الحمد لله القائل.. «يا ايها النبي انا ارسلناك شاهداً ومبشراً ونذيرا وداعياً الى الله باذنه وسراجاً منيراً» والصلاة والسلام على الرحمة المهداة والنعمة المسداة خاتم الانبياء وسيدهم صلى الله عليه وسلم.. اما بعد ان دول الكفر والبغي والظلم لا تزال تكن للرسول صلى الله عليه وسلم العداء وفي كل وقت تأتي بما يسيء الى جنابه العالي فهو رمز هذه الامة وحبيبها وشفيعها وهاديها سواء السبيل، انه الحقد الاعمى والبغضاء التي ملأت قلوبهم ومن قبل ذكر بابا الفاتيكان ان الاسلام انتشر بحد السيف والعنف وان الرسول صلى الله عليه وسلم لم يأت بالخير للانسانية بل اتى بالحرب والدمار والكراهية وان الاسلام يناهض العقل والمنطق وقبل اعوام قامت الدنمارك بعمل كاريكاتير مشوه لصورة الرسول صلى الله عليه وسلم وحذا ما حذا حذوهم من دول الغرب ان دول الغرب جميعها وعلى رأسها بابا الفاتيكان كبيرهم الذي علمهم السحر يصفون الاسلام بالارهاب والفاشية وهذا ان دل فإنما يدل على ما يكنونه من الحقد والضغينة والبغضاء للاسلام والمسلمين الذين تجرعوا مرارة الظلم والتسلط والاستعداء والكبرياء. على دولهم ومدنهم، وذاقوا ويلات الحرب والدمار والشترد والابادة للنساء والشيوخ والاطفاف في افغانستان والصومال والعراق وفلسطين وفي كثير من دول العالم الاسلامي. ان من ميزات الاسلام الدعوة الى السلم والوفاء بالعهد فقد ذكر ابن كثير في البداية والنهاية وابن هشام في السيرة النبوية ان ابن نواحة وابن اتال رسولا مسيلمة الكذاب الى رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال لهما: اتشهدان اني رسول الله فقالا نشهد ان مسيلمة رسول الله فقال لهما الرسول صلى الله عليه وسلم لو كنت قاتلاً احداً لقتلتكما ولم يفعل الرسول صلى الله عليه وسلم ما يمس سلامتهما علماً بأنهما قد تجرءا على الرسول وعلى مقام النبوة في داره وبين يديه وهذا تقرير اسلامي لما يسمى بالحصانة الدبلوماسية. قال ابو رافع لما رأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم وقع الايمان في قلبي فقلت يا رسول الله لا ارجع اليهم فقال اني لا اخيس بالعهد ولا احبس البرود، ولكن ارجع اليهم فإن كان في قلبك الذي فيه الان فارجع «العهد صلح الحديبية» ولا استبقي الرسل فاردهم الى مرسلهم ان شاءوا اقاموا وان شاءوا جاءوا مسلمين. وفي حادثة حذيفة ابن اليمان تمثيل لذلك قال حذيفة رضي الله عنه ما منعني ان اشهد بدراً الا اني خرجت انا وابن العسيل فاخذنا كفار قريش وقالوا انكما تريدان محمداً فقلنا لا نريده انما نريد المدينة فاخذوا منا عهداً لله وميثاقه لننطلق الى المدينة ولا نقاتل معه فاتينا رسول الله فاخبرناه الخبر فقال اذهبا ووفيا بعهدهم ونستعين بالله عليهم. لا يشك منصف وقف على بعض احكام هذا الدين في عناية الاسلام والسماحة والرحمة مع غير المسلمين بمختلف دياناتهم ومذاهبهم وتوجهاتهم الامر الذي شهد به غير واحد من الباحثين من غير المسلمين، وسجلوا شهاداتهم بتفرد الحضارة الاسلامية في معاملة المخالفين لها، وذلك من خلال تجارب التطبيق الحضاري الذي يمارسه المسلمون في ديار الاسلام من السماحة والرحمة واللطف في تقرير ضد التعدد والاختلاف قال تعالى «ولو شاء ربك لآمن من في الارض جميعاً افأنت تكره الناس حتى يكونوا مؤمنين». ولا يتصور في دين هذا شأنه وموقفه من الاخرين الا ان يكون دين رحمة وهداية وتسامح لا اكراه في الدين قد تبين الرشد من الغي.ان الصور والافلام التي تصدر من دول البغي والاستبداد لا تضر رسول الله صلى الله عليه وسلم فقد مدحه الله بقوله «وانك لعلى خلق عظيم» وليس بعد هذا المدح مدح وان القدح لا يشيننا ان الصفح والتسامح هو القوة بعينها وقد كان رسول الله صلى الله عليه وسلم الصفح في اسمى معانيه لا يقابل احداً بما يكره، ولا تزيده شدة الجهل عليه الا حلماً جاءه اعرابي وجذبه من رداءه حتى اثر عنقه وقال له ايا محمد حمّل بعيري هذين من مالك فانك لا تحمل من مالك ولا من مال ابيك وقال له المال مال الله وانا عبده ورسوله ويقاد لي منك فقال له الاعرابي لا فقال له لماذا قال لانك لا تكافيء السيئة بالسيئة وانما تكافيء السيئة بالحسنة فقال اذهبوا به واحملوا على بعيريه احدهما شعيراً والثاني تمرا موقفه من اهل بدر وقبوله الفداء منهم وفتح مكة فقد ناصبه اهل مكة العداء فكان سلماً عليهم وصدق الله العظيم القائل «لقد جاءكم رسول من انفسكم عزيز عليه ما عنتم حريض عليكم بالمؤمنين رؤوف رحيم» و«ما ارسلناك الا رحمة للعالمين» هذا هو رسول الله صلى الله عليه وسلم وهذه بعض صفاته.فعلى المسلمين في جميع بقاع الارض ان يزودوا عن حياضهم والحياض الذي يزودون عنها رسول الله صلى الله عليه وسلم وشريعته الغراء السمحة نزود عنه بكل مرتخص وغالي بمهجنا وارواحنا وبالنفس والنفيس كما كان اسلافنا ونستلهم الرشد ونكثر الدعاء والتضرع والابتهال سائيلين الله تعالى ان يأخذ كل من اساء الى رسول الله صلى الله عليه وسلم اخذ عزيز مقتدر ويمنح المسلمين العزة والقوة وينصرهم على اعدائهم انه على من يشاء قدير وبالاجابة جدير واخر دعوانا ان الحمد لله رب العالمين وصلي الله على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه وسلم.