في أخبار الأسبوع المنصرم المثيرة ترشيح السيدة الدكتورة مريم الصادق المهدي لمنصب الوالي بالنيل الأبيض أحد أكبر معاقل الأنصار حتى انتخابات 1986م حينما منحت تلك المنطقة أصواتها للسيدين (الصادق) في ربك والجزيرة أبا والجبلين وكنانة، و(السيد) مبارك الفاضل في تندلتي وأبوركبة والوساع، وحينما جرت تلك الانتخابات كانت السيدة (مريم) صبية صغيرة . د. مريم الصادق المهدي مقيمة بصفة دائمة في أم درمان وتنتمي لبحر أبيض بوشائج تاريخ المهدية والإمام عبد الرحمن والإمام الهادي المهدي وبإنابة والدها عن جماهير تلك المنطقة في عام 1986م، حيث ثقل الأنصار التقليدي الذي تخلى عنه حزب الأمة في سنوات ما بعد 1989م وبرزت من صفوف الأنصار قيادات (تمردت) على البيت الكبير وشقت عصا الطاعة العمياء، كان مهدي الطيب فاعلاً في مفاصل المؤتمر الوطني وغازي الصادق يكفكف دموع المحرومين من التنمية وغازي الصادق (أنزلته) اتفاقية جيبوتي مقاماً هو أهل له، وتولى د. أحمد بابكر نهار المنشق عن حزب الأمة تأهيل مسجد الكون في الجزيرة في وقت كان الإمام الصادق المهدي يطوف العالم شرقه وغربه والسيدة مريم الصادق بينها وعامة الشعب السوداني في الدويم والأعوج والهشابة كالذي بين الجالس في شرفة بالطابق الثالث في منزله والذي يبحث عن لقمة العيش من طعام يتساقط من أعلى رغم أنف قوانين صحة البيئة!! منطق الحداثة يفرض على حزب الأمة تجديد المفاهيم القديمة والقضاء على المجتمع (الذكوري) وتطبيق نصوص معاهدة (سيداو)، لذلك أختار حزب الأمة تقديم (امرأة) للمنافسة لمنصب الوالي في النيل الأبيض مثلما اختار امرأة لقيادة وفد من حزب الأمة ذهب لعزاء الرزيقات في الضعين حينما ألمت بهم نوائب الحروب القبلية، فاحتار أمير الرزيقات ما بين تقديم رئيس وفد يمثل السيد الصادق المهدي في الخيمة المنصوبة للعزاء وسط المئات من الرجال أم يجعل رئيس الوفد ضيفاً على نساء بيته، وهنا نهض أنصاري كان وكيلاً للإمام في المنطقة وخاطب الناس (لقد بعث إلينا الصادق بامرأة لتعزي إنابة عنه وفي هذه اللحظة أعلن أمامكم نهاية علاقتي بهذا الحزب)، تكتم الجميع على النبأ المفزع لأنه كان من بين المعزين رجل له تقدير عند الرزيقات وبلحيته البيضاء وعمامته الشهيرة صمت محمد عيسى عليوة القيادي المخلص للفكرة قبل الأسرة الحاكمة. لو تحلى د. محمد نورالله التجاني الذي رشح نفسه ضمن خمسة من القيادات التي حوله بحكمة الحسانية وعفة الكواهلة، لأعلن اليوم قبل الغد اعتذاره عن منافسة السيدة مريم الصادق المهدي وأفسح للدكتورة سمية هباني للقيام بالمهمة دون حرج، لأن غياب حاتم الوسيلة وتغيب ود البلة وزهد عثمان الهادي هو ما فتح الباب الكبير للدكتورة مريم الصادق لتخوض معركة الانتخابات في (بحر أبيض) إعلاءً لشأن فكرة (سيداو) ومبدأ المساواة بين المرأة والرجل في مجتمع لا تزال تحكمه قوانين اجتماعية تستمد روحها من عصور سحيقة في التاريخ، والسيدة مريم الصادق المهدي في حملتها الانتخابية لن تتأفف من رائحة العرق المنبعث من أجساد أنهكها التعب في كمبو خمسة بكنانة وتستطيع السيدة مريم الدفاع عن حقوق أمير الجمع في أبوركبة وبثيابها البيضاء تتقدم صفوف الأنصار قائدة ورائدة ومجددة في زمانٍ أصبحت فيه المرأة رقماً صعباً في المعادلة الصفرية!!