود الى سيرته الأولى... أما الذهب فهو قطاع يحتاج الى تنظيم وشراكة حقيقية مع الذهَّابة.. وهناك «الأهليون» ونريده أن يكون أحد الموارد التي يجب أن تستغل، وتهتم بالمنقبين وصحتهم لأن عملية استخراجه صعبة، وفي ظروف قاسية، وحتى لا يلجأون الى التهريب في حالة عدم الانصاف في البيع والشراء، فهو قطاع يحتاج الى ترتيب وتنظيم وخدمات بتقليل المخاطر، وكمورد يجب توظيفه.. والذهب يمكن أن ينضب أيضاً... لذلك لابد من توجيه موارده نحو الزراعة لأنها هي المتجددة...
مقاطعاً.... لكن يا دكتور تتحدثون عن الزراعة والعودة إليها فيما هجرها المزارعون نسبة لسياسات الدولة، وعدم توفر مدخلات الانتاج، وغلاء الجازولين، والضرائب، والجبايات، فكيف تستقيم المعادلة مابين العودة وعدم تهيئة الظروف لهم..؟
صحيح ما قلته وأنا من بيئة زراعية من ولاية سنار، وأحس بكآبة المزارعين عندما أراهم، وأنظر حالتهم ودخلهم الضعيف في مقابل ما يزرعون، وعدم توفر مياه للزراعة، وبذور محسنة وسماد... والمزارع هناك تحت هجير الشمس يشرب من ترعة أو حفير، ويكابد في معاناة، ودخله كله يتركز في ثلاثة شهور، وبقية السنة يكون من غير عمل، ولو نجح في الزراعة يخرج بمحصول قد يكون معيناً له في السنة، فكيف سيستمر في الزراعة بهذه الظروف؟! لهذا هجر الشباب الزراعة، واتجهوا الى بيع المناديل في تقاطعات الخرطوم أو الذهاب الى الذهب.. لذا على الدولة إعادة السياسات تجاه المزارعين، وتوفير المدخلات لهم والآليات المساعدة، ليعودوا الى الزراعة في ظروف طيبة تمكنهم من الإنتاج، والديمومة في فلاحة وزراعة الأرض...الآن غالبية المزارعين في الأراضي المروية لديهم ماكينة «ليستر» لسحب المياه... بدلاً من أن توفرها لهم الحكومة للزراعة... إذن نحن نوصي بالاستثمار في القطاع الزراعي ومراقبته ومعرفة نواقصه.. وأن يكون كل معتمد في محليته ويقف على المشاريع مع وجود المرشدين، وليس بالخطط والبرامج، بل بالمتابعة اللصيقة، والإرشاد، والتنظيم، والتوجيه، والمراقبة، وتقييم وتقييس، وليس فقط جباية الضرائب والجبايات الأخرى.. ولهذا الصورة تحتاج الى تغيير في مسألة الزراعة برمتها منذ البداية الى النهاية، في كافة المشاريع الزراعية، وتنظيم العلاقات الانتاجية مابين المزارعين والدولة، وهذا هو الذي يضمن الخروج من هذا النفق، لأن الاقتصاد هو انتاج نوزعه ...!!!
أخيراً ما هي الوصفة الناجعة للاقتصاد السوداني المعافى والعودة من جديد ....!!!
اعتقد أننا محتاجين الى التوازن مابين الرؤية السياسية والرؤية الاقتصادية، نحتاج أيضاً الى معالجة القضايا الخارجية لكسب المزيد من التعاون الخارجي، والابتعاد بقدر الإمكان عن الحصار والقرارات الأمنية، ونحتاج للاستقرار والعمل من أجل السلام، وفي العمل على المستوى الداخلي نحتاج الى تخفيض الصرف والانفاق، وتوجيه الموارد نحو التنمية، وعمل سياسات جاذبة للاستثمار، ومشجعة للقطاع الوطني .. ومنحه حجمه المطلوب، والقطاع الخاص الذي أقصده هنا هو أي مزارع أو راعي في الخلا يحتاج لتوفير المعينات لمهنته دون عناء ولابد من إحساسه بأن الدولة تقف معه في توفير بذور محسنة لزراعته، وتطوير ماشيته، والاهتمام بصحته، وتعليم أبنائه، وتوفير كل متطلبات عمله، من تمويل... والاهتمام بقاعدة العمل الانتاجي من زراعة وصناعة حتى تكبر، هو القرار السليم الذي يحتاج الى زمن وصبر، مع استصحاب كل التقنيات الحديثة لترقية هذه القطاعات الإنتاجية.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.